كيف خلقت طائرة مسيرة كل تلك الاضطرابات بسوق النفط العالمية؟
كيف خلقت طائرة مسيرة كل تلك الاضطرابات بسوق النفط العالمية: كرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهاماته لإيران باضطلاعها في الهجوم على منشأتي نفط تابعتين لشركة أرامكو السعودية، وهو ما أدى إلى توقف إنتاج نحو 5.7 مليون برميل يوميا، أو ما يمثل نحو 5% من إجمالي الإمدادات العالمية من النفط. وباستخدام نبرة أهدأ من تصريحات يوم الاثنين، قال ترامب أمس إن على الرغم من أن الولايات المتحدة مستعدة لأي نزاع عسكري أكثر من أي وقت مضى في تاريخها، فإنه أمر يود أن يتجنبه. وكان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي قال في تصريحات متلفزة إنه لا توجد أي محادثات بين إيران وأمريكا على أي مستوى، وذلك بعد تداول تقارير صحفية تشير إلى احتمالية اجتماع ترامب مع نظيره الإيراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل. وشدد خامنئي على أن جميع المفاوضات متوقفة إلا إذا عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي تخلت عنه في مايو 2018.
وتضاربت التوقعات حول موعد عودة منشآت أرامكو للعمل بكامل طاقتها: قال مسؤولون سعوديون رفيعو المستوى أمس إن إنتاج النفط سيعود إلى معدلاته الطبيعية في وقت أسرع من المتوقع، وأن المملكة تقترب من استعادة 70% من فاقد الإنتاج البالغ 5.7 مليون برميل يوميا، وفق ما ذكره تقرير لوكالة رويترز. ونقلت رويترز عن مصادرها أن أرامكو قد تعود للعمل بكامل طاقتها في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. ويتعارض ذلك تماما مع تقارير سابقة أشارت إلى أن عودة الإنتاج إلى المعدلات الطبيعية قد يستغرق عدة أشهر. وذكر مستشار تخطيط سابق في شركة أرامكو أن أبراج التثبيت بمنشأة أرامكو في محافظة بقيق، والتي جرى تدمير 5 من بين 18 منها، تحتاج إلى قطع معينة سيستغرق إعادة تصنيعها أسابيع أو شهور. وأضاف كبير محللي النفط لدى شركة إينرجي أسبيكتس أن "التدمير الذي لحق بمنشأة بقيق أكبر مما كنا نظن في البداية.
المزيد من التأجيل لطرح أرامكو يبدو متوقعا: قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن المسؤولون بالسعودية يدرسون إرجاء خطط إدراج أسهم أرامكو في البورصة السعودية، لكنهم سينتظرون التقييم الكامل لحجم الأضرار التي وقعت على المنشآت التابعة لشركة النفط العملاقة الحكومية. ومن المتوقع أن يبدأ مسؤولو الشركة الاجتماعات والمحاضرات المخطط لها والمتعلقة بالطرح، ولكن الطرح نفسه قد يتأجل حتى يستأنف الإنتاج بالكامل، وفقا لمصادر الصحيفة. وتحدثت تقارير صحفية خلال الأيام الماضية عن التأثير السلبي للهجوم على تقييم الشركة لدى المستثمرين، وما إذا كان مؤشرا على ارتفاع المخاطر وضعف البنية التحتية لمنشآت النفط السعودية. ويرى بعض المستشارين أن الأسواق قد تضغط لخفض تقييم الشركة العملاقة بنحو 300 مليون دولار، وهو الخبر السيئ لولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي كان قبل الهجمات يدفع نحو تقييم الشركة بتريليوني دولار، وذلك على الرغم من أن كثير من المحللين يرون أن 1.5 تريليون دولار رقم أكثر واقعية.
وسجلت أسعار النفط انخفاضا حادا يوم الثلاثاء، ولكن حالة الغموض العامة لا تزال سائدة: تراجعت أسعار خام برنت من نحو 69 دولار للبرميل إلى نحو 65 دولار بختام تعاملات أمس، أما السندات الحكومية السعودية وسندات أرامكو المقومة بالدولار فعاودت الارتفاع في أعقاب تقرير رويترز المذكور بالأعلى، في إشارة إلى تبدد بعض مخاوف المستثمرين. ولكن تبقى مخاوف السوق بصفة عامة مرتفعة. وتحذر التقارير الصحفية المستهلكين الأمريكيين من إمكانية ارتفاع أسعار الطاقة على المدى القصير، وتساءلت بعض الصحف مثل وول ستريت جورنال ما إذا كان المستهلكون في آسيا، والذين يعتمدون بشدة على النفط السعودي، سيتحولون الآن إلى إيران لتلبية احتياجاتهم من الطاقة.
وما زالت أسعار النفط في نطاق آمن بالنسبة لمصر التي قدرت سعر البرميل في موازنة العام المالي الجاري بـ 68 دولار، كما وقعت الحكومة منذ العام المالي الماضي عقود تأمين مع بنكين دوليين للتحوط ضد ارتفاع سعر البترول فوق هذا النطاق.