الاستثمار الأجنبي المباشر "الوهمي" يمثل أكثر من ثلث الاستثمارات العالمية .. ويتزايد
الاستثمار الأجنبي المباشر "الوهمي" يمثل أكثر من ثلث الاستثمارات العالمية .. ويتزايد. أظهرت دراسة أجراها صندوق النقد الدولي بالاشتراك مع جامعة كوبنهاجن أن ما يقرب من 40% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر حول العالم توجه إلى كيانات غامضة مصممة لتقليل الضرائب التي تدفعها الشركات على مستوى العالم. وقالت الدراسة إن من بين الـ 40 تريليون دولار والتي تمثل قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في جميع أنحاء العالم، يمر نحو 15 تريليون دولار من خلال "شركات فارغة" والمعروفة باسم "الكيانات ذات الغرض الخاص". ويسمح هذا للشركات باستخدام الاستثمار الأجنبي المباشر لتمويل الشركات التابعة والقيام بأنشطة قابضة وإدارة الأصول غير الملموسة، بدلا من الاستثمار في أعمال حقيقية تخلق فرص العمل، وتعزز النمو وتزيد الإنتاجية. وعلى الرغم من الجهود الدولية الرامية إلى معاقبة الشركات التي تقوم بتحويل الأرباح لأغراض التجنب والتهرب الضريبي، فإن رأس المال الوهمي ينمو كنسبة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ ارتفع من 31% في عام 2010 إلى 38% في عام 2017.
تلك الاستثمارات مجمعة في عدد قليل من الملاذات الضريبية، إذ تقع الغالبية العظمى من الاستثمار الأجنبي المباشر الوهمي حول العالم في عدد قليل من الدول، ومن أبرزها لوكسمبورج وهولندا واللتان تستحوذان على ما يقرب من 50% من تلك الاستثمارات، كما أنهما تستحوذان مع ثمان دول أخرى – هونج كونج، والجزر العذراء البريطانية، وبرمودا، وسنغافورة، وجزر كايمان، وسويسرا، وأيرلندا، وموريشيوس – على أكثر من 85% من جميع الاستثمارات الوهمية.
قد تكون هذه الاستثمارات مفيدة للبعض.. ولكنها مضرة للكثيرين: أظهرت الدراسة أيضا أن تراكم الكثير من تلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عدد قليل جدا من الدول هو نتيجة جزئية للسياسات التي توضع لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. ففي أيرلندا، على سبيل المثال، جرى تخفيض معدل الضريبة على الشركات من 50% في الثمانينيات إلى نحو 12.5% حاليا، مما أدى إلى توسع القاعدة الضريبية للبلاد وزيادة عائدات الضرائب كحصة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي منطقة البحر الكاريبي، تمثل المساهمات المالية للاقتصادات المحلية من خلال "الشركات الوهمية" نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي. أما بالنسبة إلى الدول الأخرى، ينتج عن هذا الحرمان من عائدات الاستثمار والضرائب. وتناولنا في يوليو الماضي تحقيقا أجراه تحالف دولي للصحفيين الاستقصائيين عن الوسائل التي تستخدمها الشركات الغربية لاستخدام جزيرة موريشيوس الواقعة بالمحيط الهندي لتجنب دفع الضرائب للدول الأفريقية الفقيرة. وأظهر التحقيق أن الشركات تستغل الضرائب المنخفضة والاتفاقيات الضريبية الموقعة في موريشيوس مع 46 دولة أفريقية لنقل دخلها المجنب من الضرائب إلى خارج أفريقيا. وأشار التحقيق إلى أن مصر من بين الدول التي تتأثر سلبا باتفاقية منع الازدواج الضريبي الموقع مع موريشيوس. وقال مسؤولون بمصلحة الضرائب إن اتفاقية موريشيوس لها تأثير معطل لتنمية الحصيلة الضريبية.