مصر الحديثة ليست نتاج النخبة المتعلمة

مصر الحديثة ليس نتاج النخبة المتعلمة فقط. عادة ما ينسب المؤرخون الفضل إلى الطبقة العليا المتعلمة في مصر باعتبارها مؤسسة النهضة الحديثة في البلاد بين عامي 1870 و1930، ويميل الخطاب التاريخي السائد إلى الفصل الحاد بين النخبة المتعلمة والأغلبية غير المتعلمة. ولكن الدكتورة هدى يوسف تطرح رواية أخرى للتاريخ تراها أدق كثيرا، في هذه الحلقة من "بودكاست التاريخ العثماني" (استمع بالإنجليزية 42:00 دقيقة). وتشير يوسف إلى العديد من الأنشطة التي تصفها بـ "محو الأمية العامة"، والتي تتنوع بين الاستعانة بكتبة الرسائل، والقراءة الجماعية للصحف، والاستخدام النفعي للقراءة والكتابة، وهي أمور غيرت بشكل أساسي من النسيج الاجتماعي وأدت إلى أن تصبح الكثير من الموضوعات مطروحة للمجتمع المصري كله مثل الاحتجاجات ووضع المرأة في المجتمع.
وتستعين يوسف بالبيانات المتاحة مثل العرائض المكتوبة بخط اليد، وسجلات البريد، والحكايات المتداولة من تلك الفترة، كدليل على انخراط مجموعة أكبر بكثير في بناء الأمة، وليس فقط النخبة المتعلمة. وتشير يوسف إلى أن إرث تلك الفترة المنشغل دائما بالتعليم بالمفهوم العالمي والحديث للكلمة، أصبح له تأثير منذ ذلك الحين على عدد ضخم من القضايا الاجتماعية. ويشمل ذلك وضع اللغة العربية حاليا كلغة رسمية، وطريقة تدريسها بالمدارس، وما يمكن أن نصفه ببقايا الاستعمار، ودرجة حرمان غير المتعلمين من الانتماء داخل مجتمعاتهم بطريقة لم تكن شائعة في الماضي.