"المركزي" يستأنف دورة التيسير النقدي بخفض أكبر من المتوقع لأسعار الفائدة
“المركزي” يستأنف دورة التيسير النقدي ويخفض الفائدة 150 نقطة أساس: قررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها الخميس الماضي تخفيض أسعار الفائدة الرئيسية 150 نقطة أساس، وذلك للمرة الأولى منذ فبراير الماضي، وفقا لبيان صادر عن البنك. وأرجعت لجنة السياسة النقدية خفض الفائدة إلى “احتواء الضغوط التضخمية، وهو ما انعكس في الانخفاض النسبي لمعدلات التضخم الشهرية”، علاوة على التأثير الإيجابي لسنة الأساس، واستمرار الارتفاع الطفيف لمعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي، والتراجع المستمر لمعدل البطالة.
إلى أين وصلت أسعار الفائدة بعد القرار؟ يبلغ الآن سعر الإيداع والإقراض لأجل ليلة واحدة 14.25% و15.25، مقارنة بـ 15.75% و16.75% على الترتيب قبل قرار الخميس الماضي. وكذلك أعلنت لجنة السياسات تخفيض أسعار الفائدة على العملية الرئيسية وسعر الائتمان والخصم إلى مستوى 14.75%.
وكان أغلب المشاركين في استطلاع أجرته إنتربرايز الأحد الماضي رجحوا هذا السيناريو، لكن الخفض جاء أعنف من التوقعات، إذ توقع 75% ممن شملهم الاستطلاع اتجاه البنك لخفض أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس. وتوصل استطلاعان أجرتهما بلومبرج ورويترز إلى نتائج مماثلة، وتوقع ثلاثة فقط من 13 استطلعتهم رويترز أن يصل الخفض إلى 150 نقطة أساس، واتفق معهما محلل واحد فقط من 12 استطلعتهم بلومبرج.
اتجاه البنوك المركزية في الأسواق الناشئة للتيسير النقدي ربما جعل المركزي “أكثر ارتياحا عند اتخاذ القرار” بخفض أسعار الفائدة، حسبما ذكرت مؤسسة الأبحاث البريطانية كابيتال إيكونوميكس في مذكرة بحثية. وأضافت المؤسسة أنه من الجدير بالملاحظة أن الخفض السابق لأسعار الفائدة في مطلع العامين الماضي والحالي تزامن مع تحول البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إلى تخفيف السياسات النقدية.
الخفض ينعش معنويات الاستثمار في جميع المجالات، وفقا لما ذكره بنك الاستثمار بلتون في مذكرة بحثية، مضيفا أن خفض أسعار الفائدة سيؤدي إلى تحسن مناخ الأعمال، وخاصة على مستوى المستثمرين المحليين، لكن بنك الاستثمار يعتقد أن استعادة إمكانات الإنفاق الرأسمالي مرهونة بخفض أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس أخرى. وكان استطلاع للرأي أجرته إنتربرايز في يونيو قد خلص إلى أن الشركات تترقب تراجع أسعار الفائدة إلى مستويات ما قبل التعويم التي تراوحت ما بين 10-13%، حتى ينتعش الاقتراض لتمويل الإنفاق الرأسمالي لديها مجددا.
تخفيف الضغط على الخزانة العامة: “المستفيد الأكبر من هذا القرار هو الخزانة العامة”، حسبما يرى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين علي عيسى في تصريحات نشرها موقع أهرام أونلاين، مشيرا إلى أن الحكومة توفر 60 مليار جنيه مع كل خفض بمقدار 100 نقطة أساس.
هل هذه بداية لدورة طويلة من التيسير النقدي؟ يعتمد ذلك على التضخم. وقالت لجنة السياسيات النقدية في بيانها إنها قراراتها مرهونة “بمعدلات التضخم المتوقعة مستقبلا، وليس معدلات التضخم السائدة. وبالتالي، ستستمر وتيرة وحجم التعديلات المستقبلية في أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي في الاعتماد على مدى اتساق توقعات التضخم مع المعدلات المستهدفة، وذلك لضمان الاستمرار في تحقيق المسار النزولي المستهدف لاستقرار الأسعار على المدى المتوسط”.
ما مدى تأثير الظروف العالمية على القرارات المستقبلية؟ “قرار لجنة السياسة النقدية بإجراء تخفيضات أخرى هذا العام سيعتمد على مزيد من التطورات في البيئة الخارجية وخاصة قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتنفيذ خفض آخر في أسعار الفائدة، إذ من المتوقع أن تظل توقعات التضخم مواتية بفضل انتهاء تدابير الضبط المالي”، حسبما صرحت منى بدير محلل أول الاقتصادي الكلي لدى برايم القابضة لإنتربرايز.
ما هو سقف التوقعات لأسعار الفائدة حتى نهاية العام الجاري والعام المقبل؟ تتوقع كابيتال إيكونوميكس الآن بعد تحركات المركزي الجريئة أن يتراجع سعر العائد على الإيداع لليلة واحدة إلى 13% نهاية العام الجاري، على أن يصل إلى 10.75% بنهاية 2020، فيما ترى بلتون أن هناك مجالا لخفض آخر بنسبة 100 نقطة أساس خلال الأربعة أشهر المقبلة. وأيد هذا الطرح، رئيس قسم الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال، أحمد حافظ، والذي يستبعد أن يحدث الخفض التالي في اجتماع لجنة السياسة في سبتمبر المقبل، نتيجة ارتفاع التضخم الشهري في أغسطس، فضلا عن التوقعات بارتداد التضخم السنوي العام إلى مستوى 12% بنهاية العام الجاري. وبالنسبة للعام المقبل، تتوقع برايم وبلتون خفضا يصل إلى 300 نقطة أساس.