السندات الحكومية ذات العوائد السلبية تصل إلى مستويات مرتفعة للغاية

السندات الحكومية ذات العوائد السلبية تصل إلى مستويات مرتفعة للغاية: العائدات على سندات سيادية بنحو 15 تريليون دولار – أي ما يعادل ربع قيمة السوق العالمية – أصبحت الآن في المنطقة السلبية، وفقا لتقرير نشرته شبكة سي إن بي سي نقلا عن قسم البحوث لدى دويتشه بنك. وأشار التقرير إلى أن هذا الرقم قد تضاعف ثلاث مرات تقريبا منذ أكتوبر 2018 عندما كان يتم تداول سندات حكومية بقيمة 5.7 تريليون دولار بعوائد سلبية. وقد تراجعت أسعار الفائدة هذا الأسبوع مع تزايد المخاوف بشأن حدوث حالة من الركود بالاقتصاد العالمي، وتكثيف البنوك المركزية لسياسة التيسير النقدي. ويوجد الآن 12 دولة تقدم سنداتها لأجل 10 سنوات عوائد سلبية، في حين أن السندات لأجل 10 سنوات في كل من أيرلندا وإسبانيا والبرتغال – وهي الدول التي كانت غارقة منذ سنوات قليلة فقط في أزمات الديون السيادية – بالكاد تتجاوز 0%.
ماذا بشأن العوائد السلبية؟ ارتفعت أسعار السندات بشدة خلال الشهر الحالي بعد أن تسبب تراجع أسعار الأسهم في فرار المستثمرين واتجاههم إلى الأصول التي تعد ملاذا آمنا. وقد أدى هذا إلى انخفاض العوائد في العديد من الاقتصادات المتقدمة، فكلما ازداد الطلب على السندات، ارتفعت الأسعار وانخفض العائد. وقد حدث هذا الأمر عدة مرات من قبل، دون التسبب في تراجع العوائد إلى المنطقة السلبية. ولكن ما يجعل الأمر مختلفا هذه المرة هو ما يتعلق بما يزيد من عشر سنوات من تخفيف القيود على السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة، كما هو الأمر في برامج شراء السندات الضخمة التي أطلقت في أعقاب الأزمة المالية عام 2008 وأيضا في السنوات التي وصلت فيها أسعار الفائدة إلى الصفر تقريبا (أو دون الصفر كما هو الحال في اليابان ومنطقة اليورو) بالرغم من أن أسعار الفائدة على الإيداع وضعت ضغوطا كبيرة على العائدات. ومع ضمان المزيد من التيسير النقدي في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، من المتوقع أن تشهد العوائد المزيد من الانخفاض.
فلماذا يدفع المستثمرون مقابل الاحتفاظ بالسندات الحكومية؟ أولا وقبل كل شيء، فإن الاستعداد لدفع الأموال للحكومات من أجل الاقتراض يدل على وجود حالة من الاحتياج المتزايد بين المستثمرين إلى الأصول الآمنة. وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الاقتصاد العالمي في طريقه للوقوع في حالة من الركود، يقوم الكثيرون بالتخارج من فئات الأصول الأكثر خطورة بحثا عن الأمان – حتى وإن كان ذلك يعني دفع مقابل تلك الميزة. ثانيا – وربما بطريقة غير بديهية – من الممكن فعلا تحقيق ربح من السندات ذات العائد السلبي في حال واصلت أسعارها في الارتفاع. وتزداد الثقة بالأسواق بأنها مسألة وقت فقط قبل أن تستأنف البنوك المركزية الرئيسية حول العالم برامج شراء السندات، لتقدم المزيد من المحفزات للمستثمرين للاحتفاظ بالسندات على أمل تحقيق أرباح.