التضخم عند أدنى مستوياته منذ مارس 2016
التضخم السنوي العام يتراجع لأدنى مستوى منذ مارس 2016 ويسجل 9.4% بالمدن.. وتأثير رفع الدعم ينعكس على قراءات الشهر المقبل: تراجع معدل التضخم السنوي العام بالمدن إلى 9.4% في يونيو الماضي، مقارنة بحوالي 14.1% في مايو، مسجلا بذلك أول قراءة تقل عن 10% منذ مارس 2016، وفقا لبيان صادر عن البنك المركزي أمس. ووفقا للتقرير الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ساهمت مجموعة الطعام والمشروبات على نحو كبير في هذا التراجع الكبير للتضخم، بعدما انخفضت أسعارها بنسبة 2.2% على أساس شهري. وأشار تقرير الجهاز إلى تراجع التضخم السنوي العام لإجمالي الجمهورية إلى 8.9% خلال يونيو، فيما ذكر بيان البنك المركزي أن معدل التضخم الأساسي بالمدن تراجع إلى 6.4% على أساس سنوي في يونيو، من 7.8% في مايو. يأتي هذا التراجع في أعقاب قفزة مفاجئة في معدل التضخم السنوي العام بالمدن في مايو الماضي ليسجل 14.1%، مقارنة بـ 13% في أبريل الماضي، وذلك بعد أن اتخذ التضخم مسارا نزوليا منذ فبراير.
تأثير سنة الأساس وراء الانخفاض الكبير: التراجع جاء بسبب تأثير سنة الأساس، نظرا للمقارنة مع شهر يونيو 2018 الذي شهد ارتفاع أسعار المحروقات بنسب تصل إلى 50%، وما أعقبه من موجة تضخمية، فيما لم يشهد يونيو 2019 أي تدابير مالية مشابهة، وفق لتصريحات نعمان خالد محلل الاقتصاد الكلي لدى سي آي كابيتال.
البيانات الجديدة دفعت المحللين لتخفيض توقعاتهم للتضخم هذا العام. وقالت بلتون المالية: "لقد قمنا بتعديل توقعاتنا لمعدلات التضخم في النصف الثاني من 2019. ونتوقع أن يصل متوسط قراءة التضخم في حدود 8.8% (وهو عكس تقديراتنا السابقة التي بلغت 13.8%)، وذلك على خلفية تعديل الحسابات عقب الرقم المنخفض الذي سجله التضخم في يونيو". وقامت فاروس القابضة أيضا بمراجعة توقعاتها للتضخم في يوليو وأغسطس وسبتمبر إلى 9.9% و10.8% و9% على الترتيب، وفق ما ذكرته رئيسة قسم البحوث رضوى السويفي. وتتوقع إسراء أحمد المحللة الاقتصادية لدى شعاع لتداول الأوراق المالية أن يسجل معدل التضخم في يوليو مستوى أدنى من 14.5%، وذلك على عكس توقع سابق، لكنها فضلت عدم تحديد نطاق معين. وقال محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرميس: "نتوقع أن يسجل التضخم 10-11% في يوليو وأغسطس، على أن نرى أرقاما أحادية من سبتمبر إلى نوفمبر قبل أن يختم العام في حدود 10-12%".
أنباء إيجابية للمستثمرين الأجانب في أدوات الدين الحكومية، فكلما تراجع معدل التضخم، كلما ارتفع العائد الحقيقي على الاستثمار، مما قد يساعد في الحفاظ على إقبال للمستثمرين في أدوات الدين المحلية، وفق نعمان خالد. وبدأت استثمارات الأجانب بأدوات الدين الحكومية في التعافي منذ بداية العام الحالي، لتتخطى 17 مليار دولار بنهاية مايو الماضي، وفق تصريحات فخري الفقي عضو مجلس إدارة البنك المركزي لإنتربرايز، وذكر وزير المالية محمد معيط أواخر الشهر الماضي أن استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومة وصلت حاليا إلى 18.7 مليار دولار.
ورغم هذا التراجع المفاجئ للتضخم، لا يزال سيناريو تثبيت أسعار الفائدة مرجحا، إذ يتوقع غالبية المحللين أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير حينما تجتمع لجنة السياسة النقدية في وقت لاحق اليوم الخميس، في ضوء قرارات الحكومة الأخيرة برفع أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 16% و30% في وقت سابق من الشهر الجاري، فضلا عن دخول زيادات أسعار الكهرباء حيز التنفيذ اعتبارا من أول يوليو. وأبقى 4 من 9 محللين استطلعت إنتربرايز آراءهم بشأن أسعار الفائدة مطلع الأسبوع الجاري على توقعهم بتثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند مستوى 15.75% و16.75% على الترتيب. وحتى هؤلاء الذين يرون أن هناك فرصة كبيرة لخفض أسعار الفائدة، يعتقدون أن البنك المركزي سيعطي الأولوية لاحتواء الأثر التضخمي لخفض الدعم. وذكرت كابيتال إيكونوميكس في مذكرة بحثية لها أمس أن "انخفاض التضخم، إلى جانب التحول المفاجيء بين البنوك المركزية حول العالم، يزيد من فرص خفض سعر الفائدة. لكننا نعتقد أن البنك المركزي المصري سيرغب في تقييم أثر ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود التي دخلت حيز التنفيذ هذا الشهر". واتفقت مع هذا الرأي سارة سعادة محللة الاقتصاد الكلي بإدارة البحوث في "إتش سي"، مرجحة تثبيت أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم. وأوضحت سعادة أن قرار اللجنة يكون مبنيا على توقعات التضخم المستقبلية، وبالتالي سيكون لدى المركزي رغبة في تقييم أثر رفع الدعم والآثار الجانبية والتي غالبا تستغرق شهرين بعد الإجراءات أو التدابير التي تسببت في الموجة التضخمية. وتابعت: "أن يكون المركزي أكثر تحفظا بتثبيت أسعار الفائدة رغم هذا الهبوط الاستثنائي في التضخم، هو أفضل من المغامرة التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تشديد السياسة النقدية بدلا من استئناف دورة التيسير النقدي".
فاروس تعدل توقعاتها وتنتظر خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس خلال اجتماع اليوم. ويرى محللو فاروس القابضة أن مع الطلب المرتفع من المستثمرين الأجانب على أدوات الدين المحلية، وارتفاع سعر الجنيه مقابل الدولار منذ بداية العام، ومع مراجعة معدلات التضخم لهذا العام، فإنهم يعتقدون أن الوضع مؤهل لخفض سعر الفائدة.
وأبقى ألان سانديب رئيس قسم البحوث بشركة نعيم للوساطة على توقعاته بإمكانية خفض المركزي لأسعار الفائدة 100 نقطة أساس اليوم، وقال في تصريحاته لإنتربرايز أمس إن البيانات الجديدة للتضخم تؤكد توقعاته. وقالت "نعيم للوساطة" في مذكرة أصدرتها أمس "لشهري يوليو وأغسطس نتوقع ارتفاع التضخم الشهري على خلفية جولة الخفض الأخيرة لدعم الطاقة، ومع ذلك، نظرا لأن ارتفاع الأسعار سيكون (بالنسب المئوية) أقل كثيرا من مستويات الارتفاع خلال 2018، فإن ارتفاع التضخم ينبغي أن يكون محدودا نسبيا، ويترك بعض المجال للتيسير النقدي".
إذا لم يكن اليوم فمتى؟ قالت إسراء أحمد من شعاع لتداول الأوراق المالية إنها تتوقع خفضا في أغسطس أو سبتمبر، وليس نوفمبر كما كانت تتوقع من قبل، وذلك في حال ارتفاع التضخم على نحو متوسط خلال يوليو. وتوقع محللون آخرون لإنتربرايز أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في وقت أقرب من توقعاتهم سابقا، لكنهم فضلوا عدم تحديد توقيت الخفض.