الحكومة تطلق المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي
أعلنت الحكومة أمس إطلاق المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، في مؤتمر صحفي أمس عقده رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد. ويمتد البرنامج الجديد للإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري لمدة ثلاث سنوات بهدف دعم النمو الاقتصادي والبناء على مكتسبات المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادي. وتستهدف الجولة الجديدة من الإصلاحات قطاعات محددة من الاقتصاد ومؤسسات الدولة في محاولة لخلق نمو مستدام والتغلب على الصدمة الاقتصادية للجائحة.
الجولة الجديدة من الإصلاحات توصف بالمرحلة التالية لبرنامج الإصلاحات المالية والنقدية التي دعمها صندوق النقد الدولي وبدأتها الحكومة مع تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، وشهدت تنفيذ الحكومة للعديد من الإجراءات لدعم وضعها المالي واستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد.
وما زلنا لا نعرف الكثير عن الإصلاحات التي تعتزم الحكومة تطبيقها، إذ ركز رئيس الوزراء بشكل أكبر على تحديد مستهدفات الحكومة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بدلا من تحديد الخطط التفصيلية للإصلاح.
ما نعرفه حتى الآن: الحكومة لديها فكرة واضحة عن ما تستهدف الوصول إليه بحلول عام 2024/2023، إذ تخطط لتحقيق معدل نمو سنوي يتراوح بين 6% و7% على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وهو هدف طموح بالنظر إلى التوقعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي بوصول البلاد إلى معدل نمو يبلغ 5.8% بحلول 2026/2025. وتستهدف الخطة تقليص عجز الموازنة إلى 5.5% من 7.7% في العام المالي الحالي، وهو ما يتماشى تقريبا مع مستهدفات صندوق النقد الدولي (بي دي إف)، والوصول بالفائض الأولي إلى 2%. وتسعى الحكومة بالوصول إلى فائض في ميزان المدفوعات يبلغ 3-5 مليارات دولار بنهاية البرنامج. وسجلت مصر عجزا في ميزان المدفوعات قدره 8.5 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2020/2019.
وسيركز البرنامج على عدد من القطاعات: تستهدف الإصلاحات الهيكلية الجديدة التركيز على تنمية ثلاثة قطاعات خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهي الصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة، وتستهدف زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى 30-35% بحلول عام 2024/2023 بدلا من 26% العام الماضي، وفق ما ذكرته وزيرة التخطيط خلال المؤتمر. وتخطط الحكومة لزيادة الصادرات من تلك القطاعات، ورفع معدلات الاستثمار بشكل مستدام بها، وتعميق وتوطين الصناعة ونمو سلاسل التوريد المحلية وتعميق التشابكات، والاندماج الأعلى في سلاسل القيمة العالمية والإقليمية.
والتركيز على النمو الذي يقوده القطاع الخاص: يستهدف البرنامج تنمية القطاع الخاص كخطوة حيوية لتنمية القطاعات الثلاثة. وستتخذ الحكومة تدابير لتحرير التجارة وتعزيز التنافسية، وتحديث البنية التحتية للنقل واللوجستيات لتحسين بيئة الأعمال التجارية الخاصة، حسبما جاء في المؤتمر الصحفي دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. وكذلك يستهدف البرنامج زيادة دور شركات القطاع الخاص في توفير التعليم والتدريب المهني، واتخاذ تدابير لتبسيط التشريعات المتعلقة بالقطاع وتوحيدها وتسريع الشمول المالي، وتحديث البنية التحتية الرقمية التي تستخدمها مؤسسات الدولة لتعزيز الشفافية.
القطاع الخاص لا يزال متأخرا عن الركب: شدد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ فترة طويلة على ضرورة تطبيق إصلاحات هيكلية مؤثرة لزيادة الاستثمارات الخاصة في الاقتصاد ودعم نمو القطاع الخاص. وكانت الإصلاحات الهيكلية الجديدة موضوع محادثات قرض "الاستعداد الائتماني" البالغ 5.2 مليار دولار الذي اتفقت الحكومة بشأنه مع صندوق النقد العام الماضي. وقال البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية مؤخرا إن شركات القطاع الخاص لم تشعر بعد بثمار الإصلاحات الحكومية، وإن هناك حاجة لمزيد من تدابير الإصلاح لسياسات التجارة، والشفافية ومشاركة الدولة في الاقتصاد. وتظهر بيانات مؤشر مديري المشتريات أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر لم يسجل نموا سوى في 5 أشهر فقط خلال السنوات الثلاث الماضية.
لا أعباء جديد على المواطنين: أكد مدبولي أن الإصلاحات الجديدة لن تضيف أعباء مالية جديدة على المواطنين، وأن الحكومة ستستمر في دعم السلع التموينية والإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية خلال السنوات الثلاث المقبلة. وكانت الإجراءات التي صاحبت المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي مثل تقليص دعم الطاقة وتحرير سعر الصرف قد وضعت أعباء مالية ضخمة على ملايين المواطنين، وساهمت في قفزة كبيرة في معدلات الفقر، والتي لم تبدأ في الانخفاض سوى العام الماضي.
ومن المقرر تطبيق الإصلاحات الجديدة على مرحلتين: المرحلة الأولى (قصيرة المدى): تمتد على مدى 18 شهرا من تاريخ بدء التنفيذ، والمرحلة الثانية (متوسطة المدى) فتمتد من 18 إلى 36 شهرا. بالإضافة للمرحلة طويلة الأجل التي تمتد لنحو خمس سنوات.
وحاز الخبر على اهتمام الصحف الأجنبية أمس، ومن بينها رويترز وبلومبرج.