روتيني الصباحي: محمد الطاهر الرئيس التنفيذي لشركة الإسماعيلية للتطوير العقاري
روتيني الصباحي فقرة أسبوعية نتحاور خلالها مع أحد الأفراد الناجحين في مجتمعنا وكيف يبدأون يومهم، كما نطرح عليهم بعض الأسئلة المتعلقة بأعمالهم. ويتحدث إلينا هذا الأسبوع محمد الطاهر الرئيس التنفيذي لشركة الإسماعيلية للتطوير العقاري أول شركة تطوير عقاري تركز على شراء وتجديد المباني التراثية بوسط القاهرة.
أنا محمد الطاهر، الرئيس التنفيذي لشركة الإسماعيلية للتطوير العقاري، ونحن متخصصون في تجديد المباني التراثية في منطقة وسط البلد بالقاهرة. بدأت حياتي المهنية كمهندس كهرباء متدرب، لكن بعد فترة قصيرة من العمل لدى شركة يونيليفر، درست للحصول على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال في التمويل. ثم قررت تغيير عملي من الهندسة لقطاع الاستثمار العقاري والتمويل.
شركة الإسماعيلية هي عبارة عن مؤسسة صغيرة أقرب إلى كونها شركة ناشئة. فريق العمل لدينا يضم حوالي 15 موظفا يعملون يدا بيد لإتمام المهام التي لدينا. وتلك الطريقة في العمل مهمة للغاية، لأن إنجاز مثل تلك الأعمال في وسط البلد بالقاهرة عمل صعب للغاية. نواجه معا الكثير من التحديات، بداية من القضايا مع المستأجرين، والمفاجآت غير المتوقعة في هيكل المباني وتصميمها، و كذلك الحصول على الموافقات والتراخيص من الحكومة. لكنه مجال ديناميكي للغاية. وكذلك لدينا جميعا شغف بالفن والمشاريع الثقافية والناشئة، ونعمل بجد لدعمهم. وعادة ما يكون لدي يوميا اجتماع أو اثنين مع أشخاص من أصحاب المشروعات الناشئة الذي يرغبون في استئجار مساحات بوسط البلد. كذلك يعد العمل مع المنظمات لمناقشة كيفية إعادة الناس للاهتمام بوسط البلد هو جزء كبير من عملنا، لذا نخطط لعقد لقاءات تتضمن العروض فنية والتصوير وورش العمل والمناقشات.
في الحقيقة أنا لست شخصا صباحيا، وأفضل أوقاتي تكون في المساء. أستيقظ في الـ 7:30 صباحا، وعادة ما أصل لمكتبي في حدود الـ9:30 صباحا لذا أعقد معظم اجتماعاتي في الصباح. ولكنني عادة أبدأ العمل على الخطط والأوراق والاستراتيجيات والأفكار الجديدة من الرابعة أو الخامسة مساء، بدلا من الصباح الباكر. لكن عندما يتسنى لي بعض الوقت لنفسي، أحدد وقتا متأخرا خلال اليوم لمراجعة والاهتمام بالأوراق المهمة التي تتطلب التركيز. لذا لا يمكنني أن أدعي أنني أستيقظ في الخامسة والنصف صباحا. في الحقيقة لقد حاولت تغيير ذلك لكني كنت أعاني، فأدركت أني بحاجة للاستفادة من طبيعتي. أنا أكثر تركيزا في المساء، وطالما ذلك طبيعي فليس من المهم الالتفات لشيء آخر. أحب العمل في هدوء لأنه طالما كان لدي الكثير من الأفكار التي يمكن تشتيتها بسهولة. لذا أعطي لنفسي وقتا من الهدوء لا أقوم فيه بالرد على البريد الإلكتروني ولا المكالمات الهاتفية، وأصبح أكثر إنتاجية في تلك الأوقات.
من المهم بالنسبة لي تخصيص وقت خلال اليوم لأسرتي. أحب أن أعرف منهم ما دار في يومهم، وأن يشعروا بأني منتبه لهم ويشعرون بوجودي ولو لفترة قصيرة يوميا. فهذا مهم للغاية، بغض النظر عن أي شيء آخر.
أنا أيضا أحب القراءة والاستماع للكتب الصوتية. لدي إدمان للكتب وأقرأ بكثرة قدر ما أستطيع كذلك الاستماع للكتب الصوتية أثناء تنقلاتي. بالنسبة لي مالكوم جلادويل هو كاتب عبقري وقد قرأت وأعدت قراءة جميع مؤلفاته. فهو يتخلل أفكاري ويجعلني أنظر بشكل مختلف للأشياء. أول كتاب واقعي قرأته في حياتي هو كتاب العادات السبع للناس الأكثر فاعلية، والذي خلق نقلة نوعية حقيقية في حياتي. وفكرة ستيفن كوفي حول البطء والسرعة في التعامل مع الناس، هي من الأشياء التي أعود إليها دائما، عندما أرغب في جمع فريقي حول فكرة ما أو لخلق وحدة روحية بين فريق العمل عند العمل على إنجاز شيء ما، وتساعدني في التحلي بالصبر خلال العمل.
شركة الإسماعيلية للتطوير العقاري بدأت عام 2008. وكان صاحب فكرة الشركة هو رئيس مجلس إدارة الشركة كريم الشافعي، إذ كانت لديه رؤية خاصة حول تجديد المباني في وسط البلد وعمل على مشاركة أشخاص آخرين يريدون القيام بنفس الفكرة، فجمع شركاء ومستثمرين معا لتنفيذها. وكانوا يرغبون في التركيز على منطقة القاهرة الخديوية بوسط البلد، ومنها انطلقت الفكرة. كان هناك بطء في الأعمال خلال فترة الثورة في عام 2011، لأنه لم يكن أي شخص بما فيهم المستثمرين يعرفون ما الذي سيحدث. بين 2011 و2014 قمنا ببعض عمليات الاستحواذ المهمة لكنها لم تكن عمليات كبيرة. لكن بدأت الأعمال تستقر منذ عام 2015 وبدأت الشركة في النمو بشكل سريع. انضممت للشركة عام 2016 ومنذ ذلك الوقت وضعنا كل تركيزنا على كيفية تحويل تلك المباني إلى مساحات صالحة للعيش. وفي 2018، استحوذ مشروعنا الجديد "لا فينواز" على اهتمام وسائل الإعلام وفزنا بجائزتين، وقد سعدنا بهما. ونحن فخورون للغاية بما حققناه حتى الآن.
الإسماعيلية ليست مطورا عقاريا تقليديا، يمتلك قطع أراض كبيرة في مناطق حضرية. بصورة ما، نحن ننظر إلى ماضي وسط البلد بحب، ونحن متخصصون للغاية فيما نفعله. وتبلغ محفظتنا الحالية من الأراضي 80 ألف متر مربع، وهو مخزون محدد بشكل كبير. نحن نعلم ذلك، ولكن نصنع فارقا لشركتنا وللمجال الذي نعمل به، فلابد أن نكون انتقائيين فيما نقدمه كأصول في مجالنا، كما أن مجالنا المتخصص يعني أنه ينبغي علينا أن نرفض بعض الفرص المربحة من أجل التركيز على الشراكة مع المؤسسات التي تتوافق مع رؤيتنا. ونحن نحاول تغيير تكوين وسط البلد كي نضمن أن هناك تمثيل لمزيج من الأشخاص به. وتتمثل رؤيتنا في أن تكون هناك عربات لبيع الساندوتشات الشعبية بجوار المباني الراقية، كما هو الأمر في أي منطقة وسط البلد في أي مدينة رئيسية حول العالم.
لقد خصصنا ميزانية قدرها 150 مليون جنيه من أجل عمليات الاستحواذ خلال العامين المقبلين، وهو ما يأتي كجزء من أهدافنا الاستراتيجية. ولا يكون دوما من السهل شراء المباني التي تريدها، فقد يكون هناك الكثير من التعقيد من حيث ملكية تلك المباني، ولكننا نشيطون للغاية في الوقت الحالي في البحث عن المباني الجديدة. وقد حصلنا أيضا على قرض بقيمة 150 مليون جنيه من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومن المقرر ضخ المبلغ في أعمال التجديد. لهذا فنحن نركز على بقية مشاريعنا، وهي مبنى المجلس الفرنسي القديم، وسينما راديو، وريش كافيه. ولدينا خمسة أو ستة مباني نعمل على تجديدها حاليا، والمبنى التالي الذي سنطلقه هو سينما راديو، والذي نخطط الانتهاء منه في أغسطس من هذا العام.
من الناحية الاستراتيجية، نحن نستهدف دائما المباني التراثية في منطقة وسط البلد. وهذا هو حقا نموذج أعمالنا وقد أثبت نجاحه. فنحن نبحث عن المباني القريبة من العقارات المملوكة لنا حاليا، ولأن وسط البلد بها نحو 1500 مبنى، لا يمكننا استهدافها كلها. ولكن من حيث المبدأ، نحن منفتحون على العمل في أي مباني تراثية بتلك المنطقة، فكل مبنى يحكي قصة مثيرة للاهتمام، من حيث ملكيته، وبنيته التجارية، وكيفية بنائه وكيفية تحوله.
في البداية، لم يفهم الناس ما كنا نحاول القيام به، فهم ظنوا أن لدينا فكرة لطيفة ستبوء بالفشل، حتى أن البعض اعتقد أننا منظمة غير هادفة للربح. وقد حاولنا أن نكون واضحين للغاية، وأن نؤكد على أننا شركة تجارية، وأننا نتواجد هنا لكسب المال، ولكن من خلال طريقة مختلفة. وقد استغرق الأمر بعض الوقت ولكن الآن نحن نتصدر عناوين الأخبار، وبدأ الناس في فهم رؤيتنا. نحن نجني المال من المباني القديمة، وقد أثبتنا أنه يمكن لذلك أن يحدث. والذي يميز هذا الأمر هو أنه يفيد الجميع: الدولة، والشعب، ومساهمينا، فهي معادلة سحرية.
على مستوى القطاع العقاري المحلي، يتحدث الجميع في الوقت الحالي عن حدوث تباطؤ. ويرجع هذا التباطؤ إلى طرح كمية هائلة من مخزون الأراضي في السوق، فضلا عن دخول العديد من شركات التطوير العقاري الصغيرة إلى القطاع. وأرى أنه وبنهاية العام الجاري أو خلال الربع الأول من عام 2020، ستواجه تلك الشركات الجديدة اختبار ضغط صعب، وكل من يتمكن من البقاء سيكون ناجحا بشكل كبير. كما أننا سنشهد أيضا شركات ذات الأسماء الكبيرة تواجه مشكلات في عملياتها. هذا ولأنه لا يوجد هناك نفس معدل الامتصاص كما كان الحال في السنوات الماضية، يشعر الناس أن هناك تباطؤا في سوق العقارات. ومع هذا، لابد من القول بأن هناك دائما طلب حقيقي في مصر، فمع وجود سكان يصل عددهم إلى 100 مليون نسمة، ومع الزواج، وإنجاب الأطفال، وكسب البعض للمال في الأوقات الصعبة وقيام آخرين بالبيع، سيكون هناك دائما حركة وطلب على العقارات.
ما يحدث في منطقة الخليج في الوقت الحالي أمر مثير للاهتمام، ومن الممكن أن يجذب المزيد من الاهتمام إلى السوق المصرية. قد لا يكون لدينا إطار العمل الذي لدى دبي لممارسة الأعمال، ولكن لدينا الاستقرار والمرونة، لذلك قد تلحظ حدوث تحول في تدفقات رؤوس الأموال نحو القيام بالأعمال التجارية في مصر، ومن المتوقع أن يشهد القطاع العقاري تحسنا جراء هذا الأمر.
الحكمة التي أحاول أن أضعها نصب عيني هي في الواقع مقتبسة من براد بيت في فيلم "الحرب العالمية زد"، وهي أن "من يتحرك سينجو". فالأمر يتطلب قدر من الشجاعة للمضي قدما، وذلك بغض النظر عما يحدث. ويتعين عليك في بعض الأحيان أن تواجه السوق؛ فلا يمكنك مجرد الانتظار حتى تمر الأوقات السيئة، وعليك دوما التأكد من مدى جاهزيتك، ولكن عندما تشعر بالاستقرار في منطقة الراحة الخاصة بك، فعادة لا تسير الأمور على نحو جيد.