لايتهاوس للأبحاث: الجنيه المصري لا يزال يخضع لإدارة محكمة
هل حقا يلعب البنك المركزي دورا في مشهد الأداء القوي للجنيه؟ يثير الأداء القوي للجنيه المصري أمام الدولار موجة من التساؤلات في خضم الضعف الذي يعتري أداء بقية عملات الأسواق الناشئة خلال الفترة الماضية. وفي وقت قد يجد ارتفاع الجنيه ما يفسره مع تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي وتعافي إيرادات السياحة والتدفقات النقدية الأجنبية في محافظ الأوراق المالية، تقول مذكرة بحثية صادرة عن شركة لايتهاوس لأبحاث السوق، والتي تتخذ من دبي مقرا لها، إن الجنيه المصري "لا يزال يخضع لإدارة محكمة ولا يعمل وفق نظام سعر صرف حر". وأضافت المذكرة أن "موجة صعود الجنيه المصري في الآونة الأخيرة تخالف الاتجاه النزولي العام في أصول الأسواق الناشئة العالمية". وفيما يتخذ الجنيه المصري مسارا صعوديا منذ مطلع العام الجاري تواصل عملات الأسواق الناشئة تراجعها في خضم الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة والتي تسببت في خسائر كبيرة لعملات تلك الأسواق خلال الشهر الماضي. ومحى مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة مكاسب العام الجاري وبصدد تسجيل أدنى مستوى له منذ ديسمبر الماضي مع اتجاه المستثمرين نحو الأصول الآمنة.
استقرار غير مبرر: في البداية ترى المذكرة أن استقرار سعر صرف الجنيه حتى نهاية يناير الماضي لا يوجد ما يفسره فيما "بدا أنه تحد واضح لاختلالات يشهدها الاقتصاد". وتحرك سعر صرف الجنيه في نطاق ضيق للغاية في الفترة من مايو الماضي وحتى مطلع العام الجاري في خضم الأزمة العاتية التي نالت من أصول الأسواق الناشئة. وتابعت المذكرة "في الأسابيع الماضية، خالف الجنيه المصري أداء غالبية الأسواق الناشئة مع ارتفاعه بنحو 4% مقابل الدولار ليتم تداوله حول مستويات 16.8 جنيه للدولار بنهاية مايو. وعلى النقيض، فإن عملات الأسواق الناشئة الأخرى على غرار الون الكوري والراند الجنوب أفريقي والليرة التركية تراجعت جميعها أمام الدولار بنسب بلغت 6% و4% و15% على التوالي".
وارتفاع غير مبرر أيضا: تقول المذكرة إن الاحتياطيات الأجنبية للبلاد ارتفعت من مستويات بلغت نحو 19 مليار دولار في نوفمبر 2016 إلى مستويات 44 مليار دولار بنهاية أبريل، ولكن تشير المذكرة إلى أن القفزة في الاحتياطيات الأجنبية جاءت خلال الفترة حتى فبراير 2018 والتي ارتفع فيها الاحتياطي بنحو 23.5 مليار دولار نتيجة تدفقات المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المحلية، فيما بلغ حجم الزيادة في تلك التدفقات من مارس 2018 حتى نهاية أبريل الماضي نحو 1.7 مليار دولار في ضوء أزمة الأسواق الناشئة. وترى لايتهاوس أن "المستويات الأساسية للاحتياطات من الممكن أن تكون مؤشرا غير مفيد لمعرفة توجهات الاقتصاد الكلي". ونوهت إلى أن تحسن عجز الحساب الجاري بفضل ارتفاع الصادرات وتعافي قطاع السياحة.
حديث متجدد حول دور البنك المركزي في سوق الصرف: تأتي مذكرة لايتهاوس وسط حديث متجدد من آن لآخر حول الدور الذي يلعبه البنك المركزي في سوق الصرف وهو الأمر الذي ينفيه البنك جملة وتفصيلا، إذ قال عامر في يناير الماضي إن أسباب استقرار الجنيه مقابل الدولار في خضم الأزمة الطاحنة التي ضربت الأسواق الناشئة ترجع بالأساس إلى تحسن ميزان الحساب الجاري نتيجة زيادة تحويلات المصريين في الخارج وعائدات السياحة والصادرات وتحسن التصنيف الائتماني لمصر، مضيفا أن غياب المشتقات المالية في السوق وفر حماية من الاضطرابات في الأسواق الناشئة بصورة أوسع. وثارت تكهنات في الفترة الماضية حول استعانة البنك المركزي بالبنوك المملوكة للدولة، وفي مقدمتها بنكي "الأهلي" و"مصر"، لتمويل تخارجات الأجانب من استثماراتهم في أدوات الدين الحكومية، أثناء موجة نزوح المستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة العام الماضي.