هل يساهم "إقراض القوى الحادة" في تقليل الاحتياجات إلى حزم الإنقاذ من صندوق النقد الدولي؟
هل يساهم "إقراض القوى الحادة" في تقليل الاحتياجات إلى حزم الإنقاذ من صندوق النقد الدولي؟ إنه التوجه الأحدث في عالم الإقراض، الدولة التي تمتلك المزيد من السيولة يمكنها أن تقدم قروض إلى الدول التي تمر بأزمات مالية عاصفة فيما يصطلح على تسميته "إقراض القوى الحادة "، فيما بدا أنه بديل عن اللجوء إلى حزم الإنقاذ التي يوفرها صندوق النقد الدولي، وفقا لما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز والتي أضافت في تقريرها أن الدول التي تلقت ذلك النوع من القروض تراجعت فيها مخاطر عدم القدرة على سداد الديون واللجوء إلى حزم إنقاذ إضافية من صندوق النقد. وضربت الصحيفة المثل بقروض قدمتها الصين وروسيا والسعودية والإمارات إلى دول تمر بعثرات مالية.
مصر نموذجا للاستفادة من هذا النوع من القروض: في الفترة التي تلت الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، بعد احتجاجات حاشدة ضد حكمه، تلقت مصر حزم إنقاذ قدرت بنحو 8 مليارات دولار من السعودية والإمارات. وكانت تلك القروض تهدف إلى غرضين: الأول تقديم المساعدة الاقتصادية للسلطة الجديدة من خلال دعم الاحتياطات الأجنبية المتهاوية في ذلك التوقيت، إضافة إلى ذلك الدعم السياسي من تلك البلدان للقائمين على مقاليد الأمور بالبلاد في الفترة التي تلت حكم الإخوان. وتلت تلك القروض الحصول على تسهيل ائتماني ممدد من صندوق النقد الدولي بنحو 12 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمارات مباشرة كثيفة من تلك البلدان في السوق المصرية.
ماذا يعني زيادة "إقراض القوى الحادة" لبرامج الإصلاح الاقتصادي؟ في حين يبدو أن ارتفاع تلك القروض يقوض دور صندوق النقد كملاذ أخير للإنقاذ، إلا أن ثمة العديد من الأسئلة التي تطفو على السطح فيما يتعلق بالمسار المستقبلي لتلك القروض. يقول تقرير الصحيفة إن الأسباب والشروط التي على أساسها تقدم دول الصين وروسيا والدول الخليجية هذا النوع من القروض تختلف على نطاق واسع من بلد لآخر. فإذا ما اتخذنا البحرين كنموذج للدول التي تحصل على هذا النوع من القروض، فإن العنوان العريض للقروض السعودية لذلك البلد كان مرتبطا بإجراء إصلاحات مالية واقتصادية واسعة. فيما يختلف الأمر في وضع الصين على سبيل المثال والتي لا يوجد شروط محددة في تقدميها لذلك النوع من القروض إلى البلدان المختلفة بالإضافة إلى عدم خضوعها للرقابة، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تكبد عديد الدول لمشقة الديون المرتفعة واحتمالية اللجوء إلى حزم الإنقاذ من صندوق النقد أكثر من أي وقت مضى. ويعود ذلك بالأساس إلى حقيقة مفادها إنه خلافا للقروض الخليجية والروسية فإن القروض التي تقدمها الصين تأتي عبر بنوكها التجارية. ولا يمكننا أن نغفل هنا الحديث القديم المتجدد حول ما يصطلح على تسميته "مصيدة الديون" وهو الاتهام الذي تواجهه الحكومة الصينية من البلدان المختلفة إزاء تقديم ذلك النوع من القروض في سبيل البحث عن المزيد من النفوذ السياسي في تلك البلدان وهو الاتهام الذي تنفيه الحكومة الصينية على الدوام. وفي نهاية المطاف، فإنه بالوقت الذي قد يمثل فيه هذا النوع من الإقراض بديلا عن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، إلا أنه من غير المرجح أن تمثل مجموعة من البلدان التي تعمل دون إطار مشترك وإلى حد كبير لخدمة مصالحها بديلا جديا وموثوقا للإقراض.