روتيني الصباحي مع جلين ماليز
روتيني الصباحي فقرة أسبوعية نتحاور خلالها مع أحد الأفراد الناجحين في مجتمعنا وكيف يبدأون يومهم. ويتحدث إلينا هذا الأسبوع السفير جلين ماليز سفير أستراليا في مصر:
اسمي جلين ماليز وأنا السفير الأسترالي المعين حديثا لدى مصر. وأنا متزوج من كاثرين واحتفلنا للتو بعيد زواجنا الثلاثين. ولدينا ثلاثة أطفال وهم ولدان وبنت 25 و22 و18 سنة. ولدينا أيضا كلب ويدعى أوسكار.
أستيقظ عادة الساعة السادسة إلا الربع، وأول شيء أفعله هو الإمساك بهاتفي المحمول والتحقق من بريدي الإلكتروني. الفارق في التوقيت يعني أنني استيقظ الساعة الثالثة عصرا بتوقيت أستراليا، ولهذا فإنني أقضي ما بين عشر إلى خمس عشرة دقيقة في التعامل مع الرسائل العاجلة. وعادة ما أتراجع عن خطتي بممارسة الرياضة الساعة السادسة وعشر دقائق، ولكن بحلول الساعة السادسة والنصف أشعر بالذنب وهو ما يجعلني أذهب للركض أو ممارسة التمرينات الرياضية أثناء الاستماع إلى الموسيقى أو إلى أحد دروس التاريخ. يتكون فطوري من الحبوب والتوست والفطائر النباتية، وقطعة من الفاكهة وكوبين من القهوة، وأتناوله أثناء قراءتي لنشرة إنتربرايز والصحف الأسترالية للاطلاع على مجريات الأمور في السياسة والرياضة.
بمجرد أن أبدأ العمل، أقوم بمطالعة الرسائل الإلكترونية من العاصمة الأسترالية كانبيرا وأتحدث مع طاقم العمل الخاص بي والمكون من مصريين وأستراليين، وذلك لوضع أولويات اليوم. الفريق الذي يعمل مع أعتبره مصدر رائع للمعلومات، فهم يساعدونني على فهم ما يجري في البلاد ويوجهونني بشأن ما يجب وما لا يجب القيام به. ومخطط عملي يختلف من يوم لآخر، ففي بعض الأيام يكون علي أن أجري لقاءات مع دبلوماسيين من دول أخرى، ومع وزراء من الحكومة المصرية، ومسؤولين بمنظمات غير حكومية، فضلا عن الشخصيات الإعلامية.
ويمكن أن يشمل يومي إجراء زيارات لعدد من المشاريع التي نقدم لها الدعم في القاهرة وخارجها، وذلك من خلال برنامجنا الخاص بالدعم المباشر، وهو برنامج صغير يقدم المنح للمجتمع. وعلى النقيض من البرامج الأخرى التي نرى أنها لا تحدث أثرا لدى المواطنين، فإن برنامجنا يمكننا من الخروج ورؤية ما يحدثه من تأثيرات. ويمكن أن تشمل مشاريعنا تقديم الدعم للمدارس من خلال أعمال التجديد للفصول أو تقديم الأجهزة الطبية للمراكز الطبية التي تخدم الفقراء. ونركز أيضا على المرأة والطفل. وتعد زيارة مثل هذه المشاريع فرصة جيدة لمعرفة الأشخاص الذين يستفيدون منها، وهو الأمر الذي يمنحك الشعور الحقيقي بالمجتمع المحلي وبقدرتنا على إحداث تغيير للأفضل.
ما هو أفضل شيء شاهدته أو قرأته مؤخرا؟ زوجتي تشاهد الأفلام على نتفليكس ولكني لست متابعا جيدا، فعادة ما أغفو في منتصف الفيلم. وحاليا أنا أقرأ كتاب بعنوان "القاهرة، المدينة المنتصرة" للكاتب ماكس رودنبيك.
كيف دخلت دائرة العمل الدبلوماسي؟ قصة دخولي لدائرة العمل الدبلوماسي تختلف عن الآخرين، فأنا كنت مهتما بالعلاقات الدولية، ولكن بعد أن تخرجت التحقت بالعمل كمدرب في برنامج سنترلينك التابع للحكومة الأسترالية والمعني بالخدمات الإنسانية، وكان عملي يتمثل في تدريب الموظفين على كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة. وفي أحد الأيام أردت القيام بشيء مختلف، ووجدت فرصة عمل لدى وزارة الشؤون الخارجية والتجارة، فتقدمت للالتحاق بها، وكان من قبيل المفاجأة أنني فزت بفرصة العمل تلك. وكان أول عمل لي في القاهرة خلال الفترة 1996/1995.
من الجيد أن أعود لمصر بعد كل هذه السنوات. وقد لا يصدقني البعض، ولكني أعتقد أن الشوارع في القاهرة أصبحت أقل ازدحاما، أو على الأقل في الزمالك. واعتقد أن البنية التحتية تحسنت بشكل كبير منذ ذلك الحين. ويبدو أيضا أن معدلات التلوث انخفضت. فخلال فترة عملي السابقة، كانت السيارات قديمة وتستخدم بنزين يحتوي على الكثير من الرصاص، بينما الآن السيارات أصبحت ذات طرازات أحدث وتستخدم وقودا أفضل. الجو العام في القاهرة جيد للغاية، وهناك اهتمام متزايد بالأعمال الفنية، ولهذا فإنني أري الكثير منها عندما أتجول في الأنحاء. استمتع كثيرا بعودتي إلى مصر. أطفالي ليسوا معي هذه المرة، ولكنهم يتطلعون إلى المجيئ إلى هنا قريبا.
من أكبر التحديات التي تواجهني في عملي كسفير هو فهم تاريخ البلد التي أرسل إليها والعلاقات التي تربطها ببلادي. وليس من المهم ما هي الدولة التي تعمل بها، فكلها تتسم بالتعقيد، فقد عملت في مصر والتي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، وعملت أيضا في توفالو والتي تعد ثالث أصغر دولة على مستوى العالم. فكل دولة لها جوانبها السياسية المركبة. ومن الأمور الهامة للدبلوماسي هو أن يفهم ما يحدث وأن يحرص على التواصل مع الآخرين والتحدث إليهم. من السهل أن تبقى بالسفارة ولكن يتعين عليك الخروج كي تحصل على حقيقة ما يحدث في البلاد. وفي كثير من الأحيان نكون مقيدين بالبقاء داخل العاصمة ولكنها ليست البلد بأكملها.
هناك مفهوم خاطئ على نحو كبير بالنسبة لعملنا وهو أن المواطنين الأستراليين يعتقدون بأنه بإمكان السفارة عمل أشياء تفوق ما يمكنها القيام به في الحقيقة. فعلى سبيل المثال، من أكثر الأشياء التي يصعب التعامل معها هو أن نوضح للمواطنين الأستراليين الذين يأتون إلى السفارة لطلب المساعدة أننا لا يمكننا إنفاذ القانون الأسترالي هنا في مصر أو أن نتجاهل سيادة مصر هنا. هناك أمر آخر صعب، وهو أنك تتعامل مع مختلف القطاعات، ففي الصباح يمكن أن تكون بصدد تناول قضايا تجارية، أو بحث تداعيات أمر ما مع القنصل، إلى جانب قضايا إدارية، ثم زيارة لأحد مشاريع المساعدات ثم المشاركة في فعالية ثقافية، وكل هذا بينما تحاول أن تظهر بشكل رسمي.
أعتمد على فريق العمل لدي في تنظيم الأمور، فطبيعة عملي كسفير تتطلب مني أن أعهد إلى الآخرين بالأعمال وأن أكلفهم بالمسؤوليات. ونحن نسعى لتزويد طاقم العمل بالأدوات التي يحتاجونها وبالدعم المطلوب كي يتمكنوا من اتخاذ القرارات.
ليست هناك قضية واحدة تهيمن على العلاقة بين مصر وأستراليا في الوقت الحالي، فالعلاقة الثنائية الصحيحة تكون من خلال مختلف القطاعات. لذا فإن العلاقات التجارية بين البلدين علاقات طويلة ومتأصلة ونحن نسعى إلى تعزيزها. وكذلك يوجد تعاون بين البلدين في عدة ملفات أمنية أيضا، فالعالم أصبح أصغر بكثير مما كان عليه في السابق، وليس لدى الدول في وقتنا الحالي قضايا أمنية منفصلة، وهو ما لمسناه في الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة كرايستشرش في نيوزيلندا.
من حسن الحظ أن لدينا نحو 100 ألف مواطن أسترالي من أصول مصرية، وهو ما يجعل العلاقات بين البلدين أكثر قوة لما بين الشعبين من روابط. ونحن نعمل في جوانب التجارة والدبلوماسية الثقافية، ولكن الأهم بالنسبة لنا هو أن نقرب بين الشعبين، فدور السفارة يتمثل في زيادة الوعي بما يمكن أن تقدمه أستراليا لمصر وما يمكن لمصر أن تقدمه لأستراليا، والتقريب بين الشعبين يعد الطريقة المثلى لتحقيق ذلك.
ما هي الأشياء التي أقوم بها في أوقات فراغي؟ حاليا لا يكون لدي الكثير من أوقات الفراغ، فخلال الأسابيع القليلة الماضية كان علي مرافقة العديد من الزائرين في جولاتهم. أحب رياضة التزلج المظلي على الماء "كايت سيرفنج"، وسأحضر حصص التدريب في العين السخنة خلال إجازات الربيع والعيد. شاركت أيضا في الماراثون الذي أقيم أمام الأهرامات، وفي عطلة نهاية الأسبوع أمارس رياضة الجري في شوارع الزمالك وأحيانا في وسط البلد إذا كان الوقت مبكرا.
أفضل نصيحة سمعتها كانت من والدي عندما كنت صغيرا. كنت ألعب كرة القدم فقال لي: "لا تقف كالمتفرج، عليك أن تذهب وتحصل على الكرة". كانت هذه النصيحة بمثابة الدافع لدي طيلة حياتي، وحرصت على الالتزام بها وتطبيقها في حياتي، فأنا دوما أحرص على أن أكون مشاركا فيما يجري حولي وأن استمتع بوقتي. وأنا كذلك أشجع الآخرين على أن يتقنوا ما يقومون به، سواء كان العمل أو الفن أو الرياضة.