أين ذهبت أنوف التماثيل المصرية؟
لماذا فقدت الكثير من التماثيل المصرية القديمة أنوفها؟ هناك أسباب معقدة وراء تحطم أجزاء من الآثار المصرية القديمة، حسبما يشير مقال نشره موقع أرتسي. وتشير الأبحاث التي أجراها عالم الآثار والمصريات الأمريكي إدوارد بليبرج إلى وجود عدد كبير من "الدوافع السياسية والدينية والشخصية والجنائية" والتي شكلت الأساس لتلك الأنماط من التدمير المتعمد والمتسق إلى حد كبير. ولم يكن هذا التدمير نتيجة لعوامل التعرية ومرور الزمن، وبالتأكيد لم تطلق مدافع نابليون النيران عليها جميعا. لقد كانت بالأحرى ثقافة متأصلة من تحطيم الأيقونات والتي أدت إلى تشويه مثل هذه التماثيل.
سعى المخربون إلى إصابة التماثيل بـ "العجز"، مستهدفين الأنف والأذنين والأذرع اليسرى، فقد كان يعتقدون بأن محو الأنف يعني توقف التمثال عن التنفس، وبالتالي موته. وكان تحطيم الأذنين يعني أنه لن يكون بإمكانه سماع الصلوات. وفيما يتعلق بالتماثيل التي تمثل إنسانا يقدم القرابين للآلهة، كان يقطع الذراع الأيسر الذي كان يستخدم في الغالب لتقديم مثل هذه القرابين. وكان لدى المصريين القدماء معتقدات بأن التماثيل تحتفظ بصفات أثيرية، وأنها تعكس بشكل مباشر قوى الآلهة (أو مجرد البشر) التي كانت تمثلها. وعلى هذا النحو، كان التخريب أمرا ممنهجا، وكان يهدف إلى إبطال القوى التي تتمتع بها الصورة.
إلا أن المصريين القدماء لم يكونوا بكل هذه السذاجة، فقد أدركوا أن بإمكانهم إعادة كتابة التاريخ لصالحهم، لذا فقد كانت معظم أعمال تحطيم الأيقونات ذات دافع سياسي بطبيعتها. لقد جرى محو المنقوشات الخاصة بالملكتين المصريتين القويتين حتشبسوت ونفرتيتي، إذ شكلت تلك الثروة الهائلة من ذكرياتهما المصورة والمنقوشة تهديدا لخلفائهما. وعندما أصبحت المسيحية الديانة الجديدة لمصر بين القرنين الأول والثالث الميلادي، كانت التماثيل ينظر إليها على أنها شياطين وثنية، إلا أن ذلك الخوف تلاشى بعد الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي. هذا الجانب من تاريخ مصر سيظل هو الموضوع الرئيسي لمعرض يستمر لعدة أشهر تحت عنوان "قوة المحو: تحطيم الأيقونات في مصر القديمة"، والذي سيبدأ الأسبوع المقبل في مؤسسة بوليتزر للفنون في ولاية ميزوري الأمريكية.