ما الذي يقوله المستثمرون لرينيسانس كابيتال حول مصر
ما الذي يقوله المستثمرون لرينيسانس كابيتال حول مصر؟ الكثير من الأشياء الجيدة، هذا ما أكده عمرو هلال الرئيس التنفيذي لمنطقة شمال أفريقيا في بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال الذي يركز على الأسواق الناشئة. حاورت إنتربرايز هلال الأسبوع الماضي بعد الرحلة التي نظمها البنك لعدد من الكبار المستثمرين الدوليين إلى القاهرة على مدى ثلاثة أيام من 11 إلى 13 فبراير الجاري. وخلال الرحلة، نظمت رينيسانس كابيتال اجتماعات مغلقة لمديري صناديق عالمية يديرون أصولا تقدر بنحو 70 مليار دولار، ويمثلون ما يزيد عن 20 شركة من قطاعات متعددة. وقد أطلعنا خلال حوارنا مع هلال على انطباعات هؤلاء المستثمرين وكذلك نظرته إلى الاقتصاد. وإليكم أهم مقتطفات الحوار:
الرحلة سارت بشكل رائع بالنسبة للشركات، والمستثمرين وكذلك الأطراف الأخرى المعنية، والتي تشمل وزارة المالية والبنك المركزي المصري. كان الشعور العام إيجابيا، ولم يقتصر ذلك على مستثمري الأسهم فقط، بل مستثمري السندات أيضا. ومن أبرز الإيجابيات التي ذكرها المستثمرون قصة الاقتصاد الكلي في مصر، وإصدار السندات الدولية. لقد أعجبهم أيضا جودة الشركات ومدى نجاح أنشطة الأعمال.
أما بالنسبة للسؤال الأكثر شيوعا الذي تلقيناه من المستثمرين، فكان يدور حول مدى التقدم في الإصلاحات، وما هي التوقعات حول برنامج الخصخصة الحكومي، والتخفيضات المحتملة لأسعار الفائدة، وما هو المستوى الذي قد يستقر عنده سعر الصرف. إنهم يطرحون الأسئلة الصحيحة. ويريدون الاطمئنان على أداء الشركات. أشياء مثل "ما مدى تعافي الإنفاق الاستهلاكي"، و"هل بدأ المستهلكون في الإنفاق مجددا". و"ما الذي تفعله الشركات كي تجتاز الواقع الجديد بالسوق". و"متى يتوقعون أن تبدأ الشركات في الاستثمار في الإنفاق الرأسمالي".
وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، فالقلق الأكثر شيوعا يدور حول استدامة الإصلاحات في ضوء المتغيرات العالمية.
نتوقع انخفاض أسعار الفائدة في 2019. وبعد استئناف دورة التيسير النقدي في فبراير الجاري، نتوقع خفضا بنسبة 100 نقطة أساس على الأقل هذا العام، على أن يتبع ذلك تخفيضات أخرى في 2020 مع انحسار التضخم إلى خانة الآحاد على نحو مستدام.
واستنادا إلى أرقامنا الداخلية، نرجح أن يصل سعر الصرف إلى متوسط يتراوح بين 17.6-17.8 جنيه للدولار خلال العام المالي الحالي. وقد ارتفع الجنيه أمام العملة الأمريكية، وكان ذلك مدفوعا بتدفقات إيجابية في سوق أذون وسندات الخزانة. تراوح صافي التدفقات بين ملياري و3 مليارات دولار، لتغير مسارها بعد انخفاضها على مدار الأشهر السابقة. وبالطبع، تعافت السياحة بعض الشيء. ولا تزال تحويلات المصريين العاملين بالخارج مرتفعة جدا وقوية جدا.
هل تحتاج مصر إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لتأمين حزمة تمويلية أخرى؟ القرار في ذلك يرجع بالطبع إلى الحكومة. ولكن أعتقد أن البرنامج الحالي سينتهي ولن يجدد مرة ثانية، ولا أعتقد أن مصر بحاجة أو أنها سوف تذهب مجددا للصندوق للحصول على تمويل إضافي. ولكن العلاقة قد تستمر في صورة عمل منتظم مع الصندوق، أو شيء ما من هذا القبيل. وهذا أمر مرحب به من قبل المستثمرين، وقد طرح بعضهم موضوع وجود شكل من أشكال المشاركة المتواصلة مع صندوق النقد الدولي.
وعلى صعيد الاقتصاد الأوسع، أتوقع استمرار أداء الاقتصاد المصري بقوة هذا العام، لا سيما مع المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة خلال النصف الثاني من 2019. تتوقع الحكومة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.6% في العام المالي الحالي. نأمل أن تشجع تخفيضات الفائدة الشركات على البدء في الاستثمارات طويلة الأجل. ومن العوامل الأخرى التي نرى أنها ستستمر في دفع عجلة النمو، الانتعاش التدريجي في الإنفاق الاستهلاكي وتعافي السياحة وبعض المصادر الأخرى للعملة الصعبة، وبالطبع امتلاك مصر لفائض في إنتاج الغاز الطبيعي أيضا.
الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي المكون المفقود في مصر: يجب أن نسأل أنفسنا، على مستوى الاقتصاد الكلي، ما هو المكون المفقود في القيمة المقدمة من مصر؟ ما الذي ينقصنا؟ نحن نجيد جذب المستثمرين على صعيد تدفقات المحافظ الاستثمارية ومستثمري الدخل الثابت. ما نحن متأخرين فيه حقا هو القدرة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر على المدى الطويل خارج قطاع البترول والغاز الطبيعي.
مصر في مرتبة متقدمة بين قائمة الاقتصادات التي نغطيها من حيث النمو على مستوى الاقتصاد الكلي وفرص الاستثمار. ومرة أخرى، هذا مدفوع بنجاح برنامج الإصلاح والذي وضع الاقتصاد على طريق نمو صلب. هناك عدد من الصفقات المحتملة المتوقع أن تشهدها السوق هذا العام أو العام المقبل، سواء من خلال برنامج الطروحات الحكومية في البورصة أو الشركات الخاصة التي تعتزم دخول سوق المال.
أما بالنسبة لموعد بدء البرنامج، دعني أقول إنه بدأ بالفعل. اليوم لديك عدد من الشركات جرى اختيارها بالفعل، كما جرى تكليف بنوك استثمار للعمل على تلك الطروحات منذ فترة. أعتقد أن الخطوة المقبل هي بدء دخول تلك الشركات في السوق، وهذا يتوقف على ظروف السوق وتحركها في الاتجاه الصحيح.
أعتقد أن توقعات الطروحات الجديدة هذا العام جيدة جدا، خاصة في ظل الشركات المنتظر إدراجها في البورصة خلال عامي 2019 و2020. هناك عدد من الشركات الجيدة جدا والكبيرة التي من شأنها إعطاء دفعة قوية للسوق. نأمل أن نرى زيادة في اهتمام المستثمرين في ضوء جودة وحجم تلك الطروحات المزمعة.
أعتقد أن الفرص ستستمر في نشاط الدمج والاستحواذ مدفوعة بالجاذبية الاستراتيجية والمالية في العديد من القطاعات، ولكن بالتحديد في القطاعات المتعلقة بالمستهلكين. ويشمل ذلك الرعاية الصحية، والتعليم، والخدمات المالية غير المصرفية، والأغذية والمشروبات، وغيرها. أعتقد أننا سنرى عددا جيدا من صفقات الدمج والاستحواذ هذا العام.
القطاعات المتوجهة إلى المستهلكين ستواصل تحقيق أفضل أداء هذا العام. وأضيف إليها أيضا القطاع الصناعي، لأن تلك القطاعات ستستفيد من عدد الأمور من حيث القدرة على التصدير والمنافسة. لا أتوقع أن يشهد قطاع بعينه تراجعا في الأداء.
على صعيد الأسواق الناشئة، أعتقد أن موقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأهدأ حاليا، فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة، سيساعد بالتأكيد في رفع معنويات المستثمرين بالأسواق الناشئة. وهناك انتعاش في الأسواق الناشئة نتيجة للإشارات القادمة من الفيدرالي الأمريكي، والمستثمرين عادوا لضخ أموالهم مجددا في الأسواق الناشئة ونرى بوضوح أداء قويا بتلك الأسواق منذ بداية العام وحتى الآن.
تفاؤل حذر بأنه لن تكون هناك موجة بيعية جديدة مثل التي شهدناها العام الماضي بالأسواق الناشئة: في النهاية، نحن متفائلون بحذر وننتظر لنرى. هناك حالة من عدم اليقين في عدد من القضايا المؤثرة على الاقتصاد العالمي، الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، البريكست، تباطؤ النمو في الصين، وتلك العوامل العالمية تؤثر على معنويات وأداء السوق.
بالنسبة للأسواق الناشئة الأخرى التي لدينا بشأنها توقعات إيجابية، نحن نرصد النمو القوي. نعتقد أن جنوب أفريقيا ستشهد انتعاشا إذا حقق الحزب الحاكم بالبلاد نتائج جيدة في الانتخابات العامة هذا العام. وأيضا باكستان قد تصبح سوق مثيرة للاهتمام للغاية إذا حصلت على برنامج للدعم من صندوق النقد الدولي.