هل مصر مستعدة للسيارات الكهربائية؟ سنت الحكومة المصرية على مدار العام الماضي سياسيات عدة تستهدف تأسيس سوق للسيارات الكهربائية في البلاد. ويعد التحول نحو المركبات الكهربائية على مستوى المستهلكين والحكومة بديهيا على المدى البعيد، في عصر التغيرات المناخية وإلغاء الدعم عن الوقود التقليدي . ومع ذلك تتوقع مراكز بحثية دولية أن تؤثر أزمة "كوفيد-19" على قطاع المركبات الكهربائية مع انخفاض المبيعات عالميا بنسبة 45% في يناير وفبراير، بسبب الإغلاق الذي شهدته الصين في الشتاء الماضي، وهي أكبر سوق للمركبات الكهربائية في العالم. وفي مصر، ما زلنا في مرحلة مبكرة تماما من تطوير الصناعة بما لا يمكن أن تتأثر كثيرا بجائحة "كوفيد-19".
أمامنا طريق طويل قبل أن نرى سوقا مزدهرة للسيارات الكهربائية في مصر: يقول سكرتير عام اتحاد مصنعي السيارات المصري، خالد سعد، إن مصر تأخرت في الحول نحو المركبات الكهربائية بشكل عام. ويضيف، في تصريح لإنتربرايز، أن عدد المركبات الكهربائية في شوارع مصر يبلغ حاليا 150 إلى 200. ويرجع سعد ضآلة العدد إلى 3 تحديات رئيسية هي نقص الطلب على تلك المركبات ومشاكل الترخيص والتشريعات، إضافة إلى قلة محطات الشحن التي تمنع السوق من النمو.
الأسعار العالمية للسيارات الكهربائية لا تزال أعلى كثيرا من مثيلاتها التقليدية. ويوضح سعد أن أسعار تلك المركبات لا تزال مرتفعة عالميا مقارنة بالسيارات التي تعمل بالوقود التقليدي، مضيفا أن "70% من مبيعات السيارات المصرية تتراوح أسعارها ما بين 200 و300 ألف جنيه، فيما يبلغ سعر السيارات الكهربائية التي يمكن الاعتماد عليها ما يقارب المليون جنيه".
ويشكل الحصول على ترخيص للمركبة الكهربائية تحديا آخر. ولا يوجد بمصر حتى الآن تشريع ثابت لترخيص المركبة الكهربائية وهو لا يزال قيد الإعداد منذ ديسمبر 2018. ويقول سعد إن قواعد استيراد وترخيص السيارات في مصر ترتبط بسعتها اللترية وهو ما تفتقده المركبات الكهربائية. ولحل تلك الأزمة تلجأ وزارة الداخلية إلى منح المركبات الكهربائية ترخيصا مؤقتا. ويوضح سعد أن الحصول على ذلك الترخيص يستغرق وقتا طويلا للغاية، فيجري منح الرخصة المؤقتة خلال شهر في المتوسط.
وبعد الحصول على رخصة لاستيراد أو قيادة المركبة الكهربائية، ماذا بعد؟ ويستغرق شحن معظم السيارات الكهربائية من مقبس الكهرباء العادي حوالي 12 ساعة، بينما يستغرق شحنها من محطات الشحن السريع ما بين 20 و30 دقيقة. وقد لا يبدو الوقت طويلا ولكن على أرض الواقع قد تزيد فترة انتظارك لانتهاء سيارتين في المحطة من الشحن أكثر من ساعة. والسؤال الأهم هنا هو أين يمكن العثور على تلك المحطات؟
القطاع الخاص يدخل اللعبة: ريفولتا مصر هي أول شركة محلية متخصصة في السيارات الكهربائية، وقد افتتحت في فبراير 2018 أول محطة شحن في مصر على طريق القاهرة – السويس. وتمتلك الشركة حتى الآن 87 محطة شحن متوزعة في أنحاء البلاد، وتخطط لرفع العدد إلى 690 محطة خلال العام الجاري.
ولدينا أيضا شركة إنفينيتي إنيرجي، التي حصلت على استثمار بقيمة 60 مليون دولار من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، خصصت جزءا منه لمحطات شحن السيارات الكهربائية. ومنذ ذلك الحين أنشأت الشركة 25 محطة معظمها في القاهرة والجيزة، وتعتزم زيادة العدد إلى 100 محطة بحلول نهاية العام. ولم تتأثر إنفينيتي بوباء "كوفيد-19"، وقد افتتحت أولى محطاتها في الإسكندرية الشهر الماضي.
أين تقع محطات الشحن؟ خلال عامين نجحت الشركتان في نشر أكثر من 100 محطة في أنحاء مصر. ورغم أن معظمها في القاهرة والجيزة، فهناك محطات في الإسكندرية والدلتا وسيناء وعلى طول ساحل البحر الأحمر، وفقا لخدمة العثور على كل ما يتعلق بالسيارات الكهربائية، بلج شير.
وهناك الشركات متعددة الجنسيات، وهي مستعدة كذلك للمساعدة في بناء المزيد، بما فيها شنايدر إلكتريك التي تستمر في تقديم العون للشركات في سبيل تطوير حلول للشحن قابلة لتحقيق المكسب. وتعمل شنايدر إلكتريك مع الشركات التي تدير أساطيل السيارات الكهربائية لمحاولة تقليل التكلفة الإجمالية لتشغيلها، حسبما قال الرئيس الإقليمي للشركة في مصر وشمال شرق أفريقيا والمشرق العربي وليد شتا، في تصريحات لإنتربرايز. وأوضح شتا أن تكلفة شحن البطارية انخفضت من ألف دولار لكل كيلووات ساعة في 2010 إلى 200 دولار لكل كيلووات ساعة في 2020. وانخفضت تكاليف التشغيل أيضا، وبالتالي يمكن أن يوفر مالكو السيارات آلاف الدولارات سنويا من خلال التوفير في الوقود والصيانة.
وبدوره، يراقب القطاع العام الوضع: في الآونة الأخيرة، قررت وزارة قطاع الأعمال العام دراسة بناء محطات شحن السيارات الكهربائية في القاهرة، ووقعت الهيئة القومية للإنتاج الحربي مذكرة تفاهم مع إس إس إي الصينية وماراثون الدولية المحدودة للتكنولوجيا، لبدء إنتاج محطات الشحن محليا. وقال وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، إن الحكومة تعتزم بناء ألف محطة شحن سريعة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
هل قدمت الحكومة تسهيلات أخرى لتجهيز البنية التحتية للسيارات الكهربائية؟ تعمل وزارة الكهرباء على تطوير البنية التحتية التي تزود محطات الشحن بالطاقة، وكذلك على تحديد رسوم الشحن. وسبق أن أعلن الوزير محمد شاكر أن الحكومة لن يكون بإمكانها دعم شحن العربات الكهربائية، لكنها على الأقل تستطيع توفير الطاقة بشكل أكثر ثباتا.
واتخذت الحكومة الخطوات الصحيحة لتحفيز الطلب، من خلال تقديم إعفاءات جمركية مشروطة على واردات السيارات الكهربائية الجديدة والمستعملة. وتركز شركات أخرى على استيراد السيارات المستعملة وبيعها للعملاء المصريين بسعر أقل من تكلفتها الأصلية. ويؤكد شتا أنه بمجرد خفض التكلفة في غضون عامين، سيبدأ الطلب في النمو بشكل أسرع.
وزارة المالية أيضا تحاول دعم الانتقال نحو السيارات الكهربائية، عن طريق تبسيط وخفض تكلفة التراخيص والضرائب. وعلاوة على ذلك، قررت وزارة قطاع الأعمال العام تشجيع التصنيع المحلي للسيارات الكهربائية، من خلال مطالبة السلطات العامة والهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام باستبدال 5% من أسطولها كل عام بسيارات تعمل بالكهرباء. وفي سبيل جعل السوق أكثر جاذبية، تعهدت الحكومة بدعم تكاليف أول 100 ألف سيارة محلية الصنع بقيمة 50 ألف جنيه للسيارة، شريطة أن تكون السيارات قادرة على تغطية أكثر من 400 كيلومتر لكل مرة تشحن فيها.
إلا أن هذه الخطط تعرضت للتأجيل بسبب "كوفيد-19"، إذ كانت الحكومة خططت للتعاون مع الصين في بناء صناعة وطنية للسيارات الكهربائية، ولكن بعد أن دخل اقتصاد الصين في إغلاق كامل، توقفت كافة الشراكات التي كان مخطط لها. وفي سبتمبر 2019، وقعت الهيئة القومية للإنتاج الحربي مذكرة تفاهم مع شركة جيلي الصينية، لتجميع السيارات الكهربائية بالسوق المحلية، كما توصلت وزارة قطاع الأعمال العام إلى اتفاق مع إحدى الشركات الصينية من أجل إنشاء مصنع للسيارات الكهربائية بالشراكة مع شركة النصر للسيارات. كما حرص القطاع الخاص على اغتنام هذه الفرص، إذ أعلنت شركة "درشال" الموزع المحلي لسيارات "دونج فينج" الصينية، في عام 2018 عزمها ضخ استثمارات بقيمة 53 مليون دولار في تجميع السيارات الكهربائية في مصر، إلا أن تلك الخطط توقفت. وفي تصريحات سابقة لإنتربرايز، قال وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، إن كل هذه الاتفاقيات توقفت مع انشغال العالم بمحاربة الوباء ونظرا للتداعيات الاقتصادية التي أعقبت ذلك. ومع ذلك، تمكنت شركة النصر للسيارات من استئناف مفاوضاتها لتصنيع أول سيارة كهربائية في مصر بالشراكة مع شركة دونج فينج الصينية ومقرها ووهان .
ومن الجانب الاستهلاكي، لا يمكنك الإضرار بما هو غير موجود: فبصرف النظر عن تسبب الوباء في تعطيل المشاريع، فإنه لا يمكنه التأثير على الأرجح على نمو سوق السيارات الكهربائية، وذلك وببساطة لأنه لا توجد حتى الآن هذه السوق، وفقا لما قاله خالد سعد لإنتربرايز.
ولكن مع الأزمات، يمكن أن يأتي التغيير: غالبا ما يبحث العملاء في أوقات الأزمات عن بدائل، وفقا لما قاله أيمن محمد، مؤسس منصة "إليكتريفايد" المختصة بالسيارات الكهربائية، في تصريحات لإنتربرايز. وأشار محمد إلى أنه يجب أن يكون العملاء على دراية بجميع المزايا التي يمكن أن تقدمها السيارات الكهربائية، وبمجرد حدوث ذلك، ستصبح السوق محفزة ذاتيا وستشهد المزيد من النمو. وأضاف أن عند طرحت تقنية إضاءة الليد لأول مرة بسعر مرتفع، أحجم المصريون عن استخدامها إلى أن أصبح من الواضح أن الاستثمار في إضاءة الليد سيوفر لهم المال في فاتورة الكهرباء الشهرية وفي تكلفة الإحلال بسبب قصر عمر المصابيح التقليدية. ولفت محمد إلى أن هذا الأمر ينطبق أيضا على السيارات الكهربائية التي لا تتعرض للأعطال كثيرا والتي يمكن أيضا أن تجنب العملاء على المدى الطويل التعرض للزيادات المتواصلة في أسعار الوقود.
وعلى الرغم من أن الطريق ما زال طويلا أمام مصر كي يكون بها سوقا مزدهرة للسيارات الكهربائية، فإنه يجري اتخاذ الخطوات الصحيحة لتسريع تطور تلك السوق من قبل كل من الحكومة والقطاع الخاص. وبمجرد الوصول إلى عدد كبير من المستخدمين في غضون عامين، فإن تكاليف امتلاك السيارات الكهربائية ستكون أقل من تكاليف امتلاك السيارات التقليدية، مما سيخفض من تكلفة الاستثمار في السيارات الكهربائية إلى أن تصبح متاحة أمام المزيد من العملاء في مصر، حسبما يرى شتا.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).