كيف يؤثر "كوفيد-19" وتقلبات أسعار النفط على قطاع الطاقة المتجددة في مصر-الجزء الثالث- مشكلة الفائض: أدى نقص الطلب وتوقف مشروعات تصدير الطاقة للخارج إلى حدوث فائض في الإنتاج للطاقة المتجددة في مصر، وهو ما دفع الحكومة لوضع قيود على الإنتاج.
فيما يلي الجزء الثالث من سلسلة إنتربرايز التي تتناول كيف يؤثر فيروس كوفيد-19 وتقلب أسعار النفط على قطاع الطاقة المتجددة في مصر. وفي الجزء الأول تناولت السلسلة تأثير قيود الإغلاق، بينما ركز الجزء الثاني على تقلبات أسعار النفط.
ومع تأثير العاملين السابقين على قطاع الطاقة المتجددة تبقى المشكلة الرئيسية اليوم هي وجود فائض في الإنتاج، وهي مشكلة كان القطاع يعاني منها قبل حدوث الجائحة. وستزداد الأزمة مع توقف مشروعات تصدير الطاقة إقليميا وضعف الطلب من الصناعة نتيجة الإغلاق المرتبط بانتشار الفيروس.
المشكلة ببساطة: قامت الدولة والشركات بالتوسع في البنية التحتية لإنتاج الكهرباء بوتيرة أسرع من المطلوب. وزاد المعروض عن الطلب حتى قبل انتشار الفيروس. وتنتج مصر طاقة بقدرة 58 جيجاوات تقريبا، فيما يقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أيمن حمزة، إن البلاد تحتاج طاقة بقدرة تتراوح بين 30 إلى 32 جيجاوات في أوقات الذروة بفصل الصيف.
وأدى إلغاء الدعم على الكهرباء إلى نقص في الطلب، وكذلك فعل "كوفيد-19"، وهو ما فاقم من مشكلة فائض الإنتاج، حسبما صرح مسؤول بالوزارة لإنتربرايز. وتابع: "لاحظنا انخفاضا في الطلب منذ أن بدأنا في تقليص دعم الكهرباء". وانخفض الاستهلاك الفردي والصناعي بحوالي 2 جيجاوات بسبب إجراءات الإغلاق التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار الفيروس.
ما هي الحلول؟ من المتوقع أن يرتد الاستهلاك المحلي إلى سابق عهده مع تعافي الاقتصاد وعقد اتفاقات لتصدير الطاقة بمجرد انحسار الوباء. ولكن يبقى الحل الأهم هو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري للوصول إلى المستهدفات التي وضعتها الدولة بالاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 20% من إجمالي الطاقة المولدة في البلاد.
اتخذت الحكومة خطوات لوضع سقف إنتاج للطاقة المتجددة في البلاد للحد من مشكلة الفائض. ففي 20 مايو قام جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك بفرض سقف لإنتاج الطاقة الشمسية في القطاع الخاص طبقا لنظام صافي القياس. وقال المتحدث باسم الوزارة، أيمن حمزة، لإنتربرايز إن السقف هو 20 ميجاوات لمعظم المنتجين المستقلين ولا ينطبق على مجمع بنبان لتوليد الطاقة الشمسية في أسوان. وأضاف أن الضوابط الجديدة تستهدف المشروعات الصغيرة وليست الكبيرة بحجم مجمع "بنبان" العملاق.
وتتضمن الضوابط أيضا تخفيض السعر الذي يتقاضاه المنتجون مقابل الطاقة وربطه بآخر سعر تعاقدت عليه الشركة المصرية لنقل الكهرباء وأي مقدم للطاقة الشمسية. وبلغ ذلك 40 قرشا لكل كيلووات ساعة الذي تعاقدت عليه الدولة مع شركة أكوا باور بشأن الطاقة المولدة من محطة كوم أمبو وقدرتها 200 ميجاوات في أكتوبر الماضي. وقال مصدر مطلع لإنتربرايز إن نظام صافي القياس القديم حدد السعر بحوالي 70 قرشا لكل كيلووات ساعة. وجرى فرض رسوم جديدة تتعلق بتكلفة ربط الطاقة المتجددة في الشبكة القومية للكهرباء واضطرت الشركات العاملة في بنبان للتكيف مع زيادة التكاليف بسبب فرض الشركة المصرية لنقل الكهرباء لتلك الرسوم. وسواء كانت رسوم لتقاسم التكاليف أو لاستخدام الشبكة القومية أو غيرها، فإن شركات المرافق تحتاج إلى أمر واحد: استقرار تنظيمي.
ومن المتوقع أن تتباطأ الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة بشكل كبير خلال الـ 18 إلى 24 شهرا المقبلة، وفق ما صرح به رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات البارزة في قطاع الطاقة المتجددة لإنتربرايز. وأضاف "ستتأثر بشكل رئيسي شركات توليد الطاقة الشمسية التي تسعى للاستثمار في المشروعات الكبرى"، وستضع الضوابط الجديدة سقفا لإنتاج المحطات الجديد في الوقت الحالي عند 20 إلى 60 ميجاوات.
وجمدت الحكومة المناقصات والتعاقدات الجديدة للمنشآت الكبرى حتى اتضاح الرؤية حول حركة العرض والطلب، وفقا لمصدر بوزارة الكهرباء. وأضاف أن هناك مشروعين رئيسيين لم يصلا لمرحلة الإنشاءات بعد وجرى تجميدهما بشكل مؤقت. وأكد المتحدث باسم الوزارة أيمن حمزة أن المناقصات والتعاقدات تعرضت للتباطؤ. وتوقع أحد المسؤولين الكبار بشركة للطاقة المتجددة أن يقتصر العمل على المشروعات ذات قدرة أقل من 50 ميجاوات فقط في الوقت الحالي وذلك أيضا بسبب تعديلات الرسوم والأسعار. وأضاف أن الوضع الحالي يضع أي محطة يبنيها القطاع الخاص في منافسة مباشرة مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء مما سيسبب خسارة لها بسبب وجود فائض.
فهل هذه هي نهاية الطفرة في قطاع الطاقة المتجددة في مصر؟ إطلاقا، فطبقا لمستثمر بارز في القطاع رفض ذكر اسمه، فإن الطلب سيعود مجددا بعد 18 شهرا مع عودة النمو الاقتصادي والسكاني. وعلى المدى الطويل سيخلق التعافي فرصة لمعظم المستثمرين والحكومات للتفكير في أفضل قطاعات للاستثمار في الطاقة وستصبح الطاقة الخضراء هي المعتادة.
ولا تزال مصر في طريقها لتتبوأ مكانتها كمركز للطاقة في منطقة شرق المتوسط. وينطبق ذلك على الكهرباء مثلما ينطبق على مشروعات الغاز الطبيعي الكبرى. ولا يزال خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية بقدرة 3 جيجاوات قيد الإنشاء بالرغم من تأجيل إتمامه بسبب جائحة "كوفيد-19"، طبقا لصحيفة اليوم السابع. وتعد السودان أيضا أحد الأسواق المستهدفة، حيث تم تفعيل الشبكة الرابطة مبدئيا في أبريل الماضي، وهو ما توقف إنجازه أيضا بسبب "كوفيد-19".
وعلى المدى البعيد فسيكون تخفيض الاعتماد على الطاقة الملوثة في صالح كل من البيئة وأيضا قطاع الطاقة المتجددة. وأسرع وسيلة لإحداث تقدم في مجال الطاقة المتجددة هو تفكيك جانب من البنية التحتية للطاقة الأحفورية، بحسب أستاذ هندسة الطاقة بجامعة الزقازيق حافظ السلماوي، والذي يرى أن إدخال الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة يعني إزاحة جزء من الطاقة التقليدية المستخدمة حاليا، وهناك منتجون للطاقة التقليدية من مصلحتهم إبطاء عملية الانتقال نحو الطاقة المتجددة من أجل استخدام مواردهم ومنشآتهم القائمة، حسب قوله.
ودعا مسؤول بالوزارة إلى ترقب قرارات الحكومة فى منتصف يوليو المقبل بخصوص قطاع الطاقة المتجددة. ومن المنتظر أن تحدد الحكومة المستهدفات من الطاقة طبقا للأرقام والاحتياجات الحالية والمستقبلية للطاقة. وسيسهم ذلك في وضع جدول زمني وترتيب للمشروعات المتعلقة بالقطاع، وفقا للمسؤول.
كيف وصلنا إلى هذا الفائض؟ سعت الحكومة لجعل الانقطاعات المتكررة للكهرباء ما بين أعوام 2011 و2013 شيئا من الماضي، والتي نتجت عن قلة الاستثمار في مجال الطاقة. وبدأت الحكومة بإعطاء الأولوية بتوليد الطاقة من الوقود الأحفوري وبرز ذلك في إنشاء 3 محطات بقدرة إجمالية 14.4 جيجاوات تعمل بالغاز الطبيعي دشنتها شركة سيمنس بالتعاون مع أوراسكوم كونستراكشون والسويدي إليكتريك. وجرى إنجاز إنشاء تلك المشروعات في وقت قياسي، ومع اتساع الاعتماد على الطاقة المتجددة كانت مصر قد وفت باحتياجاتها الداخلية بالفعل. وتختلف التقديرات بشأن مساهمة الطاقة المتجددة في إجمالي الطاقة المولدة في البلاد، إذ تقول الحكومة إنها تشكل 16% فيما ذكرت تقارير أخرى أرقاما أقل بكثير، مثل تقرير فيتش سوليوشنز عن الطاقة في مصر لعام 2020 والذي حدد النسبة بـ 3.4% فقط. وعلي الجانب الآخر تمثل الطاقة المولدة من الغاز الطبيعي ما بين 70 و75% من إجمالي الطاقة في البلاد طبقا لتقرير فيتش سوليوشنز وبيانات البنك الدولي لعام 2015.
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).