كيف تساعد الشبكة الذكية في وقف انقطاعات التيار الكهربائي وتحسين كفاءة الطاقة؟ عملنا على تحديد أسباب استمرار مشكلة وجود انقطاعات الكهرباء رغم وجود فائض ضخم إذ تنتج مصر حاليا حوالي 58 جيجاوات في حين تبلغ حاجتها في وقت الذروة في فصل الصيف ما بين 30 و32 جيجاوات فقط، ما يترك 26 جيجاوات من الفائض. وفي الجزء الأول من هذه السلسلة، تطرقنا إلى الأسباب الرئيسية للمشكلة، وكيف تتلخص في البنية التحتية للكهرباء في البلاد إذ تتعدى الطاقة المنتجة قدرات الشبكة على نقلها. وتناولنا أيضا دور واضعي السياسات وشركات القطاع الخاص في تحديث شبكة نقل الكهرباء، وتكاليف ومتطلبات تلك الخطط والجدول الزمني المقرر لإنجازها.
في الجزء الثاني نتعمق في جانب رئيسي من تلك الخطة وهو (الشبكة الذكية). نتحدث مع بعض المسؤولين الحكوميين وبعض قيادات القطاع الخاص حول متطلبات تنفيذ خطة تحديث شبكة الكهرباء الحالية بالكامل وتحويلها إلى شبكة ذكية.
كيف تختلف الشبكة الذكية عن الشبكة التقليدية الحالية؟ تسمح الشبكة الذكية لشركات توزيع الكهرباء بتحليل البيانات الضخمة المتعلقة باستهلاك الكهرباء باستخدام خوادم متطورة وبنية تحتية تكنولوجية مدمجة في مراكز التحكم، وفق ما صرح به الرئيس السابق لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة محمد السبكي لإنتربرايز. ويتيح هذا أيضا لتلك الشركات إمكانية بناء توقعات لمشاكل الشبكة أو الأعطال في أجزاء مختلفة، ما يعزز قدرات الشبكة وكفاءتها. وتسهم الشبكة الذكية أيضا في تقليص الفاقد من الطاقة الكهربائية، نتيجة قدرة المهندسين على مراقبة أداء الشبكة وتوقع المشكلات بشكل مسبق، والمناورة بسرعة لتفادي الانقطاعات المترتبة عن ذلك، وفق ما ذكره مدير تسويق منظومات الطاقة لدى شنايدر إلكتريك شمال وشرق أفريقيا والمشرق العربي، محمد الحفناوي، لإنتربرايز. وتأتي الشبكة الجديدة مع وحدات تحكم ذكية للإنارة العامة، والتي تقوم وزارة الكهرباء حاليا بتجريبها في محافظة بورسعيد، تمهيدا لتنفيذها في سائر أنحاء البلاد، وفق ما ذكرته مصادر لجريدة المال.
مراكز التحكم هي المكون الرئيسي للشبكة الذكية: تشمل الخطة إنشاء 47 مركز تحكم ذكيا على مستوى الجمهورية، وبعضها قيد الإنشاء بالفعل. وستحل هذه المراكز محل 6 مراكز تحكم قومية وإقليمية حاليا، إضافة إلى إنشاء مراكز جديدة لتحسين القدرة على التحكم ورصد استهلاك الطاقة، وفق جريدة المال.
يراعي تصميم الشبكة الذكية تخزين الطاقة لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والسماح لنا باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بشكل أفضل: لا يجري دائما استهلاك الكهرباء المنتجة بسبب السلوك المتفاوت وغير المتوقع للمستهلكين. في الشبكات التقليدية، تهدر هذه الطاقة بكل بساطة، لأن هذا النوع من الشبكات غير مصمم لتخزين الكهرباء التي لا تستهلك على الفور. وفي الوقت ذاته، فإنه لا يمكن دائما الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح، لأن السحب قد تحجب أشعة الشمس لعدة أيام وكذلك يمكن أن تتوقف مزارع الرياح عن الدوران في حالة عدم وجود رياح قوية، وفق ما ذكره السبكي. وبما أن مصر تتطلع إلى زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، فقد بات تخزين الطاقة أولوية لتعويض الأيام التي لا يكون فيها الطقس في صالحنا، بحسب السبكي. وأضاف أن اللجوء إلى البطاريات صعب للغاية في ضوء أن الاستثمار المطلوب لتخزين 1 كيلووات ساعة فقط من الكهرباء "كبير" وغير مجد. وتقدر تكلفة تخزين الكهرباء في بطارية ليثيوم أيون حوالي ألف دولار لكل كيلووات ساعة، وفق فوكس.
على هذا النحو، تتطلع مصر إلى دمج طرق مثل محطات الضخ والتخزين الكهرومائية إلى شبكتها الذكية. تخزن هذه الطريقة الطاقة باستخدام الكهرباء الفائضة لضخ المياه إلى ارتفاع أعلى، حيث تبقى حتى الحاجة إلى الكهرباء مرة أخرى. وأوضح السبكي أنه عند الحاجة، يسمح للمياه بالتدفق في اتجاه توربينات تولد تقريبا نفس مقدار الطاقة المستخدمة لضخها إلى الأعلى. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى خفض تكلفة التخزين إلى نحو 18 دولارا لكل كيلووات ساعة، وفقا للحسابات التي أجرتها إنتربرايز. وأجرت الشركة القابضة لكهرباء مصر مفاوضات مع شركة ساينوهايدرو الصينية العام الماضي إنشاء محطة توليد الكهرباء بنظام ضخ وتخزين المياه في عتاقة بقدرة 2400 ميجاوات. وكان من المرجح توقيع العقود النهائية للمشروع خلال النصف الأول من العام الجاري، لكن جرى التأجيل بسبب تفشي وباء "كوفيد-19". ووقعت القابضة للكهرباء في فبراير الماضي اتفاقا مع بنك الاستيراد والتصدير الصيني لتمويل المشروع الذي يتوقع أن تصل تكلفته الاستثمارية إلى 2.6 مليار دولار.
اعتمادية وكفاءة تشغيل الشبكة تتلقى دفعة قوية أيضا من محولات الطاقة الرقمية، بما في ذلك الـ 14 محولا كهربائيا قامت بتوريدها شركة سيمنز الألمانية لمحطات كفر الشيخ والزقازيق الجديدة الفرعية. وتشارك سيمنز أيضا في خطة طويلة الأجل مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء حتى عام 2025 لضمان نقل الطاقة المولد بأمان وفعالية، وفق ما ذكرته الشركة الألمانية في بيان بالبريد الإلكتروني. وتعمل الشركة على مد الخطوط وتحديث المحطات الفرعية خاصة في المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة والمنصورة الجديدة. وانتهت الشركة مؤخرا من تسليم نظامين جديدين للتحكم الإشرافي والحصول على البيانات في الصعيد ومصر الوسطى على الترتيب.، والتي تتضمن تسليم جميع البرامج والأجهزة ذات الصلة وجميع الأعمال المدنية والكهروميكانيكية بما في ذلك توصيل 150 محطة فرعية بالمحطة الوطنية وكذلك أعمال التركيب والتشغيل وخدمات التدريب
ومن أهم مكونات الشبكة الذكية أيضا عدادات الكهرباء مسبقة الدفع التي تهدف إلى القضاء على سرقة التيار. فقد حررت الوزارة في الفترة من يونيو 2019 حتى أبريل من العام الجاري نحو 317 ألف قضية سرقة تيار كهربائي لمنازل ومحلات تجارية في الجيزة وحدها، وهو ما كلف الدولة أكثر من 285 مليون جنيه، وفق ما أكده المتحدث باسم وزارة الكهرباء أيمن حمزة لإنتربرايز. ويتوقع حمزة أن يؤدي إدخال عدادات الدفع المسبق إلى وقف هذه الممارسات. وأضاف أن وزارة الكهرباء قامت بتركيب نحو 9.5 مليون عداد على مستوى الجمهورية حتى الآن خلال تلك الفترة الزمنية.
وفي غضون ذلك، أطلقت وزارة الكهرباء مشروعا تجريبيا لتشجيع الأسر على تركيب عدادات ذكية جديدة تسمح للعملاء بمتابعة وتنظيم استهلاكهم، وفق السبكي. وأوضح أنه يمكن توصيل هذه العدادات بلوحات ذكية بما يكفي لتحديد الأجهزة غير المستخدمة والمتصلة بالكهرباء، وترسل تنبيهات للعملاء لفصلها عن التيار. والأفضل من ذلك، أنه في حال كان انقطاع التيار أمرا لا مفر منه، فإن تلك العدادات الذكية تمكن شركات توزيع الكهرباء من تنبيه وإخطار العملاء. وحتى الآن، انتهت وزارة الكهرباء من تركيب 184 ألف عداد ذكي من بين 250 ألف عداد تستهدفها الوزارة، في القاهرة الكبرى والإسكندرية والدلتا والصعيد، وفق ما ذكرته المال نقلا عن مصادر بالوزارة.
المرحلة الأولى من تطوير الشبكة بدأت بالفعل: تعمل وزارة الكهرباء حاليا على إنشاء مراكز تحكم ذكية تغطي أنحاء الجمهورية على خمس مراحل، والتي يتوقع أن تستغرق 10 أعوام، بحسب جريدة المال. ومن بين 15 مركز تحكم كهرباء إقليمي وفرعي تعتزم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة توقيع عقودها هذا العام، اقتنصت شنايدر إليكتريك بالفعل أربعة منها بتكلفة 4.7 مليار جنيه وستكون جاهزة في غضون 30 شهرا، وفق ما كشفه الحفناوي لإنتربرايز. ولتمويل ذلك، سعت الشركة القابضة لكهرباء مصر للحصول على قرضين بقيمة 37 مليار جنيه من بنوك محلية، لتحسين أداء شبكتي نقل وتوزيع الكهرباء وزيادة قدرة الشبكة على استيعاب القدرات الجديدة من الكهرباء، وحصلت بالفعل على 18 مليار جنيه منها في 2017. ومن المرجح توقيع عقود الـ 11 مركز تحكم المتبقية خلال العام المالي الحالي بنظام تسليم المفتاح، بما في ذلك 10 عقود مع شنايدر إليكتريك ، بينما ستقوم جنرال إليكتريك بتوقيع عقد مركز تحكم وحيد بالإسكندرية، وفق ما ذكره حمزة. وحصلت سيمنز أيضا على عقد من الشركة القابضة لكهرباء مصر لإجراء عدة دراسات على الشبكة لتحليل وفحص شبكة نقل الكهرباء في البلاد لتحديد جدوى نشر تقنيات حديثة ومختلفة في مجال الطاقة. وتبحث الدراسات في الدور المحتمل للتكنولوجيات الذكية في تحويل الشبكة، إذ تعكس بصورة مستمرة التغيرات في طريقة توليد الطاقة، وتوزيعها وإدارتها وتخزينها. واستخدمت سيمنز في هذه الدراسة أدوات ووحدات برمجية جديدة لزيادة قدرات فريق التخطيط في الشركة القابضة لكهرباء مصر.
ورغم أن جائحة "كوفيد-19" أبطات الأمور قليلا، إلا أن الوزارة تمضي قدما لاستكمال مركز التحكم خطوة بخطوة، بحسب ما أكده حمزة. بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، ستعرض الوزارة المزيد من العقود للمراكز المتبقية بناء على الأولويات والاحتياجات. وتحدد الوزارة أولوياتها بناء على الاحتياجات الاستراتيجية مثل تشغيل محطات الكهرباء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى احتياجات التنمية مثل توصيل الكهرباء إلى المناطق الأكثر فقرا، أو التي كانت تقع خارج تغطية الشبكة القومية الموحدة مثل مرسى علم. ومع ذلك، تعمل سيمنز مع الحكومة على تدريب المهندسين باستخدام أول برنامج تدريب للواقع الافتراضي والذي يمكن شركات الكهرباء من اختبار وتدريب والتحقق من الموظفين عن بعد.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).