أدت صدمة أسعار السلع الأساسية إلى ارتفاع أسعار مواد البناء في مصر، مع ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. يقول المصنعون المحليون إن هذه الزيادات في الأسعار ضرورية لأنهم يواجهون ارتفاعا في تكاليف المدخلات، بما في ذلك أسعار مصادر الطاقة الرئيسية مثل الفحم وفحم الكوك. من ناحية أخرى، يشعر المقاولون بالأزمة، ويضغطون للحصول على دعم حكومي لمساعدتهم على امتصاص الصدمة.
القفزة في تكاليف الطاقة العالمية أدت إلى ارتفاع أسعار الأسمنت، إذ أنها تمثل نحو 50% من الزيادة في أسعار الأسمنت، حسبما قال الرئيس التنفيذي لشركة بني سويف للأسمنت فاروق مصطفى لإنتربرايز. الفحم، المصدر الأساسي للوقود المستخدم في إنتاج الأسمنت، بدأ في الارتفاع منذ بداية العام، لكنه قفز بالفعل في نهاية فبراير، عندما اندلعت الحرب. كان سعر الفحم يبلغ نحو 240 دولار للطن في 25 فبراير، قبل أن يقفز إلى 400 دولار للطن في 2 مارس وبلغ ذروته عند 423 دولار للطن في 9 مارس، وفقا لبيانات السوق. انخفضت الأسعار إلى حد ما منذ ذلك الحين، إذ يبلغ سعر طن الفحم حاليا 361 دولار.
سعيا لمواجهة التكاليف المرتفعة للطاقة، قررت بعض الشركات المحلية تعليق الإنتاج مؤقتا والاعتماد على بيع المخزونات، على أمل أن تمر تقلبات الأسعار، وفقا لما صرح به الرئيس التنفيذي للشركة العربية للأسمنت سيرجيو ألكانتاريا لإنتربرايز. لكن بعض المنتجين الذين اختاروا هذا الطريق استنفدوا مخزون الأسمنت لديهم ويواجهون الآن تكاليف مدخلات أعلى مما كانت عليه عندما قرروا تعليق الإنتاج، كما يقول. "لذلك من الطبيعي أن يمرروا التكلفة المرتفعة إلى المنتج النهائي". حتى المصنعين الذين لا يزال لديهم مخزون للبيع من المرجح أن يبيعوا الأسمنت بأسعار السوق الحالية، حتى يتمكنوا من ضمان هامش كاف لتغطية تكاليف شراء الفحم وتصنيع المزيد من الأسمنت، حسبما يوضح ألكانتاريا.
كم يبلغ سعر الأسمنت حاليا؟ قال ألكانتاريا إن الأسعار تختلف بين المنتجين، اعتمادا على وقت حصولهم على الطاقة. وأوضح أن المنتجين يبيعون حاليا الطن الواحد بسعر يتراوح بين ألف و1300 جنيه. بينما يتوقع رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية أحمد الزيني سعرا أعلى، وأخبر إنتربرايز إن سعر الأسمنت الآن يبلغ 1600 جنيه للطن.
ما الحل؟ يريد مصنعو الأسمنت زيادة اعتمادهم على الغاز الطبيعي، ويتطلعون إلى تحديد استهلاكهم للغاز الطبيعي بنسبة 10% من مزيج الوقود، كما يقول مصطفى، لكن وزارة التجارة والصناعة لم تتخذ قرارا في هذا الشأن بعد. في حين أن الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر محلي للطاقة سيكون مفيدا للمصنعين، لا سيما إذا كانت الحكومة توفره بتكاليف أقل، فإن هذا السيناريو يبدو بعيد المنال، لأن نقص الطاقة في أوروبا هو الفرصة المثالية أمام مصر لتصدير المزيد من الغاز الطبيعي. وتأمين المزيد من الإيرادات الوطنية، كما يقول ألكانتاريا.
حتى مع هذه التكاليف المرتفعة للمدخلات، فإن المنتجين ليسوا المصدر الوحيد لارتفاع أسعار التجزئة. زاد تجار التجزئة للأسمنت من هوامشهم "بشكل كبير" في الأسابيع العديدة الماضية، ما رفع التكلفة النهائية التي يواجهها العملاء أكثر، وفقا لما ذكره ألكانتاريا. ومع ذلك، يشير إلى أنه يمكن تبرير تجار التجزئة هؤلاء في رفع أسعار التجزئة إذا كانوا يواجهون زيادة في تكاليف النقل والخدمات اللوجستية الأخرى.
لا يقتصر الأمر على تأثير الحرب: فقد شهدت صناعة الأسمنت بالفعل ارتفاعا في أسعار المنتجات النهائية بعد إدخال تخفيضات في الإنتاج في يوليو لحل أزمة تخمة المعروض التي استمرت لسنوات. تُلزم الحصص، المعمول بها لمدة عام، اللاعبين في السوق بخفض الإنتاج المخصص للسوق المحلية بنسبة 10.7% على الأقل، في حين يمكن أيضا إجراء تخفيضات إضافية بنسبة 2.81% لكل خط إنتاج. يقول مصطفى إن القرار كان بمثابة شريان حياة لصناعة الأسمنت المحلية، ويبدو توازن العرض والطلب الآن أكثر صحة.
على الرغم من أن هذا القرار كان حاسما لمنع العديد من المنتجين من الإغلاق، إلا أن البعض يريد إلغاؤه في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأساسية. قدم الزيني طلبا إلى جهاز حماية المستهلك لإلغاء قرار خفض الإنتاج، وقدم طلبا مشابها إلى وزارة التجارة والصناعة الأسبوع المقبل، والذي يقول إنه ضروري لحماية قطاع مواد البناء من ارتفاع الأسعار "غير المبرر".
ارتفعت أسعار الصلب أيضا، فالموجة التضخمية الناجمة عن الحرب لامست الحديد أيضا، والذي قفز سعره إلى 21 ألف جنيه من 15.5 ألف جنيه خلال أسبوعين فقط. يعود سبب هذه القفزة السريعة في المقام الأول إلى الارتفاع الكبير في أسعار واردات الخردة المعدنية (إلى 650 دولار للطن، من 514 جنيها للطن)، وهو ما يمثل نحو 60% من تكلفة الصلب، حسبما أخبرنا رئيس غرفة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات محمد حنفي. يقول حنفي إن أسعار الصلب تتأثر أيضا بارتفاع تكاليف الشحن والنقل، لا سيما في ضوء الأزمات المستمرة في سلسلة التوريد العالمية. تتفاقم هذه المشكلة بسبب النقص في المواد الخام، ما يدفع المصنعين لاستيراد بضائعهم من الصين والهند (على عكس أوروبا)، ما أدى إلى ارتفاع مصاريف الشحن والنقل بسبب المسافات الطويلة، كما يوضح. وكذلك ارتفعت أسعار البليت، الذي يباع الآن بسعر 910 دولار للطن، من 700 دولار للطن اعتبارا من 25 فبراير.
على الرغم من وجود ديناميكيات سوقية واضحة لتفسير ارتفاع الأسعار، إلا أن الزيني يوافق على وجود بعض التلاعب، قائلا إن هناك بعض الشركات المصنعة التي "تستفيد" من الوضع وتكدس مخزونات الصلب. وقال الزيني إن هذه التحركات الابتزازية تفاقم المشكلة، داعيا جهاز حماية المستهلك للسيطرة على هذه الممارسات.
ومع ارتفاع التكاليف، يحاول المقاولون التخفيف من تأثير ارتفاع تكاليف المدخلات على المشاريع الحالية. يطالب المقاولون الحكومة بتأجيل موعد تسليم بعض المشاريع، وفقا لما قاله رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء محمد سامي سعد. وقال سعد إن هذا سيساعد في تخفيف الضغوط التي تواجهها السوق، والسماح للقطاع بتقييم الوضع على نحو كاف، وإعطاء الفرصة لاستقرار الأسعار. ودعا الاتحاد، بعد اجتماعه أمس، الحكومة لمنح المشاريع ذات الأولوية الأقل تمديدا لمدة ثلاثة أشهر حتى يتمكن المقاولون من تأجيل شراء المواد بالأسعار الحالية.
يريد المقاولون أيضا تأكيدات بأن الحكومة ستدفع لهم المتأخرات على الفور لمنحهم السيولة الكافية لمواجهة ارتفاع الأسعار، وفقا لما قاله سعد. وأضاف أنهم يطالبون الحكومة بتأجيل التزامات ونفقات معينة، كالضريبة البالغة 0.25% على إيرادات الشركات، والتي توجه لتمويل منظومة التأمين الصحي الشامل. وسيرسل الاتحاد توصياته إلى رئيس الوزراء، الذي شكل لجنة أزمة لمتابعة تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الأسعار.
تواجه الحكومة تحديات متزايدة: قال سعد: "ضع نفسك في مكان الحكومة، هل ستشتري القمح والمواد الغذائية الأساسية لضمان الأمن الغذائي، أم تشتري الحديد والأسمنت؟" وأضاف: "إنهم في موقف صعب".
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).