greenEconomy
الثلاثاء, 26 أكتوبر 2021

هل منتجات اللحوم والألبان هي حقا ما يقوض جهود مكافحة تغير المناخ؟

التكلفة البيئية الخفية للطعام النباتي: في الوقت الذي أصبح فيه تغير المناخ مصدر قلق متزايدا، تتسارع جهود الأفراد للقيام بدورهم في مواجهة تلك الأزمة، ويلجأ الكثيرون إلى أقرب شيء يمكنهم التحكم فيه – وهو نظامهم الغذائي – ويختارون اتباع النظام الغذائي النباتي لتقليل بصمتهم الكربونية. إلا أن بعض المنتجات النباتية تضر بالبيئة بصورة أكثر مما هو متوقع، ولهذا السبب من المهم إجراء مراجعة شاملة – تحديدا لعملية الإنتاج والنقل – والتي يمكن أن تلحق بصمة كربونية كبيرة بالمنتج النهائي. إذا، إلى أي مدى يستفيد كوكبنا من النظام الغذائي النباتي؟

على الرغم من أن المنتجات النباتية تنبعث منها بعض الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فإن منتجات لحوم البقر تساهم في الغالبية العظمى من تلك الغازات المتعلقة بالأغذية، كما تتسبب في أضرار بيئية أكثر من أي منتج غذائي آخر. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد أن الاستغناء عن منتجات اللحوم والألبان يمكن أن يقلل من بصمة الكربون للفرد الواحد بنسبة تصل إلى 73%.

فما هي أكثر المنتجات التي يجب تجنبها؟ لسوء الحظ، كلها منتجات ​​لذيذة: الأفوكادو واللوز والأرز هي من بين أكثر الأطعمة النباتية كثيفة الاستهلاك للمياه في وقتنا الحالي. حتى المحاصيل ذات الحجم الكبير مثل الموز والهليون لها بصمة كربونية ضخمة. ويمكن أن تستهلك زراعة ثمرة أفوكادو واحدة من 140 إلى 272 لترا من الماء، كما تحتاج حبة اللوز الواحدة إلى نحو 12 لترا كي تنمو. ويستهلك إنتاج الأرز، الذي يعتمد عليه أكثر من نصف سكان العالم، 2500 لتر من الماء لكل كيلوجرام، كما أنه يطلق مستويات عالية من غاز الميثان.

يمثل إنتاج الأرز مشكلة خاصة هنا في مصر: يقترب الإنتاج المحلي للمحصول، الذي يعتمد بشكل أساسي على أساليب الري بالغمر المهدرة للمياه، من نحو 4 ملايين طن سنويا، يخصص غالبيته للاستهلاك المحلي، والذي يعد من وجهة نظر بيئية أفضل من تصديره للخارج، لكن مشكلة استهلاك المياه تظل نقطة شائكة كبيرة. وتتطلع الحكومة لزراعة أصناف جديدة من الأرز أقل استهلاكا للمياه تتطلب نحو 4 آلاف متر مكعب من المياه للفدان مقارنة بـ 6 آلاف متر مكعب التي يحتاجها عادة، ولكن من غير الواضح مدى فعالية تلك المبادرة.

ومع ذلك، بالنسبة لمعظم الأسر المصرية، فإن استهلاك اللحوم تحديدا لا يعد مصدر قلق كبير: تشكل الحبوب مثل الأرز والقمح المصدر الرئيسي للطاقة في معظم الأنظمة الغذائية المصرية، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، كما أن الاستهلاك المنتظم للبروتين الحيواني يتركز بشكل كبير بين المناطق الحضرية عنه في المناطق الريفية. وتحاول الحكومة زيادة استهلاك البروتين الحيواني بمقدار 4 جرام يوميا بحلول عام 2030.

ثم أن هناك السؤال الصعب المتعلق ببدائل اللحوم: يصبح حساب الانبعاثات أمر أكثر صعوبة عند الحديث عن بدائل اللحوم من شركات مثل Beyond Meat وImpossible Foods والتي تصنع 100% من النقانق وشطائر البرجر النباتية المصنعة من مجموعة كبيرة من المنتجات الزراعية. ويقول النقاد إن هذه الشركات سريعة النمو لا تكشف عن معلومات كافية حول سلاسل التوريد الخاصة بها – مما يجعل من الصعب تتبع كيفية نمو جميع مكوناتها وتحديد مصادرها، أو حساب التكلفة البيئية الحقيقية. إلا أن الدراسات التي أجرتها الشركتان تشير إلى أن منتجاتهما الغذائية تستخدم كميات أقل من المياه والأراضي مقارنة بنظيراتها من اللحوم الحيوانية، كما تنبعث منها كميات أقل من الغازات المسببة للاحتباس الحراري في هذه العملية أيضا.

ومع ذلك، لا تزال النقطة الأهم هي أن لحوم أقل تعني بيئة أفضل: كل هذا الحديث عن التفاصيل الدقيقة للتأثير البيئي للنظام الغذائي النباتي لا ينبغي أن يجعلنا نغفل حقيقة أن المنتجات الحيوانية تساهم بأكبر قدر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري من بين جميع مجموعات الأغذية. وأظهرت بيانات مجموعة العمل البيئية أن تسعة من بين أكبر 10 مسببات لغاز ثاني أكسيد الكربون كانت منتجات حيوانية، مع احتلال لحم الضأن ولحم الأبقار المركزين الأول والثاني. وينتج عن كيلوجرام واحد من لحم الضأن ما يقدر بنحو 39.2 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون – أي ما يعادل القيادة لمسافة نحو 146 كيلومتر. لذا فإن استبعاد منتجات اللحوم والألبان من نظامك الغذائي يعد أكبر مساهمة فردية يمكنك تقديمها لتقليل التأثير البيئي على المستوى الفردي.

لا يزال التقليل من استهلاك اللحوم هو المفتاح لخفض الانبعاثات: إذا أصبح كل من في العالم نباتيا، فإن الانبعاثات المرتبطة بالغذاء ستنخفض بنسبة 70% بحلول عام 2050، وفقا لتقرير نشر حديثا. وتشير بعض الدراسات إلى أن خفض استهلاك اللحوم عالميا إلى النصف يمكن أن يقلل الانبعاثات بنسبة 20-30% للفرد. وتشير دراسة أخرى أجريت عام 2020 إلى أنه يمكن تقليل انبعاثات الكربون القائمة على الغذاء دون أن يصبح الجميع نباتيا. إن زيادة السعرات الحرارية اليومية إلى نحو 2,100 سعر حراري في اليوم، وزيادة المحاصيل الزراعية، وتقليل هدر الطعام، والانتقال إلى نظام غذائي نباتي في معظمه – إلى جانب التغييرات في انبعاثات الوقود الأحفوري – قد يكون قادرا على تجنب الاحترار بنحو 0.3 – 0.7 درجة مئوية.

بعض القواعد العامة للمساعدة في تقليل بصمتك الكربونية: يجب أن يكون أول شيء تقوم به هو شراء المنتجات المزروعة محليا وخلال الموسم الخاص بها. وهذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من الانبعاثات الناتجة عن الشحن وحفظ المنتجات لمسافات طويلة، فضلا عن العملية كثيفة الاستخدام للمياه والطاقة والمتمثلة في زراعة الأغذية خارج الموسم الخاص بها في الصوب الزراعية.

حاول أيضا تجنب المنتجات التي تحتوي على الأسمدة الاصطناعية، والتي تتسبب في نحو 3% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري عالميا وتتسبب أيضا في إطلاق غاز النيتروجين في التربة، والذي يتحول بعد ذلك إلى أكسيد النيتروز الضار الذي ينطلق في الغلاف الجوي وتكون له "قدرة احترار عالمي أكبر 300 مرة" من ثاني أكسيد الكربون، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

إذا كان عليك استخدام منتج مستورد، ففكر في المكان الذي تستورده منه بالضبط: هناك فرق كبير بين شراء الشوكولاتة المصنوعة من حبوب الكاكاو التي تحصد من الأراضي التي أزيلت منها الغابات في أمريكا الجنوبية وبين شراء اللحم البلدي من الحي الذي تعيش فيه على سبيل المثال. ولكن بشكل عام، حتى البروتينات النباتية المزروعة في الغابات التي يجري تجريفها تكون أكثر استدامة من البروتينات الحيوانية "منخفضة التأثير" والتي يجري الحصول عليها من مصادر محلية.

إلا أن الأمر يتطلب أكثر من مجرد العمل الفردي: إن التأكد من أن نظامنا الغذائي مستدام ينبغي أن يكون جزءا من مبادرة أكبر للسياسة العامة لتحقيق أي تأثير بيئي جوهري. وتتمثل إحدى هذه المبادرات في استصلاح الحكومة لمساحة 4 ملايين فدان من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء البلاد، وذلك ضمن مشروع مشترك أوسع بقيمة 454 مليون دولار (بي دي إف) مع برنامج الغذاء العالمي لتعزيز قدرات مصر على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. وستقدم وزارة الزراعة، بالتعاون مع البرنامج المدعوم من الأمم المتحدة، عمليات زراعية محسنة مثل أصناف المحاصيل التي تتحمل الحرارة، وأساليب الري المحسنة، فضلا عن تقنيات الحصاد وما بعد الحصاد التي تقدم بأسعار معقولة والتي من المفترض أن تقلل نظريا من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري واستهلاك المياه.


فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:

  • تستضيف مدينة جلاسكو الأسكتلندية مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP 26 الأسبوع المقبل، بمشاركة الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اختيرت مصر كمرشح لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP 27، المقرر عقده العام المقبل.
  • مديرو الصناديق "المهتمون بالمناخ" قد يصبحون أقل وعيا بالمناخ بفضل ارتفاع مخزونات الطاقة: يختبر الارتفاع البالغة نسبته 54% في أسهم شركات الطاقة المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مدى التزام مديري الصناديق المهتمين بالمناخ بالاستثمارات الخضراء.
  • مصر قد تتلقى تمويلات تصل قيمتها إلى مليار يورو من الاتحاد الأوروبي على مدى السنوات الست المقبلة لدعم المشروعات المتعلقة بمكافحة تغير المناخ والمستدامة، حسبما قال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي في كلمته خلال افتتاح أسبوع القاهرة للمياه.
  • مشاريع تحلية المياه: طرح صندوق مصر السيادي مناقصات أمام شركات القطاع الخاص لإنشاء 17 محطة تحلية مياه جديدة تعمل بالطاقة الشمسية، ضمن خطة بقيمة 2.5 مليار دولار لمضاعفة طاقة تحلية المياه في البلاد أربع مرات في السنوات الخمس المقبلة.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).