هل يصبح استزراع الشعاب المرجانية جزءا من جهود مكافحة آثار تغير المناخ على النظم البيئية البحرية في البحر الأحمر؟ كما ذكرنا في مارس، فإن 400 كيلومتر مربع من الشعاب المرجانية الممتدة على الساحل الشرقي للبلاد تتعرض لتهديد متزايد من آثار تغير المناخ الكارثية، والتنمية الساحلية غير المنظمة، والنشاط السياحي، والصيد الجائر. تشير الأبحاث إلى أن الشعاب المرجانية في البحر الأحمر قادرة على الصمود أمام ارتفاع درجة حرارة المياه – ولكنها ليست محصنة. ومنح أحد أشكال الزراعة البحرية يعرف باسم استزراع الشعاب المرجانية بصيصا من الأمل في إعادة تأهيل الشعاب المرجانية المتضررة في أماكن أخرى من العالم. ولكن، هل يمكن أن ينجح ذلك في مصر؟
لا تزال مصر واحدة من آخر الملاذات الآمنة للشعاب المرجانية: "المرجان المصري من بين عدد قليل جدا من المستعمرات المتبقية التي ظلت بحالة جيدة في الغالب"، وفق ما قاله محمود حنفي، أستاذ البيئة البحرية بجامعة قناة السويس، ومستشار محافظة البحر الأحمر وجمعية حماية البيئة والإنقاذ بالغردقة (هيبكا)، لإنتربرايز. وأضاف حنفي، أن الشعاب المرجانية في المياه المصرية قادرة بشكل فريد على تحمل درجات الحرارة المرتفعة، بينما تساعد التيارات القوية على خفض درجات حرارة المياه أيضا.
لكن، لا يزال يتعين اتخاذ خطوات لحماية الشعاب المرجانية: على الرغم من أن النظم البيئية للشعاب المرجانية في مصر أكثر صحة مقارنة بالشعاب المرجانية الأخرى حول العالم، فقد تعرضت مناطق معينة لأضرار كبيرة على مر السنين من خلال التنمية التجارية والسياحة غير المنضبطة – مثل الشواطئ قبالة الغردقة، حسبما أوضح حنفي. انخفض غطاء الشعاب المرجانية الصلبة بنسبة 13.6% في المتوسط بين عامي 2005 و2019 في المواقع العشرة الأكثر تضررا قبالة السواحل المصرية، وفقا لتقرير صادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية (بي دي إف).
زراعة المرجان مخبريا أحد الخيارات: يمكن زراعة المرجان الجديد في أماكن خاضعة للرقابة بمعدل أسرع بكثير مما قد يحدث في البحار والمحيطات. يستخرج العلماء عينات المرجان الحية ويضعونها في بيئات شبه خاضعة للرقابة، حيث يمكن أن تنمو دون عوائق بسبب الضغوط الموجودة في بيئاتها الطبيعية. وبالفعل زرعت هذه الشعاب المرجانية مخبريا في أماكن مثل فلوريدا كيز للمساعدة في بدء التفريخ والتكاثر، وفقا لتقرير صادر عن فيزي دوت أورج.
لكنها ليست الطريقة المثلى، حسبما يعتقد حنفي، الذي أوضح أن تلك الطريقة تميل لإضعاف الصورة الجينية للشعاب المرجانية وتقليل مناعتها ضد الأمراض، وفي النهاية عمرها الافتراضي. قال علماء أيضا إن تلك الطريقة يصعب التوسع فيها، لاسيما وأنه من الضروري أن تحدث على المستوى المحلي أولا لتجنب خلط السلالات من مناطق مختلفة والتي قد تضر بالنظام البيئي الأوسع، حسبما ذكرت أسوشيتد برس.
.. هناك طريقة أخرى تبدو "واعدة" لتعزيز نمو المرجان بشكل أكبر، من خلال نقل كميات كبيرة من يرقات المرجان ووضعها بالقرب من بعض التكوينات الصخرية تحت سطح البحر، حيث يمكن للشعاب المرجانية غالبا التمسك بهذه الهياكل والاستمرار في النمو بمعدل صحي أكبر، حسبما أوضح حنفي.
وبالفعل، تستخدم تلك الطريقة في أماكن أخرى حول العالم: كانت زراعة المرجان في أستراليا رائدة في هذا المجال إذ تسترشد بها جميع بلدان العالم، وفق ما قاله حنفي. يجلب العلماء الأستراليون منذ عام 2016 يرقات جديدة من الشعاب المرجانية الصحية إلى المواقع التي شهدت عمليات تبييض كبيرة، في عملية يسمونها "مرجان الأنابيب". في العام الماضي، تمكن الباحثون لأول مرة من مشاهدة "مرجان الأنابيب" الذي جلبوه إلى أجزاء تالفة من الحاجز المرجاني العظيم يتفرخ ذاتيا، ونأمل أن يخلقوا جيلا جديدا من الشعاب المرجانية، حسبما ذكرت جريدة التايم البريطانية. ويعد تبني هذا النوع من تقنيات الزراعة أفضل طريقة للمضي قدما في مصر، حسبما يعتقد حنفي.
تنظر السلطات المصرية في الأمر بالفعل: زراعة الشعاب المرجانية لا تزال "قيد المراجعة" من قبل قطاع المحميات الطبيعية بالبحر الأحمر، وفقا لما قاله رئيس القطاع أسامة كمال لإنتربرايز. وأشار كمال إلى تشكيل لجنة داخلية بوزارة البيئة للعمل على إطلاق مشروع تجريبي لزراعة المرجان قريبا.
يبدو أن السلطات تمضي قدما في هذا الاتجاه: بشكل منفصل، وافق جهاز شؤون البيئة وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وشركة جبرتك على العمل في مشروع تجريبي لاستعادة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، وفقا لبيان مجلس الوزراء. يهدف مشروع زراعة الشعاب المرجانية إلى إنشاء مشاتل مرجانية جديدة في المواقع المتضررة. ومن المقرر أن يجري تركيب صخور أرجوانية اصطناعية قادرة على الحفاظ على الشعاب المرجانية لإيواء عينات منها تحت الماء، وفقا لما قاله المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة جبرتك أحمد جبر.
قد تساعد زراعة المرجان في إصلاح بعض الأضرار التي لحقت بالشعاب المرجانية: يمكن أن تساعد الزراعة في إصلاح أجزاء من الشعاب المرجانية التي دمرتها اصطدامات القوارب، وفقا لتقرير (بي دي إف) عن الزراعة المرجانية أعدته لجنة علمية بمحافظة البحر الأحمر. وسط العديد من المشاريع الحكومية لتوسيع موانئ البلاد، يمكن أيضا استخدام تقنيات الزراعة المرجانية لنقل أجزاء كبيرة من الشعاب المرجانية المغطاة بعيدا عن مناطق الشحن إلى مواقع أكثر أمانا، بحسب التقرير.
لكنه، ليس الحل الأمثل: في مواقع الشعاب المرجانية حيث حدث تجريف كبير وإغراق صناعي، من المستبعد أن تنمو شعاب مرجانية جديدة، كما يحذر التقرير، معللا ذلك بأن أنواعا معينة من الملوثات والرواسب التي خلفها البناء منذ عقود صعبت عودة الحياة البحرية إلى سابق عهدها مجددا.
من ناحية أخرى، أعلنت الحكومة الأمريكية أنها ستسهم بـ 15 مليون دولار في برنامج جديد من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يهدف للحفاظ على النظام البيئي في ساحل البحر الأحمر، وقالت إنها تأمل أن يصل حجم البرنامج إلى 50 مليون دولار من خلال الشركات الخاصة والمتبرعين الآخرين. ويهدف البرنامج، الذي أطلق عليه اسم "مبادرة البحر الأحمر"، للحفاظ على الشعاب المرجانية "مع الترويج للسياحة البيئية ذات القيمة العالية ومنخفضة التأثير البيئي"، وسيعمل على جمع التمويلات من الجهات المانحة الأخرى وكذلك من القطاع الخاص للحفاظ على الشعاب المرجانية و"إنشاء آلية تمويل مختلط لدعم الشركات في الصمود أمام تغير المناخ، والحد من الانبعاثات، وخلق فرص العمل." ويمكنكم معرفة المزيد من خلال البيان الذي نشرته الحكومة الأمريكية حول التمويل أو المفاهيم التي تقوم عليها مبادرة البحر الأحمر (بي دي إف). ولا نعرف حتى الآن برامج أخرى أكبر أو أكثر طموحا من هذا البرنامج الذي يهدف ليس فقط للحفاظ على الطبيعة على ساحل البحر الأحمر، ولكن لضمان بقاء تلك المنطقة كنقطة جذب للمصريين والسياح لأجيال قادمة.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).