تغير المناخ يهدد صناعة العسل في مصر: يواجه إنتاج مصر من العسل، وهو غذاء متجذر بعمق في الثقافة المصرية منذ آلاف السنين، خطرا متزايدا. تعد مصر أحد المصدرين الرئيسيين لطرود النحل في العالم، لكنها تواجه حاليا تحديا وجوديا يتمثل في تغير المناخ والمشاكل الاقتصادية المتزايدة محليا، إضافة إلى تراجع حجم الإنتاج والتصدير، وفق ما قالته مصادر بصناعة العسل لإنتربرايز.
يلعب النحل دورا مهما في عملية الإنتاج الغذائي، إذ يعد حلقة وصل مباشرة بين النظم الإيكولوجية البرية ونظم الإنتاج الزراعي الحديث. ويلعب النحل دورا مهما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ذلك لأن تربيته توفر مصادر دخل للمجتمعات الفقيرة والريفية والسكان الأصليين، وفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).
تربية النحل توفر سبل العيش لآلاف الأسر في مصر: بلغت قيمة صادرات مصر من منتجات نحل العسل ومستلزمات الإنتاج 300 مليون دولار، وفق بيانات مركز المعلومات الصوتية والمرئية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي. تمتلك مصر مليوني خلية نحل بإجمالي إنتاج يصل إلى 30 ألف طن من العسل، وذلك من خلال 25 ألف أسرة تعمل في مجال تربية نحل العسل في البلاد، وفقا للبيانات.
لكن تغير المناخ يهدد الصناعة: أدى تغير المناخ إلى تباطؤ إنتاج العسل في السنوات الأخيرة، إضافة إلى تأخر موسم حصاد العسل الذي كان يبدأ عادة في مطلع أبريل ويستمر حتى أكتوبر، إلى وقت لاحق من العام، وفق ما قاله يونس محمود مالك شركة مناحل يونس لإنتربرايز. ويمتد موسم إنتاج العسل من النحل في الفترة من أبريل وحتى أكتوبر. "انخفض الإنتاج بمقدار النصف تقريبا هذا الموسم"، وفقا لمحمود، والذي أرجع ذلك جزئيا إلى موجات الطقس البارد غير المعتادة التي ضربت البلاد في الأشهر الأخيرة واستمرت حتى أبريل. "لو لم يخرج النحل لجمع الرحيق بسبب الطقس البارد أو الرياح القوية، فسيبدأ في استهلاك العسل الذي أنتجه بالفعل".
بدأت التغيرات المناخية في التأثير على قطاع تربية نحل العسل منذ أكثر من عام أو عامين، وفق ما قاله فتحي بحيري، رئيس اتحاد النحالين العرب لإنتربرايز. "لسنا معتادين في مصر على التقلبات المناخية المتطرفة التي نشهدها حاليا، ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة المفاجئ يؤثر على نشاط النحل، ما يؤدي إلى قلة الإنتاج وزيادة الأمراض". وفيما يتعلق بحجم التأثير، قال بحيري إن إنتاج العسل في مصر انخفض انخفاضا متوسطا منذ بدء موسم العام الجاري، موضحا أنه من الصعب تحديد النسبة التي انخفض بها الإنتاج مقارنة بالأعوام الماضية إلا بعد انتهاء الموسم.
دقت الفاو ناقوس الخطر بالفعل بشأن هذه الأزمة: حذرت الفاو من تراجع نشاط التلقيح في أنحاء عدة في العالم بسبب التحديات التي يواجهها النحل. وقال المدير العام للمنظمة شو دونيو في وقت سابق إن عدد النحل والملقحات والكثير من الحشرات الأخرى يتراجع بصورة كبيرة جراء الممارسات الزراعية غير المستدامة ومبيدات الآفات والآفات ومسببات الأمراض وتدمير الموائل وأزمة المناخ.
التغيرات المناخية أدت إلى انهيار النحل بالفعل، وفق ما قاله صاحب مناحل الحبيب بالبحيرة محمد حبيب لإنتربرايز. "الفصول تتغير، ودرجات الحرارة تتقلب على مدار اليوم وسرعة وتغير اتجاه الرياح أدت جميعها إلى انهيار النحل وتفشي أمراض من بينها مرض تعفن الحضنة"، حسبما أضاف حبيب. توقع حبيب أن ينخفض إنتاج خلية النحل، التي كانت تنتج عادة 15 كيلو جرام، إلى 6 كيلوجرامات. وتوقع وليد نشأت، المدير التنفيذي لشركة الرحيق للاستيراد والتصدير المتخصصة في صناعة العسل في تصريحاته لإنتربرايز موسم حصاد متوسطا هذا العام وفقا للمؤشرات الأولية.
موسم حصاد عسل الحمضيات "لا يبدو مبشرا" هذا العام، وفق ما قاله مدير قطاع الجودة بشركة إمتنان أحمد عبد المجيد لإنتربرايز، وعزا عبد المجيد ذلك إلى تغير المناخ، لكنه مع ذلك أوضح أنه لا يمكن الحكم الآن قبل انتهاء الموسم.
يعود جزء من المشكلة إلى قدرة النباتات على التكيف مع التغيرات المناخية. تؤثر التغيرات المناخية على الحالة الفسيولوجية للنباتات وبالتالي على عملية الإزهار التي هي مصدر البيئة الغذائية للنحل، ما يقلل من قوة الطوائف وتطورها وقد يؤدي إلى فقد أو موت في الطوائف، وفق دراسة حول تأثير تغير المناخ على نحل العسل.
لكن هناك عددا من المقترحات قصيرة المدى التي يمكن أن تخفف من وطأة تغير المناخ على نحل العسل: استنباط سلالات نباتية قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية من بين المقترحات التي ذكرها محمد فتح الله عبد الرحمن، رئيس قسم بحوث النحل بمعهد بحوث وقاية النباتات بمركز البحوث الزراعية الذي أعد الدراسة في حديثه لإنتربرايز. مكافحة الآفات والأعداء الحيوية وإجراء أبحاث التحسين الوراثي لنحل العسل للحصول على سلالات قادرة على مقاومة الأمراض سيكون مفيد أيضا، إلى جانب زيادة التنوع الحيوي للنباتات في الموسم الواحد وعودة نظام الدورة الزراعية التقليدية، كما يقول عبد الرحمن.
انخفاض الطلب وارتفاع تكاليف الإنتاج يعمقان المشكلة: يؤدي انخفاض الطلب وارتفاع تكاليف الإنتاج إلى زيادة الضغط على الصناعة، ما يصعب المهمة على النحالين لإيجاد السعر الذي يكافئ تكلفة إنتاج العسل. قال عبد المجيد: "منذ مطلع 2022 وارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، انخفض الطلب على عسل النحل عن مستويات المعدل الطبيعي بنحو 15 إلى 20%". ومن جانبه، قال نشأت إن "العسل المصري يتمتع بجودة وأسعار جيدة جدا، لكننا رصدنا (هذا العام) إقبالا كبيرا من مربي النحل لبيع الخلايا بسبب الخسائر التي تكبدوها".
كما تمثل أمراض النحل تحديا إضافيا، إذ أنها قد تتسبب في موت أجزاء كبيرة من خلايا النحل، ما يصعب الأمور أكثر على المنتجين. وشدد نشأت على أهمية دعم وزارة الزراعة لجهود مكافحة أمراض النحل وتوفير سبل مكافحة فعالة ومناسبة للسيطرة على الأمور.
كيف نخفف من أثر تغير المناخ على إنتاج العسل؟ إيجاد سلالات نحل أفضل وأكثر مقاومة للتغيرات المناخية كبداية. هناك حاجة أيضا لتحسين لتدريب وتأهيل النحالين على ممارسات تربية النحل الجيدة والحديثة وتوفير علاجات آمنة لنحل العسل، وفق بحيري، مؤكدا أهمية تأصيل سلالة النحل المصرية القديمة "Apis mellifera lamarckii" المقاومة للكثير من الأمراض، إلى جانب تحسين السلالات الأخرى الموجودة في مصر.
التوسع في الرقع الزراعية: التوسع في زراعة النباتات الرحيقية مثل أشجار السدر "النبق" أو الكافور سيساعد على ازدهار صناعة تربية النحل من جديد في مصر، وفق بحيري، مضيفا أن الحكومة يمكن أن تقدم دعما إضافيا من خلال إنشاء قاعدة بيانات رسمية لمربي النحل، وفتح أسواق تصديرية جديدة، وتقديم المزيد من حوافز التصدير للمنتجين المحليين. من جانبه، قال حبيب إنه يجري التنسيق حاليا مع وزارة الزراعة لجعل مجتمع تربية نحل أكثر مركزية.
بدأت الحكومة بالفعل العمل على توسيع الرقع الزراعية، إذ أطلقت مشروع المليون ونصف مليون فدان في عام 2015 الذي يهدف لزيادة الرقعة الزراعية في البلاد بنسبة 20% وذلك لتقليل الفجوة الغذائية وزيادة مساحة الأرض المأهولة بالسكان، إلى جانب مشروعات أخرى مثل مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي ومشروع توشكى الخير.
عسل المانجروف: يمكن أن تساعد أشجار المانجروف، التي تعد أحد السبل الأكثر إبداعا للحد من آثار تآكل السواحل في البلاد، في دعم صناعة العسل المتعثرة في المستقبل. خلق مشروع الحكومة لزراعة 500 فدان من أشجار المانجروف على سواحل البحر الأحمر في عام 2020 بيئة مرحبة بنحل العسل، حيث أقيم منحل لإنتاج العسل وسط أشجار المانجروف هناك. قال محمود عباس، المدرس بقسم وقاية النبات بجامعة جنوب الوادي والمشرف على المنحل لإنتربرايز إن "ميزة هذا النبات أنه يزهر في فترة حساسة جدا في حياة النحل تمتد من بعد ديسمبر إلى أبريل، وهي فترة مثالية لأن ليس بها مصادر رحيق (للنحل) بصورة عامة في مصر". ورغم أن العمل توقف مؤقتا هذا العام بسبب "عدم توفير أماكن بديلة للنحل في غير موسم نبات المانجروف وجائحة "كوفيد-19"، إلا أن العسل الناتج عن أزهار أشجار المانجروف عسل نادر لأنه لا يجري استخدام المبيدات الكيميائية أو الأسمدة في المنطقة هناك ولا يوجد أي عوامل تلوث، مقارنة بمصادر الرحيق الأخرى في البلاد، وقد يكون له إمكانات مستقبلية.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).