الصناعات كثيفة الانبعاثات في مصر قد تكون أول المتأثرين بضريبة الكربون الأوروبية: وافق الاتحاد الأوروبي في ديسمبر الماضي على فرض ضريبة كربون هي الأولى من نوعها على واردات الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم والأسمدة والكهرباء، كجزء من استراتيجية أوسع لإزالة الكربون للتكتل. ستؤثر الضريبة الجديدة على العديد من الصناعات المصرية التي تصدر بكثافة إلى الاتحاد الأوروبي إذا لم تعمل الشركات على إزالة الكربون من منتجاتها.
ما هي آلية تعديل حدود الكربون: جرى تصميم ما يسمى بـ "آلية تعديل حدود الكربون" لمنع الشركات الأوروبية من تحويل الإنتاج الصناعي عالي الانبعاثات خارج التكتل وتشجيع الشركات في الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على إزالة الكربون. بموجب الآلية، سيطلب من المستوردين بداية من عام 2026 شراء شهادات وفقا لانبعاثات الكربون المصاحبة، ما يؤدي بشكل فعال إلى فرض ضريبة على السلع عالية الانبعاثات من الدول غير الأوروبية مثل مصر.
هذا ليس كل شيء، سيجري ضم المزيد من المنتجات تدريجيا إلى الآلية بعد إطلاقها. سيتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا بشأن ما إذا كان سيجري تضمين البوليمرات والمواد الكيميائية العضوية في الآلية عند إطلاقها في عام 2026. بالإضافة إلى ذلك، يهدف الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030 إلى تضمين جميع السلع التي يغطيها نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد، والتي تشمل النفط الخام والمنتجات البترولية والمواد الكيميائية الأساسية غير العضوية والغازات الصناعية والمطاط الصناعي والمعادن غير الحديدية.
سيتسبب هذا ببعض الضرر: يعد الاتحاد الأوروبي شريكا تجاريا رئيسيا لمصر، وهو أكبر سوق خارجي لقطاع الأسمدة المحلي والصناعات المعدنية. في عام 2021، اتجهت 60% من صادرات الأسمدة المصرية عبر البحر المتوسط إلى دول الاتحاد الأوروبي، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، وتضاعفت الكميات وفقا للأرقام الصادرة عن المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية ثلاث مرات على أساس سنوي في الأشهر العشرة الأولى من عام 2022 على خلفية عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على روسيا. وبالمثل، ذهب ثلثا صادرات مصر من الألومنيوم وأكثر من 60% من صادراتها من الحديد والصلب إلى أوروبا العام الماضي.
الأثر المالي: قد تفقد الأسمدة والصناعات الكيماوية 4% من عائدات التصدير بسبب سياسات المناخ في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك آلية تعديل حدود الكربون، وفقا لتوقعات البنك الدولي (بي دي اف). وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يحدث الأمر ذاته مع عائدات نقل الكهرباء بين مصر وأوروبا في وقت لاحق من هذا العقد، إذ ستنخفض بنسبة 8.3% وستتكبد صادرات النفط خسارة قدرها 4.3%.
ما الذي يتعين على المصدرين القيام به؟
#1- الحصول على نظام للإبلاغ عن الانبعاثات. اعتبارا من الأول من أكتوبر 2023، ستتطلب المرحلة التجريبية لآلية تعديل حدود الكربون من المصدرين إخطار المستوردين بانبعاثات الكربون الخاصة بهم. سيتطلب ذلك من المنتجين الاستثمار في ضمان اعتماد بياناتهم الخاصة بانبعاثات الكربون من قبل استشاري مستقل وأن عملياتهم "ترقى إلى مستوى" تلك الشهادات، حسبما قال يوسف حسيني، رئيس فريق المواد الكيميائية ونائب رئيس قطاع البحوث في المجموعة المالية هيرميس، لإنتربرايز.
البعض يفعل ذلك بالفعل: تلتزم شركة إيفرجرو للأسمدة بسياسة الحكومة البيئية وسياسة الاستدامة، ولديها نظام إبلاغ مطبق يجري تنفيذه مع شركة الاستشارات البيئية إنفيرو ماكس، ومقرها الولايات المتحدة، حسبما قال الرئيس التنفيذي للمجموعة أحمد خليفة لانتربرايز. اعتبارا من العام الماضي، بدأت شركات مثل حديد عز وأبو قير للأسمدة تكشف بالفعل عن أدائها في المقاييس البيئية على أساس ربع سنوي، على الرغم من أن نظام الإبلاغ في مصر لا يتماشى بعد مع المعايير الأوروبية.
لكن متطلبات الإبلاغ غير واضحة: "لا تزال الكثير من التفاصيل حول التنفيذ فيما يتعلق بالإبلاغ عن الانبعاثات والتحقق منها غير واضحة، ونأمل ألا يشكل ذلك عبئا إداريا كبيرا على دول مثل مصر حيث لم تتطور مثل هذه الأنظمة بعد"، وفق ما صرح به أحمد الحوشي، الرئيس التنفيذي لشركة أو سي آي إن في وفيرتيجلوب، وهي مشروع مشترك بين أو سي أي وأدنوك – وتعد أكبر مصدر بحري لليوريا والأمونيا في العالم.
هناك حاجة إلى بعض اللوائح التنظيمية: "تطوير نظام على الصعيد الوطني للرصد والإبلاغ والتحقق، سيكون له دورا فعالا في رصد وتقييم النجاح في تقليل الأثر الكربوني للمنتجات المصرية"، حسبما قالت كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي نانسي لوزانو جارسيا لإنتربرايز. بينما قال الحوشي إن أنظمة الإبلاغ عن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مصر والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى أن تكون موحدة وتخضع "لنظام تقييم مناسب".
الشركات قد تستغرق وقتا لوضع الأمور في نصابها: "أتوقع أن تحتاج الشركات فترة 3-4 سنوات لبناء هذا النظام"، وفق ما قاله حسيني. يمنح ذلك الشركات حتى عام 2026 أو 2027 لإدخال النظام حيز التنفيذ.
2#- إزالة الكربون هي الحل: بينما تمثل مصر أقل من 1% من الانبعاثات العالمية، فإن كثافة الكربون في اقتصادها في عام 2019، شكلت 884 جراما من ثاني أكسيد الكربون لكل دولار، وكانت أعلى بنسبة 56% تقريبا (بي دي إف) عن المستويات العالمية، ما يجعل صناعاتها أكثر عرضة للتأثر بالضريبة الجديدة.
تمتلك صناعة الصلب كثافة كربون أقل من معظم الصناعات: قد لا تتأثر صناعة الصلب المصرية بالضريبة الجديدة بشكل كبير نظرا لأن المنتجين المحليين يعتمدون على الأفران الكهربائية بدلا من أفران الصهر الأكثر تلويثا المستخدمة في الدول الأخرى، وفق ما قالته مصادر في شركة حديد عز لإنتربرايز. وقالوا إن انبعاثات الشركة الحالية لكل طن من الفولاذ المنصهر تبلغ نحو 1.22 طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يقل بنسبة 35% من المتوسط العالمي للانبعاثات من الصلب في عام 2020.
تقوم شركات الأسمدة الخاصة بالفعل بدورها لتقليل محتوى الكربون في منتجاتها: بدأت شركة فيرتيجلوب مؤخرا في تشغيل مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاوات لتغذية منشآت الأمونيا الخضراء في مصر، ما سيساعد الشركة في الحصول على "نسبة كربون أقل بكثير" مقابل الحد الأقصى في المنطقة، حسبما قال الحوشي. تستخدم شركة إيفرجرو أيضا تدابير للحد من انبعاثات الكربون في مصانعها، بما في ذلك استخدام توربينات ثاني أكسيد الكربون التي تعيد تدوير بعض انبعاثات الكربون في عملية الإنتاج، للمساعدة في توليد الكهرباء وتشغيل المعدات الأخرى في المحطات، وفقا لخليفة.
إمكانات الطاقة المتجددة في مصر يجب أن تمنحها دفعة قوية: تمتلك البلاد إمكانات هائلة لمصادر الطاقة المتجددة، مع وجود الكثير من المشروعات قيد التنفيذ، كما قال الحسيني، في إشارة إلى المشروعات التي وقعنا مذكرات تفاهم بشأنها خلال COP27، والتي معا يمكن أن تضيف أكثر من 28 جيجاوات من الطاقة المتجددة إلى مزيج توليد الطاقة لدينا. وقال: "يمكن للشركات في مصر إنتاج منتجات نظيفة بكفاءة أكبر وتكلفة أقل من نظيراتها في البلدان الأخرى".
منتجات أنظف = أسعار أعلى: قال حسيني إنه عندما تدخل التعريفة حيز التنفيذ، فمن المرجح أن ترتفع أسعار المنتجات الأنظف لتضمين سعر التكلفة الإضافية. واتفق معه الحوشي، مشيرا إلى أن الضريبة ستمنح على الأرجح "علاوة إضافية للأمونيا الخضراء" التي ينتجونها في منشآتهم، على حد قوله.
"إزالة الكربون من ماذا؟" هذا هو السؤال الرئيسي: يتوقع البعض أن تستجيب الشركات لاتفاقية آلية تعديل حدود الكربون من خلال الحرص على الالتزام بتخضير الصادرات الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي فقط، بدلا من الشروع في إزالة الكربون كليا. "التأثير الوحيد الذي يمكن أن تحدثه آلية تعديل حدود الكربون هو تحول في الموارد حيث سيجري تحويل الطاقة النظيفة في الدول التي تعاني من نقص الموارد بالفعل إلى الإنتاج الموجه للتصدير، بينما تعتمد الصناعة التي تستهدف الاستهلاك المحلي والوصول إلى الطاقة على الوقود، حسبما قال كبير مستشاري دبلوماسية المناخ في مؤسسة المناخ الأفريقي على تويتر، مضيفا أن ذلك قد يؤدي إلى تأخير انتقال الطاقة في الدول النامية. اتفق حسيني على أنه في حالة عدم وجود ضريبة محلية على الكربون، من المرجح أن يدخر المنتجون المصريون منتجاتهم الأكثر تلويثا للسوق المحلية.
المساعدة متاحة: يعقد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية اجتماعات شهرية مع ممثلين عن قطاع الأسمدة للعمل على استراتيجية منخفضة الكربون للقطاع تأخذ الضريبة الجديد في الاعتبار، وفق ما قاله شريف الجبلي، رئيس مجلس إدارة غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، لإنتربرايز.
هناك حاجة لفعل المزيد: "ستحتاج الدول النامية إلى الدعم (المالي وبناء القدرات) لتحقيق تكافؤ الفرص أمام مليارات الدولارات من الحوافز التي نراها في أسواق أخرى مثل أمريكا الشمالية، حسبما قال الحوشي.
من المتوقع أن تنضم مصر إلى معارضي الضريبة: وجدت دراسة أجريت عام 2022 (بي دي اف) أن مصر يمكن أن تكون من بين الدول العشر التي يرجح أن تعارض الضريبة، بسبب "الحصة المرتفعة من الصادرات المعرضة لمعايير آلية تعديل حدود الكربون إلى الاتحاد الأوروبي إلى جانب كثافة الكربون العالية ومستويات منخفضة من الابتكار التكنولوجي، وفقا للدراسة. ذكرت صحيفة فايننشال تايمز مؤخرا أن العديد من الدول النامية التي لم يكشف عنها بدأت في التفاوض مع المفوضية الأوروبية لمزيد من المرونة، بما في ذلك التنازلات المحتملة، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد أكد حتى الآن أنه لن يجري تقديم أي إعفاءات.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).