greenEconomy
الثلاثاء, 25 مايو 2021

إلى أي مدى تساهم صناعات مواد البناء في تلوث البيئة؟

إلى أي مدى تساهم صناعات مواد البناء في تلوث البيئة؟ وما أكثرها ضررا؟ يعتبر البناء من العوامل الرئيسية المساهمة في تلوث الهواء. وكما نعلم، فإن مستويات التلوث في مصر مرتفعة بشكل خطير. يُظهر القرض الذي أقره البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار مؤخرا أن هناك حاجة إلى خطوات كبيرة (ومكلفة) لتحسين جودة الهواء. إن الحد من الآثار الضارة لإنتاج مواد البناء أمر ملح. لكن للقيام بذلك، نحتاج إلى فهم حجم المشكلة، وما هي المواد الأكثر ضررا.

على الصعيد العالمي، يمثل البناء نحو 40% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفقا لتقديرات شركة ديلويت، نقلا عن (بي دي إف) بيانات مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة لعام 2018.

تنتج مواد البناء نوعين من الانبعاثات – انبعاثات احتراق الوقود وانبعاثات العمليات الصناعية – تقاس بشكل منفصل. وتقاس انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية ضمن أربع فئات محددة: الطاقة، والعمليات الصناعية واستخدام المنتجات (IPPU)، والنفايات والزراعة، وتشجير الغابات واستخدامات الأراضي الأخرى (AFOLU)، باتباع إرشادات الأمم المتحدة. تندرج انبعاثات احتراق الوقود من مواد البناء تحت الطاقة، وانبعاثات العمليات الصناعية تحت العمليات الصناعية واستخدام المنتجات، كما يشير هذا الدليل الإرشادي (بي دي إف).

تُظهر أحدث الإحصائيات المتاحة في مصر أن الإنشاءات مسؤولة عن 23% على الأقل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد: بلغ إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لعام 2015 في مصر 325 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (Mt CO2e)، وفق تقرير وزارة البيئة لعام 2018 (بي دي إف). شكلت انبعاثات الطاقة 64.5% (ما يقرب من 210 ملايين طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) أما انبعاثات العمليات الصناعية واستخدام المنتجات فمسؤولة عن 12.5% (نحو 40 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) من إجمالي الانبعاثات. شكلت انبعاثات البناء والتصنيع 23% من انبعاثات الطاقة هذه (47 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون). وساهم إنتاج مواد البناء بنسبة 75% على الأقل (30 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) في انبعاثات عام 2015 من انبعاثات العمليات الصناعية واستخدام المنتجات في مصر. في المجمل، جاء ما لا يقل عن 23% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لعام 2015 (77 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) من البناء.

تقع مصر خارج قائمة أكبر 20 مسببا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم: أنتجت مصر 329 مليون طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من ثاني أكسيد الكربون في عام 2018، طبقا لقاعدة بيانات معهد الموارد العالمية. أنتجت إيطاليا – التي تحتل المرتبة 20 في قائمة "اتحاد العلماء المهتمين" لأثقل بواعث ثاني أكسيد الكربون في العالم – نحو 386 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في نفس العام، بحسب قاعدة بيانات معهد الموارد العالمية.

تشكل الانبعاثات القاتلة من ثاني أكسيد الكربون نحو 73% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مصر: ثاني أكسيد الكربون هو أكبر مساهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، ويعرف بأنه أخطر غازات الاحتباس الحراري. في عام 2015، بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر 237 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مما يعني أن ثاني أكسيد الكربون يمثل نحو 73% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

إذن ما هي المواد المضرة؟ على الصعيد العالمي، الخرسانة هي الجاني الأكبر. لكن الصلب والزجاج والطوب الأحمر والطلاء والمذيبات تلعب أيضا دورا كبيرا. الخرسانة – التي يشكل الأسمنت منها 10-15% من الخليط – مسؤولة عن نحو 4-8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم. فقط الفحم والنفط والغاز هي مصادر أكبر للانبعاثات. ينبعث ما يقدر بنحو 1.83 طن من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من الفولاذ المنتج. يُعد إنتاج الزجاج مصدرا رئيسيا للانبعاثات، بحسب دراسة أجريت في بيركلي (بي دي إف). يعتبر الطوب المصنوع من الطين (الأحمر) كثيف الاستخدام للطاقة أيضًا، وفقًا لدراسة مشتركة (بي دي إف) أجرتها الجامعة البريطانية في مصر والعديد من الجامعات الإسكندنافية. يعد الطلاء والمذيبات من المصادر الرئيسية للمركبات العضوية المتطايرة، والتي تتفاعل مع أكسجين الهواء لإنتاج الأوزون، وهو أكثر مكونات الضباب الدخاني سُمية.

مصر من أكبر المنتجين والمستهلكين لبعض هذه المواد بالغة الضرر: كانت مصر من بين أكبر 12 منتجا للأسمنت في الفترة من 2010 إلى 2020، إذ أنتجت ما يقدر بنحو 50 مليون طن من الأسمنت في عام 2020، وفق موقع ستاتيستا. وتعد مصر أكبر مستهلك للصلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، طبقا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2020 (بي دي إف). وقد أنتجت البلاد 7.3 مليون طن من الفولاذ في عام 2019، وجاءت مصر في المرتبة 23 في قائمة أكبر 50 دولة منتجة للصلب في العالم في تقرير عام 2020 (بي دي إف) الصادر عن الرابطة العالمية للصلب.

كانت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الأسمنت في مصر سيئة بالفعل في 2014-2015: شهدت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر من إنتاج الأسمنت وحده متوسط معدل نمو سنوي بلغ 6.85% بين عامي 1965 و2014، وفقا لشركة التكنولوجيا نويما. أظهر تقرير وزارة البيئة أن إنتاج الأسمنت كان مسؤولا عن ما يقرب من 8% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر خلال عام 2015.

مع وجود الفحم في المزيج، يمكننا أن نفترض أن الأمر أسوأ بكثير: في أبريل 2014، وافقت الحكومة على استخدام الفحم الثقيل الملوث في تصنيع الأسمنت، للتخفيف من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي ونقص الطاقة. بلغ مزيج الوقود لإنتاج الأسمنت في السابق 60% من الغاز الطبيعي و40% من زيت الوقود الثقيل، وفقا لتقرير صدر في عام 2016 بقيادة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (بي دي إف). ويضيف التقرير أن التحول إلى استخدام الفحم وفحم الكوك البترولي بنسبة 100% سيترتب عليه زيادة حصة صناعة الأسمنت من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية في مصر من 14-16%.

شكل الحديد والصلب 1% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر في عام 2015: من إجمالي 3.5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون المنبعث من صناعة المعادن في عام 2015، جاء 3.1 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من قطاع الحديد والصلب – نحو 1% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر.

نحن نقوم بعمل سيئ فيما يتعلق بتتبع مواد البناء الملوثة فقط: لا يوجد تقدير رسمي حالي لمواد البناء الأكثر تلويثا في مصر، كما صرحت مستشارة الاستدامة وعضو مجلس إدارة المجلس المصري للأبنية الخضراء، هدى أنور، لإنتربرايز. "لكننا نعلم من التجربة أن الأسمنت والحديد هما أكبر المساهمين"، كما تقول. تشير دراسة أجرتها الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا في عام 2016 (بي دي إف) إلى "نقص ملحوظ" في الدراسات المتخصصة لصناعة الأسمنت المصرية باستخدام تقييم دورة الحياة (LCA) – وهي تقنية تقيم الآثار البيئية لجميع مراحل المنتج.

قطاع البناء ينمو بسرعة: وصفت المجموعة المالية هيرميس قطاع الإنشاءات بأنه أحد "القطاعات الأكثر استقرارا" في مصر في تقريرها لعام 2021. تشير التقديرات إلى نمو تشييد المباني بنسبة 6.6% على أساس سنوي في الفترة من 2005 إلى 2030، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2018. نمت صناعة الأسمنت لدينا وحدها من 4 مصانع تنتج 4 ملايين طن من كلنكر الأسمنت سنويا في عام 1975 إلى 14 مصنعا تنتج نحو 38 مليون طن في عام 2016، وفقا لدراسة إي جاست.

في مصر، ما زال الوقت مبكرا عندما يتعلق الأمر بجعل مواد البناء صديقة للبيئة أكثر – لكن اللاعبين بدأوا في الانضمام: بدأت بعض شركات البناء التقليدية في دمج الأساليب الصديقة للبيئة في عملياتها. وسوف ننظر إلى ما يفعلونه في الجزء الثاني من هذه السلسلة.

فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:

  • التمويلات المتاحة للمشروعات المرتبطة بالوقود الأحفوري تنخفض: للمرة الأولى على الإطلاق، التمويلات البنكية لمشروعات الطاقة المتجددة قد تتجاوز هذا العام التمويلات المتاحة للمشروعات المرتبطة بالوقود الأحفوري.
  • صناديق الثروة السيادية تعزز استثماراتها في القطاعات المتعلقة بتغير المناخ: ضاعفت صناديق الثروة السيادية استثماراتها تقريبا في عام 2020، مع التركيز بشكل خاص على القطاعات المتعلقة بتغير المناخ مثل التكنولوجيا الزراعية وتشجير الغابات والطاقة المتجددة.
  • الاستثمار المسؤول والأخلاقي يتجه إلى الأسواق الناشئة: وجه المستثمرون المهتمون بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بوصلتهم نحو الاستثمار في الأسواق الناشئة، والتي عادة ما كانت بطيئة في استيعاب تلك المعايير.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).