الطلاب المصريون في جامعات أمريكا وبريطانيا أمام مصير مجهول بسبب "كوفيد-19". فهل يدفعهم هذا الأمر إلى البحث عن وجهات أخرى؟ واجه الطلاب المصريون الذين كانوا يدرسون في الجامعات الأمريكية والبريطانية العام الماضي ضغوطا كبيرة وتحملوا تكاليف إضافية وتعطلت مسيرتهم الأكاديمية جراء طريقة تعامل مؤسساتهم مع جائحة "كوفيد-19". ومن المحتمل أن يعيد التعلم المدمج الذي سيطبق هذا العام الحياة إلى طبيعتها بعض الشيء، إلا أن التقارير العالمية تشير إلى أنه من غير المرجح أن تتعافي الدراسة للطلاب الأجانب خلال الخمس السنوات المقبلة على الأقل. وقال طلاب مصريون استطلعت إنتربرايز آراءهم إنه ما زال لديهم رغبة في الحصول على درجات علمية من تلك الدول. إلا أنه ومع استمرار الإجراءات التي تهدف للحد من تداعيات "كوفيد-19"، يتوقع الخبراء أن يبدأ الطلاب الأجانب في التشكيك في القيمة التي يمكن أن تقدمها لهم الدراسة مرتفعة التكاليف في الولايات المتحدة وبريطانيا على المدى البعيد.
تسببت جائحة "كوفيد-19" في صعوبات أمام الجامعات والطلاب من أجل التكيف مع الوضع الحالي. تعين على الطلاب الأجانب مع بدء تفشي الوباء في مارس الماضي أن يقرروا في غضون وقت قصير ما إذا كانوا سيعودون إلى أوطانهم، وسط تكهنات بأن تتواصل عمليات الإغلاق في جميع أنحاء البلاد لأشهر. وتحولت معظم الجامعات إلى التعلم عبر الإنترنت على الفور، وسارع البعض منها إلى إغلاق أماكن إقامة الطلاب التابعة لها. وفي حين سيتمكن الطلاب الأجانب من المشاركة في التعلم المدمج وحضور الفصول الدراسية شخصيا في العام الدراسي المقبل، يخشى البعض الآخر من أنهم قد يفقدون أماكنهم بالجامعة بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم الدراسية.
قام الطلاب بترتيبات السفر والإقامة وسط موجة من الذعر بسبب "كوفيد-19": قالت إحدى الطالبات المصريات التي تعد رسالة الماجستير في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن إنها حجزت رحلتين جويتين كي تضمن نقل كافة أمتعتها عند عودتها إلى مصر في منتصف مارس الماضي، وأضافت أنها علمت بأنها ستخضع للحجر الصحي الإلزامي لمدة أسبوعين عند وصولها لمصر من خلال إعلان في مطار هيثرو قبل مغادرتها. وقالت طالبة أخرى تكمل درجة الماجستير في الفلسفة في جامعة كامبريدج إنها عادت إلى مصر لإجراء بعض البحث الميداني عندما أعلن عن تعليق الرحلات الجوية. وقالت إن كامبريدج لم تقدم تعليمات واضحة بشأن الإقامة، وفي حين تمكن بعض الطلاب من البقاء في كلياتهم، انتهى الأمر بالعديد من الطلاب الذين طُلب منهم العودة إلى بلادهم إلى البحث عن مسكن خاص.
لم يكن لدى جميع الطلاب القدرة على تحمل التكاليف الإضافية للعودة إلى بلادهم. وقالت الطالبة الأولى إن رحلة العودة كلفتها ما يزيد قليلا عن 6 آلاف جنيه. ومن الممكن أن تكلفة الحجر الصحي الإلزامي للعائدين من الخارج، والذي يتضمن البقاء في أحد الفنادق لمدة 14 يوما، تراوحت ما بين 15 و20 ألف جنيه. ولم تكن كل العائلات قادرة على تحمل هذه التكاليف.
يمكن أن يؤدي الافتقار إلى الأمن المالي إلى منع بعض الطلاب من إتمام مقرراتهم التعليمية. قال أحد الطلاب المصريين إن بعد قضائه عامين في دراسة مدتها 5 سنوات من أجل الحصول على درجة الماجستير في جامعة سيتي، كان من الممكن أن تفوته فرصة إكمال شهادته. وأضاف أنه لم يكن قادرا على دفع الرسوم الدراسية لهذا العام، والتي تبلغ 5 آلاف جنيه إسترليني سنويا، وذلك بعد أن فقد وظيفته ضمن موجة البطالة التي أعقبت تفشي وباء "كوفيد-19". وقال إن اتحاد الطلاب بالجامعة نصحه بالتقدم باستمارة تعطل الدراسة والتأجيل إلى العام المقبل إلى أن يجد وظيفة أخرى. وقال إن العملية كانت مليئة بالبيروقراطية وضعف التواصل.
يرى الكثيرون أن التحول إلى التعلم عبر الإنترنت يعد بديلا سيئا للحضور الفعلي. وقالت أمينة الشيخ إنها أكملت دراستها الجامعية في كلية إيمرسون عبر الإنترنت بعد أن اجتاح فيروس "كوفيد-19" الولايات المتحدة، وأضافت إن تجربتها الأكاديمية تغيرت من كونها قائمة على المناقشة والتفاعلية بشكل كبير إلى الشكل التقليدي. وقال أحد الطلاب بجامعة ساسكس إن الحصول على توضيحات من الأساتذة أو الشعور بضرورة إكمال المهام الدراسية يكون أكثر صعوبة عندما تعقد المحاضرات عبر الإنترنت. وقال أحد الطلاب في جامعة نوتنجهام إن على الرغم من الفائدة الكبير في بث المحاضرات، فإنه يفتقد الدروس التفاعلية، كما يجد المهام الكتابية أقل جاذبية. وواجه الطلاب الذين التحقوا بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن وبجامعة كامبريدج تحديات في إتمام أطروحاتهم في مصر، وأشارت إحداهن إلى أنها تفتقد إمكانية الوصول إلى الموارد الأكاديمية التي تتيحها المكتبة وبيئة العمل العامة.
شهدت التخصصات ذات الأولوية – مثل الطب – تسارعا في منح التأشيرات. وأعقب قرار مكتب الشؤون القنصلية الأمريكي في مارس الماضي قبول عدد 8.6 ألف طبيب مصري للسفر إلى الولايات المتحدة في مايو.
إلا أنه ما زالت هناك بعض قيود السفر المعمول بها في أنحاء عديدة من العالم، مما يؤثر على الجامعات في دول مثل اليابان وكندا.
تسبب التعامل السيئ من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا مع جائحة "كوفيد-19" إلى شعور العديد من الطلاب الأجانب بعدم الأمان وأنهم غير مرحب بهم. وقال العديد من الطلاب إن رد الفعل الأولي لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تجاه الأزمة جعلهم يشعرون بعدم الأمان وجعلهم يفكرون في العودة إلى مصر. وشعر العديد من الطلاب بعدم الأمان عقب القرار الذي اتخذته وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية في يوليو الماضي وسرعان ما تراجعت عنه، والذي نص على إمكانية إلغاء تأشيرات الطلاب الأجانب الذين تحولت مقرراتهم الدراسية إلى التعلم عبر الإنترنت.
من ناحية أخرى، قد يكون الطلاب المصريين المتواجدين في دول أخرى واجهوا قدرا أقل من الصعوبات. قال محمد بدري، الملحق الثقافي بالمكتب الثقافي المصري في أبو ظبي إن الطلاب المصريين المتواجدين في الإمارات – والذين تجاوز عددهم 5 آلاف في عام 2016 مقارنة بحوالي 3 آلاف في الولايات المتحدة وألفين في بريطانيا – ربما شعروا بالحماية إلى حد كبير لأن الغالبية منهم يقيمون مع أسرهم. وأضاف بدري إن مجموعة صغيرة من الطلاب بلغ عددهم حوالي 20 طلبوا مساعدتهم في العودة إلى مصر، في حين أن معظم الطلاب لم يواجهوا صعوبات كبيرة. وعلى العكس من الولايات المتحدة وبريطانيا، تطلب أمر مراقبة الحركة الصارم في ماليزيا قيام الطلاب الأجانب بالتسجيل لدى جامعتهم إذا اختاروا البقاء في البلاد، كما أمرت الحكومة الماليزية المؤسسات بإعطاء الأولوية لراحتهم. وكانت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقطر وماليزيا في صدارة الوجهات للطلاب المصريين في عام 2017، إذ بلغ عددهم في تلك الدول أكثر من 31 ألفا.
هل قلل هذا الأمر من شهية الطلاب المصريين تجاه التعليم في الولايات المتحدة أو بريطانيا؟ يمكننا القول أن هذا لم يحدث حتى الآن، إذ يرغب الطلاب في العودة إلى دولهم المضيفة، على أمل أن يتسبب نموذج التعلم المدمج، مع المزيد من الوقت في الإعداد من جانب الجامعات، في التخفيف من حدة التحديات التي واجهوها في السابق. وسجلت جامعة وارويك البريطانية زيادة بنسبة 17% في عدد طلبات الالتحاق من طلاب مصريين خلال هذا العام، وفقا لما قاله ممثل للجامعة. وتوقع محمد القلا، الرئيس التنفيذي لشركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية أن تحتفظ المؤسسات البريطانية والأمريكية بتميزها بالنسبة للطلاب المصريين، وذلك بسبب المعرفة اللغوية والثقافية، وقيمة التعليم باللغة الإنجليزية لسوق العمل في مصر.
فهل سيستمر هذا الاهتمام إذا استمرت الإجراءات الاحترازية التي تهدف لتخفيف حدة تداعيات فيروس "كوفيد-19"؟ لا نعتقد ذلك.
تتزايد المخاوف بصناعة التعليم العالمية بشأن انخفاض الطلب على الدراسة الدولية. وتوقع ما يقرب من الثلثين (64%) من إجمالي 200 من قادة الجامعات العالمية أن يؤدي فيروس "كوفيد-19" إلى تراجع اهتمام الطلاب بالدراسة في الخارج في الأعوام الخمسة المقبلة، وتوقع 76% منهم تلقي عدد أقل من طلبات التحاق الطلاب الأجانب خلال هذا العام الدراسي، بسبب تزايد المخاوف بشأن السفر للخارج وارتفاع تكاليف السفر، وفقا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة تايمز للجامعات.
الجامعات الأمريكية والبريطانية ستكون هي الأكثر تضررا، إذ تشير التوقعات إلى أنه يمكن أن تخسر الجامعات البريطانية 25% من دخلها السنوي جراء التراجع في عدد الطلاب الأجانب، فيما يمكن أن تسجل الجامعات في الولايات المتحدة تراجعا بنسبة 30% إلى 40% في عدد الطلاب الأجانب، أي خسارة حوالي 400 ألف طالب و15 مليار دولار. ويمكن أن تصل قيمة الرسوم الدراسية السنوية للطلاب الأجانب إلى 50 ألف دولار في الولايات المتحدة و10 آلاف جنيه إسترليني في بريطانيا، مما سيعني تحقيق إيرادات سنوية بقيمة 45 مليار دولار للولايات المتحدة من 1.1 مليون طالب أجنبي، و21 مليار جنيه إسترليني لبريطانيا من نصف مليون طالب.
يشكك بعض الطلاب الأجانب في القيمة التي يقدمها التعليم في الولايات المتحدة وبريطانيا بتكلفته المرتفعة. وعادة ما يجري تبرير ارتفاع تكلفة الالتحاق بالجامعات الأمريكية والبريطانية بجودة التدريس والتواصل وفرصة العيش في هذه الدول، وفقا لما قاله طلاب لنشرة لإنتربرايز. إلا أن العديد من الطلاب الأجانب، وأيضا العديد من الطلاب المصريين، يدرسون عبر الإنترنت إما كليا أو جزئيا خلال هذا العام الدراسي، مما يفقدهم العديد من مزايا الدراسة الدولية. ويقول البعض صراحة أن الدراسة عبر الإنترنت خلال هذا العام لا تستحق التكلفة العالية للرسوم الدراسية. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "وورلد إيديوكيشن سرفيسز" في يوليو الماضي على حوالي 600 طالب دولي محتمل أن 38% منهم فقط سيلتحقون بإحدى الجامعات الأمريكية في حال كانت الفصول الدراسية عبر الإنترنت فقط.
أما على الصعيد العالمي، يتساءل الخبراء عما إذا كانت جامعات الولايات المتحدة وبريطانيا ستفقد تفوقها. ويتوقع البعض أن تزداد جاذبية الجامعات الأوروبية في مرحلة ما بعد "كوفيد-19" وأن تظهر منطقة شرق آسيا كمركز إقليمي لحركة الطلاب الدوليين. وتوقع مسؤول بأحد الجامعات الهندية، ضمن استطلاع الرأي الذي أجراه موقع تي إتش إي أن يجري إعادة تقييم مدى أفضلية بعض الدول لدى الراغبين في إتمام التعليم العالي، وذلك في ظل المعاملة السيئة التي تعرض لها الطلاب الدوليين من جانب الوجهات الحالية الرئيسية.
وهل يمكن أن يؤدي هذا إلى دعم جهود مصر في أن تصبح مركزا للطلاب الأجانب والاحتفاظ بالمزيد من الطلاب المحليين؟ تهدف مصر لجذب المزيد من الطلاب الأجانب وتشجيع الطلاب المصريين الذين يتطلعون عادة إلى الدراسة بالخارج على البقاء داخل مصر، وذلك من خلال تطوير الجامعات الخاصة والحكومية وفق الأنظمة العالمية، وتعزيز جهود الإصلاح التي تقودها الدولة، فضلا عن إقامة شراكات مع كيانات خارجية. ويرى محمد عيد، مدير المكتب الدولي بالجامعة البريطانية في مصر، إنه في حين أنه ما زال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت تحويلات الطلاب من الجامعات الدولية قد زادت هذا العام الدراسي، إلا أنها فرصة للجامعة البريطانية في مصر أن تظهر قوتها التنافسية أمام المؤسسات الأجنبية.
فيما يلي أهم أخبار قطاع التعليم خلال أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).