هل استراتيجية إنشاء فروع للجامعات الأجنبية هي الحل لجذب الراغبين في الدراسة بالخارج؟ تتبنى الحكومة سياسة تدويل التعليم العالي عبر إنشاء فروع للجامعات الأجنبية في مصر لجذب الطلاب المصريين لاستكمال دراستهم بالداخل، وعدم الاتجاه للخارج، مع السعي لتحويل مصر إلى مركز تعليمي يستقطب الطلاب الأجانب. ويقول محمد الشناوي، مستشار وزير التعليم العالي لشؤون العلاقات الدولية "كنا نعاني من هجرة العقول، والآن نريد إبقاءها هنا". وتسعى الحكومة إلى تحقيق ذلك من خلال برنامج الفروع الدولية، وكذلك بإلزام الجامعات الجديدة والجامعات الحالية التي ترغب في إطلاق كليات جديدة بالشراكة الأكاديمية مع جامعات في الخارج.
وهذا يرفع جاذبية الجامعات المصرية في عيون الطلاب الذين يتطلعون للخارج؟ دعونا ننتظر ونرى، لكنها تعتبر بداية جيدة. يوجد أكثر من 34 ألف طالب مصري يدرسون بالخارج حاليا، وهو ما أشرنا إليه الأسبوع الماضي. وتعمل الحكومة على بناء جامعات أهلية وخاصة جديدة، كما تعمل على رفع تصنيف الجامعات الحالية، وجذب الجامعات الدولية لافتتاح فروع لها في مصر. ويبدو أن هذه هي الاستراتيجية الصحيحة لبناء القدرات وتلبية طموحات الطلاب، لا سيما مع الاستفادة من الموارد والمعرفة الدولية، حسبما يؤكد كل من تحدثنا إليهم. لكن يبقى التأكد مما إذا كان بإمكان الحكومة أن توازن بشكل فعال بين توفير الجودة المطلوبة وتحمل التكاليف، وبالذات مع فروع الجامعات الدولية، وذلك لضمان استدامتها المالية.
هذه الاستراتيجية تستهدف الطلاب الذين يستهدفون من السفر إلى الخارج الحصول على تعليم بجودة أفضل، وليس من يتحايلون على المتطلبات الأكاديمية في مصر. وتشكل الفئة الأولى 20-25% فقط من بين الـ 34 ألف طالب، بحسب تقديرات رئيس جامعة المستقبل عبادة سرحان، أما الغالبية فيغادرون سعيا وراء التخصصات أو المؤهلات التي لا يسمح لهم بدراستها في مصر بسبب نظام التنسيق، الذي يحدد أين وماذا يمكن للطالب أن يدرس بناء على درجاته. وتستهدف وزارة التعليم العالي الفئة الأولى فقط لأن هدفها العام هو تحسين جودة التعليم، بحسب المتحدث باسم الوزارة حسام عبد الغفار.
للشراكات الأكاديمية مع الجامعات الأجنبية مزايا، منها زيادة القدرة المعرفية والاحتكاك بالخبرات الأجنبية: تُلزم اللوائح كل من يرغب في الحصول على تراخيص لتأسيس جامعات في مصر، وكذلك أي كليات أو أقسام جديدة ترغب أي جامعة خاصة قائمة بالفعل في إنشائها، بإبرام شراكات أكاديمية مع جامعات أجنبية. ويؤمن سرحان بأن هذا سيعطي الجامعات المصرية فرصة لتحسين قدراتها المعرفية ودعم سمعتها في الخارج. وأبرمت جامعة بدر اتفاقيات مع عدة جامعات دولية، تخضع جميعها للمراجعة بشكل سنوي لتقييم فعاليتها، بحسب رئيس الجامعة مصطفى كامل. وبالفعل أوقفت الجامعة بعض الاتفاقيات بناء على المراجعة السنوية، لكن الغالبية العظمى منها تستمر وتثري تجربة الطلاب، كما يقول.
برنامج إنشاء فروع للجامعات الدولية هو أبرز جوانب عملية إصلاح التعليم العالي، حسبما يرى كثير ممن تحدثنا معهم. ويتيح البرنامج للجامعات الدولية إنشاء فرع لها في مصر بعدة طرق، منها بناء جامعة خاصة بها مثل الجامعة الألمانية الدولية للعلوم التطبيقية، أو الشراكة مع مركز تعليمي مصري يستضيف فروعا جامعية مختلفة مثل مركز المعرفة، أو السماح للأجانب بتملك المدارس والاستقلال الأكاديمي بنسبة 100%. ويقول الشناوي إن الحكومة تخوض محادثات مع جامعات دولية أخرى لفتح فروع لها في مصر، دون أن يكشف عن أسماء تلك الجامعات.
كل من تحدثنا معهم أكدوا ضرورية هذه الجامعات لإبقاء الطلاب في مصر: كل عام، هناك ما بين 40 إلى 50 ألف طالب يسعون للدراسة في جامعات أفضل، وفقا لتقديرات أحمد طلبة المدير الأكاديمي المشارك للإدارة الاستراتيجية لشؤون الالتحاق في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. لذا فإن هذه الفروع الدولية ستعالج الطلب المتزايد على الجامعات هنا، كما يقول محمد القلا رئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية (سيرا).
يتمتع مركز المعرفة بإمكانات حقيقية تؤهله ليكون جسرا يربط بين الطلاب المصريين الباحثين عن الدراسة بالخارج وبين الجامعات الدولية، كما يوضح مدير المدرسة الأمريكية الدولية كابونو سيوتي، مضيفا "أعتقد أنه قد يكون خطوة جيدة لطلاب المدرسة الأمريكية، لو اعتبرناه مرحلة تدوم عامين قبل أن ينتقل الطلاب إلى الخارج للدراسة لمدة عامين آخرين. وأعتقد أنها ستكون خطة ناجحة كذلك بالنسبة لطلاب الكلية الأمريكية بالقاهرة، ومدرسة شوتز الأمريكية، والمدرسة الإنجليزية الحديثة، ونارمر الأمريكية، والمدرسة الدولية البريطانية، ومدرسة القاهرة الجديدة البريطانية الدولية".
ولا يزال الطريق طويلا قبل أن تمنح الفروع للطلاب التجربة الجامعية الكاملة التي يتطلعون إليها، حسبما يرى كريم روجرز، المدير التنفيذي بمدرسة الألسن. ويوضح روجرز "أنا لا أسعى فقط ليتلقى طلابي التعليم، ولكنني أسعى أيضا أن يجربوا أسلوب الحياة الذي تمنحه الحياة في الخارج". ويشمل ذلك إمكانية تجربة طرق تعليمية متنوعة والتفاعل مع أعضاء التدريس في الجامعات وتجارب ثقافية جديدة.
ومن أجل المنافسة، على مركز المعرفة أن يخلق بيئة جامعية متكاملة تربط بين التعليم والعمل والأنشطة الاجتماعية. ويرى القلا ذلك من خلال توفير برامج تدريب بالشركات للطلاب إلى جانب أماكن للسكن ومنشآت ترفيهية وأماكن للتفاعل الاجتماعي، مشيرا إلى أن دبي وإسبانيا وكوريا الجنوبية جميعها نجحت في تحقيق ذلك. ويضيف أنه من أجل خلق تلك البيئة الجامعية يجب أن يتحقق التعاون وتتوفر استثمارات من القطاع الخاص، لتصبح تلك الخطة جزءا من أي استثمار في إنشاء جامعة جديدة، وأن تخصص لها الموارد اللازمة لأنها "لن تتحقق عبر الجامعات وحدها".
الاستثمار في إنشاء فروع للجامعات في مصر مكلف للغاية، وقد يواجه صعوبات في الوصول إلى الاستقرار المالي. تبلغ المصروفات الدراسية في فرع جامعة كوفنتري التابع لمركز المعرفة ما يوازي 85-90% من مصروفات الجامعة الأمريكية في القاهرة، طبقا لطلبة. ويعد ذلك أعلى بنسبة كبيرة من مصروفات الجامعة الألمانية في القاهرة والتي تبلغ 50-60% من مصروفات الجامعة الأمريكية، وغالبية الجامعات الخاصة الأخرى، والتي تتراوح مصروفاتها ما بين 40-50% من مصروفات الجامعة الأمريكية. ويوضح طلبة "نفقات فروع الجامعات مرتفعة، فشراء الحقوق وإدارة الجودة يرفعان من مصاريف الدراسة"، مشيرا إلى أن المستثمر ينفق المليارات من أجل شراء الأرض وإنشاء المباني والحصول على الحقوق وإدارة الجودة ومصاريف الانتقالات وأشياء أخري، ومع ارتفاع التكلفة يضطر إلى رفع الأسعار أو تقليل النفقات. ويضيف طلبة أن دون وجود النموذج المالي الناجح، ستتأثر الجودة، أو لن تكون هناك استدامة للمشروع.
ويتساءل البعض عما إذا كان البرنامج يستطيع أن يجذب كبرى الجامعات العالمية مثل هارفارد وكلية لندن للاقتصاد. ويقول طلبة إن فروع الجامعات العالمية في دول الخليج العربي تعد مشروعات تجارية، لأن إنشاء مشروع تعليمي تحت اسم تجاري عالمي، ولو كان مدرسة ابتدائية، هو دافع لفرض مصروفات دراسية عالية مع استغلال اسم وسمعة المؤسسة التعليمية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بحسب روجرز. ولا يعتقد أي من روجرز أو طلبة أن كبرى الجامعات العالمية ستستجيب للاتجاه لإنشاء فروع لها لأنها تسعى للحفاظ على سمعتها في الجودة. وتتفق عدة مصادر على أن مركز المعرفة لديه اتفاقيات مع جامعات جيدة ولكنها ليست الأشهر ولا تتصدر الترتيبات الدولية.
لكن آخرين يرون أنه من الممكن أن تستقطب جامعات عالمية كبرى لتأسيس فروع لها بمصر، شريطة أن تحظى بحرية كاملة في تحديد معايير القبول ومصروفات والدراسة. ويوضح ماسيمو لاتيرزا، المدير المساعد في مدرسة شوتز الأمريكية، أنه يجب إعطاء الأولوية لتحقيق الكفاءة التعليمية، داعيا أن تترك معايير القبول وتحديد مصاريف الدراسة ومعايير تعيين الأساتذة للجامعات، كما هو الحال في الفروع، وذلك للحفاظ على مصداقيتها وجذب الطلاب. ويضيف أن مبادرة إنشاء فروع للجامعات "خطوة إيجابية من قبل الحكومة" ولكن ستشكل أي خطوة لتحديد نسبة للأساتذة المصريين في التعيينات أو سقف للمصروفات الدراسية أو التدخل في معايير القبول تقليلا للمصداقية الأكاديمية لتلك الفروع.
وبالتأكيد تعد خطوات الحكومة إيجابية للغاية لتوسعة السوق وتلبية الطلب وتحسين إمكانية الوصول، حسبما اتفقت جميع المصادر. ويقول روجرز إن "جلب الجامعات الدولية، بغض النظر عن ترتيبها، ومنحها الرخصة للعمل هو شيء عظيم". وسيستغرق الأمر وقتا لنقل الخبرات الدولية لمصر، وفقا لسرحان، الذي يؤكد على أهمية التعاون الدولي في هذا الإطار عند البداية.
ولا يمكن قياس التأثير بشكل فوري، فأي انخفاض لعدد الطلاب الدارسين بالخارج سيظهر خلال 3 سنوات، وفقا لكامل، فيما يرجح روجرز أن يظهر التأثير بعد 5 سنوات.
فيما يلي أهم أخبار قطاع التعليم خلال أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).