مساء الخير قراءنا الأعزاء. هل تذكرون كيف توقعنا هذا الصباح أن يكون يوما بطيئا من الناحية الإخبارية مع اتجاهنا لنهاية الأسبوع؟ حسنا، لم يكن توقعنا صائبا لأنه..
يوم التعويم واتفاق صندوق النقد –
أعلن البنك المركزي المصري صباح اليوم انتقاله إلى "نظام سعر صرف مرن"، مستهدفا أن يعكس السعر قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب. كما رفع البنك أسعار الفائدة، وأكد الإلغاء التدريجي للتعامل بالاعتمادات المستندية في عمليات الاستيراد بنهاية العام. يمكنكم الاطلاع على البيان باللغتين العربية (بي دي إف)، والإنجليزية (بي دي إف).
تجاوزت التداولات الدولارية في الإنتربنك اليوم 10 أضعاف المتوسط اليومي خلال الشهرين الماضيين، وهو مؤشر قوي على أن سعر صرف الدولار المتوازن يتراوح بين 22.5 و23.5 جنيه.
وبعد ساعات، جرى الإعلان عن التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، حسبما صرحت رئيسة بعثة الصندوق لمصر إيفانا هولر في مؤتمر صحفي، إلى جانب رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي ومحافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله ووزير المالية محمد معيط ووزيرة التخطيط هالة السعيد. ويعد هذا القرض هو الحزمة الرابعة لمصر من صندوق النقد الدولي خلال ستة أعوام.
أهم ما تضمنه بيان المركزي هو سعر الصرف المرن "بشكل دائم"، والتي نعتقد أنها رسالة إلى صندوق النقد الدولي مفادها أننا لا ننوي التراجع. ويعد هذا ردا على مسؤولي صندوق النقد الدولي، الذين أشاروا إلى علمهم بإعادة التحكم في سعر صرف الجنيه بعد تعويم 2016 (ومجددا بعد السماح له بالتحرك أمام الدولار في مارس)، وأن ذلك لم يكن كافيا.
أولويات المركزي:
- تحقيق استقرار الأسعار لا يزال المهمة الأساسية للبنك، رغم تقبل فكرة ارتفاع التضخم إلى مستوى أعلى بكثير من نطاق 7% (± 2%) المستهدف في الربع الرابع من عام 2022.
- سيعمل البنك على تكوين والحفاظ على "مستويات مستدامة وكافية" من الاحتياطيات الدولية. وعاد عبد الله لاحقا ليؤكد أن الفكرة هي مضاعفة احتياطيات النقد الأجنبي خلال 4 سنوات. ولم تتغير الاحتياطيات المصرية كثيرا في سبتمبر عن الشهر السابق، إذ وصلت 33.2 مليار دولار.
البورصة ترحب بالقرارات: أثرت تحركات البنك المركزي واتفاقية صندوق النقد الدولي بالإيجاب على مؤشر EGX30، الذي أغلق اليوم مرتفعا بنسبة 4.9%.
ما الذي حدث اليوم؟
استمر تراجع الجنيه ليسجل الدولار 23 جنيها، بعد أن أغلق أمس عند 19.75 أمام العملة الخضراء، بانخفاض قدره 16.5% تقريبا حتى الآن.
وبالتزامن، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماع استثنائي صباح اليوم الخميس رفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، مع رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي لتصبح 13.25% و14.25% و13.75% على الترتيب.
أكبر ثلاثة بنوك حكومية تطرح شهادات ادخار بعائد 17.25%: أعلن كل من بنك مصر (بي دي إف) والبنك الأهلي المصري وبنك القاهرة اليوم طرح شهادات ادخار لمدة ثلاث سنوات بعوائد 17.25%، إلى جانب شهادات ادخار أخرى ذات عائد متغير، وذلك بعد قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة. وسبق أن جمع بنكا الأهلي ومصر نحو 750 مليار جنيه من طرح شهادات إيداع بعائد 18% في مارس الماضي، ولكن لعام واحد فقط، وهو ما قد يشير إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة هذه المرة ستستمر لفترة أطول.
السندات المصرية المقومة بالدولار ارتفعت لتتفوق على أداء معظم أقرانها في الأسواق الناشئة عند الإعلان، قبل أن تتراجع في وقت لاحق من اليوم، حسبما ذكرت وكالة بلومبرج ظهرا. وأشارت الوكالة إلى وجود تفاؤل بأن اتفاقية صندوق النقد الدولي ستهدئ أي مخاوف بشأن التخلف عن السداد. وقفزت السندات المستحقة في 2032 بنسبة 5.1% في بداية اليوم، ثم تراجعت إلى 4.8% ظهرا، وهو ما عزته بلومبرج إلى حجم اتفاقية الصندوق التي تمثل الحد الأدنى من توقعات المستثمرين. وذكر التقرير أنه حتى بعد زيادة سعر الفائدة اليوم، لا يزال سعر الفائدة الحقيقي في مصر أقل من الصفر، عند -1.75%.
أخبار مهمة للمستوردين: قرر المركزي بدء الإلغاء "التدريجي" للتعامل بالاعتمادات المستندية التي فرضتها الإدارة السابقة للبنك في فبراير الماضي، والتي تقضي بتمويل جميع عمليات الاستيراد بالاعتمادات المستندية بدلا من مستندات التحصيل. ومن المنتظر أن يكتمل الإلغاء بنهاية العام الجاري، حسبما ذكر عبد الله في تصريحات اليوم (شاهد: 11:27 دقيقة).
ما الذي سيحدث فورا؟ استثناء المزيد من الشحنات: رفع البنك المركزي المصري سقف الإعفاء من العمل بالاعتمادات المستندية للواردات إلى 500 ألف دولار، وفق خطابه للبنوك اليوم (بي دي إف)، وهو تعديل ضخم مقارنة بالحد السابق البالغ 5 آلاف دولار.
وأيضا – الدولار الجمركي قد يعود غدا ولمدة شهر واحد على الأقل، وفق ما قاله مسؤول حكومي رفيع المستوى لإنتربرايز. وبصرف النظر عن السعر الذي سيستقر عنده الجنيه أمام الدولار، ستعتمد الحكومة سعرا ثابتا لحساب الجمارك والرسوم للواردات للأسابيع الأربعة المقبلة.
عمليات صرف آجلة، ومبادلة أسعار الصرف، وعمليات صرف آجلة غير قابلة للتسليم: عدل البنك المركزي بعض تعليماته للسماح للبنوك بتنفيذ عمليات صرف آجلة وعمليات مبادلة أسعار الصرف وعمليات صرف آجلة غير قابلة للتسليم، وكل هذا للشركات والبنوك المحلية فقط، بحسب خطاب منفصل (بي دي إف). واشترط الخطاب استخدام عمليات الصرف الآجلة ومبادلة أسعار الصرف لتغطية الاعتمادات المستندية ومستندات التحصيل وتسهيلات الموردين وتحويلات أرباح المساهمين الأجانب للخارج وعائدات تصدير السلع والخدمات. لمزيد من المعلومات نوصيكم بالرجوع إلى شرح إنتربرايز للعقود الآجلة، وهي نوع من المشتقات المالية.
لماذا يعد الجزء الأخير مهما؟ تسمح هذه الأدوات للبنوك والشركات ببدء التصرف مثل مؤسسات الأسواق المتقدمة، وتمنحها الفرصة لإدارة جزء كبير من مخاطر العملات الأجنبية بشكل أفضل.
ثم جاء صندوق النقد –
مستهدفات الحزمة التمويلية: يستهدف إتفاق إطار تسهيل الصندوق الممدد البالغة مدته 46 شهرا "دعم ميزان المدفوعات في مصر والموازنة العامة، وتحفيز فرص التمويل الإضافي من الشركاء الدوليين والإقليمين لمصر، للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ومعالجة الاضطرابات في الاقتصاد الكلي وآثار الحرب في أوكرانيا، وحماية سبل المعيشة، ودفع جهود الإصلاح الهيكلي والحوكمة العميقة للأمام لتحفيز نمو يقوده القطاع الخاص وخلق فرص عمل"، حسبما قال صندوق النقد في بيان.
ما الفرق بين هذا الاتفاق والاتفاقات السابقة؟ الأمر الواضح أن هذه الحزمة أصغر مقارنة بالاتفاقات السابقة. في 2016، حصلت مصر على 12 مليار دولار من خلال اتفاق تسهيل الصندوق الممدد لمدة ثلاث سنوات. وفي 2020، عقب تفشي جائحة "كوفيد-19"، حصلت مصر على ما مجموعه 8 مليارات دولار، مقسمة ما بين 2.8 مليار دولار من التمويلات الطارئة و5.2 مليار دولار من خلال اتفاق الاستعداد الائتماني، لمواجهة الآثار الاقتصادية التي فرضتها الجائحة.
لكنه أكثر مما حصلت عليه تونس: حصلت تونس على 1.9 مليار دولار ضمن اتفاق تسهيل الصندوق الممدد لمدة 48 شهرا في وقت سابق من هذا الشهر. ووصل عدد الدول التي طلبت المساعدة من صندوق النقد الدولي إلى نحو 30 دولة في الأشهر الأخيرة، حسبما ذكرنا الأسبوع الماضي.
إجمالي الحزمة يصل إلى 9 مليارات دولار
إضافة إلى الاتفاقية البالغة 3 مليارات دولار، من المتوقع أن تحصل مصر على مبلغ مليار دولار من صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي، إلى جانب 5 مليارات دولار أخرى من مجموعة غير محددة من "شركاء التنمية" ومؤسسات دولية أخرى، حسبما قال رئيس مجلس الوزراء خلال المؤتمر الصحفي. وكان صندوق النقد الدولي قد أسس صندوق المرونة والاستدامة خلال العام الجاري لمساعدة "الدول منخفضة الدخل، والدول متوسطة الدخل المعرضة للأخطار، لبناء قدرتها على الصمود أمام الصدمات الخارجية وضمان النمو المستدام، والإسهام في استقرار ميزان مدفوعاتها على المدى الطويل".
الأهم من حجم القرض هو شروط التمويل: تزامن اتفاق 2016 مع إطلاق برنامج إصلاح اقتصادي طويل المدى تضمن تحرير سعر الصرف وتعديلات في السياسة النقدية تهدف لاحتواء التضخم والحفاظ على استدامة الديون من خلال دعم ميزان المدفوعات والموازنة، كما تضمن الاتفاق وضع خطة لتنفيذ إصلاحات هيكلية من شأنها تعزيز نمو أكثر شمولية وفتح سوق العمل أمام مشاركة أكبر من النساء والشباب.
أما الاتفاق الجديد، فالهدف الرئيسي منه هو إصلاحات السياسة المالية: ستنفذ الحكومة "إصلاحات مالية واسعة النطاق" ترتكز على استراتيجية إيرادات متوسطة الأجل بهدف "تحسين كفاءة وتقدم النظام الضريبي"، وفقا لبيان صندوق النقد. يتضمن البرنامج أيضا إجراء "إصلاحات هيكلية مالية واسعة النطاق، تهدف أيضا إلى تعميق تحسين هيكل الموازنة وتعزيز الحوكمة والمساءلة والشفافية ودعم أهداف التخفيف من آثار تغير المناخ".
وإلى جوار الإصلاحات الهيكلية لزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، سينفذ البرنامج الجديد "سياسات لإطلاق العنان لنمو القطاع الخاص، بما في ذلك العمل على تقليص دور الدولة في الاقتصاد واعتماد إطار تنافسي أكثر قوة وتعزيز الشفافية وضمان تحسين تسهيلات التجارة".
الأمر واضح: نحتاج بشدة إلى حزمة صندوق النقد في هذه المرحلة، إلا أن الأمر يتعلق باستمرار الدفع باتجاه الإصلاحات الاقتصادية أكثر مما يتعلق بمنح حسن عبد الله المزيد من السيولة لكبح قفزة الدولار أو سداد المديونيات. لدينا عادة مؤسفة تتمثل في الانتظار حتى اللحظات الأخيرة لاتخاذ قرارات صعبة، ثم نتنفس الصعداء ونواصل العمل وكأن شيئا لم يحدث.
يحتاج صانعو السياسات إلى الاستمرار في بناء اقتصاد مصري جديد ببرنامج يركز على تأسيس صناعات تصديرية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر بأرقام كبيرة. نشرنا الأسبوع الماضي وصفة من خمس خطوات، ونتطلع لمناقشتها أكثر مع العديد منكم خلال الأسابيع المقبلة.
ماذا بعد؟ تنتظر حزمة التمويل الموافقة النهائية من المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، والذي من المقرر أن يجتمع لمناقشة الاتفاق على مستوى الخبراء في ديسمبر، وفقا للبيان.
كيف نفهم ما يحدث؟
تحدثنا في إنتربرايز مع أربعة من أبرز القيادات في القطاع المصرفي المصري، والإجابة كانت واحدة بالإجماع: تكرار لما حدث في 2016 (وهو أمر جيد في الواقع). تحركات البنك ومحافظه حسن عبد الله هذا الصباح كانت حادة، لكنها بالضبط ما تحتاج إليه السوق.
نحتاج إلى الوصول لسعر صرف متوازن، بما يعيد السيولة ويسمح للاقتصاد بالبدء في التحرك مرة أخرى. نعم، سيؤدي ذلك إلى استيراد تضخم إضافي لفترة من الوقت، حسبما اتفق ثلاثة من الأربعة مصرفيين، لكن هذا أمر لا مفر منه، والشيء الوحيد الذي سيوازن ذلك على المدى الطويل هو زيادة الصادرات.
التحرك لهذا الهدف، حتى قبل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يبعث رسالة إلى المستثمرين والشركات بأننا جادون هذه المرة. كما نذكر أدناه، يترقب الكثير من المستثمرين الاستراتيجيين ومستثمري البورصة وأدوات الدين وشركات الاستثمار المباشر، تطورات الموقف منذ شهور. لن يشتري أي مستثمر شيئا لا يستطيع تسعيره، ولا توجد طريقة لمعرفة السعر الحقيقي للاستثمار في مصر عندما يكون لديك تهديد بتخفيض للعملة لا تعرف مداه. قرار تحرير سعر الصرف اليوم سيشجع المستثمرين من جميع الفئات على التفكير في المضي قدما في خطط للدخول للسوق المصرية.
ولكن: 1- حسن عبد الله قام بدوره: تحرك عبد الله اليوم كان جريئا، والخطوة الأصعب انتهت. اتخذ محافظ البنك المركزي هذه الخطوة الأولى الحاسمة لبدء استعادة السيولة في سوق العملات الأجنبية بطريقة منظمة، وفعل ذلك دون السماح للسوق السوداء بالعودة. علاوة على ذلك، فهو يقدم آليات جديدة تسمح لكل من البنوك والشركات بإدارة مخاطر العملات الأجنبية، في بارقة أمل للمستوردين. يمتلك عبد الله الخبرة الكافية من تجربته السابقة في المساعدة على إنشاء نظام تداول العملات بين البنوك (الإنتربنك).
… والآن الدور على مجلس الوزراء: لم ينته دور البنك المركزي بعد، لكنه أنهى تلك الخطوة الأولى الحاسمة. على الناحية الأخرى، مجلس الوزراء بالكاد بدأ في التحرك. بعد أن عمل مع البنك المركزي للحصول على تمويل صندوق النقد الدولي، تحتاج الحكومة إلى أن تبني برنامج الإصلاح الذي سيتضمنه قرض صندوق النقد. بداية من إنهاء مزاحمة القطاع الخاص إلى تسهيل القيام بالأعمال التجارية، أمام مجلس الوزراء شوط طويل قبل الوصول لهدفه، وقليل من الوقت لإنجاز كل ذلك. كما أشرنا في وصفتنا المكونة من خمس خطوات لبناء اقتصاد مصري جديد قائم على الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر: لدينا فرصة ذهبية والكثير من المنافسة من الدول التي تتحرك أسرع بكثير منا.
ولكن: 2- ما زال علينا التعامل مع رفع سعر الفائدة. تفاصيل أكثر أدناه.
الكثير من الأسئلة الملحة –
نعتقد أن هناك مجموعة من التساؤلات الكبرى المهمة (والملحة كذلك)، رغم أنه من الواضح أن هناك المزيد من الأسئلة التي سنطرحها على أنفسنا خلال الأيام المقبلة.
1– السؤال الأكثر إلحاحا: ما هو سعر التوازن؟ كما هو الحال في 2016، هناك سعر كل من البائعين والمشترين مستعدون للتعامل به. وفي حالة السعر المتدني للغاية، لن يقبل البائعين بالتخلي عن حيازاتهم بالدولار وبالعملات الأجنبية الأخرى. وإذا كان البائعون يطمعون في سعر مبالغ فيه، لن يشتري أحد الدولار الذي يطرحه البنك المركزي المصري في مزاده. وتبحث البنوك وإدارات الخزينة بالشركات عن مؤشرات لسعر سيستقر عنده الجنيه أمام الدولار ويلتقي عنده البائعون والمشترون.
2– ما هو حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الذي ينتظر ما سيسفر عنه قرار تعويم الجنيه؟ لا يستطيع المستثمرون شراء ما لا يمكنهم تسعيره، ونعلم أن هناك ست صفقات قيمتها تزيد عن ما مجموعه 1.5 مليار دولار جاهزة للتنفيذ، ولكن لن يبدأ المستثمر الأجنبي في الضخ قبل أن تتضح الرؤية بشأن القيمة التي سيستقر عندها الجنيه أمام الدولار (بالتالي وقيمة استثماراتهم). المستثمرون المعنيون هنا هم مجموعة متنوعة من المؤسسات الأوروبية والخليجية.
3– هل يفتح التعويم بابا أمام المزيد من الاستثمارات الخليجية؟ هناك شعور عام لدى حلفاء مصر من دول مجلس التعاون الخليجي أننا بحاجة إلى كثير من العمل للالتزام بالمضي قدما في الإصلاحات الهيكلية. وإلى جانب الاستثمارات المحددة مسبقا، من المحتمل أن يكون هناك دعم مالي من الإمارات والسعودية قد تحصل عليه مصر بعد التوصل إلى اتفاق صندوق النقد، كما أشار الصندوق نفسه إلى ذلك أعلاه.
4- ما هي الشروط التي سهلت الحصول على قرض صندوق النقد؟ لن نعلم تفاصيل ذلك حتى يقر المجلس التنفيذي لصندوق النقد القرض.
5- هل إلغاء مبادرات الفائدة المنخفضة، وتوحيد سعر الفائدة من بين هذه الشروط؟ كان هناك تقارير خلال الأشهر الأخيرة حول أن صندوق النقد يريد من المركزي إلغاء المبادرات ذات الفائدة المنخفضة مثل القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ولقطاع السياحة والتمويل العقاري. ووجهة نظر الصندوق أن تلك المبادرات ينبغي أن تدار وتمول من جانب الحكومة وليس البنك المركزي.
والسؤال الأهم: هل سيكون نظام سعر الصرف المرن دائم بالفعل؟ نأمل أن يكون الالتزام بذلك له الأولوية عن التحكم في سعر الصرف عند رقم بعينه.
أسئلة أخرى أقل إلحاحا:
- متى تعود الشوكولاتة وزبدة الفول السوداني والسيارات وغيرها من المنتجات المستوردة إلى الأسواق؟ سيحتاج المستوردون وقتا لإعادة تخزين المنتجات المستوردة – وستبدأ اللمحات الأولى للأضرار الناجمة عن القيود على الاستيراد في الظهور. (شركات تصنيع السيارات العالمية، على وجه التحديد ـ غاضبة من استمرار تعطل الشحنات في الموانئ وأعادت توجيه الإنتاج المخصص لمصر إلى أسواق أخرى. وسيستغرق الأمر وقتا للشركات العاملة في قطاع التوزيع وتجميع السيارات محليا لحل هذه المشكلة).
- هل تخفف البنوك من القيود المفروضة على سقف السحب النقدي عبر بطاقات الخصم والائتمان المستخدمة في الخارج التي فرضتها في وقت مبكر من الشهر الجاري؟
هل تجاوز الجنيه السعر المنطقي؟
سعر الصرف اليوم يوافق ما توقعه الكثيرون تقريبا: قال قراء إنتربرايز في استطلاع خريف 2022 الشهر الماضي إنهم يخططون لإعداد ميزانياتهم لعام 2023 عند توقعات أن يصل الجنيه إلى 22.12 مقابل الدولار، فيما توقع 22% من المشاركين أن يصل سعر الصرف إلى مستوى 23-24 مقابل الدولار العام المقبل. وتوقعت مصادر من القطاعين العام والخاص تحدثت إلى بنك جولدمان ساكس أن ينخفض الجنيه إلى ما بين 22-24 جنيه مقابل الدولار بعد تخفيض قيمة العملة المحلية.
اجتمع المحللون على أن سعر الصرف لن يتجاوز 25 جنيها للدولار:
- بنك جولدمان ساكس قال في مذكرة إنه يرى "إمكانية حدوث المزيد من التراجع للعملات الأجنبية على المدى القريب".
- مؤسسة كابيتال إيكونوميكس رجحت في مذكرة اليوم وصول الدولار إلى 24 جنيها بحلول نهاية 2023، "إن لم يكن قبل ذلك".
- شركة نعيم للوساطة قالت في مذكرة إن لديها نظرة مماثلة في حدود 23.50 جنيه للدولار لعام 2023.
- الخبيرة الاقتصادية منى بدير توقعت أن يسجل الجنيه انخفاضا هامشيا ليسجل 23-24 مقابل الدولار في الوقت الحالي، قبل أن يستقر عند 22 جنيها بنهاية العام.
- الخبير الاقتصادي هاني جنينة توقع ارتفاع الدولار إلى ما بين 25-27 جنيها، قبل استقراره في النهاية عند 25 جنيها بحلول نهاية العام الجاري.
آراء المحللين –
خطوة متوقعة تماما: اتفق المحللون والخبراء الاقتصاديون الذين تحدثوا إلى إنتربرايز على أن قرارات المركزي اليوم كانت "متوقعة"، لا سيما خلال الفترة التي تسبق التوصل إلى اتفاق قرض صندوق النقد. وقالت بدير إن "رفع المركزي لأسعار الفائدة كان ضروريا جدا كخطوة استباقية لاحتواء الضغوط التضخمية ودعم العملة المحلية".
اتفق معظم المحللين على أن الجانب الأكثر أهمية في قرض صندوق النقد الدولي هو إعلان الثقة من جانبه، والذي سيستعيد بالتبعية ثقة المستثمرين ويحفز التدفقات الأجنبية داخل البلاد. هذه الرسالة أكثر أهمية من حجم التمويل ذاته، بحسب ما اتفق عليه كل من إسراء أحمد، المحللة الاقتصادية لدى فاروس القابضة للاستثمارات المالية ومنصف مرسي الرئيس المشارك لقسم البحوث في سي آي كابيتال وهبة منير محللة الاقتصاد الكلي لدى إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، وذلك عندما تحدثت معهم إنتربرايز في وقت سابق هذا الشهر. وكان وزير المالية محمد معيط قال ذلك أيضا في وقت سابق من الشهر الماضي قبل التوصل إلى الاتفاق، مشيرا إلى أن مصر ترغب في بعث رسالة للمستثمرين مفادها أنها جادة بشأن العمل على الإصلاحات بالاعتماد على دعم صندوق النقد.
عشنا نفس الأجواء من قبل –
أصداء مارس، وليس تعويم 2016: خلال "التعويم "الكبير" في عام 2016 أمضى المركزي شهورا في جمع التمويلات والودائع وغيرها من أشكال الدعم بالعملة الأجنبية من حلفائنا في الخليج ومن صندوق النقد، حتى أنه وقع اتفاقية مبادلة عملة مع الصين. ووضع حد للتداول في نطاق يزيد أو ينقص 10% عن سعر الصرف الجديد لفترة مؤقتة. أما في مارس الماضي، فقد فاجأنا البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة والسماح للجنيه بالتراجع أمام الدولار، وهو القرار الذي جاء مبكرا مع فتح البنوك لأبوابها ذلك اليوم.
أوجه التشابه والاختلاف: كما كان الحال في مارس، جاء قرار البنك المركزي المصري دون الإعلان عن جمع مخزون من العملات الأجنبية يمكن استخدامه لكبح التضخم، كما لم يضع بيان اليوم حدا للسماح بتحرك الجنيه صعودا وانخفاضا. وبوجود حسن عبد الله في قيادة البنك المركزي، فإن الأمر يبدو كتحرير حقيقي لسعر الصرف.
نسعى الآن لمضاعفة احتياطياتنا من النقد الأجنبي خلال السنوات الأربعة المقبلة، وفق ما أعلنه عبد الله خلال المؤتمر الصحفي اليوم. وبلغ احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي بنهاية سبتمبر نحو 33.2 مليار دولار.
مصادر العملات الأجنبية في مصر: بعد تدفقات تجارة الفائدة في بدايات العام الجاري، تحولت مصادر مصر الأساسية من العملات الأجنبية إلى:
- عائدات السياحة: ارتفعت بأكثر من الضعف إلى 10.7 مليار دولار في العام المالي 2022/2021، رغم تراجع السياحة القادمة من روسيا وأوكرانيا، والتي كانت تشكل معا 30% من سوق السياحة المصرية قبل الحرب. وارتفع إجمالي عدد السياح الوافدين بأكثر من 85% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2022.
- ازدادت الصادرات الأخرى بنسبة 53% على أساس سنوي خلال العام المالي إلى 43.9 مليار دولار.
- زادت تحويلات المصريين بالخارج بشكل طفيف إلى 31.9 مليار دولار، من 31.4 مليار دولار العام الماضي.
- قفزت إيرادات قناة السويس بنسبة 18.4% على أساس سنوي إلى رقم قياسي بلغ 7 مليارات دولار خلال العام المالي، كما سجلت رقما قياسيا شهريا قدره 744.8 مليون دولار في يوليو.
الأخبار السارة أن السياحة أثبتت قدرتها على الصمود هذا العام رغم كل الرياح المعاكسة، في حين ازدهرت تحويلات المصريين في الخارج وإيرادات قناة السويس.
رأينا – كان يمكن للبنك المركزي الاستغناء عن خطوة تحريك أسعار الفائدة
بينما نرحب بقرار البنك المركزي لتحرير سعر الصرف وكل القرارات المصاحبة، لم نتحمس لقرار رفع أسعار الفائدة.
أولا: لا تزال بيئة الاقتصاد العالمي تواجه ركودا قويا وبها الكثير من عدم اليقين. قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وغيره من البنوك المركزية الرئيسية برفع أسعار الفائدة بشكل أكبر. كما ذكرنا في نشرتنا الصباحية، أشارت كندا أمس إلى أن التشديد النقدي لم ينته بعد، بينما رفع البنك المركزي الأوروبي بالفعل أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس قبل قليل.
هذا سباق لا يمكن لنا كسوق ناشئة أن نكسبه، ولم يكن علينا دخوله من البداية. المستثمرون الذين يبحثون عن عوائد من الدخل الثابت منخفضة المخاطر ومرتفعة العائد لديهم الكثير من الخيارات في الأسواق المتقدمة "الأكثر أمانا". وسبق وذكر البنك المركزي ومسؤولون بالحكومة أنهم يعتقدون أن من الأفضل بناء اقتصاد يعتمد على الاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات بدلا من الأموال الساخنة، ونحن نتفق مع ذلك. هذا إلى جانب أن رفع أسعار الفائدة سيمثل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة.
وأيضا، رفع أسعار الفائدة لا يفيد مناخ الأعمال. كما ذكرنا في عدة مناسبات، تحتاج مصر إلى التركيز على عدد من الصناعات القابلة لتحقيق دخل كبير من التصدير والتي يمكن أن تجلب استثمارات أجنبية مباشرة. رفع أسعار الفائدة يقلل من إمكانية الوصول إلى التمويل، ويقلل من شهية الإنفاق الرأسمالي، ويبطئ من أنشطة التصنيع التي تعاني بالفعل. ومع تباطؤ نشاط الإقراض وامتصاص البنوك الحكومية للسيولة من السوق من خلال أدوات ذات فائدة مرتفعة، فإن رفع أسعار الفائدة لن يكون جيدا أيضا للنظام المصرفي. ستؤدي الزيادة المستمرة لأسعار الفائدة، وإصدار شهادات الادخار ذات العائد المرتفع، التي تستهدف العملاء الأفراد، إلى زيادة تكلفة التمويل، ما يضغط على هوامش ربح البنوك أو يفقدها حصة من السوق أو كليهما.
علاوة على ذلك، فقد تفقد شهادات الادخار ذات العائد المرتفع جاذبيتها. أصيب الناس بصدمات "تحرير سعر الصرف" السابقة أكثر من مرة، إلى جانب شهادات الادخار ذات العائد المرتفع التي صاحبت بعضها (نتذكر شهادات الـ 20% في 2016، وشهادات الـ 18% هذا العام، وشهادات قناة السويس). بعض المدخرين ممن لديهم دخل إضافي وحيازات بالجنيه المصري سيدخرون في المنتجات المصرفية المتاحة ذات العائد المرتفع. ولكن أولئك الذين فقدوا الاهتمام بادخار مبالغ كبيرة بالجنيه المصري قد يتجهون إلى أصول أخرى أقل سيولة كـ "مخازن تقليدية للقيمة" مثل الذهب والعقارات. وأغلب هؤلاء لن يجذبهم 200 نقطة أساس إضافية. ويمكن أن يستعيدوا ثقتهم بمرور الوقت من خلال الحوكمة النقدية السليمة، والتي بدأنا نشهد بوادرها مؤخرا.
نعي أن المركزي يعمل على تقليل حجم السيولة لكبح جماح التضخم. وكانت خطوة حسن عبد الله برفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك ذكية. ولكن رفع أسعار الفائدة الآن ليست أداة فعالة بما يكفي لتحقيق هذا الهدف، والأضرار الجانبية التي تنشأ عنها قد تكون أكبر من أي منافع وراءها.
تغطية الصحافة العالمية –
تنظر الصحافة العالمية في "إلى أي مدى يمكن أن ينخفض الجنيه أمام الدولار؟: لم تحظ الأنباء باهتمام كبير في الصحافة الاقتصادية العالمية، حيث ركزت التغطية على مدى تراجع الجنيه في أعقاب قرار تحرير سعر الصرف. وتضمنت التغطية أرقام لسعر الصرف في أوقات مختلفة من اليوم، كانت في معظمها بيانات قديمة من الأخبار المتداولة.
هناك قلق من أن يتسبب تحرير سعر الصرف في موجة جديدة من التضخم: ركز الكثير من النقاش حول ارتفاع التضخم المتوقع نتيجة تحرير سعر الصرف على ما إذا كان رفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس هو الخطوة الصحيحة. "هناك حاجة إلى ارتفاع أسعار الفائدة في ضوء استمرار تسارع التضخم المتوقع في الأشهر المقبلة"، حسبما قالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبو ظبي التجاري مونيكا مالك لوكالة بلومبرج. وقال المحللون الذين تحدثوا إلى سكاي نيوز عربية إن رفع سعر الفائدة كان بمثابة حل سريع للتضخم المتوقع.
تشير الآراء والتحليلات في تغطية بلومبرج إلى التفاؤل الحذر، لا سيما في ضوء حزمة صندوق النقد الدولي. "علينا أن ننتظر لنسمع رأي برنامج صندوق النقد الدولي، لكن تمويلا إضافيا قدره 5 مليارات دولار من مؤسسات دولية أخرى سيساعد في سد فجوات التمويل الخارجي"، حسبما قال المحلل الاقتصادي في شركة كولومبيا ثريد نيدل إنفستمنتس في لندن جوردون جي بورز لبلومبرج. وأضاف: "يبدو أن دعم دول مجلس التعاون الخليجي الإضافي كان متوقفا على مشاركة صندوق النقد الدولي. هذا أمر إيجابي".
والسؤال الذي تطرحه الصحافة العالمية الآن هو: إلى أي مدى سيطمئن المستثمرون في سوق الدين بعد الاتفاق؟. "المحرك الحقيقي لأداء الديون السيادية في مصر سيكون [اتفاقية] صندوق النقد الدولي"، حسبما قال رئيس أبحاث الدخل الثابت في بنك سنغافورة تود شوبرت لبلومبرج.
… وما إذا كانت مصر ستلتزم بنظام أسعار الصرف الجديد: "السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الحكومة ستسمح بقدر أكبر من المرونة في سعر الصرف، أو، مثل عام 2016، ستعيد التحكم في العملة عند مستوى أضعف مقابل الدولار"، حسبما قال كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في بلومبرج زياد داود.
تغطية الصحافة المحلية –
هادئة نوعا ما: تصدرت الأخبار المتعلقة بوصول نائب رئيس الإمارات ورئيس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم إلى القاهرة معظم العناوين الإخبارية اليوم، فيما تراجعت تغطية تحركات البنك المركزي واتفاقية صندوق النقد الدولي لتفسح المجال قليلا. واهتم بعض المواقع الإخبارية ومنها المصري اليوم ومصراوي بردود أفعال السوق، وتوقعات المحللين بشأن تأثير التعويم وأسعار الفائدة المرتفعة على التضخم.