البورصات الأمريكية تشهد أسوأ أسبوع منذ 2008 وسط التوقعات المتشائمة للاقتصاد العالمي
الأسهم الأمريكية تشهد أسوأ أسبوع لها منذ 2008 مع تزايد التشاؤم بشأن التبعات التأثيرات المالية والاقتصادية لجائحة "كوفيد-19"، إذ أنهى مؤشر ستاندرد أند بورز جلسة نهاية الأسبوع يوم الجمعة بهبوط جديد بنسبة 4.4%، وإجمالي هبوط بنسبة 15% على مدار الأسبوع الماضي، متراجعا إلى مستويات لم يشهدها منذ عام 2016. وانهار مؤشر داو جونز بنسبة 17% على مدار جلسات الأسبوع الماضي، في حين هبط مؤشر ناسداك بنسبة 12%.
والتقطت الأسواق الأوروبية أنفاسها قليلا بعد موجات بيع محموم بداية الأسبوع الماضي، لتنهي جلسات الجمعة في المنطقة الخضراء. وأعلن البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة أنه سيشتري ما قد يصل قيمته إلى 750 مليار يورو من الأوراق المالية هذا العام لمساعدة المؤشرات الرئيسية بأسواق أوروبا على التعافي، لتنهي البورصات الأوروبية الأسبوع بتراجع طفيف. ويوم الجمعة قفز مؤشر كاك الفرنسي بنسبة 5%، وارتفع داكس الألماني 3.5%، وأغلق يورو ستوكس 50 مرتفعا بنسبة 3.85%.
مؤشر التذبذب يتراجع ولكنه يبقى مرتفعا: تراجع مؤشر التذبذب بأكثر من 16 نقطة من أعلى مستوى سجله في بداية الأسبوع الماضي ليصل إلى 66 نقطة. ويقيس هذا المؤشر والذي يسمى أيضا "مؤشر الخوف" مدى التذبذب والاضطراب في البورصات العالمية، وكي ندرك الموقف الحالي، فإن المؤشر الذي يرتفع كلما ارتفع "الخوف" وصل إلى 66 نقطة حاليا، كان يتأرجح بين الـ 10 نقاط وأوائل العشرينات على مدار العقد الماضي.
أسبوع كارثي آخر في أسواق النفط مع تصاعد حرب الأسعار بين السعودية وروسيا: هبط خام النفط الأمريكي بنسبة 28% خلال الأسبوع الماضي ليتداول عند 23.66 دولار للبرميل مع إغلاق تعاملات يوم الجمعة الماضي، في حين تراجع خام برنت بنسبة 21% على مدار الأسبوع نفسه ليتداول عند 27.38 دولار للبرميل. وأدت حرب الأسعار بين السعودية وروسيا إلى تعميق تدهور سعر الخامين المرجعيين اللذان يعانيان بالفعل من تدهور الطلب على النفط نتيجة أزمة "كوفيد-19". وانخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 63% منذ ذروته الأخيرة في بداية هذا العام، في حين هبط سعر خام برنت بأكثر من 60%.
أسعار النفط على وشك الانهيار إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وفقا لاستطلاع أجرته بلومبرج. من بين 20 متداولا استطلعت الوكالة آراءهم، توقع 18 أنه لن يمضي وقت طويل حتى ينخفض خام برنت إلى أقل من 20 دولار، بينما يتبعه خام غرب تكساس الوسيط بفارق 3 إلى 5 دولارات أقل. ويرسم محللو جولدمان ساكس وسيتي جروب صورة قاتمة للمستقبل، حتى أن بعضهم يحذر من أننا سنشهد "أسعارا سلبية في بعض المناطق"، وهو أمر نادر الحدوث قد يجبر بعض المنتجين على إغلاق منشآتهم.
عقلية "التخلص من كل شيء" التي شهدها الأسبوع الماضي صدمت المحللين. الموجة البيعية الحادة للسندات التي جرت الأسبوع الماضي جنبا إلى جنب مع انهيار أسواق الأسهم أمر غير مسبوق، وأصاب المراقبين بدهشة شديدة. فبدلا من أن يكون سوق السندات ملاذا آمنا للمستثمرين الهاربين من سوق الأسهم، فإنها انهارت بمعدلات مماثلة. وقال بوب ميشيل رئيس قطاع الاستثمار لدى جي بي مورجان لإدارة الأصول إن الأمر محيرا للعقل، "أعمل في هذا المجال منذ 40 عاما، وهذه هي أغرب سوق رأيتها على الإطلاق".
وفي أسواق الديون، يتزايد الخوف، إذ يبيع المستثمرون سندات الشركات بمعدلات غير مسبوقة. فشلت محفزات البنوك المركزية خلال الأسبوعين الماضيين في وقف موجة البيع المكثف لديون الشركات، والتي ارتفاع العائد على كل من السندات ذات الدرجة الاستثمارية وحتى درجة المضاربة إلى معدل غير مسبوق، وفق ما ذكرته فايننشال تايمز. وشهدت الشركات المصدرة لسندات ذات تصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية تضاعف تكلفة الاقتراض لديها لتصل إلى متوسط فائدة 4.7% يوم الجمعة الماضي، وارتفعت العوائد على السندات "ذات التصنيف الردئ" إلى أكثر من 10%، وفق ما ذكرته شركة أيس داتا سيرفيسز لتحليل البيانات المالية.
هذا لا يشبه أي شيء رأيناه من قبل: المزيج من جائحة "كوفيد-19" وانهيار أسعار البترول خلقت "صدمة شديدة وعميقة في الائتمان بمختلف المناطق والقطاعات والأسواق"، وفق ما ذكرته آن فان براج، الباحثة لدى وكالة موديز للتصنيف الائتماني، والتي أضافت أن هذا المزيج من التأثيرات هو أمر غير مسبوق، و"لم نر شيئا مثله من قبل".