تواصل الدولة وضع التشريعات التي من شأنها أن تساعد في تجنب حدوث أزمات مائية في المستقبل، وهو ما يأتي في الوقت الذي تواجه فيه مصر مخاطر تتعلق بتراجع مواردها المائية. وكانت وزارة الري والموارد المائية أعلنت العام الماضي عن رفع حالة الطوارئ بمحافظات الجمهورية نتيجة لانخفاض حصة مصر من مياه النيل بمقدار 5 مليارات متر مكعب في عام 2019 بسبب تراجع معدل هطول الأمطار في دول حوض النيل وخاصة الهضبة الإثيوبية. ومن المتوقع أيضا أن تشهد حصة مصر من مياه النيل المزيد من النقص جراء سد النهضة الإثيوبي. ونشهد في الفترة الحالية عددا كبيرا من الأخبار حول التشريعات المتعلقة بالمياه وسبل معالجة المشكلات الهيكلية تجاه كيفية تنظيم الموارد المائية.
ينظر مجلس النواب حاليا ثلاثة تشريعات متعلقة بالمياه وتهدف إلى تنظيم الموارد المائية، وأولها تعديلات على قانون مياه الشرب ومياه الصرف الصحي، والتي تفرض عقوبات على هدر المياه مع وضع الإطار التنظيمي لجميع الأطراف المعنية. وهناك أيضا قانون جديد للموارد المائية، والذي يهدف إلى الإدارة الأكثر فعالية لمياه الصرف الصحي واستخدام المياه. ثم هناك تعديلات على قانون الزراعة، والتي تنص على الحد من زراعة المحاصيل كثيفة استهلاك المياه. ولم يتم الموافقة سوى على القانون الأخير من بين الثلاثة تشريعات، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن السبب وراء مثل هذا التأخير.
القانون الأول – قانون مياه الشرب ومياه الصرف الصحي: قال محمد حسن المدير التنفيذى لجهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى، في تصريحات لإنتربرايز، إن هذا القانون يعد التشريع الأساسي للحكومة، إذ ينص فيه على التدابير العقابية، مع وضع إطار تنظيمي وإنشاء هيئة إشرافية. وقدم حسن شرحا حول العناصر الرئيسية للتعديلات المقترحة على النحو التالي:
التعديلات تمنح جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي صلاحيات تنظيمية حول الجهات التي تقوم بإنتاج وتوزيع المياه، وتجعل التعديلات من الجهاز الجهة التنظيمية الرسمية التي تحكم كل من موزعي المياه في القطاعين العام والخاص، وتمنحه سلطة تحديد المشاريع التي يمكن للقطاع الخاص تنفيذها، وفقا لما قاله حسن، والذي أوضح أن نشاط توزيع المياه سيظل تابع للدولة في معظم المحافظات الكبرى. وقال حسن أيضا إنه لن يُسمح لموزعي القطاع الخاص بالبيع مباشرة للمستهلكين سوى في المناطق التي لا تغطيها الحكومة بالكامل. ومن الأمثلة على ذلك شرم الشيخ، حيث يتعامل العديد من مقدمي الخدمة من القطاع الخاص مباشرة مع الفنادق والمنشآت الأخرى. بخلاف ذلك، تقوم الحكومة بشراء المياه التي تنتجها محطات المياه الخاصة وتتولى التوزيع بنفسها.
وتتضمن التعديلات منح الجهاز صلاحيات إصدار التراخيص وإنفاذ القانون، إذ سيتمكن من إصدار التراخيص لمزودي المياه ومنحهم حقوق الإدارة لتشغيل منشآت وشبكات المياه، وسيمنح القانون الجهاز سلطة الضبطية القضائية لمن يخالف القانون، وفقا لما قاله المدير التنفيذي للجهاز.
التعديلات تبقي على سلطة الجهاز في ما يتعلق بتحديد الأسعار، وذلك لمقدمي الخدمة والمستهلكين. وقال حسن إن الجهاز يعمل حاليا على وضع آلية تسعير جديدة، لكنه لم يوضح كيف سيؤثر ذلك على الأسعار الحالية.
التعديلات ستشمل أيضا وضع عقوبات جديدة، والتي من بينها عقوبة السجن المشدد وغرامة تتراوح من 20 إلى 100 ألف جنيه في حالة الهدم أو الإتلاف لمرافق مياه الشرب أو الصرف الصحي، على أن تصل إلى أقصى عقوبة وهي المؤبد في حال تعطل الخدمة، وأيضا الحبس من 24 ساعة وحتى عامين وغرامة تتراوح من ألف إلى 10 آلاف جنيه لكل من يضع توصيلات لسرقة المياه. كما ستكون هناك عقوبة بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة تتراوح من ألف إلى 20 ألف جنيه لهدر المياه أو استخدامها في غير الغرض المخصصة له وهو الشرب وفى حالة تكرار المخالفة تتضاعف العقوبة.
القانون الثاني – مشروع قانون الموارد المائية: كانت تقارير صحفية، وأيضا تصريحات المتحدث باسم وزارة الري أبرزت الملامح الرئيسية لمشروع القانون، والذي سيعالج ثغرات القوانين الحالية بشأن استخدام المياه، إلى جانب تعظيم الاستفادة من الموارد المالية، كما سيعالج عددا من التحديات التي طرأت مؤخرا مثل التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ، وزيادة معدلات التلوث وتراجع الموارد المائية في ضوء تزايد الطلب على المياه وزيادة النشاط السكاني.
مشروع القانون المؤلف من 131 مادة، سيوحد القوانين المتباينة بشأن إدارة المياه تحت مسمى واحد، وذلك من أجل تبسيط الإجراءات الخاصة بالأنواع المختلفة من استخدامات المياه، وخفض كميات الهدر، وتعزيز إدارة مياه السيول والأمطار بشكل أفضل. وهناك خمسة أبواب جديدة تم استحداثها ضمن مشروع القانون الذي اطلعت عليه إنتربرايز، وهي كما يلي:
القانون الثالث – قانون آخر يدعم الحفاظ على المياه هو قانون الزراعة والذي جرى تعديله مؤخرا. وتمنح تعديلات قانون الزراعة وزارتي الزراعة والري صلاحيات أكبر لتنظيم المحاصيل التي يمكن زراعتها والمناطق المحددة لذلك، من أجل الحد من زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه. وقالت وزارة الزراعة العام الماضي إنها تعتزم زيادة نسبة المساحات المزروعة بأرز الجفاف، والذي يمتاز بقلة استهلاكه للمياه، إلى 500 ألف فدان، بدلا من 150 ألف فدان حاليا، أي بزيادة تصل إلى 230%، وذلك بعد أن أظهرت التجربة نتائج إيجابية، في خطوة لتوفير المياه. ويستهلك أرز الجفاف 4 آلاف متر مكعب من المياه فقط لكل فدان منتجا 5 أطنان من الأرز مقارنة بزراعة الأرز التقليدي والذي يحتاج إلى 6 آلاف متر مكعب من المياه للفدان الواحد وينتج 4 أطنان فقط.
إلى جانب تلك القوانين، لدى الحكومة أيضا خطة لترشيد استهلاك المياه في مصر. ووفقا لما قاله ممدوح رسلان، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، فإن هذه الخطة تشمل تعميم استخدام القطع الموفرة لاستهلاك المياه والتى تقوم الهيئة العربية للتصنيع بإنتاجها وتعمل بتكنولوجيا التحكم فى تدفق المياه بضوابط الضغط، وهي قابلة للتركيب على جميع أنواع الصنابير الموجودة حاليا بالسوق المصرية. وقال رسلان إنه جرت تجربة تكنولوجيا القطع الموفرة بعدد من المنشآت والمصالح الحكومية وقياس المردود، وأظهرت النتائج توفير حوالى 45% من قيمة الاستهلاك. وأشار إلى أنه يجري توفير تلك القطع للجمهور من خلال مراكز خدمة العملاء بشركات المياه بمتوسط سعر حوالى 40 جنيها. وقال رسلان أيضا إن الخطة تشمل تقليل الفاقد التجارى والفيزيائى من مياه الشرب من خلال تقسيم الشبكات إلى حوالى 10 آلاف منطقة معزولة يمكن التحكم فيها وتركيب أجهزة قياس بها لتحديد النسب الفعلية للفاقد الكلي. وأشار إلى أن هذه الخطة تهدف لتقليل الفاقد من 20% إلى 30% بكمية مياه حوالى 2.89 مليون متر مكعب فى اليوم. وتشمل الخطة كذلك التوسع في توفير العدادات المنزلية والتي تبلغ نسبة تغطيتها 70% من إجمالي عدد المشتركين حاليا.
وهنا يأتي السؤال، وهو أن مع كل هذه التشريعات التي تقبع تحت قبة البرلمان، لماذا لم يصدر حتى الآن سوى قانون الزراعة؟
ولدينا أيضا ملاحظة أخيرة: إن ما ذكرناه من قوانين ولوائح جديدة يجري طرحها، إلى جانب تشديد العقوبات للمخالفين، وأيضا ما أعلنت عنه وزارة الري العام الماضي من رفع لحالة الطوارئ بسبب انخفاض حصة مصر من مياه النيل ليس كافيا لمعالجة أزمة المياه في مصر، ولكن ينبغي أن يجري وضع حد لبعض الممارسات وتوفير مصادر جديدة ونظيفة للمياه من أجل لتلبية احتياجات السكان الذين يتزايد عددهم بسرعة. ويعني هذا ضخ المزيد من الاستثمارات الضخمة لإيجاد مصادر جديدة للمياه وتحديث شبكات التوزيع، وهو الأمر الذي تناولناه في عدد سابق من نشرة "هاردهات"، فضلا عن اتباع الممارسات والأدوات الزراعية الأكثر كفاءة للحفاظ على المياه.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).