تيسير التشريعات يجذب الجامعات الدولية إلى مصر: يسمح قانون إنشاء وتنظيم فروع للجامعات الأجنبية بمصر، والمصدق عليه في يوليو 2018، للجامعات الدولية بإنشاء فروع لها في مصر من خلال بناء حرم جامعي خاص بها أو الشراكة مع شركة مصرية يمكنها بناء مركز تعليمي. وبالرغم من الانتقادات الموجهة في الصحف الأجنبية ضد الجامعات التي اتجهت للتوسع في السوق المصرية، فإن البرنامج الحكومي لإنشاء فروع للجامعات الأجنبية بمصر حقق نجاحا كبيرا، لا سيما عقب إبرام اتفاقيات مع جامعات من بريطانيا وألمانيا وكندا وإيطاليا. ويعود هذا النجاح إلى الحرية التي تحصل عليها تلك الجامعات في تشغيل فروعها وإلى تيسير الإجراءات والحد من البيروقراطية. وفي المقابل، دفعت تلك الميزات بعض الجامعات الخاصة المحلية إلى أن تشتكي من أن البرنامج يمنح العديد من الميزات لقطاع التعليم ككل، ولكنه يستثنيها من تلك الميزات.
الموجة الأولى من فروع الجامعات الأجنبية جلبت استثمارات جديدة بأكثر من ملياري جنيه: بعد إقرار قانون إنشاء وتنظيم فروع للجامعات الأجنبية بمصر، وقعت ثلاث جامعات دولية العام الماضي اتفاقيات لإنشاء فروع لها في مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، باستثمارات إجمالية تجاوزت ملياري جنيه، وفق ما ذكره محمد الطيب، مساعد وزير التعليم العالي للشؤون الفنية ورئيس اللجنة المسؤولة عن منح تراخيص فروع الجامعات الأجنبية، في تصريحات لـ “بلاكبورد”. وقامت الجامعات الثلاث بعقد تحالفات مع شركاء محليين من أجل إنشاء فروع محلية. واستكملت الجامعات الثلاث المرحلة الأولى من الإنشاءات والتي تشمل إنشاء المباني الرئيسية وقاعات المحاضرات.
وفروع الجامعات الثلاث الدولية هي:
جامعة برنس إدوارد أيلاند: في أبريل 2018، افتتحت مؤسسة “الجامعات الكندية في مصر”، فرع جامعة برنس إدوارد أيلاند لتصبح أول جامعة أجنبية في العاصمة الإدارية. وجامعة “كندا في مصر” هي منظمة تعليمية تأسست بغرض تقديم برامج دراسية جامعية من جامعات كندية مختارة، وذلك بالشراكة مع مؤسسة كانويل للاستشارات التعليمية في الشرق الأوسط. وتمنح جامعة برنس إدوارد أيلاند درجة البكالوريوس في علوم الحاسب، وإدارة وريادة الأعمال، والهندسة والتصميم. وفي حين لم تعلن الجامعة الكندية عن قيمة استثمارها في هذا الفرع، إلا أن شركة العاصمة الإدارية الجديدة للتنمية العمرانية أعلنت قبل عامين أن مؤسسة “الجامعات الكندية في مصر” تخطط لاستثمار 1.7 مليار جنيه في مجمع الجامعات الكندية بالعاصمة الإدارية الجديدة.
جامعة كوفنتري: شهد شهر سبتمبر الماضي إطلاق فرع جامعة كوفنتري في مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، بالشراكة مع شركة السويدي إيديوكيشن. وتمنح الجامعة المقامة على مساحة 27 ألف متر مربع درجة البكالوريوس في الهندسة، وعلوم الحاسب، والتصميم، والإعلام. وتأمل الجامعة في ضم نحو 15 ألف طالب بعد استكمال مرحلة التطوير النهائية بها، وفقا لبيان صحفي أصدرته شركة السويدي إيديوكيشن في وقت سابق. ويعد المشروع هو أبرز مشروعات شركة السويدي إيديوكيشن التي خصصت بين 6 و7 مليارات جنيه لإنشاء الجامعة. وقالت مصادر لـ “بلاكبورد” إن المرحلة الأولى من إنشاء فرع جامعة كوفنتري تكلفت نحو 1.2 مليار جنيه.
جامعة هيرتفوردشاير: افتتحت جامعة هيرتفوردشاير البريطانية هذا الشهر فرعها بالعاصمة الإدارية الجديدة، بالشراكة مع مؤسسة جلوبال الأكاديمية المصرية. وتمنح الجامعة درجات البكالوريوس في إدارة الأعمال، والهندسة، وعلوم الحاسب.
ومن المتوقع أن تفتتح ثلاثة فروع لجامعات أجنبية أخرى أبوابها بنهاية 2020، وفق ما ذكره مساعد وزير التعليم العالي والبحث العلمي للشؤون الفنية. ومن بين تلك الجامعات، تحالف من 10 جامعات ألمانية، يعتزم إنشاء الجامعة الألمانية الدولية للعلوم التطبيقية في مدينة المعرفة، ويضم التحالف الألماني جامعة ميونيخ للعلوم التطبيقية، والجامعة التقنية في كولون. وحصلت اتفاقية إنشاء الجامعة الألمانية الجديدة على الموافقة الرئاسية الشهر الماضي. ومن المقرر أن تمنح الجامعة درجة البكالوريوس في الهندسة، والعمارة، وعلوم الحاسب، وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد، والأعمال والإدارة، والإدارة العامة، وتكنولوجيا الإنتاج، والعلوم الزراعية، والتكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا تصنيع الأغذية، والسياحة. وأشار الطيب إلى أن الجامعة الأمريكية والجامعة البريطانية ستنضمان أيضا إلى برنامج إنشاء الفروع الجديدة للجامعات، دون الخوض في مزيد من التفاصيل.
طلبات إنشاء فروع الجامعات الأجنبية تتزايد: تقدمت نحو 22 جامعة أخرى بطلبات لإنشاء فروع لها في مصر، وفقا للطيب الذي أوضح أنه لا يوجد عدد محدد من فروع الجامعات الأجنبية تستهدف الحكومة الوصول إليه من خلال هذا البرنامج.
حرية مالية وأكاديمية: ربما العنصر الأكثر جذبا للمستثمرين في البرنامج الحكومي لإنشاء فروع الجامعات الأجنبية في مصر هو الحرية الكبيرة الممنوحة لتلك الجامعات بمجرد حصولها على الموافقات اللازمة. ينص قانون إنشاء فروع الجامعات الأجنبية على أن تحرص أجهزة الدولة على “أن يعمل الفرع فى إطار من الاستقلال والحرية الأكاديمية والمؤسسية”. وعلاوة على ذلك، فإن تلك الجامعات يمكنها تحديد مصروفاتها الدراسية دون تدخل حكومي، إذ تدرك الحكومة أن بعض تلك الجامعات يهدف إلى الربح، بحسب الطيب، والذي أشار أيضا إلى أن تلك هي المرة الأولى التي يسمح فيها للأجانب بتملك الجامعات بنسبة 100%. ويتناقض ذلك بدرجة كبيرة مع النظام المطبق حاليا مع المدارس الأجنبية في مصر، إذ تفرض وزارة التربية والتعليم حدا أقصى على الزيادة السنوية في المصروفات الدراسية، كما فرضت مؤخرا حدا أقصى يبلغ 20% على ملكية الأجانب في المدارس الخاصة.
القيود على الملكية الأجنبية شكوى متكررة للمستثمرين الراغبين في دخول قطاع التعليم. في مقابلة مع إنتربرايز في فبراير 2019، قال شريف الخولي، الشريك والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة أكتيس للاستثمار المباشر، إن القيود المتعلقة بملكية الأجانب لا تزال أحد المعوقات في قطاع التعليم، مشيرا إلى أنه “ليس من المسموح حتى الآن لمستثمر أجنبي أن يمتلك 50% أو أكثر من جامعة خاصة إلا إذا قام بفتح فرع لجامعة دولية”. وقال الخولي حينها إن أكتيس تبحث إنشاء فرع لكلية ريجنت للأعمال في مصر.
الجامعات الخاصة المحلية تشتكي من المعاملة غير العادلة: تسبب منح بعض الميزات للجامعات الدولية التي تنشئ فروعا لها بمصر في شعور بعض الجامعات الخاصة المحلية بأن كفة الميزان ترجح بشكل كبير لصالح الجامعات الدولية. وقال مسؤول بإحدى الجامعات الخاصة المحلية لإنتربرايز، والذي فضل عدم ذكر اسمه، إن تلك الميزات تتعلق بالأساس بالحد من الروتين الحكومي، وأشار إلى أن الجامعات المحلية يتعين عليها الانتظار لوقت أطول للحصول على قطع أراضي أو الترخيص. وصرح مسؤول تنفيذي بجامعة خاصة أخرى أن الجامعات المحلية تواجه صعوبات في الحصول على الموافقات الخاصة بالتوسع في الحرم الجامعي أو افتتاح كلية جديدة أو إضافة درجة للدراسات العليا، وقال إن هذا الأمر يجعل الجامعات الخاصة المحلية تتوسع بوتيرة أقل بالمقارنة مع فروع الجامعات الدولية.
ومع هذا، هناك إجماع على أن البرنامج “إيجابي” لقطاع التعليم ككل: مع كل ما قيل، فقد اتفق كل من تحدثنا إليه على أن البرنامج الحكومي لإنشاء فروع للجامعات الدولية سيعزز من جودة التعليم الجامعي في مصر. وقال رمضان أبو العلا، رئيس جامعة فاروس بالإسكندرية إنه، ومن وجهة النظر الاقتصادية، سيزيد البرنامج الحكومي من التنافسية في قطاع التعليم، كما أنه سيجعل القطاع أكثر جاذبية للاستثمارات. وأضاف أن البرنامج سيتيح ميزات التعليم الأجنبي في السوق المحلية دون الحاجة إلى إنفاق المزيد من العملة الصعبة.