التضخم يهبط لأدنى مستوياته في 4 سنوات رغم خفض الدعم
التضخم يهبط لأدنى مستوياته في 4 سنوات رغم خفض الدعم: هبط معدل التضخم السنوي العام بالمدن إلى 8.7% في يوليو الماضي، مقارنة بـ 9.4% في يونيو، مسجلا بذلك أدنى مستوى له منذ أربع سنوات، وفقا لبيان صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الخميس الماضي. وكان التضخم العام بالمدن المصرية سجل في يوليو من العام الماضي 13.5%، و33% في يوليو 2017. ويبدو أن القول بأن معدلات قراءات التضخم لشهر يوليو فاقت كل التوقعات، سيكون أقل بكثير من التوصيف الحقيقي لا سيما وأن الحكومة قد رفعت أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 16% و30% في مطلع الشهر الماضي، والذي شهد أيضا دخول زيادات أسعار الكهرباء حيز التنفيذ. وذكر بيان البنك المركزي (بي دي إف) أن معدل التضخم السنوي الأساسي بالمدن تراجع إلى 5.9% في يوليو، من 6.4% في الشهر السابق عليه. وقامت كل من رويترز وبلومبرج بتغطية موسعة حول التضخم. وفي الوقت نفسه سجل معدل التضخم الشهري 1.8% في يوليو، مقارنة بسالب 0.8% في يونيو.
تأثير سنة الأساس يقود التراجع الكبير: دعم تأثير سنة الأساس أي المقارنة مع معدل يوليو من العام الماضي، وكذلك معدل التضخم للشهر الماضي والذي سجل أول قراءة تقل عن 10% منذ مارس 2016، هو السبب الرئيسي الذي عزا المحللون ومن بينهم فاروس وبلتون إليه هذا الهبوط غير المتوقع في معدل التضخم، وهو ما يرجح أن ضغوط الأسعار الأساسية ستواصل التراجع، وفق ما ذكره كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة لدى كابيتال إيكونوميكس وليام جاكسون في مذكرة بحثية. ويرى أنجوس بلير رئيس معهد سيجنت للأبحاث الاقتصادية والتجارية أن جهود الحكومة في مساعدة السوق على كبح جماح زيادات أسعار المواد الغذائية كانت ناجحة.
استمرار معدلات التضخم في خانة الآحاد حتى نهاية العام بات ممكنا: تتوقع بلتون في مذكرة بحثية “أن تستمر العوامل المساعدة من فترات المقارنة وقوة الجنيه في دعم القراءات الجيدة للتضخم السنوي حتى نهاية العام، مما سيبقي معدلات التضخم في نطاق مستهدف المركزي عند 9% (±3%) بنهاية 2020، خاصة مع غياب العوامل المؤثرة على الأسعار والتضخم في الفترة المقبلة”. وأشارت بلتون إلى أنه من المقرر مراجعة أسعار الوقود المحلية بنهاية سبتمبر المقبل، متوقعة أن تظل الأسعار دون تغيير بسبب قوة الجنيه، فضلا عن الانخفاض الحالي لأسعار الوقود عن السعر المحدد في الموازنة. وتوقعت فاروس في مذكرة بحثية أن تظل معدلات التضخم تحت مستوى 10% خلال 2019، على أن تصل إلى متوسط قدره 9.4 بحلول نهاية العام.
كل ذلك يرفع الأمل في خفض وشيك لأسعار الفائدة هذا الشهر: أنعشت قراءات التضخم في يوليو الآمال في أن تقدم لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في اجتماعها المقبل يوم الخميس الموافق 22 أغسطس على خفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ 6 أشهر. وقال ألان سانديب رئيس قطاع البحوث في شركة نعيم للوساطة لرويترز إن تلك الأنباء الإيجابية تعزز آمال خفض أسعار الفائدة في أغسطس. وتابع: “أتوقع أن البنك المركزي لديه الآن مساحة كافية لاستئناف دورة التيسير النقدي”. وتوقعت سارة سعادة من إتش سي أيضا أن يقدم المركزي على خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل في وقت لاحق من الشهر الجاري، لافتة إلى أن قراره سيعتمد أيضا إلى حد كبير على أوضاع الأسواق العالمية والناشئة. وتوقعت بلتون وشعاع كابيتال خفضا بنسبة 100 نقطة أساس في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية. وترى محلل أول الاقتصاد الكلي لدى شعاع إسراء أحمد أن “الملعب مفتوح أمام المركزي لخفض أسعار الفائدة” لافتة إلى أن أرقام التضخم تضيف عاملا آخر لخفض أسعار الفائدة قريبا إلى مجموعة عوامل تجعل المشهد مهيئا . وتابعت: “نرى أن المشهد الحالي مواتي بشكل استثنائي لاستئناف التيسير النقدي. فسعر الفائدة الحقيقي ارتفع ليسجل حوالي 7% مع التيسير النقدي على الصعيد العالمي ( خاصة بعد الخفض الأخير من قبل الاحتياطي الفيدرالي) وتواجد أسعار النفط في منطقة هادئة تماما ومواتية لأهداف الموازنة، نرى كل ذلك – من بين عوامل أخرى – تجعل اللحظة مناسبة بشكل استثنائي لخفض لأسعار الفائدة ربما لن يكون الوحيد خلال النصف الحالي من العام وهو ما قد نشهده بخفض 1% في اجتماع لجنة السياسة النقدية المرتقب في 22 أغسطس.
على الجانب الآخر، هناك فريق أكثر حذرا بشأن توقعات خفض أسعار الفائدة. ويقول رئيس قطاع الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرميس محمد أبو باشا إن تراجع التضخم “يعزز من فرص خفض أسعار الفائدة”، لكن المركزي قد يكون “حذرا” من تلك الخطوة في أغسطس، وربما ينتظر أرقام التضخم لشهر أغسطس قبل استئناف دورة التيسير النقدي. وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث بفاروس القابضة في رسالة نصية لإنتربرايز: “من المرجح أن تعزز أرقام التضخم الداعمة للمشهد احتمالية خفض أسعار الفائدة بنسبة 1% في الربع الثالث من العام. إذا لم يحدث ذلك في اجتماع لجنة السياسة النقدية المنعقد في 22 أغسطس، سيتم في اجتماع يوم 26 سبتمبر”.
لن يتعافى الاقتراض لتمويل الإنفاق الرأسمالي حتى تنخفض أسعار الفائدة: وخلص استطلاع للرأي أجرته إنتربرايز في يونيو للتعرف على آراء مسؤولين من 9 شركات في قطاعات الغذاء والصحة والسيارات إلى أن الشركات تترقب خفض أسعار الفائدة إلى (مستويات ما قبل التعويم) التي تراوحت ما بين 10-13%، حتى يرتفع الاقتراض لتمويل الإنفاق الرأسمالي لديها مجددا.
ومنذ فبراير الماضي استقرت معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند مستوى 15.75% و16.75% على الترتيب، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 16.25%. تلك المعدلات المرتفعة تجعل من الصعب على الشركات اللجوء إلى البنوك لتمويل توسعاتها واستثماراتها الجديدة، نظرا لصعوبة تحقيق عوائد على الاستثمار أعلى من معدلات الفائدة على الإقراض.