تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر في 2018 مع انخفاضها عالميا
الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر تتراجع 8.2% مع انخفاضها عالميا: حافظت مصر على مكانها كأكبر متلق للاستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا العام الماضي، على الرغم من تراجع التدفقات الأجنبية إليها بنسبة 8.2% لتبلغ 6.8 مليار دولار، وفقا للبيانات الواردة في تقرير الاستثمار العالمي لعام 2019 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). وأظهر التقرير أن أغلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر وجهت لقطاع الغاز والبترول، إلا أن هناك استثمارات ضخمة وجهت لمشروعات كبرى في قطاعات أخرى ساهمت في تنويع وجهة الاستثمارات الأجنبية، مثل استثمارات شركة نيبولون الأوكرانية البالغة نحو ملياري دولار لتحديث القدرات التخزينية للحبوب في مصر.، واستثمارات شركة أترابا السعودية بنحو مليار دولار لإنشاء مدينة طبية في مصر.
وبذلك تتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر للعام الثاني على التوالي، بعد أن ارتفعت إلى 8.1 مليار دولار في 2016، قبل أن تنخفض إلى 7.4 مليار دولار في عام 2017. وكانت التدفقات للخارج منخفضة نسبيا في عام 2016 عندما بلغت 207 مليون دولار، ثم تراجعت إلى 199 مليون دولار في 2017، قبل أن تتصاعد لتصل إلى 324 مليون دولار العام الماضي.
متى تعود الاستثمارات الأجنبية المباشرة للنمو مجددا؟ التوقعات تتباين بين المحللين، إذ توقع محمد أبو باشا كبير محللي الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية هيرميس في تصريحاته لإنتربرايز في أبريل الماضي أن يبدأ تعافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2020، مع عودة الأسواق إلى طبيعتها وانخفاض معدلات الفائدة والتضخم، في حين كان ألان سانديب رئيس قسم البحوث بشركة النعيم للوساطة أقل تفاؤلا، ورأى أن مصر تحتاج بين 5 و10 سنوات من تاريخ انطلاق الإصلاح الاقتصادي حتى تشهد تعافيا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إليها.
وعالميا انخفضت تدفقات الاستثمارات الأجنبية لأدنى مستوى منذ الأزمة المالية في 2008، إذ تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالعالم بنحو 13% على أساس سنوي في 2018 لتصل إلى 1.3 تريليون دولار، في ثالث تراجع سنوي على التوالي بحسب تقرير الأونكتاد. وألقى التقرير باللوم في ذلك على الإصلاحات الضريبية التي أدخلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2017، والتى قدمت حوافز ضريبية للشركات الأمريكية العالمية بهدف إعادة رؤوس أموالها للاستثمار في الاقتصاد الأمريكي.
الاقتصادات المتقدمة الأكثر تضررا: يقول التقرير إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدول المتقدمة انخفضت إلى أدنى مستوياتها في نحو 14 عاما بتراجع نسبته 27% إلى 559 مليار دولار بالرغم من زيادة قدرها 21% في صفقات الدمج والاستحواذ العابرة للحدود. وجاء التراجع بنسبة كبيرة في الدول الأوروبية، إلا أن الولايات المتحدة أيضا شهدت تراجعا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 9%. وعلى الجانب الآخر، حققت أستراليا رقما قياسيا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إليها، والتي بلغت 60 مليار دولار، من خلال استثمار الشركات الأجنبية لأرباحها مرة أخرى في الاقتصاد الأسترالي.
الأمر يبدو سيئا ولكن التقرير الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أبريل الماضي توقع هبوطا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم بنحو 27%، وهو ما يجعل الأرقام الصادرة عن الأونكتاد بالمقارنة أفضل كثيرا.
بقية العالم كان أقل تأثرا بإصلاح ترامب الضريبية: نظرا لانخفاض الاستثمارات الأمريكية خارج الدول المتقدمة، لم تتأثر الدول النامية كثيرا بعودة رؤوس الأموال الأمريكية إلى الولايات المتحدة، وشهدت تلك البلدان في المجمل تراجعا بنسبة 2% في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتبلغ 706 مليار دولار. وتركزت أغلب تلك الاستثمارات في آسيا التي استحوذت على 512 مليار دولار من إجمالي التدفقات الآتية للدول النامية. وفي حين حازت أفريقيا بنصيب قليل من إجمالي الاستثمارات العالمية، إلا أنها خالفت الاتجاه العالمي إذ ارتفعت التدفقات الداخلة إليها بنسبة 11% لتبلغ 46 مليار دولار.
تحسن طفيف متوقع في 2019: توقع تقرير الأونكتاد أن يشهد العام الجاري تحسنا طفيفا فيما يتعلق بتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم مع خفوت أثار إصلاحات الضرائب الأمريكية. وقد يأتي هذا التحسن في الاستثمار في المشروعات الجديدة الذي نما بنسبة 41% العام الماضي. ويرى الأمين العام للأونكتاد موكشيا كيتويا أن من غير المتوقع أن تشهد الاستثمارات العالمية نموا كبيرا، خاصة في ظل تدهور الأوضاع التجارية عالميا. وحذر من أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة ستظل محاصرة، ومقيدة عند المستويات التي تلت الأزمة المالية العالمية. وأضاف كوتايا أن المخاطر الجيوسياسية والتوترات التجارية ستظل تلقي بظلالها السلبية على الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2019 وما يليه.
لمزيد من الأرقام والإحصاءات، يمكنكم الاطلاع على تقرير الأونكتاد كاملا من خلال هذا الرابط.