تحليل…إلى أين يتجه الجنيه بعد قفزته الأخيرة؟
(خاص) تحليل..إلى أين يتجه الجنيه بعد قفزته الأخيرة؟ يثير الصعود المتواصل للجنيه المصري مقابل الدولار خلال الفترة الماضية حالة من الجدل في خضم التراجعات التي تشهدها عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار على خلفية الاضطرابات التجارية بين بكين وواشنطن، ما يدعو إلى مجموعة من التساؤلات تتعلق بأسباب الصعود وقدرته على الاستمرارية. استطلعت إنتربرايز آراء مجموعة من المحللين للوقوف على أسباب صعود العملة المحلية، وأجمعوا على هبوط قيمة الجنيه في وقت لاحق من العام الجاري في ضوء مجموعة من العوامل الموسمية والفنية.
الصعود يرجع لعوامل موسمية: هكذا يرى محمد أبو باشا رئيس وحدة الاقتصاد الكلي في المجموعة المالية هيرميس والذي توقع في تصريح لإنتربرايز أنه "من الممكن أن نرى المزيد من الصعود خلال الأشهر القليلة المقبلة نتيجة لبعض العوامل الموسمية المتعلقة بتراجع الطلب على الدولار خلال فصول الصيف". ولكن أبوباشا يرى أن العوامل الموسمية لن تدعم أداء الجنيه خلال الربع الأخير من العام الجاري مع ارتفاع طلب الأجانب على الدولار لتحويل أرباحهم من السوق المصرية. وأضاف أن الهبوط الذي شهده الدولار خلال الفترة الماضية يرتبط بصلة وثيقة بتراجع الطلب عليه وليس زيادة تدفقات الأجانب في محافظ الأوراق المالية والديون المصرية. من جانبها، ترجح إسراء أحمد المحللة الأولى لدي شعاع للأوراق المالية، أن يتراجع الجنيه على المدى المتوسط والطويل، وهو ما أرجعته إلى عجز الحساب الجاري وأساسيات التضخم. وأردفت: "السؤال هنا حول النقطة التي سيبدأ منها الجنيه الهبوط من جديد؟"
هل يعكس الجنيه مساره ويهبط مجددا ؟ تقول سارة سعادة المحللة الأولى للاقتصاد الكلي لدى إتش سي للأوراق المالية لإنتربرايز إن صعود الجنيه وصل إلى ذروته على مستويات تجارة الفائدة والتحويلات. وأضافت أن الجنيه سيستقر لفترة أمام الدولار قبل أن يعاود الهبوط مرة أخرى بنهاية العام الجاري في خضم التوقعات بإقبال البنك المركزي على خفض الفائدة وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع المستثمرين الأجانب نحو جني الأرباح.
ما هي توقعات الهبوط؟ تقول رضوى السويفي من رئيسة قسم البحوث بفاروس إنه باستثناء الارتفاع المطرد في الاحتياجات التمويلية الخارجية للبلاد، فإن تقلبات سعر الصرف ستظل محدودة وأي هبوط في قيمة الجنيه أمام الدولار سيكون بصورة تدريجية. وأضافت السويفي لإنتربرايز "نتوقع أن يتراوح سعر الصرف ما بين 16.5 و17.5 جنيه للدولار خلال 2019 اعتمادا على حجم التدفقات الأجنبية وشهية الأجانب للديون المصرية".
هل من الممكن أن يعود الدولار الى مستويات 18 جنيه؟ الإجابة نعم وفقا لما توقعته كابيتال إيكونوميكس في مذكرة بحثية حديثة والتي أرجعت الأمر إلى وجود معدلات تضخم أكثر ارتفاعا في الدول التي لديها شراكات تجارية مع مصر، وهو ما سيزيد من احتمالية انخفاض قيمة الجنيه للحفاظ على تنافسية العملة.
ولكن هل توقع أحد ما يحدث؟ الإجابة لا. إذ توقع أغلب المحللين وأقسام البحوث في وقت سابق من العام الجاري ما هو أسوأ وهو هبوط في قيمة العملة المحلية أمام الدولار، ففي مارس الماضي، قالت المجموعة المالية هيرميس في مذكرة بحثية أن الدولار سيتداول حول مستويات 17.5-18 جنيه خلال العام الجاري، مع الوضع في الاعتبار أن ارتفاعا بنحو 4-5% في قيمة العملة المحلية قد يضر بجاذبية الجنيه المصري في تجارة الفائدة. وتوقع التقرير أن يستقر الجنيه حول مستويات 17.1 للدولار على المدى القصير مع المزيد من التقلبات في سعر الصرف خلال الفترة المقبلة وبالتحديد خلال النصف الثاني من العام الجاري مع توجه المستثمرين نحو تحويل أرباحهم إلى الخارج. وذكر قسم البحوث في شركة شعاع للأوراق المالية في مذكرة بحثية خلال مايو الماضي إن العوامل الموسمية هي السبب في الارتفاع الحالي في قيمة الجنيه وإن احتمالية ارتفاع طلبات الاستيراد خلال رمضان وفترة الأعياد وما يليه من جولة جديدة لخفض الدعم سيرفع من سعر صرف الدولار لكنه سيظل دون مستوى 18 جنيها.
ما هي أسباب ارتفاع الجنيه على أية حال؟ يعتقد بعض المحليين أن الارتفاع الحالي في قيمة الجنيه يمكن تفسيره من خلال ارتفاع تدفقات استثمارات الأجانب في الديون الحكومية وتراجع فاتورة الاستيراد وارتفاع إيرادات السياحة. وعلى الجانب الآخر، رأى بعض المحللين وأقسام البحوث الذين تحدثوا لوكالة رويترز أوائل العام الجاري أن البنك المركزي ربما يتدخل في سوق الصرف من خلال البنوك الحكومية.