فنجان قهوة مع محمد فريد
رئيس البورصة المصرية
بعد غياب لست سنوات عن العمل الحكومي، تم اختيار محمد فريد رئيسا للبورصة في أغسطس 2017 (للاطلاع على سيرته الذاتية من موقع البورصة). وشغل فريد قبل أن يعود إلى العمل الحكومي منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة دي كود للاستشارات المالية والاقتصادية طيلة خمس سنوات، فضلا عن عمله محاضرا بالجامعة الأمريكية وبمعهد الاستثمار والتمويل بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري. وعمل فريد أيضا مستشارا لشؤون التأجير التمويلي ورأس المال المخاطر لدى البنك الدولي. وحرص فريد منذ أن تولى رئاسة مجلس إدارة البورصة على العمل على طرح أدوات وقواعد تداول جديدة، بما في ذلك نشاط صانع السوق، إلى جانب التغييرات في معايير الإدراج بالمؤشر الرئيسي EGX30.
وفيما يلي أهم النقاط التي جاءت بالمقابلة:
- هناك أمر يتحمس له فريد بشدة، وهو أهمية الادخار التراكمي طويل المدى عبر الاستثمار في سوق الأسهم بالنسبة للطبقة المتوسطة، وهو ما وصفه بالتحوط الأهم ضد التضخم.
- التحضير لطروحات عامة أولية لثلاث أو أربع شركات من القطاع الخاص، وذلك بخلاف برنامج الطروحات الحكومية.
- ليست هناك مزاحمة للقطاع الخاص في الاقتصاد، ومشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من 62% قبل 25 يناير 2011 إلى 69.5% في العام المالي 2018/2017.
- المؤشر الذي تعمل إدارة البورصة على إصداره “مؤشر العائد الكلي” سيظهر أهمية توزيعات الشركات، ومن المتوقع إطلاقه في الربع الأول من 2019.
- توجد فرصة كبيرة لاجتذاب مستثمرين جدد من أسواق آسيا إلى البورصة المصرية.
- معدل أعمار المستثمرين الأفراد يتزايد في السوق، والبورصة تعمل على إطلاق مبادرات التوعية لكي تجذب جيل جديد من المستثمرين.
- ليست هناك مخاوف من المنافسة مع بورصة لندن للأوراق المالية على إدراج الشركات المصرية البارزة.
- هناك مساع في الوقت الحالي لإنشاء سوق حقيقية لديون الشركات.
- ستكون هناك محفزات أواخر العام الحالي أو مطلع العام المقبل لبورصة النيل، والتي يمكن أن تشمل إدراج شركات رأسمال مخاطر أو استثمار مباشر.
إنتربرايز: بالنسبة لكثيرين لا تزال البورصة كلمة غامضة، يريدون الاستثمار بها لكنهم لا يفهمونها حقا.
فريد: البورصة هي منصة يمكنك استخدامها لاستثمار بعض الأموال من أجل الحصول على ربح، سواء كانت استثمارات كبيرة أو من أجل الادخار التراكمي. البورصة هي مكان يجري فيه تداول الأسهم بالبيع والشراء مثلها مثل القمح والأرز والسكر، والسهم هو ورقة تفيد بملكيتك لحصة من شركة من الشركات المتداولة. تلك الشركات سواء كانت شركة أغذية أو عقارات أو غيرها من القطاعات، فإنها نفس الشركات التي نتعامل معها في حياتنا اليومية. تلك التعاملات اليومية بين الشركات والمستهلكين تؤثر على سعر السهم، وبالتالي تؤثر على قدرة السهم على جذب استثمارات، والتي من المفترض أن تنفق في تطوير المنتجات والخدمات المقدمة للمستهلك. هذا الارتباط المتشابك بين المستهلك والشركة يوضح أهمية البورصة للجميع.
إنتربرايز: الادخار التراكمي؟ هل ترى البورصة المكان المناسب لتراكم الادخارات؟
فريد: إحدى أكبر الفرص التي يفوتها كثيرون هي تراكم الادخار مع خلال الاستثمار في سوق الأسهم على المدى البعيد. وتلك مشكلة ناتجة عن سوء فهم لدى البعض. المشكلة بالنسبة للشخص العادي عندما يتعلق الأمر بأسواق المال والبورصة بصفة خاصة، هو تحديد ماذا تشتري ومتى تشتري ومتى تبيع. تلك المخاوف بشأن التذبذب وتغير اتجاهات السوق تعتبر تفاصيل صغيرة عندما ننظر لها على المدى الطويل. أعني الاستثمار والادخار على مدى 20 و25 عاما، إذ من الممكن جدا أن يدخر الشخص نحو 1000 جنيه شهريا أو سنويا. إطالة أمد الاستثمار التراكمي من شأنه أن يوفر على المستثمر عناء التداول اليومي. الناس يعتقدون أن 20 سنة فترة طويلة جدا، ولكن الأرقام ستثبت بالفعل تحقيق عوائد مجزية.
فريد: هنا تجدر الإشارة إلى أهمية الاستثمار وفقا للمؤشرات. ما يساعد المستثمرين في تحديد اختياراتهم بشأن استثماراتهم التراكمية هو الاستثمار في المؤشرات التي تتتبع حركة مجموعة متنوعة من الأسهم أو في الأدوات غير المرتبطة بحركة سهم واحد فقط. وهذا من شأنه أن يقلل من أثر تقلبات سعر سهم ما، من خلال الاستثمار في مكونات أحد المؤشرات.
إنتربرايز ما هي الفرصة الضائعة هنا؟
فريد: فقط انظر إلى نمو رأس المال السوقي للبورصة المصرية من 400 مليار جنيه قبل تحرير سعر الصرف في 2016 وحتى وصوله إلى مستوى قياسي بلغ تريليون جنيه في أبريل 2018. نحن نتحدث هنا عن زيادة بأكثر من 100% في قيمة الشركات المتداولة في البورصة. قليلون هم من استفادوا من هذا النمو، نظرا لغياب المشاركة الواسعة من جانب الطبقة الوسطى في البورصة.
إنتربرايز: كيف تحتسب أسعار الفتح والإغلاق في البورصة؟
سعر الفتح هو سعر إغلاق السهم في الجلسة السابقة. أسعار الإغلاق تحدد وفقا لما نسميه متوسط السعر المرجح حسب حجم التداول. بشكل أساسي تقوم بجمع المبالغ التي أنفقت في كل معاملة على الورقة المالية وبعد ذلك نقسمها على إجمالي عدد الأسهم المتداولة.
إنتربرايز: وما هو دور نظام السعر الاستكشافي صباح كل جلسة؟
فريد: نظام السعر الاستكشافي يعمل على قياس أثر أي أخبار رئيسية أو إفصاحات جاءت بعد إغلاق الجلسة السابقة قد تؤثر على سعر السهم. الجلسة الاستكشافية تكون بين الساعة 9:30 و10 صباحا في كل يوم تداول. وخلال تلك الجلسة، إذا كان هناك اعتقاد أن الأخبار الصادرة تؤثر على سعر السهم، ستجد أن المستثمرين يضعون أوامر عليها على نظام التداول قبل الساعة 10 صباحا. والهدف من الجلسة الاستكشافية هو التوصل إلى سعر نظري توافقي يختلف عن سعر الإغلاق ويعتبر هو سعر الفتح الجديد للسهم.
إنتربرايز: دعنا نتحدث عن التقلبات. كان 2018 عاما جنونيا على صعيد التقلبات، أولا في الأسواق الناشئة، ثم تسجيل البورصات الأمريكية لأسوأ ديسمبر منذ المالية العالمية.
فريد: علاوة المخاطرة ارتفعت، سواء في الأسواق الناشئة أو المتقدمة. في ظل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والخلافات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، علاوات المخاطرة في الأسواق الدولية ستظل موجودة لبعض الوقت. هذا الارتفاع في علاوة المخاطرة سيؤثر النمو في الأسواق المتقدمة. وبدوره سيؤثر على قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ولذلك كان الاحتياطي الأمريكي يرفع أسعار الفائدة بوتيرة أقل من التقديرات السابقة، خاصة عندما تنظر إلى منحنيات العائد عالميا الآن، إنها مسطحة بعض الشيء. سيتضح الموقف خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2019، لنرى ديناميكيات النمو والتضخم.
فريد: المميز في حالة مصر هو عمق الإصلاحات المالية والنقدية، المصحوبة باستثمارات غير مسبوقة في البنية التحتية رفعت من معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة وطورت شبكات وبرامج الحماية الاجتماعية، إذ أثبتت نظرية تساقط الثمار عدم نجاحها بنسبة %100. أثبتت الحكومة أيضا قدرتها على الاستجابة سريعا لتقلبات الأسواق الدولية. والدليل على ذلك، تأجيل برنامج الطروحات الحكومية. تأجيل البرنامج وليس إلغاؤه كإجراء مؤقت يتفاعل مع التغيرات.
إنتربرايز: وبشكل عام، ما هي الطروحات المرتقبة حاليا؟
فريد: لدينا بين ثلاث وأربع شركات بالقطاع الخاص، جلسنا معهم وهم مهتمون بالقيد في البورصة. ولدينا أيضا الشركات الحكومية المقرر طرح حصص منها ضمن برنامج الطروحات الحكومية، وتسعة من تلك الشركات مقيدة بالفعل. ستكون تلك هي نقطة البداية. بالنسبة لقيد الشركات الحكومية الجديدة، ينبغي أولا الحصول موافقة مجالس إداراتها، ثم موافقة جمعيتها العمومية، لذا نعتقد أننا سنراها قريبا في البورصة. مواعيد الطرح يجب أن تعلن من خلال اللجنة الحكومية المعنية بإدارة برنامج الطرح. ولكن ما نحن متيقنون منه من خلال محادثاتنا مع الحكومة هو وجود اهتمام واضح وإصرار على المضي قدما في البرنامج، كوسيلة لتوسعة ملكية تلك الشركات وتحسين الحكومة بها، إلى جانب التوسع في مصادر تمويلها.
إنتربرايز: كيف يمكن للشركات الحكومية أن تتطور مؤسسيا بموجب البرنامج؟
فريد: سيتطورون. عليهم الالتزام بقواعد القيد في البورصة، والتي تلزمك بأن يكون لديك مدير علاقات مستثمرين، ولجنة تدقيق. الإفصاح عن قيمة المكافآت والرواتب خلال اجتماع الجمعية العامة لمن يهمه الأمر. أعتقد أن جزء من فكرة القيد بالبورصة. أعتقد أن جزء من فكرة القيد ليست فقط الاستفادة ماديا، بل رفع قيمة الشركة. سيكونون مستعدين لذلك.
ما السؤال الأساسي الذي يطرحه المستثمرون الأجانب عليك عادة؟
فريد: هناك سؤالين أساسيين: ما هو مدى تمسك الحكومة ببرنامج الإصلاح؟ وهل يمكن أن تحدث عودة إلى الوراء؟ وردي عليهم واضج تماما، من خلال ما رأينه من جهد وإصرار ومن حجم القرارات التي اتخذت، فإن لن يكون هناك أي تراجع عن السياسات الكلية. وعلاوة على ذلك، أصبحت السياسات الكلية متفهمة جيدا الآن، فيما يتعلق بتخفيض العجز وتحسين السياسة النقدية.
فريد: أعتقد كذلك أن من المهم تصحيح المفاهيم لدى بعض المستثمرين الأجانب بشأن حجم مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري. انظر إلى تطور مساهمة القطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. في عام 2010 أو 2011 كانت النسبة 62% وارتفعت لتصبح 69.5% في العام المالي 2018/2017. وهو ما يعني أن الإصلاحات لها أثر على حيوية ومرونة القطاع الخاص من حيث التعامل مع الاضطرابات والتحديات الاقتصادية.
إنتربرايز: وما هي أهم التطورات الإيجابية من وجهة نظر المستثمرين الأجانب؟
فريد: نلقى الكثير من ردود الأفعال الإيجابية مؤخرا بشأن الإصلاحات التي جرت مؤخرا من جانب إدارة البورصة المصرية لتحسين القدرة على تداول الأسهم. ويشمل ذلك زيادة عدد الأسهم التي يمكن يتداولونها يوميا، وتقليل زمن إيقاف تداول الأسهم، والعمل على زيادة عدد الإفصاحات الصادرة باللغتين العربية والإنجليزية. في عام 2016، كانت نحو 20 شركة فقط تصدر إفصاحاتها باللغتين. وارتفع هذا العدد إلى 53. المستثمرون لاحظوا أيضا الأثر الإيجابي للإصلاحات الاقتصادية على ديناميكيات السوق بشكل عام. قليلة هي البلدان التي طبقت برنامجا للإصلاح وشهدت أسواقها تطورا مثلما حدث لدينا. ويرى المستثمرون أيضا فوائد تحرير السوق في قطاعات مثل الكهرباء، حيث ساهم برنامج تعريفة التغذية في تطوير قطاع الطاقة المتجددة في مصر.
إنتربرايز: البورصة المصرية تعمل على إصدار مؤشرات جديدة. هل يمكن أن تطلعنا أكثر على خططكم في هذا الصدد؟
فريد: أحد المؤشرات التي لم تطورها البورصة المصرية من قبل هو مؤشر العائد الكلي، والذي يدخل ضمن حساباته توزيعات الأرباح أيضا وليس فقط أسعار الأسهم كما هو الوضع حاليا. سنقوم بإصدار هذا المؤشر قريبا جدا. وسيبدأ المؤشر حساباته منذ فترة زمنية سابقة، ليكون واضحا للمتعاملين بأنه لا يقيس فقط تحركات الأسعار، ولكن أيضا الجزء النقدي، والذي لا يمكن تجاهله لأنه أيضا يخلق عائدا. وحتى لو كانت تحركات سعر السهم ليست في صالحك كمستثمر، سيكون هناك مكونات أخرى تعكس أو تحسن بعض استثماراتك في المستقبل. سيجري إصدار هذا المؤشر خلال الربع الأول من 2019. وأصدرنا مؤخرا أيضا مؤشر EGX30 Capped والذي يضع حدا أقصى للاستثمارات في كل شركة وفقا لللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال. وبالنسبة لمديري الصناديق فإن هذا المؤشر وسيلة مهمة لعقد مقارنة منطقية بين الأسهم. وعلى سبيل المثال، إذا لم يستطع مدير صندوق ما من معرفة الوزن النسبي لسهم البنك التجاري الدولي بمؤشر EGX30 ، فإن سيكون قادرا من خلال مؤشر EGX30 Capped من محاكاة المؤشر ويحاول زيادة استثماراته غير النشطة. لا يجب بالضرورة أن يكون هذا الاستثمار في أحد صناديق المؤشرات المتداولة، هناك الصناديق التي تصدرها البنوك، وهناك صناديق استثمار مفتوحة تحاكي أداء المؤشر.
إنتربرايز: لماذا لا نرى انتشارا لنشاط صناديق للمؤشرات المتداولة في مصر كما هو الحال في الخارج؟ بلتون أنشئت سابقا صندوقا من هذا النوع.
فريد: حتى الآن لدينا بالأساس بلتون. أعتقد أن المشكلة الأساسية هي كيفية الترويج لهذا النوع من الصناديق. تلك الصناديق لا تجذب المستثمرين الذين يتوقعون تحركات سعرية كبيرة، لأنها صناديق أقل تقلبا. وبالتالي، تحتاج إلى أسلوب مختلف في التسويق، وفي تعريف الناس عامة بفوائد الاستثمار غير النشط وتراكم المدخرات. ينبغي أن يكون هناك عمل كبير على تعريف الناس بمفهوم صناديق المؤشرات المتداولة والادخار المتراكم من خلال أسواق المال، وأن هذا التنوع يوفر على بعض الناس صعوبة تحديد القيمة المستهدفة لسهم بعينه. إنها مسألة محو أمية مالية. وهناك جانب آخر مهم وهو تركز بعض الشركات في المؤشر نفسه. يمكن محاكاة الغرض من صناديق المؤشرات المتداولة من خلال التداول في ثلاثة أو أربع شركات من السوق مباشرة.
إنتربرايز: عقدت وزارة المالية العديد من اللقاءات مؤخرا مع المستثمرين الآسيويين. فماذا عن استثمارات الآسيويين في الأسهم المصرية حاليا؟
فريد: تواجدهم ضئيل للغاية حتى الآن.
إنتربرايز: ما السبب في ذلك؟ وهل ترى أن ثمة فرصة؟
فريد: هناك فرصة بالتأكيد. الطريق الأسهل للترويج لإصداراتنا دائما هو طرق الأسواق المألوفة بالنسبة لنا في دبي ولندن ونيويورك. أعتقد أن جذب المستثمرين الآسيويين المحتملين سيتطلب دعم العلاقات بصفة مستمرة من جانب الحكومة والهيئات والقطاع الخاص. طريقة التعامل يجب أن تكون من أعلى إلى أسفل من خلال لقاءات ممثلي الحكومة مع المستثمرين المحتملين، إضافة إلى إقناع المحللين في صناديق الاستثمار بتلك الدول بأن مصر لديها فرص جيدة للاستثمار، مع قصة فريدة خاصة عند مقارنتها بالأسواق الناشئة الأخرى. ونأمل أن نتمكن من استقطاب المزيد من مستثمري دول شرق آسيا عند الإعلان عن طرح الصكوك السيادية المصرية. وبالنسبة للقطاع الخاص، فيجب بذل المزيد من الجهد من جانب شركات السمسرة.
إنتربرايز: من خلال دراستك للسوق، ما هي أنماط التحول التي شهدتها البورصة من حيث تركيبة المستثمرين في السوق خلال السنوات القليلة الماضية؟ وما هي الأنماط المتغيرة التي لوحظت في المؤسسات؟
فريد: من حيث الأرقام الإجمالية، فهي متماثلة تقريبا، إذ تمثل المؤسسات نحو 30-40%، فيما يستحوذ المستثمرون الأفراد على النسبة المتبقية، وغير المصريين يمثلون حوالي 35%. لكننا نرصد بعض الاختلافات داخل كل فئة، فتاريخيا، كانت المؤسسات المحلية تنتمي إلى فئة الاستثمار متوسط المدى، لكنها أصبحت تميل إلى المدى القصير في سلوكها التجاري. المؤسسات الأجنبية الدولية تراهن على المدى المتوسط للشركة أو الدولة أو السوق. أما بالنسبة للمستثمرين الأفراد، فيبدو أنهم يتقدمون في السن، ما يجعلنا بحاجة إلى جيل جديد من المستثمرين الشباب في السوق، وهذا هو السبب الذي يدفعنا إلى العمل على التعليم والتثقيف المالي. بعض المستثمرين لا يزال نشطا بالنظر إلى العدد المحدود المتاح لدينا، لكننا لا نرى لاعبين مؤثرين من الشباب.
إنتربرايز: لماذا لا يدخل مستثمرون جدد إلى السوق؟
فريد: يرجع ذلك إلى نقص المعرفة عن أسواق المال والبورصة، وهو ما يتطلب حملة توعية كبيرة تبدأ بطلاب المدارس الابتدائية الصغار جدا لتصل إلى طلاب الجامعات الذين نحاول جاهدين على تثقيفهم، وكذلك موظفي الشركات. وهذا التعليم والتثقيف يجب أن يكون متواصلا، فلا يقتصر على تدريب موظفي الشركات على أسواق المال وكيفية الاستثمار فيها، بل يجب أن يتضمن ذلك وسائل لكيفية الاستثمار إذا كان لديك القليل من المال والوقت والعكس صحيح. يجب أن نشرح هذه البدائل للناس لمحو الاعتقاد الخاطئ بأن الاستثمار في البورصة هو للأثرياء وذوي الخبرة الذين لديهم متسع من الوقت. لديك استثمارات تلبي احتياجات مختلف أنواع المستثمرين
إنتربرايز: إذن ما هي شركة البورصة الجيدة بوجهة نظرك، وكيف تتأكد من أنها لن تصبح شركة خاملة؟
فريد: شركة البورصة الجيدة هي شركة لديها فرص استثمارية وتعتمد على أسواق المال لتمويل تلك الفرص. وتلتزم شركات البورصة الجيدة بقواعد الإدراج ولديها مديري علاقات مستثمرين نشطين يقومون بوظيفتهم بشكل صحيح ويتعاملون مع المستثمرين بطريقة تتسم بالكفاءة، كما يكون لديها لجنة تدقيق مناسبة من مجلس الإدارة، ولجنة استثمار ولجنة للعمليات الداخلية، وتفصح عن الأحداث الجوهرية ويعلنون عن نتائج الأعمال في المواعيد المحددة. ويعد أحد الأدوار الرئيسية للبورصة هو تشجيع ضم الشركات المغلقة والعائلية، وتثقيفهم بشأن فوائد القيد من أجل تمويل خطط النمو وتحقيق الشفافية. ولدينا وحدة خاصة للتأكد من التزام الشركات المدرجة بقواعد الإفصاحات المالية، وإلزامها بنشر تلك الإفصاحات المالية في الوقت المناسب وبصورة واضحة. تنظر هذه الوحدة في أدق التفاصيل، لدرجة أنها قد تطالب بعض الشركات بتفسير بعض الهوامش غير الواضحة في تقارير مراجع الحسابات، كما تتحقق من البيانات المالية ونتائج الأعمال والتأكد من تصحيح أي أخطاء واردة للعامة. كما نخاطب الشركات التي لم ترسل نتائج أعمالها قبل الموعد المحدد بفترة تتراوح بين أسبوع إلى 3 أسابيع، لنتيح للمستثمرين القيام بجهد لجعل الشركات تصدر قوائمها المالية في مواعيد منتظمة.
فريد: كي نتمكن من تحديد حجم الطلب على القيد وتحويله إلى مؤشر يمكن قياسه بالنسبة للجنة القيد بالبورصة، قمنا بإنشاء نظام داخلي لإدارة علاقات العملاء في أكتوبر الماضي، ومن خلال ذلك نحدد من الأفضل، وبذلك يكون لدينا شركة محتملة للقيد. بعد ذلك نقوم بالتواصل مع الشركة لمتابعتها. سيساعدنا ذلك على تحديد جدول الطروحات المحتملة. نسعى للأمر مثلما تسعى شركات القطاع الخاص لجذب العملاء، لأن عمليات القيد هي جزء من مصدر رزقنا. حتى قبل القيد نقدم المشورة للشركات المحتملة كطريقة لبناء علاقة مع الشركة. هذا هو السبب الذي يجعلك ترانا نعمل بكثافة مع رايز أب وسنعمل بكثافة أيضا مع آخرين لزيادة التثقيف بشأن البورصة.
إنتربرايز: حسنا لنفترض أن لدي شركة مصرية كبيرة خاصة وأرغب في طرحها للاكتتاب العام. لماذا أقوم بذلك مع البورصة المصرية ولا أقوم به مثلا مع بورصة لندن أو بورصة دبي أو أي مكان آخر؟
فريد: أولا لأن بالنسبة للشركات المصرية ستكون السيولة أعلى من بورصة لندن أو في دبي. أما السبب الثاني فهو التكلفة، عمليات الاكتتاب العام لدى البورصة المصرية أرخص بكثير من الأسواق الأخرى. كذلك نحن نتميز باستقرار اللوائح والتنظيمية. نحن متأصلون في الأطر التنظيمية الخاصة بتلك العمليات. كما أن الأسواق الناشئة لدينا لها مكانة في مؤشر “إم إس سي آي” للأسواق الناشئة والمنتدى الاقتصادي العالمي منذ عام 2002. ونحن دائما على علم بالتطورات التقنية، والإجراءات، والعمليات، لكننا ندرك أيضا أننا بحاجة إلى الاستثمار في ذلك بشكل أكبر. هذا، إلى جانب السيولة والانكشاف والنفاذ، وما إلى ذلك. عندما تنظر إلى المشاركين في البورصة المصرية من صناديق التقاعد، فإنهم هنا بسبب حجم الشركات والسيولة وما إلى ذلك. علاوة على ذلك، هناك إصلاحات إضافية تأتي من المنظور التجاري من خلال إدخال المشتقات وآلية اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع، مما سيزيد من عمق السوق. والأهم من ذلك، هناك تنوع في السوق والقطاعات المدرجة في البورصة نفسها.
إنتربرايز: دعنا ننظر إلى بورصة لندن على وجه التحديد لمدة دقيقة. إنهم يصطادون في مياهنا منذ فترة. يقيمون حفلة هنا ثم يذهبون إلى دبي والرياض لإثبات وجودهم، ثم نجد الشركات تذهب إلى هناك، ونجد ثلاثة أسهم يوميا تقوم بتغيير الملكية. مرة أخرى، لماذا البورصة المصرية وليس بورصة لندن على وجه التحديد؟
فريد: في النهاية ليس الأمر سوى منافسة. من الطبيعي جدا أن يكون لديك منافسين من الأسواق الأخرى، فالأمر يتعلق بما يمكنك تقديمه من حيث الخدمات والسيولة والمخاطرة والدعم. من ناحية السيولة على وجه الخصوص، ستجد أن المستثمرين الذين اعتادوا الاستثمار في بورصة لندن، يقومون بعمليات استثمار كبيرة جدا. لن تحصل على سيولة في السوق عندما تتنافس مع شركات مدرجة كبيرة للغاية. ربما يمكنهم الاستفادة من إضافة بعض شهادات الإيداع الدولية في البورصات الأجنبية، لكني أعتقد أن الإدراج الرئيسي يجب أن يكون في الوطن، هنا في البورصة المصرية. من المهم أن تقوم الشركات المحلية باختبار نفسها في بورصة محلية يمكن أن تنتمي إليها. أما ما يساعد على توفير السيولة إلى جانب استثمار المؤسسات هو استثمار الأفراد. الاستثمارات متوسطة الأجل تقودها المؤسسات وهذا هو التوازن الذي نريده.
إنتربرايز: إذا هل من الممكن أن نقول إن البورصة المصرية ليست السوق المناسبة لإصدار ديون الشركات هنا، على عكس نظيراتها في دول الخليج؟ وما الذي يمكن أن نفعله في هذا الصدد؟
فريد: ديون الشركات قصة طويلة. نحن لدينا سوق إصدار نشطة نسبيا، مع الأخذ في الاعتبار أنه في جميع الأسواق (وليس فقط في مصر) ، لا يتم تداول ديون أو سندات القطاع الخاص بصورة نشطة في البورصات. لكن لديهم سوق أولية نشطة، حيث توجد الكثير من الإصدارات التي لا يتم تداولها بكثرة. ما حدث خلال السنوات الماضية، أنه كان لدينا بعض السندات التي صدرت بين 2002-2008 من القطاع الخاص، ولكن في ذلك الوقت كانت بيئة أسعار الفائدة في مصر منخفضة للغاية، مما سمح لمصدري القطاع الخاص بالتوجه إلى سوق سندات الدين. أما في الوقت الحاضر، فإن بيئة أسعار الفائدة مختلفة تماما، ولكننا نأمل في رؤيتها تنخفض قريبا لجذب المزيد من المصدرين. وبالفعل هناك جهود تبذل لخفض التكلفة، بما في ذلك التعديلات المعتمدة على قانون أسواق رأس المال التي تقلل من رسوم الإصدار للسندات. وبالنظر إلى كون السندات حساسة للغاية من حيث التكلفة، فقد قمنا بتخفيضها بنسبة 10% بهدف الترويج للإصدارات الأولية وإدراجها في البورصة. أما الأكثر نشاطا حتى الآن في السوق وعليك متابعتها هي إصدارات الأوراق المالية المضمونة بالأصول والأوراق المالية المضمونة بالرهن العقاري.
إنتربرايز: مضمونة برهون عقارية؟ تقصد كإصدارات التوريق
فريد: نعم لدينا بعض إصدارت الديون المضمونة بأصول ليست بالضرورة عقارية ولكن هناك إصدارات مضمونة بأصول أخرى على غرار المحافظ الاستثمارية وقروض السيارات. أحد المصدرين الرئيسين لتك النوعية (سندات التوريق) هي شركة لبيع السيارات بالتقسيط. وأدرجنا أيضا مؤخرا إصدار لشركة تأجير تمويلي تابعة لبنك استثماري. لذا من الممكن أن نعتبر تلك الإصدارات بداية الموجة لإصدارات بالسوق الأولية للسندات.
إنتربرايز: ماذا عن إدراج الديون الحكومية؟
فريد: نعمل عن كثب مع وزارة المالية والبنك المركزي والاطراف المعنية الأخرى من أجل اتمام الأمر، فهذا شرط رئيسي أيضا لوجود سوق قوي لسندات المؤسسات. سيكون لهذا الأمر مردود طيب على تكلفة الاستدانة الحكومية. يمكنك أن ترى أسعار الفائدة تتراجع وتنخفض علاوات المخاطر المتعلقة بالسيولة وسيكون لديك منحنى للعائد سيمكن الشركات من إصدار ديون قصيرة ومتوسطة الأجل وطويلة الأجل
إنتربرايز: ماذا حدث لبورصة النيل؟
فريد: افتقدنا البوصلة، ولكننا على طريق العودة مرة أخرى. الهدف الرئيسي من بورصة النيل هو مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تبحث عن السيولة لتمويل توسعاتها من خلال الاعتماد على سوق المال. المشكلة الرئيسية كانت تكمن في الشركات المتوسطة التي لا يوجد لديها خطط للنمو والتوسع. تطوير بورصة النيل يختلف عن تطوير السوق الرئيسية. فيما يتعلق بالسوق الرئيسية، هناك إصلاحات يمكن تطبيقها تباعا. ولكن بالنسبة لبورصة النيل، نحتاج إلى إجراء إصلاحات شاملة. هذا قد يتضمن فصل الشركات التي لديها إمكانيات للتوسع والنمو. الأمر الأخر الذي نتطلع إليه هو تمويل الشركات الممولة على سبيل المثال شركات رأس المال المخاطر والشركات الاستثمارية الخاصة. فتلك النوعية من الشركات يقوم بتوفير التنوع في التمويل نيابة عنك. تستثمر في شركة لديها استثمارات في 10 أو 20 شركة. البورصة المصرية بالتعاون مع البنك الاوروبي للتعمير والتنمية يعملان على دراسة إصلاحات محتملة لتطبيق هذا الأمر. بمجرد انتهاء الدراسة، سيكون لدينا خطة شاملة للإصلاح وذلك بحلول النصف الثاني من العام الجاري.
إنتربرايز: سأطرح عليك مجموعة من المصطلحات وسيتعين عليك أن تطلعني على تعريفها ووضعها في السوق.. البداية مع الصكوك ما هي ولماذا نحتاج إليها ومتى نراها في السوق المصرية.
فريد: الصكوك هي أداة مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية تعطي لصاحبها حصة في مشروع منجز أو قيد التنفيذ.
إنتربرايز: ولماذا نحتاج إليها؟
فريد: نحتاج إليها من باب تنويع الأدوات المالية وهي أحد الأدوات الشرعية المتاحة في السوق والتي يجب إتاحتها للعامة.
إنتربرايز: وماذا عن وضعها في السوق؟
فريد: الإطار التشريعي والتنظيمي موجود بالفعل. ولكن مدى إمكانية لجوء القطاع الخاص والعام إليها قصة مختلفة.
إنتربرايز: السندات قصيرة الأجل.
فريد: هي سندات تستحق آجالها في فترات زمنية أقل من سنة.
إنتربرايز: آلية اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع.
فريد: هي مرآة للتداول بالهامش، فيما عدا أنك ستكون قادرا على اقتراض الأسهم وبيعها في السوق بدلا اقتراض الأموال لشراء الأسهم. الإطار التشريعي والتنظيمي لتلك الآلية صادر منذ 2005، ولكن التفاصيل المتعلقة بقواعد التطبيق لم تصدر بعد. نعمل على المضي قدما في هذا الأمر بالتنسيق مع الجهات التشريعية المقتنعة بأهمية الأمر. نتوقع أن يبدأ تنفيذ الآلية بالربع الأول من العام الجاري. لقد انتهينا من المتطلبات التقنية حتى نتمكن من مراقبة السوق ونقيم ما يحدث بصورة جيدة.
إنتربرايز: وهل ستكون المراكز المالية للمقترضين معلنة للعامة؟
فريد: لا
إنتربرايز: هناك حد مسموح لأسهم الشركات التي يمكن أن تنفذ عليها تلك الآلية؟
فريد: بالتأكيد. ستكون تلك النسبة 10% بصورة مبدئية، ولكن يجب أن تعلن الهيئة العامة للرقابة المالية تلك النسبة وفقا للقواعد التي ستصدرها في هذا الشأن.
إنتربرايز: ماذا عن العقود المستقبلية وعقود الخيارات؟
فريد: بصورة مبدئية سنبدأ بالعقود المستقبلية ثم عقود الخيارات. هذا هو التطور الطبيعي للأمور. منصات التداول وآليات التسوية يجري العمل على تعديلها وتطويرها. بينما القواعد والأطر التشريعية تجري صياغتها الآن. نأمل أن نرى هذا الأمر في أواخر 2019.
إنتربرايز: ما هي بورصة السلع؟
فريد: هي منصة داخل السوق يمكن للمستثمرين من خلالها التداول على سلعة معينة بمواصفات معينة سواء كانت سلعة مصنفة أو مخزنة أو لديها استخدام واسع النطاق.
إنتربرايز: صانع السوق؟
فريد: هو عبارة عن جهة مرخصة تهدف لتوفير السيولة ولديها القدرة لتداول الأوراق المالية وتحمل مخاطرة الاحتفاظ بحجم معين من الأسهم كمخزون لديها أو بيع تلك الورقة التي يعمل كصانع سوق لها من المخزون المتاح لديه. وفي مصر سيتعين على صانع السوق أن يحصل على موافقة هيئة الرقابة المالية. من الممكن أن تكون شركة قابضة أو شركة منفصلة التي تحصل على الرخصة. وقد صدر الإطار التشريعي والتنظيمي الخاص بها. فيما يتعلق بالطلبات أو الاهتمام الذي وجدناه حيال ذلك الأمر، وجدنا بالفعل اهتماما من قبل البعض ولكننا نعمل الآن بطريقة علمية من خلال دراسة الأسواق العالمية ومناقشة الأمر مع الأطراف الفاعلة بالسوق المصرية ومن ثم نستطيع أن نوجد القواعد المنظمة للأمر.