المؤشرات التي يبحث عنها المستثمرون – حوار مع سايمون كيتشن، رئيس البحوث والاستراتيجية بالمجموعة المالية هيرميس
فنجان قهوة مع سايمون كيتشن رئيس البحوث والاستراتيجية بالمجموعة المالية هيرميس: يترأس سايمون كيتشن (لينكد إن) قطاع البحوث الاستراتيجية والاقتصادية وبحوث المؤشرات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجموعة المالية هيرميس القابضة، كما أنه مسؤول أيضا عن أكبر عشرين محفظة للبنك التابع للمجموعة في المنطقة. انضم كيتشن إلى المجموعة المالية هيرميس في عام 2007، ويمتلك خبرة تتجاوز أكثر من عقدين كمحلل وخبير اقتصادي متخصص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
التقينا مع كيتشن على هامش المؤتمر الاستثماري للمجموعة المالية هيرميس One on One في دبي الأسبوع الماضي، للحديث عن التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، والمؤشرات التي يبحث عنها المستثمرون في برنامج الطروحات الحكومية، بجانب رؤيته وتوقعاته للمنطقة بشكل عام. وإليكم مقتطفات محررة من الحوار.
إنتربرايز: هناك الكثير من الحديث حول برنامج الطروحات الحكومية في الوقت الراهن، والذي يهدف إلى بيع حصص في نحو 32 شركة حكومية على مدار عام. برأيك، كيف يؤثر البرنامج على توقعات المستثمرين بشأن الاقتصاد المصري؟
سايمون كيتشن: ما ينتظره المستثمرون الأجانب حاليا هو التنفيذ بعد تردد الحديث مرارا وتكرارا حول البرنامج على مدار السنوات الماضية. ينتظر المستثمرون البدء في بيع حصص في الشركات الحكومية وأن يتراجع دور الدولة في الاقتصاد. وقد يكون من المفيد تنفيذ عدد من الطروحات خلال الثلاثة أشهر المقبلة.
إنتربرايز: كيف ترى التأثيرات طويلة المدى لبرنامج الطروحات الحكومية على الاقتصاد المصري؟
سايمون كيتشن: تعد إحدى السمات الرئيسية التي يختص بها الاقتصاد المصري مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى الأصغر حجما، هي الدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات التابعة للدولة في القطاع المصرفي. وقد يسهم زيادة دور القطاع الخاص في النظام المصرفي في تحسين الحالة العامة لاقتصاد البلاد، من خلال منح المزيد من التسهيلات الائتمانية إلى شركات القطاع الخاص، والحد من "ظاهرة المزاحمة" المستمرة منذ نحو خمس سنوات. يمكن أن يكون هذا تحولا كبيرا. (مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في أنشطة الاقتراض نتيجة ارتفاع الفائدة على أدوات الدين الحكومية الأكثر ربحية بالنسبة للبنوك)
إنتربرايز: برأيك، أي الأصول الحكومية أقرب للطرح؟
سايمون كيتشن: من بين البنوك الحكومية الكبرى، من المرجح أن نشهد طرح بنك القاهرة قريبا، والذي طال الحديث عنه لأكثر من 15 عاما.
إنتربرايز: يعد تعزيز الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر إحدى الركائز الأساسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة. فما هو تقييمك لقدرة مصر على تحقيق تلك المستهدفات، وما هي القطاعات الواعدة التي يمكن التركيز عليها؟
سايمون كيتشن: أرى أن قطاعات الطاقة والهيدروجين الأخضر تأتي على رأس القطاعات الواعدة. تتمتع مصر بموقع جغرافي متميز، ووفرة في مصادر الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح على طول ساحل البحر الأحمر، بجانب القدرة على تصدير الهيدروجين الأخضر شرقا وغربا من خلال الموقع المتميز لقناة السويس. أعتقد أن جهود مصر في تعزيز الطاقة المتجددة ناجحة للغاية رغم تأخرها. ولدى مصر بالفعل البنية التحتية اللازمة للتصدير في مجال إنتاج الأسمدة على سبيل المثال، والتي يمكن البناء عليها عند تصدير الهيدروجين.
وهناك حديث أيضا حول صناعة السيارات، والتي قد تمثل تحديا أكبر. الحجم الكبير الذي تتمتع به السوق المصرية يجعلها جاذبة جدا للشركات المصنعة للسيارات، والتي يمكنها التوسع في السوق المحلية والتصدير إلى الخليج أو دول شرق البحر المتوسط أو قارة أفريقيا عبر مصر. وتحتاج مصر إلى تجاوز الأزمات الكبرى، مثل أزمات سعر الصرف وقيود الاستيراد، إذا أرادت أن تصبح مركزا لتجميع وتصدير السيارات في المنطقة.
إنتربرايز: توقع غالبية المشاركين في "استطلاع أراء مؤتمر المجموعة المالية هيرميس One on One لعام 2023"، أن يتفوق مؤشر "إم إس سي أي" لأسهم الأسواق الناشئة على مؤشر ستاندرد أند بورز 500 هذا العام. فهل يعكس ذلك تفاؤلا بشأن تحسن ظروف ونمو الأسواق الناشئة مقارنة بنظيرتها المتقدمة هذا العام؟
سايمون كيتشن: من المرجح أن يكون أداء مؤشر الأسواق الناشئة أفضل من أداء الولايات المتحدة، لكنني لا أتوقع تفوقا كبيرا. يعتمد أداء مؤشر الأسواق الناشئة على أسعار الفائدة الأمريكية. ويعود بعض الأداء الجيد للمؤشر منذ أكتوبر من العام الماضي حتى فبراير من هذا العام إلى التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتوقف عن رفع أسعار الفائدة. وقد تراجعت تلك التوقعات بعد استمرار الضغوط التضخمية في الولايات المتحدة.
عندما يكون أداء الأسواق الناشئة الكبرى مثل الصين وكوريا وتايوان سيئا، فإن الأسواق الخليجية تميل إلى الأداء بصورة جيدة. أعتقد أن هذا سيستمر هذا العام – الأسواق الخليجية أفضل قليلا من الأسواق الناشئة الأخرى بشكل عام لبقية العام. يعود الاقتصاد الصيني إلى العمل بكامل قوته هذا العام، ولكن تظل هناك بعض المشاكل الهيكلية التي تعيق النمو الكبير، والدليل على ذلك هي أهداف النمو المتواضعة التي وضعتها الحكومة الصينية.
الصناديق الكبرى في الأسواق الناشئة لديها الكثير من الإمكانات غير المستغلة في دول مجلس التعاون الخليجي. تشكل الأسواق الخليجية نحو 7% من وزن مؤشر الأسواق الناشئة، بينما تستحوذ على نحو 2% فقط إجمالي استثمارات الصناديق الكبرى في تلك الأسواق. هناك قناعة تاريخية بأن الأسواق الخليجية ليست مهمة، وأنها ليست أسواق ناشئة حقيقية. ولا يزال هناك بعض الرواسب من تلك القناعات، ولكن عندما تشكل الأسواق الخليجية ما يصل إلى 7% من وزن مؤشر الأسواق الناشئة، فلابد من التعامل مع هذا الأمر بالجدية اللازمة. ظلت المنطقة مهملة لسنوات، والآن يدرك المستثمرون أنهم بحاجة إلى منحها مزيدا من الاهتمام، وقد يدعم ذلك نموها.
إنتربرايز: ما هي الأسواق والقطاعات التي أثارت اهتمام المستثمرين خلال المؤتمر؟
كانت السعودية أكثر الأسواق الواعدة. تحرز الحكومة السعودية تقدما بطيئا نحو أهداف رؤية 2030 التي حددتها سابقا، فضلا عن عدد من المؤشرات الإيجابية مثل التغييرات التنظيمية المواتية، ودخول المزيد من النساء إلى سوق العمل، وزيادة صافي الهجرة. ومن الواضح أن اقتصاد دبي يزدهر أيضا، لكن من الصعب إيجاد طرق للاستثمار في تطلعات الإمارة.
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان هناك الكثير من الحماس تجاه البنوك السعودية الكبيرة. أعتقد أن الحماس في الوقت الراهن يتجه نحو الشركات الصغيرة، ومنها شركات المنتجات الاستهلاكية وشركات الرعاية الصحية وشركات التأمين. أعتقد أيضا أن المتاجر الكبرى ومنتجي المواد الغذائية سيحققون أداء جيدا.