أمريكا تلقي بثقلها في صناعة أشباه الموصلات لتقليل الاعتماد على السوق الآسيوية
الولايات المتحدة تخطط للتغلب على الصين في حرب أشباه الموصلات: مع تصاعد التوترات الجيوسياسية مع الصين، تتجه الولايات المتحدة لتصنيع المزيد من المنتجات والمكونات بدلا من استيرادها. ويتجلى هذا أكثر ما يكون في أشباه الموصلات، التي تعد مكونا أساسيا في كل شيء من السيارات إلى أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة والمعدات الطبية.
آسيا تهيمن على سلاسل التوريد العالمية: تستحوذ الصين وشرق آسيا على نحو 75% من حصة السوق العالمية لتصنيع أشباه الموصلات، وتعد تايوان وحدها مسؤولة عن 92% من صناعة الرقائق المتقدمة. بينما في الجهة الأخرى تراجعت حصة الولايات المتحدة من 37% عام 1990 إلى 12% فقط في 2020، بينما تمثل أوروبا 9%. ومن المتوقع أن تشهد الاقتصادات الغربية مزيدا من الانخفاض في حصتها خلال العقد الحالي، مع تراجع حصة أمريكا إلى 10% وأوروبا إلى 8%. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تستحوذ اقتصادات شرق آسيا على 77% من حصة السوق العالمية.
عدد قليل من اللاعبين يسيطرون على معظم رقائق العالم: تعتبر شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (تي إس إم سي) أكبر شركة رقائق في العالم بحصة سوقية تقارب 54% من السوق، بينما تمتلك شركة سامسونج الكورية 16.3%، وفقا لموقع ستاتيستا. تصنع الشركة التايوانية العملاقة نحو 24% من رقائق العالم، وأكثر من 90% من رقائق 5 نانومتر الأكثر تقدما، والمستخدمة في الطائرات المقاتلة الأمريكية وأجهزة أيفون وأجهزة الكمبيوتر العملاقة، والذكاء الاصطناعي للسيارات والمعالجات الأكثر تطورا، بحسب فيلم وثائقي لشبكة سي إن بي سي (شاهد 56:38 دقيقة).
الأسماء نفسها تقود الابتكار في القطاع: تي إس إم سي وسامسونج من بين عدد قليل من الشركات التي تنتج أصغر وأسرع شرائح 5 نانومتر. وتغلبت سامسونج الصيف الماضي على منافسيها لتصنيع أول شريحة 3 نانومتر في العالم، والتي تقول إنها تعمل على تحسين أداء الحوسبة بنسبة 23% وتقليل استهلاك الطاقة بنسبة 45%، وهي أصغر بنسبة 16% من شريحة 5 نانومتر. وفي الوقت نفسه، لا تزال شركة إنتل الأمريكية تواجه صعوبات لإنتاج أول شريحة 5 نانومتر، حسبما يذكر موقع إنسايدر إنتليجانس.
الولايات المتحدة مشتر رئيسي للرقائق، ولديها قلق بشأن سلسلة التوريد: تمثل أمريكا الشمالية 65% من مبيعات تي إس إم سي، وفقا لفايننشال تايمز. وهذه الإحصائية تسبب القلق لصناع السياسة والشركات في الولايات المتحدة بشأن تصعيد التوترات بين واشنطن وبكين حول وضع تايوان، حيث يقع مقر الشركة. وكثفت بكين من التدريبات العسكرية حول الجزيرة العام الماضي، وسط حرب كلامية مع الولايات المتحدة. وتعهد الرئيس جو بايدن مرتين بأن الولايات المتحدة ستدافع عسكريا عن تايوان ضد أي هجوم تتعرض له. وذكر نائب رئيس شركة فورستر للأبحاث والاستشارات لبيزنس إنسايدر أنه "إذا غزت الصين تايوان، سيكون ذلك أكبر تأثير نراه على الاقتصاد العالمي، وربما على الإطلاق".
الولايات المتحدة تحاول اللحاق بالركب: تشجع إدارة بايدن مصنعي الرقائق الرئيسيين على استثمار مليارات الدولارات في إنشاء مصانع على الأراضي الأمريكية، في محاولة للتحوط ضد أي مواجهات مستقبلية مع الصين قد تؤدي إلى توقف سلسلة التوريد، وفق وثائقي سي إن بي سي. وتعمل تي إس إم سي على بناء مصنع ضخم للرقائق بقيمة 40 مليار دولار في مدينة فينيكس بولاية أريزونا، والذي من المتوقع أن يبدأ العمل بحلول عام 2024، مع خطط لمزيد من التوسع في المستقبل. بينما تؤسس سامسونج مصنعا بقيمة 17 مليار دولار في ولاية تكساس، مع توقعات ببدء العمل في 2024 أيضا. وتستثمر شركة إنتل 20 مليار دولار في مصنعها العملاق بأوهايو، والذي من المفترض أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2025.
جهود أمريكية أخرى لتأمين حصة من الصناعة: أقر الكونجرس الأمريكي قانون أشباه الموصلات في الصيف الماضي، والذي يوفر نحو 39 مليار دولار في شكل حوافز وائتمان ضريبي بنسبة 25% لمصنعي أشباه الموصلات المحليين، إضافة إلى 13.2 مليار دولار أخرى للبحث والتنمية، بحسب بيان البيت الأبيض. وأعلنت شركات مايكرون وكوالكوم وجلوبال فاوندريز استثمار أكثر من 44 مليار دولار لتصنيع الرقائق في الولايات المتحدة، بالتزامن مع بدء العمل بالقانون الجديد.
لكن البعض ما زال يشك في جدوى صناعة الرقائق الأمريكية: يواجه مشروع فينيكس التابع لشركة تي إس إم سي شكوكا حول جدواه، وفق نيويورك تايمز. ويقول كيرك يانج رئيس شركة كيركلاند كابيتال للاستثمارات الخاصة إن "استثمار تي إس إم سي في الولايات المتحدة ليس له معنى على الإطلاق من منظور الأعمال"، خصوصا مع التكلفة المرتفعة والمشاكل الإدارية. بينما يشير آخرون إلى أن المصنع يأتي كامتياز للولايات المتحدة ولأسباب سياسية فقط.
الحوافز الأمريكية ليست خالية من القيود: يجب على مصنعي أشباه الموصلات الذين يحصلون على مساعدة من خلال القانون الجديد أن يتعهدوا بعدم توسيع العمليات في الصين لمدة 10 سنوات، بموجب القواعد الجديدة التي فرضتها وزارة التجارة الأمريكية الأسبوع الماضي، حسبما ذكرت فايننشال تايمز. وفرضت إدارة بايدن في سبتمبر الماضي حظرا على شركات الرقائق الأمريكية التي تبيع أشباه الموصلات للصين، مما زاد من حربها التكنولوجية ضد بكين.