هل تكون مبادرة القروض الجديدة طوق نجاة القطاع الصناعي؟
برنامج القروض منخفضة العائد الجديد.. ضوء في نهاية النفق؟ أشاع قرار الحكومة ببدء منح الشركات في قطاعي الصناعة والزراعة قروضا منخفضة العائد بنسبة 11% قبل أيام حالة من التفاؤل في القطاعين، وسط موجة من الاضطرابات التي تضرب كل المجالات عالميا ومحليا، حسبما أكدت مصادر مطلعة من اللعبين في القطاع الصناعي لإنتربرايز. ويأتي هذا بعد فترة وجيزة من إلغاء البنك المركزي المصري مبادرة القروض منخفضة العائد بنسبة 8% للشركات الصناعية والزراعية والمقاولات في نوفمبر الماضي. وأشادت جميع مصادرنا باستجابة الحكومة لمطالبهم سريعا، مشيرين إلى أن هذا يمكن أن يفتح الطريق أمام تحقيق نمو اقتصادي كبير (وسريع) وزيادة الإيرادات الضريبية.
الحكومة تستخدم الموازنة العامة لتغطية القروض، بعد استلامها مسؤولية المبادرة التي كانت مدعومة من البنك المركزي. وكان صندوق النقد الدولي قد حث مصر على نقل تبعية المبادرات التمويلية منخفضة العائد (التي كانت مسؤولة عن إقراض القطاعات والمبادرات الاستراتيجية بما في ذلك التمويل العقاري بأسعار أقل من السوق) إلى الوزارات المتخصصة.
التفاصيل: تبلغ قيمة المبادرة الجديدة 150 مليار جنيه، ومن المقرر تخصيص 140 مليار جنيه منها لتمويل رأس المال العامل للشركات، و10 مليارات جنيه لشراء السلع الرأسمالية لمدة خمس سنوات. وفي ما يلي بعض شروط المبادرة:
- تحديد الحد الأقصى لحجم الائتمان المتاح لكل شركة بناء على حجم أعمالها والقواعد المصرفية المنظمة، على ألا يتجاوز سقف القرض 75 مليون جنيه للشركة الواحدة، ونحو 150% سقفا للعملاء المرتبطين.
- كل شركة تتعامل مع بنكين فقط على الأكثر من البنوك المشاركة في المبادرة.
- حظر أي عميل يستخدم التمويل الذي توفره المبادرة لسداد أي مديونيات أخرى مستحقة عليه.
… والمزيد من التفاصيل: تهدف المبادرة إلى دعم القطاع الصناعي في السنوات الخمس المقبلة، من خلال زيادة تدريجية في سعر الفائدة 20% سنويا على سعر الفائدة المقترح وهو 11%. وذكرت المصادر أن البنوك وافقت على دمج مصاريفها الإدارية البالغة 0.75% في معدل الفائدة الإجمالي البالغ 11%.
في الوقت المناسب: عانى القطاع من خسائر فادحة بعد إلغاء المبادرة السابقة، وتكبد خسائر كبيرة جراء تحويل الشرائح المتبقية من القروض بأسعار الفائدة في البنك المركزي، حسبما قال رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية محمد المهندس لإنتربرايز، داعيا إلى سرعة تنفيذ المبادرة الجديدة.
الحكومة درست مبادرة المركزي جيدا: أظهرت الدراسة التي أجراها مجلس الوزراء قبل صياغة المبادرة حصول 4800 شركة على قروض ضمن مبادرة الـ 8%، حسبما قال نائب جمعية مستثمري المشروعات الصغيرة علاء السقطي لإنتربرايز. وأشار إلى أن نسبة الشركات الحاصلة على قروض أقل من 100 مليون جنيه بلغت 87%، فيما حصلت أقلية على قروض مرتفعة القيمة، لذا جاءت المبادرة الجديدة بحد أقصى يلائم الغالبية العظمى من الشركات، مما يضمن توزيع القروض على أكبر عدد ممكن من الشركات وخصوصا الشركات المتوسطة.
خطوة قوية في الاتجاه الصحيح: رغم أن عودة المبادرة تأتي مع مجموعة من الشروط لم تكن موجودة في سابقتها، أكد اللاعبون في الصناعة الذين تحدثوا إلى إنتربرايز أنها تعتبر طوق نجاة للقطاع، في ظل ارتفاع تكاليف رأس المال وارتفاع بيئة سعر الفائدة. وقال المهندس إن المبادرة تؤكد إيمان الحكومة بأن الصناعة هي محرك التنمية وتتطلب دعما كبيرا من الدولة.
الكثير من المزايا: اتفق عضو اتحاد الصناعات المصرية محمد البهي مع المهندس على أن وضع سقف لحجم الائتمان المتاح يسمح لمزيد من الشركات بالاستفادة من المبادرة، وبالتالي ضمان أنها لن تقتصر على عدد محدود من الشركات الكبيرة فقط. وأشاد السقطي باشتراط توجيه التمويل نحو التصنيع وشراء مدخلات الإنتاج وعدم السماح بسداد المتأخرات.
وبعض العيوب: من أجل الاستفادة من المبادرة، يتعين على الشركة تقديم ثلاث ميزانيات عمومية حققت خلالها أرباحا، وهو اعتبره البهي شرطا "معوقا" ويحصر الاستفادة في عدد محدود من الشركات. واقترح البهي تقديم قروض فورية للشركات الناشئة لدعم الابتكار من خلال اتاحة تدفقات نقدية عاجلة بنظام التدفق النقدي، لمساعدة لدعم الشركات القائمة على أفكار مبتكرة لكن الأزمة حالت دون بدء الإنتاج رغم الإنفاق. أما رئيس جمعية مستثمري بدر بهاء العادلي فأشار إلى أن المبادرة لا تغطي تدبير تكلفة الشحنات التي سبق استيرادها بالعقود الآجلة، والتي لم تشملها إتاحة التمويل.
مبادرة جيدة بشكل عام: اتفق لاعبو الصناعة مع مجلس الوزراء على توجيه 140 مليار جنيه لتحويل القروض السابقة التي خرجت بعوائد 17.25% لتستفيد من المبادرة الجديدة وتعود إلى نسبة 11% من أجل تقليل الضغط على الشركات، وفق ما ذكره السقطي. ولفت إلى أن طرح المبادرة، إلى جانب الخطوات الواضحة الأخرى لدعم الصناعة مثل الإفراج عن الشحنات المحتجزة في الموانئ، تعتبر إشارات إلى وجود مزيد من التناغم بين السياسات النقدية والتنفيذية، وهو ما يعود بمزيد من النفع على المصنعين.
وكان البنك المركزي المصري قد أعلن في أواخر ديسمبر الماضي إلغاء شرط استخدام الاعتمادات المستندية لتمويل الواردات، في محاولة لحل أزمة الواردات المتراكمة في الموانئ منذ فترة طويلة. وصار بإمكان المستوردين استخدام مستندات التحصيل في عمليات الاستيراد بعكس القرار الذي اتُخذ في فبراير، للحد من التدفقات الخارجة من العملات الأجنبية التي سببتها الحرب على أوكرانيا. وأدى نقص العملات الأجنبية إلى صعوبة وصول المستوردين لخطابات الاعتماد المستندية، مما حد من قدرتهم على إدخال السلع والمواد الخام إلى البلاد، وتسبب في نقص السلع الصناعية والاستهلاكية واضطراب اقتصادي وارتفاع في التضخم.
معظم السلع المحتجزة خرجت بالفعل: لا تزال هناك بضائع عالقة في الموانئ المصرية بقيمة 5.3 مليار دولار، حسبما ذكر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الأسبوع الماضي، منها بضائع بقيمة 3 مليارات دولار لم يقدم المستوردون مستنداتهم المعتادة لإنهاء الإفراج عنها. وبلغ إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ بداية ديسمبر وحتى الآن 13.9 مليار دولار، وفقا لحساباتنا.
كل الأنظار نحو الخطوة التالية: يتطلع القطاع الصناعي لمعرفة كيفية تنفيذ المبادرة من أجل تقييم فعاليتها في خفض التكاليف، وسط ارتفاع أسعار المواد الخام والتضخم المحلي والعالمي.
أبرز أخبار الصناعة هذا الأسبوع:
- بدء تجميع "بي إم دبليو" في مصر لأول مرة منذ خمس سنوات: بدأت مجموعة جلوبال أوتو للسيارات – الوكيل الحصري الجديد لعلامة "بي إم دبليو" في مصر – رسميا تجميع سيارات بي إم دبليو محليا.
- خمسة تحالفات محلية وأجنبية تقدم عروضا لإنشاء ثلاثة مجمعات لزيت الطهي، باستثمارات تصل إلى 321 مليون دولار.
- تمويل مشترك لمجمع قنا الصناعي: يدرس تحالف مكون من شركة سي إف سي للأسمدة، التابعة لمجموعة سى إف سى الإماراتية، وشركة إيفرجرو للأسمدة المصرية ثلاثة عروض لتدبير قروض مشتركة لتمويل إنشاء مجمع صناعي لإنتاج الأسمدة والكيماويات وأعلاف الماشية في محافظة قنا، باستثمارات تصل إلى 400 مليون دولار.
- المالية تقر تعديلات جديدة على اللائحة التنفيذية لقانون ضريبة القيمة المضافة: أصدر وزير المالية محمد معيط قرارا بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة، بهدف دعم التصنيع وتعزيز الصادرات.