نظرة على دليل شرم الشيخ للتمويل العادل
دليل شرم الشيخ للتمويل العادل.. كيف سيساعد مصر والدول النامية في التحول الأخضر؟ أطلقت وزارة التعاون الدولي خلال مؤتمر COP27 دليل شرم الشيخ للتمويل العادل (بي دي إف). بهدف تقديم خارطة طريق شاملة لمساعدة الدول النامية على جذب التمويلات التي تحتاجها لتنفيذ التحول الأخضر، جرى تطوير الدليل من خلال مشاورات استمرت لمدة عام مع أكثر من 100 من شركاء التنمية، بما في ذلك ممثلو الحكومات، ومؤسسات التمويل التنموي والقطاع الخاص، والبنوك، وصناديق تمويل المناخ، وأصحاب المصلحة الأخرى. وجرت كتابة الدليل بالشراكة مع شركاء التنمية الدوليين بما في ذلك بنك التنمية الأفريقي، وسيتي جروب، والشبكة الدولية للتمويل المختلط، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وآخرين.
"التمويل العادل" مصطلح آخر لتمويل المناخ يضاف إلى القاموس. الدليل يجلب فكرة "العدالة" إلى التمويل المعني بالمناخ مع الحفاظ على هدف ترجمة الالتزامات إلى مشاريع قابلة للتنفيذ. ومن بين مبادئ العدالة المناخية أن تتحمل دول العالم المتقدم المزيد من تكاليف معالجة آثار التغيرات المناخية، وأن الدول النامية لها الحق في مواصلة حركتها الصناعية حتى لو كان العالم بأكمله يتجه نحو تخفيض الانبعاثات. يمتد مفهوم التمويل العادل إلى مسألة الخسائر والأضرار (تعويض الدول النامية التي تواجه كوارث مناخية)، والتكيف (تدابير وقائية للتكيف مع تغير المناخ)، والتخفيف (مشاريع للحد من الانبعاثات الكلية).
كان أمرا مهما أن يجري الإعلان عن ذلك خلال COP27 – مؤتمر المناخ للتنفيذ والعدالة المناخية وأفريقيا: يحدد الدليل إطارا لتعزيز التمويل المناخي للدول النامية، جزئيا من خلال مساعدتها في إنشاء مجموعة من المشاريع الصديقة للمناخ التي يمكن تمويلها. تعد بعض الموضوعات الرئيسية لـ COP27 المفتاح المنهجي للإطار: الحق في التنمية لجميع الدول، والتعويض المالي عن الخسائر والأضرار، والوصول إلى التمويل والموارد، والمساءلة على أساس "المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة أيضا للبلدان".
تشهد مصر العمل على ذلك بالفعل مع إطلاق البلاد مؤخرا مبادرة "نوفي" لحشد التمويلات للمشروعات الخضراء في قطاعات المياه والغذاء والطاقة: أثنى تقرير تمويل العمل المناخي (بي دي إف) الصادر مؤخرا بتكليف من الأمم المتحدة على برنامج "نوفي" باعتباره "نموذجا رائدا" للمساعدة في جذب الاستثمارات إلى المشاريع الصديقة للمناخ في الأسواق الناشئة بطريقة ملموسة وعملية، حسبما ذكرنا في وقت سابق. وتقترب قيمة اتفاقيات التمويل المناخي التي أبرمتها مصر خلال مؤتمر COP27 لصالح منصة المشروعات الخضراء بقطاعات المياه والغذاء والطاقة (نوفي) من 10 مليارات دولار، وفقا لما ذكرته وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط مؤخرا.
الدليل واضح – لا يمكننا التصدي لتغير المناخ دون استثمار خاص. من المتوقع أن تكون 1.4% فقط من 410 تريليون دولار من الأصول المالية العالمية المملوكة للقطاع الخاص كافية لسد الفجوة في تمويل المناخ العالمي، حسبما ورد في الدليل. على النقيض من ذلك، فإن التمويلات الجماعية لبنوك التنمية متعددة الأطراف، إذا جرى توجيهها للعمل المناخي، ستشكل 4% فقط مما هو مطلوب. ويحتاج كل بلد إلى استثمارات خاصة للعمل المناخي، لذا فإن تعزيز قابلية الاستثمار في مشروع المناخ، أو "إمكانات وقدرة المشروع على جذب الاستثمار غير العام"، أمر بالغ الأهمية، حسبما يؤكد الدليل.
يوضح الدليل كيفية استخدام الأدوات المالية وغير المالية لجذب الاستثمارات الخاصة عن طريق الحد من المخاطر:
# 1- حشد التمويل منخفض التكلفة: يوجز الدليل طرق حشد رأس المال الميسر وأدوات التأمين ضد المخاطر، لخلق إمكانات للاستثمار بها "معادلة للمخاطر مقابل العوائد" مقبولة بالنسبة للقطاع الخاص، مع تقديم منح في مرحلة التصميم ومساعدة فنية لتحسين جدوى المشروع وقياس الأثر والجدارة الائتمانية. ويحدد الدليل أيضا كيف يمكن منح "رأس المال التحفيزي الميسر" من المؤسسات العامة والخيرية لأدوات التمويل المختلط التي تقلل من مخاطر الاستثمار.
# 2- تعزيز القدرة على تحمل الديون: يحدد الإطار أيضا كيفية تجويد الاستثمار في الدول النامية من خلال تقديم المزيد من المساهمات والقروض بالعملة المحلية، وزيادة القدرة على تحمل الديون.
# 3- استخدم التمويل غير المختلط، مثل أسواق الكربون والائتمانات المرنة لتحفيز الاستثمار الخاص.
# 4- مشاركة المعرفة + زيادة الشفافية والمساءلة لتعزيز بيئة الاستثمار: تحتاج الحكومات إلى العمل مع أصحاب المصلحة الآخرين للمساعدة في تحديد احتياجات الاستثمار في المناخ وترتيب أولوياتها، إلى جانب الفجوات التقنية والمالية القائمة، حسبما ورد في الدليل، الذي أضاف أن جميع أصحاب المصلحة – بما في ذلك شركاء التنمية والحكومات المستفيدة – بحاجة إلى تحسين الشفافية والمساءلة في التخطيط والإفصاح والتواصل.
يقدم الدليل أيضا توصيات محددة حول كيفية تحفيز أصحاب المصلحة للاستثمار في أفريقيا:
الحكومات: مثلما فعلت مصر عبر منصة "نوفي"، يجب على الحكومات الأفريقية خلق مسارات من المشاريع للتمويل المختلط، لا سيما في القطاعات ذات الأولوية مثل الطاقة والزراعة والمياه والصحة، والتي تعتبر "ضرورية للتنمية المستدامة". يمكن للحكومات "حشد" استثمارات القطاع الخاص وتقليل المخاطر من خلال زيادة الشفافية في مجالات مثل شراء الأراضي. وحيثما يكون استثمار القطاع العام مرتفعا، ينبغي إصلاح سياسات الشراء من أجل "إعطاء الأولوية للنتائج المناخية" (من خلال اشتراط البناء المنخفض الانبعاثات، على سبيل المثال). تحسين سهولة ممارسة الأعمال التجارية وإنفاذ العقود، وإلغاء الدعم الموجه إلى الصناعات غير الملائمة للمناخ، وخفض التعريفات الجمركية على استيراد المعدات الرئيسية من شأنه أن يدفع الاستثمار المناخي. وينبغي للحكومات أيضا أن تصدر بيانات عن مخاطر الاستثمار وتخصيصه ونتائجه لإظهار الأماكن التي يجري فيها توزيع الأموال – العامة والخاصة – وتأثيرها وتوافقها مع البلدان النامية.
ويجب على الحكومات الأفريقية "الاستفادة من إمكانات التعاون الإقليمي لإنشاء شبكات لحشد التمويل المناخي"، بحسب الدليل.
شركاء التنمية متعددو الأطراف: قد يحفز شركاء التنمية متعددو الأطراف الاستثمار الخاص من خلال تحمل بعض المخاطر – الحقيقية والمتصورة – للاستثمار الذي يركز على المناخ في الدول الأفريقية. ويمكنهم القيام بذلك من خلال تمويل المشاريع في مراحلها المبكرة، وتوفير ضمانات أو رأس مال الخسارة الأولى، والتخارج بعد ذلك لصالح مستثمرين من القطاع الخاص بعد التخلص من مخاطر الاستثمارات. تساعد الشراكة مع المقرضين المحليين على توزيع رأس المال بشكل أكثر إنصافا داخل الاقتصادات الأفريقية، حيث تعمل العديد من مشاريع المناخ على نطاق صغير نسبيا. وقد يساعد شركاء التنمية متعددو الأطراف في تعزيز معايير التأثير ومؤشرات الأداء الرئيسية لتمويل المشاريع الصديقة للمناخ لبناء ثقة المستثمرين. ويمكنهم أيضا تبسيط آليات الوصول إلى تمويل المناخ – خاصة للبلدان الأفريقية منخفضة الدخل.
مستثمرو القطاع الخاص: يمكن للقطاع الخاص تقديم إفادات أساسية لمساعدة الحكومات وشركاء التنمية متعددي الأطراف على فهم متطلباتهم وتصميم سياسات المناخ والأعمال وفقا لذلك. وينبغي أن يخصص القطاع الخاص جزء من تمويله على وجه التحديد لمشاريع التكيف والقدرة على التكيف – التي لا تشكل عادة مجالات جذابة للاستثمار الخاص. من خلال القيام بذلك، والشروع في "استثمارات أولى" في قطاعات ومناطق جغرافية جديدة جنبا إلى جنب مع "المستثمرين المشاركين الموثوق بهم"، قد يساعدوا في تحفيز دورة مثالية من التخلص من المخاطر وزيادة نضج السوق. ويجب عليهم أيضا تصميم "أدوات استثمارية جديدة مناسبة للغرض" تستخدم التمويل المختلط وتوظف هياكل التمويل بالسوق لفترات أطول من نموذج العشر سنوات الإطاري.
عندما ينجح كل ذلك – كما يحدث حتى الآن في منصة "نوفّي" – "يصبح الطريق ممهدا أمام التدفقات الاستثمارية من القطاع الخاص"، وفقا لما قاله هاري بويد كاربنتر، المدير العام للاقتصاد الأخضر والعمل المناخي لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، لإنتربرايز مؤخرا. بموجب محور الطاقة في برنامج "نوفي"، ستخلق الاستثمارات العامة في تطوير شبكة نقل الكهرباء وإغلاق محطات الوقود الأحفوري القديمة الظروف المواتية لتدفق مليارات الدولارات من القطاع الخاص إلى قطاع الطاقة المتجددة في البلاد.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- اختتام COP27: غادر ممثلو وفود نحو 200 دولة قمة المناخ COP27 بعد اتفاق تاريخي لإنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار لمساعدة الدول النامية المتضررة على التعامل مع الكوارث المناخية الناجمة عن انبعاثات الدول الغنية.
- دفعة تمويلية قوية للمشروعات الجديدة بقطاع الطاقة المتجددة: شهدت قمة COP27 توقيع اتفاقيات إطارية بقيمة تصل إلى 119 مليار دولار لمشروعات الرياح والهيدروجين الأخضر.
- يبلغ عدد سكان العالم الآن 8 مليارات نسمة، ما يعد نقطة فارقة لتحديات مناخية شاقة – ولكن ليست مستحيلة.