كيف يستقطب مشروع التأمين الصحي الشامل المزيد من الاستثمارات الخاصة؟
يعمل نظام التأمين الصحي الشامل على الدمج بين القطاعين الخاص والعام لتلبية احتياجات الرعاية الصحية للمصريين، وهو ما يعد فعليا "نقلة نوعية" في تقديم خدمات الرعاية الصحية وتمويلها، حسبما أشار البنك الدولي في تقرير صادر مؤخرا. الدور المتنامي للقطاع الخاص في ظل نظام التأمين الصحي الشامل يشجع المستثمرين، ويعتقدون أن المنافسة المتوقعة بين مقدمي الخدمات من القطاعين العام والخاص ستؤدي إلى تحسين جودة الرعاية الصحية الشاملة، وفقا لمستثمرين تحدثنا معهم.
يراقب اللاعبون في القطاع الخاص التطورات عن كثب ويبحثون عن فرص للاستثمار: "يمتلك التأمين الصحي الشامل إمكانات هائلة لتشجيع استثمارات القطاع الخاص"، حسبما قال الرئيس التنفيذي لشركة إيليفيت للرعاية الصحية طارق محرم، مضيفا: "نتابع آخر التطورات منذ سنوات وإعادة إطلاق المشروع الأخيرة لديها خطة قوية تمنح الأمل في أن التنفيذ سيكون جادا".
كيف سيشرك نظام التأمين الصحي الشامل القطاع الخاص: سيسمح النظام الجديد للمرضى باختيار مزودي الخدمة، وسيجري التعاقد مع مقدمي خدمات من القطاعين العام والخاص باستخدام جدول رسوم محدد وعقود قائمة على المخرجات. نظرا للزيادة المتوقعة في الإنفاق على القطاع، من المرجح أن يشجع هذا القطاع الخاص على القيام باستثمارات إضافية في مجال الرعاية الصحية، حسبما أخبرتنا مصادر من المجموعة المالية هيرميس. ستوسع الدولة أيضا في نهاية المطاف خدمات التأمين لتشمل خدمات الرعاية المركزة والتصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية، وهو ما سيكون مستحيلا تحقيقه دون مساعدة القطاع الخاص، حسبما قال وزير الصحة خالد عبد الغفار مؤخرا.
من المتوقع أن يتضاعف الإنفاق على الرعاية الصحية الخاصة بحلول عام 2025، مدفوعا بخدمات التأمين الصحي الشامل، كما أخبرنا متخصصو الاستثمار في الرعاية الصحية، مستشهدين بأبحاث السوق الخاصة بهم. سيؤدي طرح نظام التأمين الصحي الشامل بالكامل إلى فتح شريحة كبيرة غير مستغلة سابقا من سوق الرعاية الصحية، حسبما أخبرنا الخبراء، مضيفين أنه وفقا لأبحاثهم الخاصة، من المتوقع أن يرتفع حجم الاستثمارات الخاصة إلى 322 مليار جنيه في 2025 من 154 مليار جنيه في 2019.
تحصل الرعاية الصحية على المزيد من الاستثمارات العامة أيضا: تعد ميزانية الاستثمار في الرعاية الصحية حاليا رابع أكبر ميزانية في إجمالي الموازنة العامة للدولة، بعد مخصصات الخدمات العامة والحماية الاجتماعية والتعليم. وفقا للتقرير، تلقت خدمات الرعاية الصحية في المتوسط 5.2% من إجمالي الإنفاق العام من 2016 وحتى 2021، وهو ما يعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي. تحددت الاستثمارات العامة في الرعاية الصحية بمبلغ 34.1 مليار جنيه في العام المالي 2023/2022، ما يمثل زيادة بنحو 30% مقارنة بـ 26.4 مليار جنيه المخصصة للعام المالي 2022/2021.
يحتل الإنفاق على الرعاية الصحية في مصر مرتبة متأخرة بين المتوسطات حول العالم: وفقا لبيانات البنك الدولي، فإن الإنفاق الحكومي أقل من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو 6.4%، وأقل بكثير من المتوسط العالمي، وهو 10%. كما أنه أقل مما هو عليه في دول مثل المغرب وتونس، اللتين تتمتعان بدخول متشابهة للفرد لكنها تنفق 6-7% من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية.
ونتيجة لذلك، لم يتمكن القطاع العام من مواكبة النمو السكاني. انخفض عدد المستشفيات العامة بنسبة 1.1% خلال العقد الماضي، وفقا للتقرير. في المقابل، نما عدد السكان بنسبة 25.6% خلال الفترة الزمنية ذاتها، كما يشير التقرير.
تعاني البنية التحتية للرعاية الصحية في مصر من نقص في الخدمات، كما تعاني من نقص هائل في عدد أسرة المستشفيات، ويوجد في مصر حاليا 1.3 سرير لكل ألف مواطن، استنادا إلى أحدث البيانات من عام 2019. وهذا أقل من متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ 1.5 سرير لكل ألف، وأقل بكثير من 4.4 سرير وهو نصيب الفرد في معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال العام نفسه – على الرغم من أن البنك الدولي يشير إلى أنه يقارب ضعف النسبة في الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى.
يتدخل القطاع الخاص لسد النقص: على مدى العقد الماضي، زاد عدد المستشفيات الخاصة بنسبة 10% وزادت الأسرة الخاصة بنسبة 38%. يدير مقدمو الرعاية الصحية الخاصة 28% من أسرة المستشفيات في النظام الصحي، وفقا للأرقام الرسمية التي استشهد بها التقرير. يمكن للقطاع الخاص أن يساعد أيضا في تحسين جودة الخدمة. "يتمثل جزء أساسي من عملنا في توسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية الجيدة"، حسبما قال محرم لإنتربرايز.
سيكون مخطط تسعير خدمات التأمين الصحي الشامل هو المفتاح لجلب المزيد من اللاعبين من القطاع الخاص: ستغطي طريقة التسعير الإضافي التكاليف الطبية الأساسية، وتسمح للمرضى بدفع رسوم إضافية من جيوبهم إذا كانوا يرغبون في اختيار مقدمي خدمات طبية محددين. يقول محرم: "سيحد هذا من إساءة استخدام النظام، وتجنب أي نقص محتمل في الجودة يمكن أن ينتج عن التسعير الموحد، ما قد يؤدي إلى توحيد الخدمات". ويشير محرم إلى أن هناك حاليا لجنة لاستراتيجية التسعير تضم ممثلين عن القطاع الخاص، وهو أمر "واعد للغاية"، على حد قوله.
أكثر من 4.5 مليون مواطن جرى تسجيلهم حتى الآن في نظام التأمين الصحي الشامل، حسبما ذكر مسؤولون مؤخرا. يجري تطبيق النظام تدريجيا في جميع أنحاء البلاد على مدار هذا العقد وهو متاح حاليا في بورسعيد والأقصر والإسماعيلية وجنوب سيناء. سيتم تضمين جميع المرافق الصحية في البلاد في النظام بحلول عام 2032، وفقا لما قاله المسؤولون في وقت سابق من هذا الشهر.
يتطلع المستثمرون لمزيد من التفاصيل من الحكومة حول كيفية عمل الشراكة بين القطاعين العام والخاص. بعد تنفيذ نظام التأمين الصحي الشامل في عدد قليل من المحافظات، أشارت الحكومة إلى استعدادها لإجراء بعض التغييرات والتحسينات على النظام، الأمر الذي وجده المستثمرون "مشجعا"، حسبما أخبرتنا مصادر في المجموعة المالية هيرميس.
أحد العوائق المهمة التي يجب التغلب عليها هو الترخيص. يؤدي عدم وجود هيكل تنظيمي شامل في مصر إلى خلق حواجز وعمليات طويلة ومعقدة تجعل الدخول إلى قطاع الرعاية الصحية الخاص أمرا صعبا، بحسب التقرير. المتطلبات واللوائح تجعل من الصعب على القطاع الخاص المشاركة في الرعاية الأولية. على سبيل المثال، العيادات الخارجية لا يمكن أن تكون مملوكة إلا لأطباء معتمدين فقط.
يمكن لنظام التأمين الصحي الشامل أن يمهد الطريق للاعبين من القطاع الخاص لتوسيع وجودهم في جميع أنحاء مصر. وبنيت استراتيجية إيليفيت للرعاية الصحية إلى حد كبير مع وضع نظام التأمين الصحي الشامل في الاعتبار، وقامت الشركة التي يبلغ عمرها عاما واحدا بتوسيع عملياتها في جميع أنحاء صعيد مصر والدلتا منذ تأسيسها، وفقا لمحرم. "نتوقع أن نكون حاضرين في جميع المحافظات خلال العامين المقبلين"، حسبما قال محرم. وفقا لتقرير البنك الدولي، فإن العيادات الخاصة منتشرة في المناطق الحضرية أكثر من المناطق الريفية.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- دشنت شنايدر إليكتريك ثلاثة مراكز تحكم آلية لتوزيع الطاقة بقيمة تقارب 1.8 مليار جنيه في القاهرة الكبرى.
- وقعت شركة المصرية للاتصالات اتفاقية مع مزود الإنترنت ليومن الأمريكية لإنشاء أول نقطة ارتكاز إقليمية لها في البلاد.
- تعتزم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس توفير خدمات جديدة للسفن بما في ذلك التزود بالوقود والطعام اعتبارا من الربع الأول من عام 2023.
- يتطلع تحالف يضم عدة شركات إماراتية – لم تذكر هويتها – إلى إنشاء منطقة لوجستية في مطار مصري لم يفصح عن اسمه.