شركات الإنشاءات تتفادى التأثيرات الاقتصادية العالمية وتحقق نتائج جيدة في الربع الثاني من 2022 – فكيف فعلت ذلك؟
قطاع الإنشاءات يبقى صامدا في مواجهة الضغوط العالمية بالربع الثاني من 2022: ضرب مزيج من الرياح المعاكسة الاقتصادية المحلية والعالمية قطاع الإنشاءات على مدار النصف الأول من العام، من نقص المواد الخام وضغوط العملات الأجنبية وضعف الجنيه إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والتضخم. وشهد الربع الثاني من العام التأثير الكامل للتداعيات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا التي ضربت شركات قطاع الإنشاءات، لكنها تمكنت من التغلب على التحديات من خلال تنويع محافظ مشروعاتها، والنهج الاستباقي لإدارة المخزون ورأس المال العامل، وفقا للمحللين الذين تحدثت معهم إنتربرايز.
في هذا السياق – أدت أزمة ارتفاع أسعار السلع ومواد البناء عالميا، إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، والتقلبات في الأسواق المالية الدولية، إلى خروج استثمارات أموال ساخنة بقيمة 20 مليار دولار من البلاد هذا العام. وقد أدى ذلك أيضا إلى الضغط على الجنيه، الذي انخفض بأكثر من 22% منذ مارس، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر مع اعتماد الحكومة لسعر صرف أكثر مرونة، وسط محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة مساعدة. علاوة على القيود المفروضة على الاستيراد التي أعاقت الشركات من الحصول على مواد البناء والمواد الخام الضرورية. وشكلت تلك العوامل مجتمعة صعوبة كبيرة بالنسبة للمقاولين.
نستعرض في هذا العدد من هاردهات أداء شركتي الإنشاءات الرئيسيتين المدرجتين في البورصة المصرية: السويدي إليكتريك وأوراسكوم كونستراكشون. على الرغم من وجود عراقيل، تحسن أداء الشركتين في الربع الثاني من 2022 مقارنة بالربع الأول. وارتفعت إيرادات شركة السويدي إليكتريك بنسبة 50% على أساس سنوي لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 20.4 مليار جنيه، وشكلت المشاريع الجاهزة ما يقرب من نصف إجمالي إيراداتها، وفقا لبيان أرباح الشركة (بي دي إف). وارتفع صافي الدخل بنسبة 27% على أساس سنوي إلى 1.1 مليار جنيه، بزيادة تصل إلى 45% عن صافي الدخل خلال الربع الأول من العام. وارتفعت إيرادات أوراسكوم كونستراكشون بنسبة 8% على أساس سنوي لتصل إلى 934.9 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2022، وسجل صافي دخل الشركة 20.8 مليون دولار (بانخفاض 13% في ظل ارتفاع التضخم)، وفقا لبيان أرباح الشركة (بي دي إف). ومع ذلك، فقد ارتفع صافي دخل الشركة خلال الربع الثاني بنحو 60% مقارنة بالربع الأول من عام 2022، بعدما عادت شركتها التابعة البلجيكية بيسكس إلى الربحية في الربع الثاني، بعد أن تراجع صافي دخلها بنسبة 45% في الربع الأول على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة ونقص المواد الخام بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
ارتفاع الأسعار وهوامش الربحية القوية ساعد الشركتين على التكيف مع الظروف المتقلبة: بالنسبة لأوراسكوم كونستراكشون، تعرضت الإيرادات قبل خصم الضرائب والفوائد والإهلاك والاستهلاك لضغوط في الشرق الأوسط وأفريقيا في نفس الوقت الذي تحسنت فيه هوامش الربح في الولايات المتحدة بشكل كبير، مستفيدة من قوة الدولار، وفقا لنعمان خالد محلل الاقتصاد الكلي لدى أرقام كابيتال. ومن ناحية أخرى، نفذت شركة السويدي "زيادات كبيرة في الأسعار" لقطاع الأسلاك والكابلات مما ساعدها على زيادة أرباحها.
زيادة المخزون وفر حماية أكبر لشركة السويدي: بلغت قيمة مخزون الشركة 19.5 مليار جنيه بنهاية النصف الأول من عام 2022، بارتفاع يقارب 50% من 13.32 مليار جنيه بنهاية عام 2021، إذ حرصت الشركة على زيادة المخزون وسط اضطرابات سلاسل التوريد العالمية. "زيادة المخزون يحمي عمليات السويدي من أي اضطرابات تتعلق بأسعار السلع وأزمة الواردات"، حسبما قال نائب الرئيس المساعد بالمجموعة المالية هيرميس، علي عفيفي. وأضاف: "لم تسجل الشركة أي ارتفاع في أسعار السلع في تكاليف هذا الربع، بفضل استراتيجية زيادة المخزون منذ بداية العام".
هناك اختلافات رئيسية بين الشركتين: يمثل قطاع الأسلاك والكابلات أكثر من نصف أعمال شركة السويدي إليكتريك، في حين أن المقاولات هي قطاع الأعمال الرئيسي لأوراسكوم، كما قال نائب رئيس الأبحاث في برايم لتداول الأوراق المالية، محمد سعد، لإنتربرايز. وأوضح سعد أن الجانب التصديري لأعمال السويدي إليكتريك يسمح لها بالاستفادة من تراجع الجنيه، وهو ما لا ينطبق على أوراسكوم كونستراكشون. في حين أشار إلى أن أوراسكوم كونستراكشون لا يزال لديها ميزة وهي أن تدفقات الإيرادات لديها مقومة بالدولار. وقال خالد: "نظرا لوجود جزء كبير من الأعمال قيد التنفيذ لشركة أوراسكوم كونستراكشون في مصر، ومع استيراد الكثير من المواد اللازمة، فمن المرجح أن يكون هناك تأثير سلبي لانخفاض قيمة الجنيه".
ولدى كل شركة أولويات مختلفة للنمو: "بينما تقوم شركة السويدي إليكتريك بعمليات استحواذ واستثمارات جديدة كجزء من التوسعات في قطاع الأسلاك والكابلات، تركز شركة أوراسكوم كونستراكشون حاليا على الحفاظ على العمل كالمعتاد"، حسبما قال سعد. وقال الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم كونستراكشون أسامة بشاي، في بيان الأرباح، إن الشركة تركز على "تنفيذ المشروعات، وسلسلة التوريد والتحصيل". وأوضح سعد: "هذا هو السبب في أن أوراسكوم كونستراكشون أوصت بتوزيع أرباح على المساهمين، في حين أن السويدي لم تقم بذلك لمساهميها منذ فترة". وأوصى مجلس إدارة أوراسكوم كونستراكشون بتوزيع أرباح نقدية قدرها 27 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2022، أي ما يعادل 0.2313 دولار للسهم.
أزمة العملة الأجنبية لا تهدد أي من الشركتين: "عمليات السويدي في معظمها مقومة بالدولار والعملات الأجنبية الأخرى، مما يحميها من التحركات الكبيرة في العملة"، على حد قول عفيفي. أما سعد فيرى أن نقص العملة الأجنبية لا يمثل تهديدا لأنه يمكن التفاوض على عقود جديدة لاستيعاب أزمة الدولار. ويقترح سعد أنه يمكن للشركتين التفاوض على استخدام عملات مختلفة، على سبيل المثال. وقالت أوراسكوم كونستراكشون في مؤتمر الإعلان عن نتائج الأعمال إنها تعمل بالفعل على إعادة التفاوض بشأن بعض العقود الحالية لمساعدتها في التخفيف من الأزمة.
ارتفاع تكاليف تنفيذ مشاريع البنية التحتية القومية يمكن أن يكون له تأثير سلبي طفيف على أرباح كلا الشركتين، لأن كلاهما لديه تراكم كبير في المشاريع المدنية والبنية التحتية القومية، وفقا لما قاله خالد. وأضاف: "تكاليف هذه المشاريع آخذة في الارتفاع والجداول الزمنية تتمدد مع تحمل الحكومة المزيد من الإنفاق العام والاجتماعي".
تراجع أسعار السلع جيد.. ولكن قد لا يكون له تأثير كبير محليا: في حين أن أسعار السلع الأساسية العالمية آخذة في الانخفاض منذ يونيو، إذ انخفض سعر النفط بنحو 30%، فإن ضعف الجنيه يلغي تأثير انخفاض الأسعار على الشركات المصرية، حسبما اتفق خالد وسعد. وأضاف سعد أن أسعار السلع الأساسية من المرجح أيضا أن تصحح فقط على نحو جزئي لمستويات ما قبل الحرب. ومع ذلك، قال عفيفي إن التراجع يمكن أن يخفف بعض الضغط على دورة رأس المال العامل والديون التي تتحملها شركة مثل السويدي (لعدة أمور من بينها تمويل زيادة المخزون) بحلول الربع الرابع من عام 2022.
تنوع المحافظ يساعد الشركات على تجاوز الأزمة: في مثل هذه الأوقات، ما يميز أي شركة مقاولات عن منافسيها هو أداء قطاعات الأعمال المختلفة في مواجهة أي تحديات، كما في حالة أوراسكوم كونستراكشون خلال هذا الربع، بحسب سعد. وأضاف أن هذا يعني أنه على الرغم من التحديات التي تهدد شركات الإنشاءات، إلا أنه لا يزال بإمكان المحافظ المتنوعة والحلول التشغيلية مساعدتهم على الخروج من الأزمة بقوة. وقال خالد: "لن تهدأ التحديات فعلا إلا بعد حل أزمة الدولار، بعد تأمين حزمة من صندوق النقد الدولي، واستثمارات الخليج"، مضيفا أنه لا يتوقع أن ينعكس ذلك على أرباح الشركة حتى النصف الأول من عام 2023.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- منحت شركات شل وبتروناس وإيجاس عقدا لتحالف تقوده شركة بكتل إنرجي لدراسة إنشاء نظام طاقة موحد بين محطة معالجة الغاز البرية لحقول غرب الدلتا في البحر المتوسط، ومحطة إسالة الغاز الطبيعي المسال في إدكو. (بيان)
- فازت شركة سيمنز الألمانية بعقد بقيمة 48 مليون يورو لإنشاء مركز تحكم في الإسكندرية، إضافة إلى تركيب 300 ألف عداد ذكي. ويمول المشروع من قبل وكالة اليابان للتعاون الدولي (جايكا). (بيان – بي دي إف)
- المستثمرون سيحصلون على فرصة أفضل لتقديم عروضهم لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وسداد مقابل الانتفاع بالأراضي الصناعية، بعد أن وافق مجلس الوزراء على مشاريع قرارات وتعديلات جديدة الأسبوع الماضي.