هل تشهد الشركات الناشئة المصرية جولات هبوط؟
كيف تأثرت الشركات الناشئة المصرية بتراجع التمويلات عالميا؟ اقتربت الظروف المالية العالمية المواتية التي سمحت للمستثمرين المغامرين بضخ 600 مليار دولار في الشركات الناشئة العام الماضي من نهايتها. ومع انتصاف عام 2022، تجد الشركات الناشئة نفسها في بيئة مختلفة تماما عما كان عليه الأمر في الوقت ذاته من العام الماضي: تعمل صناديق رأس المال المغامر على الحد من التمويلات مع ارتفاع أسعار الفائدة، وانهيار أسهم شركات التكنولوجيا، والتراجع الكبير في التقييمات المبالغ فيها. وسجلت فورج جلوبال، التي تدير منصة لتداول الشركات الخاصة، ارتفاعا قياسيا في جانب البيع في يونيو وانخفاضا كبيرا في التقييمات خلال الربع الأول.
الشركات الناشئة ذات القيمة مبالغ فيها عليها الحذر من جولات التمويل الهابطة: جولات الهبوط هي عندما تعرض شركة أسهما إضافية للبيع بسعر أقل مما بيعت به في جولة التمويل السابقة. يمكن أن يحدث الانخفاض في التقييم لعدد كبير من الأسباب، مثل الفشل في تحقيق الأهداف، وتراجع ثقة المستثمرين والمنافسين الجدد، وغيرها، وهي واحدة من الأمور الأسوأ بالنسبة لرواد الأعمال.
في الولايات المتحدة، لم يترافق تشديد التمويل حتى الآن بموجة من الجولات المنخفضة: شكلت الجولات المنخفضة 5% فقط من المعاملات خلال الربع الأول، وفقا لبيتش بوك. وبينما هناك تحذيرات من أن هذا الرقم قد يرتفع في وقت لاحق من هذا العام إذا استمرت ظروف السوق السيئة الحالية، فهناك كذلك توقعات بقدر من الجولات الناجحة للمستثمرين قبل حدوث ذلك.
لكن ماذا عن مصر؟ قد يواجه عدد من الشركات الناشئة في مصر جولات هبوط، كما أخبرنا الرئيس التنفيذي لشركة فلك للمشاريع الناشئة أحمد حازم دكروري، والشريك العام في صندوق التكنولوجيا المالية "إنكلود" التابع لشركة جلوبال فينتشرز باسل مفتاح. يقول مفتاح: "لقد سمعت بالفعل عن عدد من المعاملات التي رأت فيها الشركات الناشئة المحلية جولات هبوط أو جولات ثبات". وتشير جولات الثبات إلى جولات التمويل التي تبيع فيها الشركة أسهمها بنفس تقييم الجولات السابقة دون زيادة.
قد تحدث حركة تصحيح في التقييمات هذا العام: بينما شهد عام 2021 ارتفاعا كبيرا في التقييمات بسبب توافر رأس المال، سيشهد عام 2022 انعكاسا لهذا الاتجاه، كما يقول مفتاح.
لكن حركة التصحيح المحلية لن تكون بنفس القوة كما حدث في الولايات المتحدة: أي حركة تصحيح أو جولات هبوط في مصر لن تكون دراماتيكية كما هي في الغرب لأن قدرات التمويل المحلية والتقييمات متضائلة مقارنة بإمكانيات السوق الغربية، بحسب مفتاح.
تتراجع التقييمات حتى بين الشركات في المرحلة المبكرة: على الرغم من تأثر الشركات في مرحلة النمو بشكل أكبر بالتراجع في تمويل رأس المال المغامر على مستوى العالم، فإن الشركات في المرحلة المبكرة في مصر تتأثر أيضا بانخفاض التقييمات. يقول رئيس شركة كايرو إنجلز للاستثمار في المشروعات الناشئة علي الشلقاني إن بعض الشركات الناشئة التي تبحث عن استثمار لأول مرة شهدت انخفاضا في تقييماتها إلى النصف أو خفضها بمقدار الثلث، مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر. ويضيف أن بعض الشركات الناشئة تبحث أيضا عن تمديد لجولات سابقة، أي جمع التمويل بنفس تقييمات الجولة الأخيرة.
جولات الهبوط أكثر انتشارا عالميا مقارنة بمصر وأفريقيا: وذلك لأن السوق الدولية تنطوي على إمكانات تمويل أعلى إلى حد كبير، ومعدلات حرق رأس المال، وتقييمات أعلى للشركات الناشئة، وفقا لمفتاح.
لم تشهد السوق المصرية بعد تباطؤا ملحوظا في التمويل: فقد تجاوز حجم رأس المال الذي جمعته الشركات الناشئة المحلية في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022 المستويات التي حققتها في عام 2021. فقد اجتذبت الشركات ما لا يقل عن 322 مليون دولار في الفترة من يناير إلى مايو من هذا العام، ارتفاعا من 39 مليون دولار فقط في عام 2021، وفقا للبيانات التي جمعتها إنتربرايز.
لكن التقييمات مرتفعة للغاية: العديد من التقييمات الحالية للشركات الناشئة المحلية مرتفعة للغاية ولا تعكس حقيقة توقعات النمو الفعلية، وفق ما قاله رئيس مجلس إدارة سيكونس فينتشرز كريم هلال لإنتربرايز، مضيفا أنه لن يتفاجأ إذا أصبح التمويل المنخفض أكثر انتشارا محليا في المستقبل القريب.
ما الداعي للحديث عن جولات الهبوط الآن؟ تعمل الصناديق في صناعة رأس المال المغامر العالمية على مواجهة الأوضاع وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع التضخم، والتوترات الجيوسياسية. تحول التضخم في تقييمات شركات التكنولوجيا الأمريكية التي رافقت عمليات الإغلاق أثناء الجائحة بسرعة إلى سوق هابطة، بينما بيعت استثمارات المضاربة التي استفادت بشكل كبير من تحفيز البنك المركزي – من بينها أصول التشفير واندماجات الشركات ذات غرض الاستحواذ – في جميع المجالات.
رغم ذلك.. لا يتعلق الأمر بالصورة الكلية فقط: هناك الكثير من العوامل الأخرى التي تحدد ما إذا كانت الشركة مجبرة على الدخول في جولة هبوط أم لا. قد يؤدي ارتفاع معدل الحرق الذي يتجاوز التوقعات، وظهور منافسين جدد، وانعدام ثقة المستثمرين في أسواق معينة، إلى إجبار الشركات الناشئة على خفض التقييمات.
وقد تؤدي حاجة الشركة الناشئة للمزيد من رأس المال في حد ذاته إلى خفض تقييمها: يمكن أن تؤثر زيادة رأس المال من فئات الأصول المختلفة على كيفية تقييم الشركة. عندما تسعى شركة ناشئة مدعومة من قبل مستثمرين ملائكيين إلى الحصول على تمويل من صناديق رأس المال المغامر، قد يختلف التقييم المتوقع، وفقا للشريك المؤسس ورئيس مخاطر المحافظ بشركة أفانز كابيتال والعضو المنتدب لشركة أفانز كابيتال مصر هاني أسعد، موضحا أنه عادة ما تحدد رؤوس الأموال المغامرة تقييما مختلفا عن تقييم المستثمرين الملائكيين، لأنهم "هم الأشخاص الكبار الذين يأتون من الصناديق الكبيرة"، على حد قوله.
الجاني الآخر هو عقلية "النمو بأي ثمن" – لكن هذه ليست مشكلة المؤسس فقط أو مشكلة المستثمر فقط. يعطي رأس المال المغامر الأولوية للنمو بأي ثمن، مما يدفع المؤسسين إلى نمذجة أعمالهم بناء على التوسع السريع، وفق ما قاله الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كرم سولار أحمد زهران لإنتربرايز. ويجب على المؤسسين أن يكونوا مسؤولين عن إدارة أهداف النمو الخاصة بهم منذ البداية، ولا ينبغي أن تغريهم الرغبة غير الواقعية في التمويل والتقييمات الأولية العالية، حسبما يرى أسعد.
ما الضرر في جولات الهبوط؟ يمكن لجولات الهبوط أن تحفز المستثمرين على التردد مما يجعل من الصعب على الشركات الناشئة العثور على التمويل، وفق ما قاله الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نقلة شريف طاهر لإنتربرايز. بالنسبة لمؤسس، فإن رؤية انخفاض تقييم شركتك قد يضر بمعنويات الفريق، مما يؤدي في النهاية إلى إخماد الشغف الذي يغذي نمو شركتك الناشئة، بحسب زهران الذي أضاف أنه بالنسبة للمستثمرين، فإن الجانب السلبي هو فقدان القيمة في استثماراتهم الأولية. ووجود شركة ناشئة مرت بجولة هابطة في محفظتك الاستثمارية يعني أنك فقدت قيمتها، وفق ما قاله الشريك في شروق بارتنرز تامر عازر، مضيفا أن هذا أمر محبط للمستثمرين، لكنه جزء طبيعي من عملهم.
التعافي: الجولة الهابطة لا تعني النهاية بالضرورة. حقيقة أنهم ما زالوا يجمعون الأموال هي مؤشر جيد على أن ثقة المستثمرين لا تتضاءل تماما، بحسب عازر. إذا عالجت الشركة المشاكل الأساسية، فقد تكون الجولة التالية "جولة صاعدة" ستشهد انتعاشا في تقييمها.
قد تكون جولات الهبوط أيضا بمثابة درس حاسم: ستجبر تلك الجولات الشركات المتضررة على أن تصبح أصغر حجما وأكثر قدرة على الصمود وأكثر مرونة، كما يقول عازر. أما الشركات الناشئة التي لديها أساسيات قوية، وتحل مشكلة حقيقية، وقادرة على معالجة المشكلات الأساسية التي تسببت في الجولة الهابطة، فستكون قادرة على تحمل الضربة، وإزاحة الغبار عن نفسها، والعودة أقوى، وفق ما قالته المصادر لإنتربرايز. لذا، أيها المؤسسون، لا تقلقوا: هناك ضوء في نهاية النفق.
أبرز أخبار الشركات الناشئة في أسبوع:
- "خزنلي" تجمع 2.5 مليون دولار في جولة تمويلية أولية: أتمت شركة خزنلي الناشئة للخدمات اللوجستية الرقمية جولة تمويلية أولية بقيمة 2.5 مليون دولار، بقيادة أرزان فينتشر كابيتال، وشروق بارتنرز.
- "فالفي" تتم جولة تمويلية أولية بمليون دولار: أتمت شركة فالفي سوليوشنز الناشئة في مجال الهوية الرقمية جولة تمويلية أولية بقيمة مليون دولار بقيادة فور دي إكس فينتشرز وAlsara Investment Group. وستستخدم الشركة الناشئة الأموال للتوسع في أسواق إقليمية جديدة.
- كايرو إنجلز تتوسع في نيجيريا: استثمر صندوق كايرو إنجلز سنديكيت التابع لشبكة الاستثمار الملائكي كايرو إنجلز مبلغا مكونا من ستة أرقام بالدولار في شركة التكنولوجيا المالية النيجيرية الناشئة "كريد بال". وستستخدم الشركة الناشئة الأموال لتمويل خططها للتوسع في مصر، وتوسيع تواجدها الإقليمي مع التركيز على كينيا وغانا والكاميرون.
- أتمت شركة بيوت الناشئة للمدفوعات العقارية جولة تمويلية ما قبل تأسيسية من ستة أرقام بقيادة شركة عقارية كويتية، حسبما ذكر موقع ومضة.