الحكومة تبيع أصولا بملياري دولار لصندوق أبو ظبي السيادي
بيع الأصول للمستثمرين الخليجيين سيجلب المزيد من رؤوس الأموال: كنا ذكرنا أمس إن الحكومة لن تسعى للحصول على قروض أو ودائع من دول الخليج، ولكنها ستسرع في عملية بيع أصول جذابة للمستثمرين الخليجيين، بما في ذلك الصناديق السيادية الخليجية.
وذكرت وكالة بلومبرج أن مصر وافقت على بيع بعضا من ملكياتها في خمس شركات مدرجة بالبورصة المصرية، إذ تسعى لتعزيز أوضاعها المالية التي تأثرت بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا. ونقلت الوكالة مساء أمس نقلا عن مصادر مطلعة، أن صندوق الثروة السيادي في أبو ظبي، أيه دي كيو، سيشتري حصصا تملكها الحكومة في عدد من الشركات بنحو ملياري دولار.
ما الذي قد تستحوذ عليه أيه دي كيو؟ ما يصل إلى 18% من البنك التجاري الدولي، أكبر بنك خاص في البلاد، وحصة غير محددة في شركة التكنولوجيا المالية العملاقة فوري، إلى جانب ثلاث شركات أخرى، وفقا لبلومبرج. ومن المتوقع أن تكون الصفقة الخاصة بإحدى تلك الشركات الثلاث هي الاستحواذ على حصة كبيرة تملكها الدولة في إحدى أكبر الشركات الخاصة.
يأتي هذا بعد أن أعلن مجلس الوزراء أمس إن صندوق مصر السيادي نجح في جذب استثمارات لمصر بقيمة تزيد عن ملياري دولار بقيادة مستثمرين أجانب و "استراتيجيين" من القطاع الخاص. وأشار البيان إلى أن تلك الاستثمارات ستكون من خلال البورصة المصرية بينما سيكون جزء منها بشكل مباشر، وقال إنه سيجري الإعلان عن تفاصيل تلك الاستثمارات خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
ويأتي ذلك في إطار جهود الدولة لجذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في مصر، وفق ما ذكرته وزيرة التخطيط هالة السعيد في البيان، والتي قالت أيضا إن "تلك الصفقات الاستثمارية ستسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية للبلاد، وترسيخ وضع مصر كإحدى الوجهات الاستثمارية الرائدة في العالم"، بحسب البيان.
من غير المرجح أن تصدر أي من هذه الشركات أسهم جديدة، وفقا لما صرح به مصدر مطلع لإنتربرايز، والذي قال إن مؤسسات الدولة ستبيع حصصها الحالية إلى أيه دي كيو.
سيجري طرح الحصص من خلال صفقات كبرى متفق عليها مسبقا من خلال البورصة المصرية ولا تحتاج إلى تدخل من الإدارة أو إلى الكثير من الموافقات التنظيمية الخاصة، وفقا لما قيل لنا، على الرغم من أن الاستحواذ على حصة تزيد عن 10% في أي بنك مصري يحتاج إلى موافقة البنك المركزي بموجب قانون البنك المركزي والجهاز المركزي. كما يتعين الحصول على موافقة البنك المركزي قبل شغل مقعد في مجلس الإدارة أو تعيين ممثل لشغل المقعد.
البنك التجاري الدولي وفوري لاعبان بارزان، وأيه دي كيو ليس غريبا على مصر (كما سنذكر أدناه). والتقى فريق إدارة البنك التجاري الدولي عدة مرات مع مسؤولي أيه دي كيو كجزء من برنامج علاقات المستثمرين العالمي.
من المتوقع أن يكون لدى المستثمرين الخليجيين شهية كبيرة للطروحات العامة – إذا سمحت بذلك ظروف السوق خلال هذا العام. تتضمن حزمة التحفيز التي أعلنتها الحكومة (أعلاه) بقيمة 130 مليار جنيه على حوافز من شأنها أن تزيد من جاذبية الطروحات العامة للمستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء إذا سمحت ظروف الأسواق العالمية بتلك الطروحات. وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أعلن مطلع فبراير أن الحكومة تستهدف طرح "أكبر عدد ممكن من الشركات المملوكة للدولة للاكتتاب بالبورصة المصرية خلال 2022". وهناك أيضا خطة لطرح أسهم شركة مصر لتأمينات الحياة وحصة إضافية في مصر الجديدة للإسكان خلال هذا العام.
إلى جانب ذلك، أبدى مستثمرون خليجيون بالفعل رغبتهم في شراء حصص في الشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي) والشركة الوطنية لإنتاج وتوزيع المواد البترولية (وطنية) المملوكتين للقوات المسلحة.
مصر في حاجة إلى تكوين المزيد من الاحتياطي الأجنبي، إذ أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية الناجم عن الصراع الروسي الأوكراني إلى الضغط على موازنة الدولة. وقدرت وزارة المالية أن ارتفاع أسعار القمح سيكلفها 15 مليار جنيه إضافية هذا العام المالي، في حين أن أسعار النفط الآن في نطاق الثلاثة أرقام وأعلى بكثير من سعر 65 دولارا المفترض في موازنة الدولة.
كانت أبو ظبي مصدرا للدعم المالي لمصر في الماضي، بما في ذلك قبل تعويم الجنيه في عام 2016 عندما أودعت مليار دولار لدى البنك المركزي المصري. وفي عام 2019، أنشأت أيه دي كيو صندوق استثمار مشترك بقيمة 20 مليار دولار مع صندوق مصر السيادي لتوجيه الأموال إلى مجموعة متنوعة من الصناعات والأصول.
وزار ولي عهد أبو ظبي مصر أمس: جاءت الأنباء في نفس اليوم الذي أجرى فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي محادثات مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في شرم الشيخ. وقدم بيان الرئاسة تفاصيل قليلة عن المحادثات لكنه ذكر أنها ركزت بشكل خاص على العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.
أصبحت أيه دي كيو لاعبا ذا أهمية متزايدة في الاقتصاد المصري، إذ استحوذت العام الماضي على شركة التطوير العقاري الرائدة سوديك إلى جانب شركة الدار العقارية وكذلك شركة آمون فارما التابعة لشركة باوش هيلث الكندية وكذلك مالك العلامة التجارية أطياب شركة الإسماعيلية للاستثمارات الزراعية والصناعية. أكدت شركة أغذية، الشركة الغذائية التابعة للصندوق والتي استحوذت على شركة الإسماعيلية، في مقابلة مع موقع مباشر أمس أنها تسعى إلى المزيد من عمليات الاستحواذ في قطاع اللحوم المجمدة والوجبات السريعة في مصر.
هناك مستثمرون خليجيون آخرون لديهم شهية كبيرة نحو الاستثمار في مصر: إلى جانب صفقة استحواذ التحالف الإماراتي الدار- أيه دي كيو على شركة سوديك العقارية، كان هناك أيضا العرض الذي قدمه بنك أبو ظبي الأول هذا العام للاستحواذ على حصة حاكمة في المجموعة المالية هيرميس، وأيضا اعتزام شركة جلف كابيتال الإماراتية استثمار نحو 250 مليون دولار في مصر على مدى السنوات الخمس المقبلة، وتطلع شركة ألفا ظبي القابضة إلى السوق المصرية باعتبارها ذات أولوية لها.