حمى العملات المشفرة تجتاح كرة القدم
أندية كرة القدم تريد منكم أن تشتروا عملاتها المشفرة: في أغسطس الماضي، تبادل قائدا برشلونة ويوفنتوس في الملعب أول عملات رقمية مرتبطة بكرة القدم قبل مباراة ودية جمعت بين الفريقين. جرى ترتيب المشهد للترويج لما سيعرف بعد ذلك بـ "عملات المشجعين"، وهو اتجاه متنامي في أوروبا يوفر مصدرا جديدا للدخل في ظل الأزمات المالية التي تعاني منها النوادي، ولكن المكاسب التي يجنيها المشجعون من ذلك ما تزال محل تساؤل.
حمى الكريبتو: على مدار الـ 18 شهرا الماضية، أصدر 24 ناديا أوروبا أصولا رقمية مشفرة، وهو نشاط تقدر بي بي سي إيراداته بنحو 350 مليون دولار. بعض تلك العملات تعمل كعملات مشفرة مرتبطة بناد بعينه وتتداول كأي عملة مشفرة أخرى، بالأساس على منصة سوسيوس، وباستخدام التكنولوجيا المالية التي توفرها شركة تشيلز التي تقدم منتجات ذات طابع رياضي وترفيهي مدعومة بتقنية البلوك تشين. وهناك عملات أخرى تشبه أكثر الرموز غير القابلة للاستبدال، والتي تباع للمشجعين من هواة جمع الرموز الرقمية المرتبطة بالنادي.
كيف تعمل: تدخل الأندية شراكات مع تشيلز لإطلاق رموز المشجعين أو الأصول الرقمية على منصة سوسيوس. يشتري المشجعون في البداية عملة CHZ (العملة الرقمية المقبولة على منصة سوسيوس)، وبعد ذلك يستخدمونها لشراء عملات المشجعين، والتي يمكن تداولها على منصات تداول العملات الرقمية وعلى تطبيق سوسيوس.
امتلاك عملات المشجعين يمنحهم امتيازات غير مهمة على الأغلب لكنها ذات قيمة عاطفية، مثل التصويت على الموسيقى التي يجب تشغيلها عندما ينزل اللاعبون إلى أرض الملعب، أو أن يكون لهم رأي في الأسئلة التي يجب أن تطرح على اللاعبين في المؤتمرات الصحفية، وكلما امتلكت عملات أكثر يكون تأثيرك أكبر بالتأكيد. وتتعهد شركة سوسيوس بإمكانية دخول مالكي تلك العملات في المستقبل فعاليات حصرية، والقدرة على التصويت على بعض المواضيع – غير المهمة حتى الآن – المتعلقة بالأندية. حظي مشجعو برشلونة من حملة عملتها الرقمية بفرصة التصويت على تصميم جدارية لغرفة ملابس الفريق. أما الأندية الأخرى فلم تكشف بعد عن الامتيازات التي سيحصل عليها حملة عملاتها المماثلة.
العملات المشفرة المرتبطة بكرة القدم لديها إمكانات عالية للنمو: يمتلك أكبر 13 ناديا في أوروبا عملات تقدر قيمتها الإجمالية بأكثر من 1.9 مليار دولار، وكان يوفنتوس وباريس سان جيرمان أول من دخلوا هذه اللعبة. وحاليا، تدعو أكبر الأندية في العالم مشجعيها لشراء تلك العملات، وبدأت المنتخبات أيضا تشارك في البيزنس الجديد.
ليست فقط كرة القدم: في الولايات المتحدة هناك عملات مرتبطة ببطولات كرة السلة وكرة القدم الأمريكية والمصارعة. وهناك الدوري الهندي الممتاز للكريكت، وهناك مسابقات ألعاب الفيديو التنافسية، كلها تريد دخلا إضافيا في هذا المجال الوليد، ووقعت مع سوسيوس لبيع عملات لمشجعيها.
اليد العليا لسوق عملات المشجعين: تعد سوسيوس هي اليد العليا في تلك الصناعة، إذ تعمل مع أكثر من 90 ناديا وامتيازا حول العالم، ولديها نحو 1.2 مليون مستخدم، وباعت أكثر من 300 مليون دولار من العملات عبر تطبيقها. وتدخل في شراكات مع كبرى الأندية الأوروبية ومنها برشلونة ويوفنتوس وباريس سان جيرمان وأيه سي ميلان.
ولكن هناك لاعبين آخرين: منصات تداول العملات المشفرة Binance وBitci دخلت أيضا في اللعبة، وطرحت حتى الآن عملات لعدد من أندية كرة القدم حول العالم، ومنتخبات وطنية، وعدد من فرق كرة السلة وسباقات الفورميولا وان.
عملات المشجعين تعد مصدر دخل جديد للأندية: بيعت كل الكمية الأولية التي طرحها نادي برشلونة من العملات في يونيو 2020 في أقل من ساعتين، وحققت 1.3 مليون دولار للنادي. وفي الأيام التي سبقت انتقال ليونيل ميسي إلى باريس سان جيرمان في أغسطس الماضي، ارتفعت أحجام تداول عملات الفريق الفرنسي بمقدار 1.2 مليار دولار، مما أدى إلى تحقيق مبيعات يقال إنها بلغت 30 مليون يورو (33.8 مليون دولار). وتضمن عقد اللاعب الأرجنتيني مع النادي حصوله على ما قيمته 29-35 مليون دولار من عملات المشجعين.
الجائحة باعتبارها عاملا مسرعا: تحاول العديد من أندية أوروبا العثور على مصادر جديدة للدخل، في خضم الضائقة المالية التي فرضتها جائحة "كوفيد-19" والإغلاق المصاحب لها، والتي لم يسلم من تأثيرها حتى أعتى أندية القارة مثل برشلونة ويوفنتوس. والحل ربما يكون عملات المشجعين.
إطلاق وإدارة عملة مشفرة ليس سهلا: رغم وصول المعروض منها إلى مليارات الدولارات، لا يمتلك المشجعون سوى أقل من 380 مليون دولار في الوقت الحالي، وهذا لأن الأندية تحتاج إلى فرض رقابة مشددة على كمية العملات التي توفرها في السوق للحفاظ على قيمتها. ونقلت شبكة بي بي سي عن أحد محللي العملات الرقمية أنه "لو باعت الأندية الكثير من العملات في وقت واحد، ستتعرض لخطر انهيار السعر، وهو ما يظهر بوضوح في مبيعات لاتسيو وبورتو وسانتوس ومانشستر سيتي".
محل خلاف: تواجه منصة سوسيوس اتهامات باستغلال علاقات الجمهور بالأندية، فوست هام مثلا، وهو أحد أوائل أندية كرة القدم التي أطلقت عملات المشجعين مع سوسيوس عام 2019، أعلن العام الماضي إنهاء شراكته مع المنصة دون بيع عملة واحدة، وذلك بعد معارضة واسعة النطاق من الجمهور. أما أنصار ليدز يونايتد فقد انتقدوا اتفاق النادي مع الشركة لتشجيع الجمهور على دخول سوق العملات المشفرة الذي لا تحكمه قوانين واضحة بعد.
لا تغروا الجمهور بشراء ما لا يفهمه: يكشف تقرير لموقع ذا أثليتيك أن عملات المشجعين تعتبر لعبة يستفيد منها من يفهمون التداول، بينما لا يحصل الجمهور العادي الجاهل بالكريبتو سوى على الفتات. ويضرب التقرير مثالا بجنون التداول الذي وقع مع انتقال ميسي، باعتباره دليلا كلاسيكيا على جمهور المتداولين الذين "يشترون الشائعات ويبيعون الأخبار". ونظرا لأن الأندية تتحكم في 80% من المعروض من العملات، فمن السهل عليها التحكم في سعر السوق، وبالتالي زيادة أرباحها إلى الحد الأقصى.