المركزي يقرر تثبيت أسعار الفائدة في آخر اجتماع خلال 2021
أبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة التاسعة على التوالي في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس الماضي، بسبب إمكانية رفع أسعار الفائدة الأمريكية في وقت أقرب من المتوقع في عام 2022 والتأثير الاقتصادي لمتحور أوميكرون. وقررت اللجنة تثبيت العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير عند 8.25% و 9.25% على التوالي، بينما ما يزال سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم والائتمان عند 8.75%، حسبما ذكر البنك المركزي في بيان (بي دي إف).
قرار متوقع: لم يخرج القرار عن توقعات 11 محللا وخبيرا اقتصاديا ومصرفيا شملهم استطلاع إنتربرايز الدوري لأسعار الفائدة الأسبوع الماضي، والذين رجحوا أن يترك البنك المركزي المصري أسعار الفائدة دون تغيير في ديسمبر، استنادا إلى بيانات التضخم لشهر نوفمبر والتي جاءت أقل من المتوقع، ما يمنح صناع السياسات النقدية متنفسا لعدم إجراء أية تغييرات في الوقت الراهن.
أسباب القرار: عزا المركزي قراره إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي بسبب اضطرابات سلاسل التوريد، لافتا إلى أن "التعافي العالمي لا يزال يعتمد على مدى فاعلية لقاحات "كوفيد-19"، وقدرة بعض الدول على احتواء انتشار الجائحة".
ماذا يعني القرار لتجارة الفائدة: يعني القرار أن تظل مصر صاحبة أعلى معدل فائدة حقيقي في العالم، مما يحافظ على جاذبية تجارة الفائدة بالجنيه المصري للمستثمرين الأجانب. "نعتقد أن سندات الخزانة المصرية ستظل جذابة، مدعومة باستقرار الجنيه والحفاظ على أسعار الفائدة الحقيقية، فمن بين الأسواق الناشئة ذات العوائد المماثلة، ما تزال مصر تتميز باقتصاد أقل تأثرا نسبيا بتداعيات جائحة كوفيد-19 لأنه يوفر إمكانات للنمو"، حسبما قالت عالية ممدوح، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار بلتون، في مذكرة بحثية عقب الاجتماع.
الضغوط التضخمية تراجعت في الأشهر الأخيرة، مما يرفع معدلات الفائدة الحقيقية. انخفض معدل التضخم السنوي في المدن المصرية للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر، مسجلا أدنى مستوى له منذ يوليو، مع استمرار تراجع الضغوط على أسعار المواد الغذائية. وقال البنك المركزي إن سياسته الحالية ستشهد استقرار الأسعار على المدى المتوسط، وتتماشى مع النطاق المستهدف للتضخم البالغ 7% (±2%) للربع الأخير من عام 2022.
لكن توقع أن يرتفع التضخم خلال الأشهر المقبلة: تتوقع نعيم للوساطة أن يرتفع التضخم إلى 6-7% خلال الربع الأول من العام المقبل، مع تسرب الزيادات الأخيرة في السلع الغذائية والطاقة إلى أسعار المستهلكين وانتفاء تأثير سنة الأساس الذي نتج عنه تراجع التضخم في الشهرين الماضيين. تتوقع إتش سي لتداول الأوراق المالية ارتفاع أسعار المستهلكين أكثر بسبب التضخم العالمي المستمر، وإمكانية تقليص الدعم عن المواد الغذائية الأساسية، والزيادات المحتملة في أسعار الكهرباء، والارتفاع المحتمل في الطلب بعد ارتفاع معدلات التوظيف، حسبما قالت محللة أولى الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، مونيت دوس، لإنتربرايز
يختلف المحللون حول المستقبل: تتوقع كابيتال إيكونوميكس أن ينخفض التضخم مرة أخرى إلى ما دون النطاق المستهدف للبنك المركزي بحلول منتصف العام. وفي الوقت نفسه، لا ترى إتش سي لتداول الأوراق المالية، أن الاتجاه الحالي سيستمر، وتتوقع أن يبلغ معدل التضخم 8% حتى نهاية عام 2022.
مزيج التضخم المنخفض والفائدة المرتفعة سيصبح مهما بشكل متزايد مع توجهنا إلى ما يتوقع أن يكون عاما صعبا بالنسبة للأسواق الناشئة: اتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نهجا أكثر تشددا قبل يوم من اجتماع البنك المركزي المصري، مع إعلانه إمكانية رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات على الأقل العام المقبل لمجابهة التضخم المتصاعد. سيضاعف الفيدرالي أيضا الوتيرة التي يقوم بها بتقليص التيسيرات النقدية المتعلقة بـ "كوفيد-19"، والتي ستشهد الآن توقفه عن شراء سندات الخزانة وسندات الرهن العقاري تماما بنهاية الربع الأول.
سيؤدي ذلك إلى مشاكل خطيرة لبعض الأسواق الناشئة، لا سيما تلك التي لديها التزامات ديون عالية، وصعوبة في النفاذ إلى أسواق التمويل وأزمات تضخمية، حسبما قال كينيث روجوف الخبير الاقتصادي بجامعة هارفارد لبلومبرج الأسبوع الماضي. الأسواق الناشئة "حساسة للغاية لسيناريو رفع الفائدة بسرعة أكبر"، حسبما قال روجوف، الذي حذر من أن زيادة نقطة مئوية واحدة في العام المقبل قد تخرج البلدان من أسواق الديون، ومنها مصر إلى جانب باكستان وغانا. وأوضحت وكالة فيتش مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، حينما قالت إن تشديد السياسة النقدية يمثل "مخاطرة رئيسية" لمصر بسبب اعتمادها على التمويل الخارجي.
القرارات التي تتخذ في واشنطن قد تجبر البنك المركزي المصري على إنهاء التيسير النقدي: "تقترب بيئة الفائدة المنخفضة التي هيمنت على العالم العقد الماضي من نهايتها"، وفق ما قاله محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية هيرميس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لإنتربرايز. ويستبعد أبو باشا تغير الأسعار قبل منتصف عام 2022، مضيفا أنه "إذا تغيرت فستكون بالزيادة".
سيكون هذا أمرا إيجابيا لتجارة الفائدة: "من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة عند مستوياتها مع تراجع المخاطر التي تصب في صالح رفع الأسعار، فيما يمضي مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة"، حسبما قال المحللون في شركة أبحاث الأسواق الناشئة تيليمر يوم الجمعة. ويشير ذلك إلى أنه من المرجح أن تحافظ مصر على أحد أعلى معدلات الفائدة الحقيقية في العالم في عام 2022، وهو ما يتوقع أن يستمر في دعم الطلب على السندات المصرية.
بعض المحللين يرون إمكانية استمرار سياسة التيسير النقدي: لا تزال كابيتال إيكونوميكس تعتقد أن هناك "فرصة جيدة" لخفض 50 نقطة أساس، إذا جاء التضخم معتدلا بحلول منتصف العام، في حين قال الاقتصادي في جولدمان ساكس فاروق سوسة لبلومبرج إن انخفاض التضخم على المدى المتوسط يسمح للبنك المركزي باستئناف التيسير النقدي.