الجيل الجديد من شركات التكنولوجيا المالية بالأسواق الناشئة يتفوق على الحرس القديم
سباق المدفوعات الرقمية العالمي يحتدم: بدأت شركات التكنولوجيا المالية الصاعدة في الأسواق الناشئة في التفوق على الشركات المالية الغربية التي سيطرت لسنوات على أسواق الدفع في جميع أنحاء العالم، حسبما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز. تنتشر تقنيات الدفع مثل محافظ الهاتف المحمول، ورموز الاستجابة السريعة القابلة للمسح الضوئي، وبرامج الهواتف الذكية للمعاملات غير التلامسية عبر الاقتصادات الناشئة، مسترشدين بجيل جديد من رواد الأعمال الشباب البارعين في مجال التكنولوجيا الذين يستجيبون لديناميكيات السوق الأكثر ودية التي شكلتها الجائحة والتوجهات الحكومية نحو الشمول المالي.
فرض "كوفيد-19" تغيرا على مشهد المدفوعات في جميع أنحاء العالم، ما تسبب في انخفاض استخدام النقد وزيادة المدفوعات الرقمية. هذا التحول، إلى جانب اتخاذ الحكومات في الاقتصادات النامية خطوات لتعزيز الشمول المالي، حفز الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية ومكن الاقتصادات الناشئة من تحقيق نمو سريع. وقال فيليب بينتون، كبير محللي الخدمات المالية في أومديا، إن الأشخاص الذين قاموا بالتحول إلى البطاقات والمحافظ المحمولة اكتشفوا سهولة الدفع من خلال الأساليب الرقمية، وقد شكلوا الآن عادات جديدة.
تجاوزت مدفوعات الهاتف المحمول عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي لأول مرة على الإطلاق في الهند العام الماضي، وفقا لتقرير صادر عن ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتلجينس، بينما تتوقع أمريكا اللاتينية معدل نمو سنوي مركب بنسبة 17.3% في معاملات الدفع الرقمية من عام 2020 حتى عام 2024، وفقا لتوقعات من ستاتيستا. من المرجح أن يرتفع عدد حاملي بطاقات الخصم والائتمان بنسبة 5.8% في الفلبين بين عامي 2020 و2024، وفقا لأومديا، مقارنة بالنمو المتوقع بنسبة 0.6% في المملكة المتحدة خلال نفس الفترة.
تزدهر المدفوعات الرقمية في مصر: قفز حجم المعاملات عبر منصات المدفوعات الإلكترونية بأكثر من 40% بين عامي 2020 و2021 لتصل إلى 11 مليون دولار، وفقا لبيانات من ستاتيستا. وسيستمر هذا في التوسع بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14% على مدى السنوات الأربع المقبلة، ليصل إلى 19.4 مليار دولار بحلول عام 2025.
أتبع الأموال: أصبحت مساحة التكنولوجيا المالية في مصر واحدة من أكثر الأجزاء حيوية في ساحة الشركات الناشئة المزدهرة في مصر في السنوات الأخيرة، مع إغلاق الشركات في هذا القطاع بعض جولات الاستثمار الضخمة هذا العام. جمعت إم إن تي حالا 120 مليون دولار فيما يمكن أن يكون أكبر جولة تمويلية في المنطقة على الإطلاق من قبل شركة في مجال التكنولوجيا المالية، في حين أنهت دوباي جولة جمعت فيها 18 مليون دولار ضمن جولة تمويل أولية. نظرا لوجود عدد كبير من السكان الذين لا يتعاملون مع البنوك، فإن جاذبية السوق المصرية تجعل أيضا الشركات الأجنبية مثل جوميا باي وجومو التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها تتطلع إلى الدخول للسوق.
حتى قبل الجائحة، كانت سوق المدفوعات الرقمية تنمو بوتيرة أسرع في أفريقيا منها في أوروبا. في نيجيريا، قفز عدد معاملات الدفع الرقمي من 66 مليونا في 2008 إلى ملياري معاملة في 2018، في حين نمت معاملات فرنسا فقط من 33 مليونا إلى 61.5 مليونا خلال نفس الفترة، وفقا لبيانات من ستاتيستا.
ما تزال أسواق الدفع في الاقتصادات الناشئة تواجه العديد من التحديات: ما يزال الكثيرون يعانون من معدلات منخفضة من الشمول المالي، ووفقا للبنك الدولي، هناك حوالي 1.7 مليار شخص بالغ في الأسواق الناشئة ليس لديهم حسابات بنكية ولا يستخدمون وسائل الدفع عبر الهاتف المحمول. ومع ذلك، فإن هذا الرقم آخذ في الانخفاض، إذ تساعد التكنولوجيا المالية في إتاحة الخدمات المالية على نطاق أوسع لتصبح في متناول المزيد من الناس. ذكر البنك الدولي أنه على مدار العقد الماضي، تراجع عدد السكان غير المتعاملين مع البنوك بنسبة 35%، وهو ما عزاه بشكل أساسي إلى زيادة حسابات المحافظ عبر الهاتف المحمول.
يحاول صانعو السياسات في مصر جعل التكنولوجيا المالية في متناول الجميع: أصدر البنك المركزي عددا من القواعد لتسهيل استخدام محافظ الهاتف المحمول والمدفوعات غير التلامسية، فضلا عن تسهيل إجراء المدفوعات والتحويلات بين مقدمي الخدمات المختلفين. يحاول التركيز التشريعي الأكبر على الشمول المالي أيضا خلق بيئة صديقة لشركات التكنولوجيا المالية للدخول بسهولة أكبر للسوق في مصر، مع قواعد جديدة للترخيص والحوكمة يناقشها المشرعون حاليا في مجلس النواب.