أوميكرون قد يفاقم أزمة الشحن ويخرج التضخم عن السيطرة

التقاء متحور أوميكرون مع أزمة الشحن العالمية قد يدفع التضخم العالمي لصعود خارج السيطرة، ويقوض تعافي ما بعد كوفيد بصورة كبيرة. هذه هي الرسالة الرئيسية لتقريرين صدرا حديثا من منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يبحثان في التوقعات بشأن التجارة والتضخم والتعافي الاجتماعي الاقتصادي بعد الجائحة على الصعيد العالمي.
التعافي غير المتساوي لا يزال العنوان الرئيسي للأداء الاقتصادي العالمي: على مستوى الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فاقت مستويات التعافي الاقتصادي منذ منتصف 2020 التوقعات، ولكنها بدأت حاليا في التباطؤ، وأصبحت غير متساوية أو متزامنة على نحو متزايد، حسبما يشير تقرير المنظمة. ويتضح هذا التفاوت بشكل خاص في البلدان الأقل دخلا ذات معدلات التطعيم المنخفضة، وسيبقى ذلك عاملا أساسيا في معادلة التعافي الاقتصادي في الفترة المقبلة، فيما يتوقع التقرير "آثارا ضخمة وطويلة الأجل من جراء الأزمة" في الأسواق النامية والناشئة.
اختناقات سلاسل التوريد تقوض التعافي إذ فشلت في مواكبة ارتفاع الطلب على السلع والذي تسبب بدوره في خلق ضغوط تضخمية حول العالم، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ترتفع الأسعار على خلفية "الاضطرابات في أسواق الطاقة والغذاء والسلع الأساسية"، مقترنة بارتفاع أسعار الطاقة (ونقصها) الذي يعيق إنتاج "المواد الأساسية والسلع الوسيطة"، بحسب التقرير.
قد تستمر تكاليف الشحن المرتفعة أيضا في كبح جماح تعافي قطاع التصنيع العالمي: إذا ارتفعت معدلات شحن الحاويات بنسبة 10%، قد يؤدي ذلك إلى زيادة 1% في تكاليف التصنيع في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، فيما سيتراجع إنتاج الصين بنسبة 0.2%، وفقا لتقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) "مراجعة النقل البحري لعام 2021" (بي دي إف). أشار التقرير إلى اضطرابات سلاسل التوريد وأزمة الشحن والقيود على الموانئ وأوجه القصور في الوجهات النهائية للبضائع باعتبارها مشكلات رئيسية تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن عالميا.
كل هذا يغذي التضخم المتصاعد والذي ليس عابرا أو مؤقتا: قد ترتفع مستويات أسعار الواردات العالمية بنسبة 11% وأسعار المستهلكين بنسبة 1.5% في الفترة من الآن وحتى عام 2023 بسبب ارتفاع تكاليف الشحن، إلا إذا تم حل أزمة الشحن، وفقا لما ذكره تقرير الأونكتاد. من المتوقع أن تستمر كل هذه الضغوط التضخمية وقتا أطول من المتوقع، بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تتوقع أن يصل التضخم إلى ذروته مع انتهاء 2021 وبداية 2022 ثم يتراجع بعد ذلك، لكنه سيظل أعلى من مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023.
ويختلف تأثير التضخم ومسارات التعافي في الدول والقطاعات على حد سواء. قد تشهد الدول الجزرية الصغيرة النامية ارتفاعا في أسعار الواردات بنسبة 24% وأسعار المستهلكين بنسبة 7.5%، فيما قد تشهد الدول الأقل تقدما ارتفاعا في أسعار المستهلكين بنسبة 2.2%، وفقا للأونكتاد. من المتوقع أن تتحمل السلع ذات القيمة المضافة المنخفضة مثل الأثاث والمنسوجات والملابس والمنتجات الجلدية النصيب الأكبر من الزيادات في الأسعار، بنسبة تصل إلى 10.2%. وقد ترتفع أسعار منتجات المطاط والبلاستيك بنسبة 9.4% والمنتجات الدوائية بنسبة 7.5% والأجهزة الكهربائية 7.5% والسيارات 6.9% والآلات والأجهزة 6.4%.
تأثير أوميكرون: قد يتفاقم الوضع ويزيد حجم التفاوت مع ظهور المتحور الجديد من فيروس كورونا أوميكرون الذي دفع العديد من الدول حتى الآن لفرض قيود على السفر في سيناريو يعيد إلى الأذهان الأيام الأولى لتفشي الجائحة العام الماضي. تقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن القيود على الحركة المفروضة حديثا وإغلاق الموانئ قد تعيق التجارة العالمية، ذلك لأن استمرار الإغلاقات في الاقتصادات الكبرى يقلل من توافر الإمدادات ويطيل مدة التسليم. اضطرابات إضافية كهذه في الإمدادات قد تخلق ضغطا تصاعديا إضافيا على بعض الأسعار، بحسب المنظمة.
التوقعات؟ تعتمد جميعها على اللقاحات: تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يقل تأثير "كوفيد-19" وأن تهدأ حدة اضطرابات الإمدادات مع توجه المزيد من الدول، خاصة المتقدمة، لتكثيف حملات التطعيم، كما تعمل الآن أيضا على إعطاء جرعات معززة. من المرتقب أيضا أن يتطابق حجم الطلب مع سلاسل التوريد، والذي من شأنه أن يسهل استمرار التعافي الاقتصادي ويخفف من بعض الضغوط التضخمية، لكن ذلك لن يجعل التعافي أكثر توزانا بالضرورة.