هل تصمد مصر أمام إنهاء الفيدرالي للتحفيز؟
سعر الفائدة الحقيقي في مصر -الذي يعد الأعلى على مستوى العالم- سيساعد البلاد على مواجهة الارتفاع في أسعار الفائدة العالمية، لكن لا تزال البلاد عرضة لخطر خروج رؤوس الأموال ما لم تعمل على خفض تكاليف ديونها، بحسب ما قالته مؤسسة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز جلوبل في تقرير لها أمس. وأضافت أنه على الرغم من تمتع مصر بأعلى سعر فائدة حقيقي في العالم، فإن ارتفاع أسعار الفائدة في الدول المتقدمة قد يجعلها عرضة لخروج رؤوس الأموال حيث يستهدف المستثمرون الأسهم ذات المخاطر الأقل والعوائد الأعلى.
تجارة الفائدة بمصر عرضة للتأثر باتجاه الفيدرالي لإنهاء التحفيز: من المحتمل أن يتعرض الاقتصاد المصري لخطر خروج رؤوس الأموال بشكل كبير إذا بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تقليص برنامج شراء السندات في وقت أقرب مما كان متوقعا. وألمح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في تصريحات له الشهر الماضي إلى أنه من المحتمل أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في تقليص برنامجه لشراء السندات البالغ 120 مليار دولار شهريا هذا العام، وهو ما قد يعقبه ارتفاع أسعار الفائدة، مما يضع المزيد من الضغوط على تجارة الفائدة في السوق المصرية. إلا أن بيانات التوظيف التي أعلنت عنها الولايات المتحدة نهاية الأسبوع الماضي جعلت الخبراء يتوقعون أن يؤجل الفيدرالي مثل تلك الخطوة لبعض الوقت.
أسعار الفائدة المرتفعة في مصر يمكنها أن تحد من تلك التأثيرات: قالت ذهبية جوبتا محللة الائتمان لدى ستاندرد آند بورز، "بالمقارنة مع بعض الأسواق الناشئة الأخرى، نعتقد أن مصر قد تكون أفضل حالا إلى حد ما في حالة ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية"، مشيرة إلى العوائد المرتفعة، وتراكم الاحتياطي الأجنبي وسعر صرف الدولار، والذي شهد مكاسب طفيفة للجنيه المصري. وتتمتع مصر أيضا بمصداقية أقوى نحو سياستها النقدية مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، كما أن توقعات النمو الإيجابية الخاصة بها في صالحها أيضا.
تمتلك مصر احتياطيات أجنبية ضخمة، مما سيساعدها في تجنب خروج رؤوس الأموال بسبب ارتفاع أسعار الفائدة العالمية. وتمكنت مصر من تعويض أكثر من نصف ما يقرب من الـ 10 مليارات دولار التي جرى ضخها لمواجهة الموجة الأولى من الجائحة العام الماضي، كما وصل احتياطي النقد الأجنبي الشهر الماضي إلى ما يقرب من 40.6 مليار دولار. وانخفضت الاحتياطيات الأجنبية إلى حوالي 35 مليار دولار خلال ذروة خروج تدفقات رؤوس الأموال العالمية من الأسواق الناشئة بسبب جائحة "كوفيد-19".
تعد أسعار الفائدة الحقيقية المرتفعة في مصر عاملا إيجابيا …: كان أحد أهداف السياسة الرئيسية للبنك المركزي المصري هو الحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية، مما مكنه من جذب مليارات الدولارات على شكل التدفقات الواردة المحافظ الاستثمارية وتكوين المزيد من الاحتياطيات الأجنبية. وكانت استثمارات المحافظ مصدرا مهما بشكل خاص للعملة الصعبة لمصر منذ بدء الجائحة التي أدت لانخفاض إيرادات السياحة وتوقف الصادرات وأيضا تراجع إيرادات قناة السويس بشدة.
تعمل الحكومة على خفض تكاليف الديون، والشروع في استراتيجية لخفض الدين والتي تشمل تقليل الاعتماد على الديون قصيرة الأجل لصالح الديون طويلة الأجل، وكذلك تنويع مصادر التمويل لديها لتشمل السندات الدولية، والصكوك السيادية وأيضا السندات السيادية الخضراء. وستؤدي إضافة التدفقات السلبية عبر الإدراج في مؤشر فوتسي راسل الجديد للسندات، وأيضا الإدراج المحتمل بمؤشر جيه بي مورجان في وقت لاحق من هذا العام إلى تقليل التقلبات.
يمكن أن تساعد مصر في خفض العوائد من خلال زيادة الثقة في الاقتصاد: من المرجح أن يخفض المستثمرون الفائدة التي يطلبونها على الديون السيادية إذا قدمت الحكومة أداء اقتصاديا قويا وحسنت المصداقية في السياسة، وفقا لما قالته جوبتا. ومن شأن هذا أن يسمح للحكومة بتخفيض تكاليف خدمة الدين دون تعريض تدفقات رأس المال للخطر.