الجائحة تدفع الجوع العالمي لأعلى مستوى منذ 15 عاما
مصر واحدة من 23 دولة تعتقد الأمم المتحدة أن نقص الأمن الغذائي بها جاء مدفوعا بالنزاعات أو الأمور الأمنية في عام 2020. وتشمل الدول الأخرى في القائمة أفغانستان والعراق والأردن وليبيا ولبنان وتركيا وسوريا واليمن، وفق ما يذكره برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في أول تقرير له يظهر التأثير الواسع للوباء على الجوع العالمي.
الغريب أن التقرير الأممي يربط نقص الأمن الغذائي في مصر بوجود نزاعات دون أو يوضح ما هي النزاعات المقصودة (اقرأ صفحة 186). ويشير التقرير أيضا إلى مصر كواحدة من تسعة من الدول التي شملها التقرير والتي شهد اقتصادها نموا العام الماضي.
وليست فقط الأمم المتحدة: تعد مصر من بين 15 اقتصادا ناشئا معرضا لنقص الغذاء، بحسب مؤشر بلومبرج إيكونومكس لقياس الضعف الغذائي، ولكن على عكس 2011 لم تعد مصر وتونس أقرب بلدان المنطقة المعرضة لاضطرابات، ولكن السودان ولبنان أصبحا الحلقتين الأضعف في المنطقة إلى جانب اليمن، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء العالمية.
العديد من الدول في المنطقة تعاني في هذا الصدد: قفز متوسط أسعار دقيق القمح بنسبة 219% في لبنان، بينما ارتفع سعر زيت الطعام في سوريا بنسبة 440%، وأصبحت العديد من المواد الغذائية الأساسية باهظة الثمن بالنسبة للمواطن العادي في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أسعار الغذاء قد تبقى مرتفعة لفترة طويلة: قفزت أسعار الغذاء في 2021 إلى أعلى مستوياتها منذ 10 سنوات تقريبا، مقتربة من الذروة التي سجلتها في عام 2011. ويقول صندوق النقد الدولي إن "الزيادة الأخيرة في أسعار الغذاء عالميا بدأت تنتقل بالفعل إلى السعر للمستهلك المحلي في بعض المناطق، إذ يقوم التجار غير القادرين على استيعاب التكلفة المتزايدة بنقل الزيادة إلى المستهلكين". وفي العام الماضي، ارتفع مؤشر الأسعار الخاص بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بنسبة 34% بسبب الجفاف في الدول المصدرة الرئيسية، كما قامت بعض الحكومات بتخزين احتياطيات غذائية. وتأثرت الاقتصادات النامية بشدة نتيجة ارتفاع الأسعار، بسبب اعتمادها على الواردات الزراعية، إلى جانب نقص الأغذية المصنعة لديها.
وقفز الجوع العالمي إلى أعلى مستوى منذ 15 عاما في 2020: ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع حول العالم العام الماضي إلى أعلى مستوى منذ عام 2005، بعد أن أدت الجائحة إلى زيادة أسعار الغذاء وانكماش دخل الأسر، وفق ما يذكره برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في أول تقرير له يظهر التأثير الواسع للوباء على الجوع العالمي. وبحسب التقرير عانى ما بين 720 مليون و811 مليون شخص من نقص الغذاء في 2020، في حين زاد عدد من لا يحصلون على التغذية السليمة بنحو 320 مليون شخص، ليبلغ 2.4 مليار شخص، أي ثلث سكان العالم. وتعادل هذه الزيادة إجمالي الزيادات التي شهدها العالم في السنوات الخمس الماضية.
وأصبح سوء التغذية لدى الأطفال مشكلة خطيرة: يعاني 22% من الأطفال دون سن الخامسة على مستوى العالم من توقف النمو بسبب سوء التغذية، فيما يعاني 6.7% من النحافة، ويعاني 5.7% من البدانة. وتعد مصر أعلى من المتوسط العالمي من حيث سوء التغذية، رغم انخفاض معدل التقزم لدى الأطفال الصغار دون سن الخامسة بشكل طفيف من 22.5% في عام 2012 إلى 22.3% العام الماضي، فيما بلغت نسبة الهزال لدى الأطفال 9.5% في عام 2020.
لكن مصر شهدت تحسنات في العديد من المقاييس: أظهر تقرير الأمم المتحدة أن انتشار نقص التغذية بين إجمالي السكان في مصر انخفض إلى 5.4% في 2018-2020، مقارنة بـ 6.4% في 2004-2006. وفي الوقت نفسه، تراجع معدل انتشار نقص الأمن الغذائي الحاد بين إجمالي السكان إلى 6.7% في 2018-2020، مقارنة بـ 8.4% في 2014-2016.
وتحث الأمم المتحدة الدول في جميع أنحاء العالم على اتخاذ إجراءات سريعة، قائلة إن المحركات الرئيسية وراء مستوى الأمن الغذائي مؤخرا يمكن أن تكون تحذيرا لما هو آت. ودون اتخاذ إجراءات حازمة، سيستمر نقص الغذاء أو يتفاقم في السنوات المقبلة. وتشمل التغيرات المقترحة في السياسات لتعويض الجوع العالمي، تحسين الوصول إلى النظم الغذائية الصحية، والتدخل في سلاسل التوريد لخفض تكاليف الأغذية الغنية بالعناصر اللازمة، وفرض المزيد من تدابير الحماية الاجتماعية، ومساعدة المزارعين على معالجة قضايا المناخ.
ماذا فعلت مصر لمكافحة انعدام الأمن الغذائي؟ خلال الجائحة، سارعت مصر إلى التأكد من تدبير احتياطيات القمح الاستراتيجية لمدة ستة أشهر على الأقل، ورفعت التمويلات الموجهة لشراء السلع الاستراتيجية بصفة عامة لضمان تأمين الاحتياجات المحلية بأسعار جيدة، في ظل توجه الدول الأخرى لتخفيض التصدير لزيادة احتياطياتها هي الأخرى. وكان الأمن الغذائي موضوعا رئيسيا في اللقاءات الدبلوماسية لإدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المنظمات الدولية، كما وقعت مصر في 2018 مذكرة تفاهم طويلة المدى (2018-2023) مع برنامج الأغذية العالمي لدعم استراتيجية البلاد في الأمن الغذائي من خلال العمل على تعزيز سلاسل توريد الغذاء وتحسين الحالة الغذائية للمصريين، إضافة إلى دعم أنظمة المعلومات الحالية كأداة لدعم اتخاذ القرار.
للمزيد حول التقرير اقرأ بلومبرج وفايننشال تايمز.