الألعاب أيضا في طريقها للرقمنة الكاملة

الألعاب تتحول هي الأخرى للرقمنة الكاملة: رغم أننا لم نفكر في السابق بهذه الطريقة، إلا أننا نفقد ببطء ملكية العديد من أشكال الوسائط مع تسارع وتيرة التحول إلى الرقمنة، وفق صحيفة فايننشال تايمز. بدأ ذلك بمجال الأفلام والتلفزيون، إذ لم يعد الناس يقبلون على أقراص الدي في دي وشرائط الفيديو وبدأوا في التوافد على منصات مثل يوتيوب أو نتفليكس بحثا عن الترفيه. ويبدو أن الألعاب هي أحدث صناعة تستسلم أمام التقدم الذي تشهده التكنولوجيا الرقمية، إذ يتحول اهتمام الناس إلى تنزيل الألعاب عبر الإنترنت بدلا من شرائها في صورتها المادية.
قصر أجل الوسائط الرقمية: عندما تمتلك قرص دي في دي، فأنت تمتلك المحتوى وتضمن بقائه معك، إلا في حالة سُرق منك بالطبع. لكن على الجانب الآخر، إذا قررت شبكة نتفليكس ببساطة إزالة فيلم ما فإنه سيزول للأبد، وهو ما قد يحدث أيضا على موقع يوتيوب إذ يمكن للملايين من صناع المحتوى إزالة مقاطع الفيديو إن أرادوا ذلك. وسلكت منصات الموسيقى النهج نفسه، مع ظهور منصات مثل سبوتيفاي وأبل ميوزك وأنغامي والتي سريعا ما حلت محل أغاني إم بي ثري والأقراص المدمجة.
الألعاب المادية أصبحت رفاهية، والجائحة تضمن بقائها كذلك: قد يصبح جيل بلاي ستيشن 5 وإكس بوكس سيرس إكس نقطة التحول التي تساعد في جعل الألعاب المادية على وشك أن يعفو عليها الزمن قريبا، إذ يقدم عملاقا الألعاب الرقمية وحدات تحكم رقمية فقط تقضي على الحاجة إلى الأقراص تماما. ومع استمرار جائحة "كوفيد-19" في دفع العملاء إلى الشراء عبر الإنترنت بصورة أكبر، اكتسبت الشركات الثقة لإجراء هذا التغيير الجذري. ومن بين الأمور التي ساهمت في تعزيز ثقتهم أيضا إعلان عدة شركات متخصصة في الألعاب من بينها كابكوم وسوني أن تحميلات الألعاب الرقمية تخطت مبيعات أقراص الألعاب خلال العام الماضي، وكان من المنتظر أن تحقق لعبة سايبر بانك 2077 أكبر نجاح للعبة رقمية حتى الآن، قبل أن تواجه صعوبات عند إطلاقها.
وحتى أضخم مؤتمر للألعاب عقد عبر الإنترنت هذا العام: عُقد مؤتمر الألعاب الشهير E3 عبر الإنترنت هذا العام عقب إلغائه العام الماضي بسبب الجائحة. لطالما كان مؤتمر E3 "مأوى روحيا" لمحبي ألعاب الفيديو منذ 1995 وهو المكان ذاته الذي شاهدنا فيه بلاي ستيشن 4 وNintendo Wii للمرة الأولى، فضلا عن الألعاب الكلاسيكية مثل "هالو 2". لكن هناك شكوك إذا ما كان المؤتمر يمكن أن يستعيد بريقه السابق، مع تصاعد مخاوف أن يتحول الحدث الشهير إلى حدث رقمي بصفة دائمة.
يتشبث محبي ألعاب الفيديو بالألعاب المادية، لكن هناك منافع دون شك في نظيرتها الرقمية. الراحة والأمان يأتيان قبل كل شيء، خاصة خلال فترة الجائحة، إذ فضل الناس شراء الألعاب وهم متكئين على أرائكهم، إذ أنه أكثر أمانا من التوجه إلى محل الألعاب. من بين المزايا الأخرى أن الألعاب الرقمية لا يمكن فقدها أو سرقتها أو إتلافها. وربما الأهم من ذلك، التحول إلى سبل الترفيه الرقمية أفضل للبيئة لأنه يحد من انبعاثات الكربون من الإنتاج والنقل.
لكن هناك الكثير من الخاسرين خلال هذه المرحلة الانتقالية: المتاجر المستقلة التي تعيد بيع الألعاب القديمة تخسر عملاءها ببطء. ورغم أنه لا يوجد إحصاءات عن حجم هذه الخسائر على المستوى المحلي، إلا أننا توجهنا جميعا إلى متاجر الألعاب في مصر التي تقدم أكواما من الألعاب المستعملة. تتطلب الألعاب الرقمية اتصالا سريعا بالإنترنت، وهي خدمة لا نحظى بها أحيانا في مصر، والتي نحتاجها لتنزيل تحديثات الألعاب ومواصلة اللعب في الوقت الفعلي في مواقع متعددة. ومع أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار، فإن الألعاب المادية أو أقراص الألعاب ستستمر على الأرجح في تصدر الصناعة في مصر لبعض الوقت.