الأسواق الناشئة التي تكبح التضخم ستكون قبلة المستثمرين الأجانب
الأسواق الناشئة التي شددت سياساتها النقدية لكبح التضخم ستجني ثمار ذلك من المستثمرين الأجانب، الذين يراقبون المخاطر المحتملة مستقبلا مع نمو ضغوط الأسعار، وفق ما ذكره محللون لبلومبرج. ويحاول مسؤولو البنوك المركزية في الدول النامية إحداث توازن دقيق بين دعم اقتصاداتهم – التي لا يزال الكثير منها يواجه الجائحة – والسيطرة على التضخم والذي قد يصبح تهديدا حقيقيا بفضل الانتعاش الاقتصادي القوي وحزم التحفيز المالي الضخمة في الاقتصادات المتقدمة. ونقلت الوكالة عن محلل لدى تي إس لومبارد قوله إن “المستثمرين سيفضلون تلك الدول التي تستبق فيها البنوك المركزي التضخم”، مشددا على أهمية أن تتحرك البنوك المركزية بشكل استباقي.
النموذج الأول: البرازيل. أوضح محافظ البنك المركزي البرازيلي روبرتو كامبوس نيتو كيف يشعر حيال التضخم، معلنا بعبارات لا لبس فيها أنه سيفعل كل ما يلزم للتصدي التضخم، الذي قفز إلي أعلى مستوى في نحو ربع قرن في مايو الماضي. وقد جرى التصدي لذلك بعدة إجراءات، إذ قام المركزي البرازيلي برفع أسعار الفائدة بشكل حاد مرتين منذ أن بدأ التضخم مساره الصعودي، ومع ارتفاع الأسعار، من المتوقع أن يرفعها مجددا في وقت لاحق من الأسبوع الجاري. ومنذ رفع الفائدة لأول مرة، قفز الريال البرازيلي بنسبة 9.2% ليتصدر عملات الأسواق الناشئة، كما ارتفعت السندات المقومة بالعملة المحلية 10%.
النموذج الثاني: روسيا. بالمثل، اتخذ البنك المركزي الروسي نهجا متشددا إزاء التضخم، فقد رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات، ومن المتوقع أن يواصل تلك السياسة ويرفعها مرة أخرى في الاجتماع المقبل في يوليو. وقال أحد مديري الصناديق في باين بريدج إنفستمنتس إن هذا من شأنه أن يدعم الروبل الروسي، والذي بدوره يمكن أن يساعد المركزي على احتواء التضخم.
على الجانب الآخر، فإن الدول التي تتراخى في كبح التضخم لن تكون وجهة جاذبة للمستثمرين. وتعد المجر وبولندا مثالين على البلدان ذات العوائد المنخفضة التي تركت العنان لزيادة الأسعار. وقال أحد محللي السندات للوكالة “نتوخى الحذر في الأسواق ذات العوائد المنخفضة والمرتبطة بشكل كبير بالمعدلات الأساسية، وحيث تكون مخاطر التضخم غير الثابت أكثر إثارة للقلق”.
لحسن الحظ، لا يواجه البنك المركزي المصري نفس المعضلة، إذ لم ينعكس اتجاه التضخم العالمي على مصر بعد، حتى بعد الزيادة الطفيفة التي سجلها في مايو الماضي، لا يزال معدل التضخم السنوي في المدن المصرية أقل من الحد الأدنى للنطاق المستهدف من البنك المركزي البالغ 7% (±2%). وعلاوة على ذلك، فقد تباطأ التضخم على أساس شهري، ليسجل التضخم في المدن 0.7% في مايو، مقارنة بمعدل بلغ 0.9% في أبريل. ومن غير المتوقع أن يتغير هذا الاتجاه بشدة، إذ يتوقع المحللون أن يرتفع التضخم خلال الصيف، ولكن من المستبعد أن يتجاوز مستهدف البنك المركزي.
لكن ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة قد يشكل تهديدا لتجارة الفائدة شديدة الأهمية بالنسبة لمصر: يحاول المركزي المصري أن يحافظ على التوازن بين الإبقاء على أسعار حقيقية جذابة وتحفيز الاقتصاد – وهو توازن دقيق للغاية ربما يصبح أدق بينما يدفع التضخم دول الأسواق الناشئة الأخرى إلى رفع الفائدة فتصبح أكثر تنافسية مع تجارة الفائدة بالجنيه المصري، وهي مصدر حيوي للتدفقات الأجنبية.
للمزيد من المعلومات عن تجارة الفائدة، يمكنكم قراءة هذا الملف من إنتربرايز تشرح.