استطلاع إنتربرايز: تثبيت أسعار الفائدة هو الأرجح هذا الأسبوع
استطلاع إنتربرايز يرجح الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عندما تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الخميس المقبل. وأجمع 11 محللا وخبيرا اقتصاديا ومصرفيا شملهم الاستطلاع على أن يواصل المركزي هذه السياسة الحذرة وعدم الإقدام على أي خفض لأسعار الفائدة لأشهر مقبلة، وسط دلالات على أن ارتفاع أسعار السلع العالمية قد بدأ يتسبب في ضغوط تضخمية محليا.
ما هي أسعار الفائدة الحالية؟ يبلغ سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة حاليا 8.25% و9.25% على الترتيب، فيما يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم والائتمان 8.75% لكل منها. وكان البنك المركزي قد خفض أسعار الفائدة بإجمالي 400 نقطة أساس خلال 2020، بدأها بالخفض التاريخي في مارس 2020 بواقع 300 نقطة أساس لاحتواء أزمة "كوفيد-19"، ثم خفضين متتاليين بواقع 50 نقطة أساس في سبتمبر، ثم في نوفمبر بواقع 50 نقطة أساس أخرى، ولم يقدم على تحريك معدلات الفائدة منذ ذلك الحين.
التضخم في دائرة الضوء: قالت رئيسة قطاع البحوث بشركة فاروس القابضة رضوى السويفي: "نتوقع أن يحافظ البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير على الأقل حتى أكتوبر 2021 (…) لأن التضخم سيبدأ في الارتفاع تدريجيا حتى سبتمبر". وأضافت أن ارتفاع معدلات التضخم لبقية عام 2021 سيكون مدفوعا في المقام الأول بالتأثير غير المواتي لسنة الأساس وارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الخام عالميا، وارتفاع أسعار الفواكه والخضروات الطازجة خلال موسم الصيف.
ارتفع التضخم في المدن إلى 4.8% في مايو، مدفوعا بزيادة أسعار الطعام والشراب والقفزة في أسعار السلع العالمية. ورغم أن المعدلات لا تزال أقل من النطاق المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (±2%)، إلا أن المحللين يتوقعون استمرار الاتجاه الصعودي في معدلات التضخم خلال العام، ويرجح محمد أبو باشا، رئيس وحدة بحوث الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرميس، أن يبلغ معدل التضخم العام 5.5-6% في ديسمبر، فيما تتوقع مونيت دوس المحللة الأولى للاقتصاد الكلي في إتش سي للأوراق المالية، أن يسجل معدل التضخم متوسطا قدره 6.8% خلال الفترة المتبقية من العام الجاري.
لكننا لسنا وحدنا من نرتقب ارتفاع التضخم، إذ تقول منى بدير محللة أولى الاقتصاد الكلي في برايم القابضة: "توقعات التضخم العالمي غير المستقرة دفعت بعض الأسواق الناشئة إلى تشديد سياساتها النقدية بالفعل، وأشار المسؤولون إلى أنه ينبغي توقع رفع أسعار الفائدة في المستقبل". ورغم أن معدلات التضخم لا تزال منخفضة نسبيا، إلا أنه لا يزال هناك مخاوف بشأن ارتفاع هذه المعدلات عالميا، حسبما قال أبو باشا.
ويبدو أن هناك إجماع على ذلك: قالت عالية ممدوح، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار بلتون "نظرا لارتفاع أسعار المواد الغذائية على أساس شهري بعد الانخفاض خلال الشهرين الماضيين، والذي تزامن مع القفزة الكبيرة في أسعار السلع العالمية وكذلك ارتفاع أسعار النفط، نتوقع الإبقاء على أسعار الفائدة كما هي في الاجتماع المقبل". واتفق مع هذا الرأي كل من سارة سعادة محللة أولى الاقتصاد الكلي لدى بنك الاستثمار سي آي كابيتال، والخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، والخبير المصرفي محمد عبد العال عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، وهشام الشبيني رئيس قطاع البحوث في مباشر.
لا يجب أن نغفل أن المركزي يضع نصب عينيه تجارة الفائدة التي تتزايد أهميتها مع ارتفاع أسعار الفائدة عالميا: تقول ممدوح إن "الحاجة إلى الحفاظ على تجارة الفائدة المربحة… لا سيما مع ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، والتي تشكل تهديدا على التدفقات الداخلة إلى الأسواق الناشئة، تدعم وجهة نظرنا [أن المركزي سيتجه لتثبيت أسعار الفائدة]". تعافت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية من الموجة البيعية الحادة التي شهدتها العام الماضي في بداية تفشي جائحة "كوفيد-19"، لتسجل نحو 29 مليار دولار مؤخرا، وتتجاوز بذلك ذروة ما قبل الجائحة.
التأثيرات الخارجية شهدناها عندما تراجعت حيازات الأجانب في الديون المحلية في مارس الماضي، على الأرجح نتيجة ارتفاع العوائد في الولايات المتحدة واتجاه العديد من الأسواق الناشئة لتشديد سياساتها النقدية.
هل نتوقع خفضا للفائدة؟ ربما قرب نهاية العام. ترى بدير أنه في ضوء التوقعات بأن يستقر التضخم في النطاق المستهدف للمركزي، وأن يرتفع إلى متوسط قدره 6.7% في النصف الثاني من 2021، فمن المفترض أن يسمح ذلك للبنك المركزي بالحفاظ على معدل فائدة حقيقي إيجابي، مما يمنحه مجالا لخفض أسعار الفائدة بنهاية العام، شريطة أن تتحسن الظروف العالمية. ترجح السويفي أيضا أن يصبح استئناف التيسير النقدي ممكنا في الربع الأخير من العام الجاري. من جانبه، قال أبو بكر إمام رئيس قسم البحوث لدى سيجما كابيتال إن لجنة السياسة النقدية بالمركزي لن تقدم على أي تغيير حتى تدرس أثر زيادات المعاشات وأجور القطاع العام المقرر تطبيقها في يوليو المقبل على التضخم، إذ يتوقع أن تتسبب في زيادة الضغوط التضخمية، بالتزامن مع ارتفاع أسعار السلع العالمية.
وربما يشهد العام المقبل مواصلة التيسير النقدي: من المرجح أن يهبط التضخم عن النطاق المستهدف من البنك المركزي بحلول نهاية العام الجاري، وأن يظل ضعيفا بعد ذلك، وهو ما يستدعي مزيدا من التيسير النقدي ليصل سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 6.75% بحلول نهاية 2022، حسبما كتب جيمس سوانسون الخبير الاقتصادي في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس في مذكرة بحثية.