صناديق الثروة السيادية تضاعف استثماراتها في 2020 لدعم الاقتصاد المحلي
ضاعفت صناديق الثروة السيادية استثماراتها تقريبا في عام 2020 وركزت على دعم التنمية محليا. ونمت الاستثمارات المباشرة لصناديق الثروة السيادية العام الماضي إلى 65.9 مليار دولار من 35.9 مليار دولار في 2019، بحسب المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية في تقريره السنوي. وكان دعم القطاعات الاقتصادية المحلية وأجندات التنمية في خلال الجائحة سمة رئيسية لاستثمارات الصناديق لعام 2020، والذي شهد قيام الصناديق بتخصيص ما يصل إلى 22% من إجمالي رأس المال للاستثمارات المباشرة في أسواقها المحلية على مدار العام.
وتصدرت التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية استثمارات الصناديق خلال العام. وارتفع الاستثمار في التحول الرقمي والمبادرات الصديقة للمناخ، مع استمرار الاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة التي بلغت استثماراتها 11.5 مليار دولار خلال 2020. وحصلت القطاعات المرتبطة بالتجارة الإلكترونية، بما في ذلك الشركات العاملة في مجال الخدمات اللوجستية وإدارة المستودعات، على استثمارات بقيمة 9 مليارات دولار من صناديق الثروة السيادية العام الماضي، وسط توقعات بأن يستمر العمل والتعلم عن بعد إلى درجة معينة في حياتنا بعد فيروس "كوفيد-19". كما عززت الصناديق الاستثمارات في القطاعات المتعلقة بتغير المناخ مثل التكنولوجيا الزراعية والغابات والطاقة المتجددة، ووجهت في هذا الإطار 2.45 مليار دولار لصالح 23 مشروعا، لتحقق قفزة بنسبة 118% على أساس سنوي من 1.1 دولار في عام 2019.
وفي بعض الحالات، تمت دعوة صناديق الثروة السيادية لدعم الحكومات ماليا بشكل مباشر. ففي النرويج، ساهم الصندوق التقاعدي الحكومي النرويجي، أكبر صندوق الثروة السيادية في العالم، بنحو 37 مليار دولار، وهو 3% من رأس مال الصندوق، لتخفيف الضغط على خزينة الدولة، مع تسبب الجائحة في ارتفاع الإنفاق بشكل كبير خلال عام 2020. وفي تشيلي، سحبت وزارة المالية في البلاد 1.1 مليار دولار من صندوق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لخدمة ديونها الخارجية، بالإضافة إلى سحب ملياري دولار أخرى لدعم أسعار السلع المنهارة.
وتدخلت صناديق أخرى لدعم تعافي الاقتصادات المحلية. ففي أيرلندا، تدخل صندوق الاستثمار الاستراتيجي بالتنسيق مع الحكومة الأيرلندية في استجابتها للجائحة، بتخصيص 2.4 مليار دولار لصندوق الاستقرار والتعافي من الجائحة، كما وجه 90% من استثماراته المباشرة وغير المباشرة للشركات التي تضررت بشدة من تداعيات الفيروس. وفي سنغافورة، ركزت شركة تيماسك القابضة، وهي صندوق سيادي مملوك للبلاد، على دعم بروتوكولات السلامة المحلية وشاركت في إحياء الخطوط الجوية السنغافورية الوطنية، من خلال إصدار حقوق بقيمة ملياري دولار.
وهناك أيضا صندوق الثروة السيادية الروسي، الذي نتج عن استثماراته ظهور لقاح سبوتنيك V. واستثمر صندوق الاستثمار المباشر الروسي بكثافة العام الماضي في مواجهة انتشار الفيروس بشكل مباشر عن طريق زيادة الإنفاق على أنظمة تشخيص فيروس "كوفيد-19" وإنتاج الأدوية المضادة للفيروسات، والتي أدت في النهاية لإنتاج لقاح سبوتنيك V.
وفي مصر، أشار الصندوق السيادي إلى أنه سيغير أولوياته الاستثمارية للتكيف مع واقع الجائحة. وأوضح الصندوق العام الماضي أنه سيركز على الرعاية الصحية وتخزين الأدوية والكهرباء والزراعة والقطاعات الأخرى التي حظت بأولوية مع بداية الجائحة. وأنشأ الصندوق صناديق فرعية في شكل أدوات استثمار مباشر، للتركيز على الاستثمارات في قطاعات محددة مثل الرعاية الصحية والبنية التحتية والتكنولوجيا المالية والعقارات. وكان العام الماضي أيضا ناجحا لصناديق الثروة السيادية الأفريقية التي وسعت استثماراتها محليا في مجالات مثل الصحة والتكنولوجيا الرقمية والأعمال التجارية الزراعية.
وعلى الرغم من هيمنة استراتيجية الاستثمار محليا على استثمارات صناديق الثروة السيادية في العام الماضي، لم يكن هذا هو محور تركيز جميعها. فقد أنفق صندوق الاستثمارات العامة السعودي أكثر من 10 مليارات دولار في اقتناص أسهم بالشركات الأمريكية والأوروبية الكبرى العام الماضي، والتي وصل لأدنى مستوياتها في ظل تلاشي الإقبال على السفر والترفيه والطاقة. واجتذبت الأسعار المنخفضة في النصف الأول من عام 2020 بعض صناديق الثروة السيادية للاستثمار بشكل نسبي في الأسهم أكثر من العقارات والبنية التحتية، وهو ما زاد على أساس سنوي لكنه يتبع منحنى هبوطيا على المدى الطويل.